حمص المنسية .. طال عليها الحصار :
8 / 4 / 2014
بقلم : ابو ياسر السوري
0cc][ نادر جار الدار  - كتب يقول : نحو 100مصاب والكثير من العوائل في حمص  داخل الحصار ، يشهدون كارثة إنسانية حقيقية لطالما أن الجميع قد تخلى عنهم ولكن فقط الله سبحانه وتعالى لم يتركهم وحيدين ، الاعتماد اليوم في الحصار على الأعشاب التي تنبت من الأرض وأوراق الأشجار هي حياة شبيهة بحياة أجدادنا الأولين ما قبل التاريخ ، فرغم الألم والجراح والحصار ، الثوارُ صامدون يقدمون كل ما لديهم وكل ما بوسعهم لتمزيق مخطط مليشيات الأسد التي تهدف إلى احتلال المدينة ، فلا بد من أن تنتفض جميع الفصائل التي هي خارج الحصار من أجل نصرة المحاصرين وإنقاذ من تبقى على قيد الحياة من الموت جوعا ، حمص في أعناقكم فلا تتركوها لأن الذي يجري في حمص لا يخص فقط أبنائها بل إنه يخص الجميع ، فيجب إعادة النظر والتركيز باتجاه حمص التي تشهد خذلان من قبل الجميع  ] .
حمص المنسية .. طال عليها الحصار : URuA3N
اعتصام ساحة الساعة بحمص ابن الوليد
سوري حلبي يبكي لحال حمص :
كنت أتمنى أن أكون ولدت في حمص ، ولكن القدر شاء أن أكون من حلب ، ولهذا لا يذهبن الظن بكم إلى أنني حمصي أشيد ببلدي ، فتُرَدَّ عليَّ شهادتي ، وتعتبر مجروحة بتهمة التعصب لبلد المنشأ .. حلبيٌّ ، وقرأت هذا الخبر ، الذي تقطر المرارة من كل حرف فيه ، وإني لأتساءل : ماذا بعد أن يُصبح المصابُ في حمص مشروعَ شهيد ، لا يجد إسعافا حتى يفارق الحياة متأثرا بجراحه .؟ وها نحن اليوم أمام مائة مصاب في حمص لا يجدون الإسعاف ولا الدواء ، وهم يموتون موتا بطيئا في إثر إخوان لهم سبقوهم إلى الجنة شهداء .؟ وماذا بعد أن يكون البقية الباقية من أهل حمص معرضين للموت جوعا .؟ وماذا بعد أن يُترَكَ أهل حمص حتى يتولد لديهم شعورٌ بأن الناس قد تخلوا عنهم ، وتركوهم يواجهون مصيرهم الأسود وحيدين .؟
هل نسي الناس أن حمص هي أول من احتل ميدانا كبيرا في الاحتجاج على الظلم .؟ هل نسي الناس أن حمص هي أول مدينة حشدت أكثر من (800 ) ألف ثائر متظاهر ، واحتلت بهم ميدان الساعة الكبير ، هاتفين بالحرية والكرامة لكل السوريين .؟ وهل نسينا أن حمص هي التي دفعت وحدها آنذاك ثمن هذا التحدي الكبير ، فقربت من أبنائها أكثر من 340 شهيدا ؟ وأكثر من ألف جريح في ساعة واحدة .؟ حتى حُمِلُوا يومها بالجرافات ، ونُقلوا إلى مكان مجهول ، لا يُدرَى ما فُعِلَ بهم حتى الآن ؟
لقد ثارتْ حمص بعنف حين كانت هنالك مدنٌ كبرى نائمة ، وثارتْ حمصُ بجرأة حين تحرك الآخرون على استحياء ، ثارت حمصُ يومها ثورةً خَطَفَتْ بها الأضواء ، واستحقَّتْ أن يُطلَقَ عليها عاصمة الثورة السورية وعاصمة الشهداء ؟ حتى قال كل سوري آنذاك : ليتني كنت حمصيا لأكون شريكا في هذا المجد الخالد ، الذي سطرته مدينة ابن الوليد بأبنائها الأبرار على مدار التاريخ .
حمص يا سادة في عين الإعصار :
فهي المدينة التي أصرت على إسقاط النظام قولا وعملا ، وكانت شوكة في حلق النصيرية ، وهي التي قالت لحزب الشيطان " كذبتَ" حين زعم أنها سقطتْ وهي لم تسقط ، وكذبته ثانية حين زعم أنها سوف تسقط بعد القصير بأيام ، وقد مضى على هذا الوعد المكذوب عشرة أشهر وأيام ، وحمص لم تسقط بعد ولن تسقط بإذن الله .. فحمص لا تعرف شيئا اسمه الاستسلام . وما زالت صامدة ، وما زال مقاتلوا حزب الشيطان يحجمون عن اقتحامها ، ويقولون لسيدهم نصر اللات ، ما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام : إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) .
لم يترك النظام الغاشم سلاحا لم يجربه في حمص .. جرَّبَ القصفَ بالمدفعية ، والدبابات والهواون وراجمات الصواريخ والطيران الحربي وبراميل الموت .. حتى سويت أكثر مباني المدينة بالأرض ، وهبطت أسقفها فوق رؤوس الآلاف من : أطفالها ونسائها وشيوخها وشبابها .. حتى المساجد لم تسلم من الحقد النصيري والشيعي .. حتى مسجد خالد وهو المَعْلَمُ الأثريُّ التاريخي ، حتى هذا المسجد الذي يحمل رمزية دينية خاصة ، لم يشفع له جلال قِدَمِهِ ، ولا قداسةُ مَنْ نسب إليه ، فيسلم من الهدم والحرق والإفساد ..
وحمص يا سادة هي المدينة التي ارتكبت فيها أبشع المجازر الدموية ، فذبح المسلمون فيها بسكاكين الحقد النصيري والشيعي ، وما كاد يسلم حي فيها من مجزرة مرعبة ، وجرائم يندى لها جبين الإنسانية .. هل نذكركم بهذه المجازر في بابا عمرو حيث ارتكب النظام فيها أكثر من مجزرة .؟ أم نذكركم بمجزرة حي الخالدية التي ذهب فيها 340 شهيدا و1800 جريح .. أم نذكركم بمجازر النظام في الحولة والقبير والعدوية وكرم الزيتون وجورة الشياح وباب سباع ودير بعلبة والقرابيص وباب دريب وباب هود ..؟؟ هل نذكركم بأن هذه المجازر كانت تنفذ ذبحا بالسكاكين ، وحرقا للأحياء بالنار حتى الموت ؟ لقد فعل هذا النظام الطائفي المجرم أفظع مما وقع في البوسنة والهرسك ، وأبشع من المجازر في راوندا .. وبورما ... كل هذا وحمص صامدة صابرة محتسبة . وصرخات التهليل والتكبير فيها تتعالى ، وكأنهم يقولون للعدو النصيري والعدو الشيعي : " لو نعلم كلمة أغيظ لكم من التهليل والتكبير لقلناها " .؟؟
وحُوربَتْ حمص بأطول حصار :
ولما يئس النظام وحلفاؤه من اقتحام عرين أحفاد ابن الوليد ، عمدوا إلى سلاح الحصار ، فحاصروا حمص من كل الجهات ، وقطعوا عنها السلاح والذخائر والغذاء والماء والدواء والكهرباء ، وحرموها من أبسط مقومات الحياة .. وها هو ذا الحصار يستمر على مدى 662 يوما ولم يركع أهل حمص لمطالب الأعداء .!! وهم يحلمون بكسرة خبز يابسة ، أو قطعة لحم مشوية ، أو شربة ماء صافية ، وصار الطعام لا يرى إلا في الأحلام .. لا يعرف الضغوط النفسية التي يصنعها الحصار ، إلا من كابد معاناة الحصار .!!
لذلك أوحى به إبليس لقريش ، فحاصروا النبي صلى الله عليه وسلم وقومه بني هاشم في شعب أبي طالب أربع سنين ، اضطروا فيها لأكل الجلود والحشائش وأوراق الأشجار .. وكنا نقرأ هذا ونمر بخبر حصار الشِّعب ، الذي فرض على النبي وصحبه مرور الكرام ، ولا نعطيه قدره من الاهتمام .. فلما بدأ النظام المجرم يفرض علينا الحصار ، ويحاربنا بالتجويع ، عرفنا كم في الحصار من معاناة .؟؟
فيا علماء حمص .. ما لي أراكم تشاغلتم عن أهليكم بشؤون الدعوة ، ونسيتم أن الجوع كفر ، وأن الخذلان يولد الأحقاد .!! لماذا تصرفون الأموال على الدعوة لتعليم الناس الصلاة وهم لم يدعوها ، وتعليمهم تقبيل الأيدي وقولة " سيدي " لكل من أطال لحيته ، أو كور عمته ، وهم لم ينفكوا عنها .؟؟ ألم يبلغكم فيما قرأتم أن الجهاد هو ذروة سنام الإسلام .؟؟ وأن جهاد الدفع مقدم على سائر العبادات .؟
يا تجار حمص .. كيف يطيب لكم أن تشبعوا وأهلكم جياع .؟ وأن تَرْوَوا وأهلكم ظماءٌ لا يجدون الماء .؟ وكيف تنعمون بالدفء والفراش الوثير ، وفي حمص من يقتله البرد والجوع وينام في العراء بلا فراش ولا وساد ولا غطاء ولا حصير ..؟؟؟
يا أهل سوريا .. إن حمص أمانة في أعناق الجميع .. وكلنا مسؤول عن حمص .. لا يقولن قائل منكم : " .. ونحن في كرب أيضا ، ونحن في ضائقة كذلك .. ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها " فتلك المقالة من الشيطان قال تعالى " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) . فاستجيبوا لقول تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) . وقوله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ..
وبالرغم مما أصاب أهل حمص من البأساء والضراء ، فما زالوا صامدين ، لم يستسلموا رغم البلاء ، ولم يرفعوا الراية البيضاء .. لقد بايعوا على إحدى الحسنيين ، إما النصر وإما الشهادة ... فلك الله يا حمص .. وصبرا .. صبرا .. فإن موعدكم الجنة إن شاء الله .