ألا لا يَشغلنَّكم شاغل عن جبهةِ السَّاحل :
بقلم : ابو ياسر السوري
أهيب بكل مسلم غيور أن يقرأ هذا المقال
يا خيل الله اركبي .. ويا كتائب الإسلام تأهبي ، هذا أوان النفير العام في بلاد الشام . ولا عذر لقاعد عن نصرة إخوانه ، في هذا الثغر الخطير من ديار المسلمين .. ولا نكون مبالغين حين نعتبره أخطر الثغور على الإطلاق .. ولسنا مبالغين أيضاً إن قلنا : إن معركة الساحل هي الفيصل في معارك التحرير ، التي قامت من أجلها ثورتنا المجيدة ، في ظل إدراك واضح بأن بقاء الساحل في يد النظام ، ليس له سوى معنى واحد ، ألا وهو " قيام الدولة العلوية ، والقضاء على المسلمين السنة قضاء مبرما ، وتركيعهم إلى مئات السنين ...
لماذا جبهة الساحل وليس حلب ولا دمشق ؟
ولعل قائلا يقول : تحرير حلب أولى ، فهي عاصمة الاقتصاد ، وفيها تتركز أغلب رؤوس الأموال ، والمال عصب الحياة ، فإذا تحررت حلب عظمت خسارة النظام ، ولا يلبث أن ينهار ..
ولعل قائلاً آخر يقول : دمشق هي قطب الرحى ، وبقاؤها في يد النظام هو بقاءٌ لشرعية النظام في نظر المجتمع الدولي ، ومتى سقطت العاصمة سقط النظام ..  
ولا أحد ينكر ما لحلب ودمشق من أهمية ، ولا أحد يجهل ماذا تعني كل منهما للنظام ، ولكن جبهة الساحل أكثر أهمية لدى النظام وهو بها أشد تمسكا .. لدرجة أنه لو سقطت سوريا كلها وبقي الساحل في يده ، لكان إحساس هذا النظام عند نفسه أنه هو المنتصر . لأنه يكون بإمكانه في تلك الحال ، إقامة دولته العلوية المشؤومة فوق هذا الجزء الغالي من سوريا .. وإننا لنؤكد أن هذا الأمر لم يعد من باب التكهنات ، التي قد تخطئ وقد تصيب ، وإنما هو أمر واقع ، تتم دراسته خلف الأبواب الموصدة في المنظمات الدولية ، بين الدول الكبرى صاحبة القرار .. ولو تمكن النظام من قمع جبهة الساحل هذه المرة ، فسوف يعترف العالم كله بقيام الدولة العلوية ، التي يحلم بها النظام النصيري  .. ولو حدث هذا ، أفلتت الطائفة المجرمة من الحساب ، ولن يكون باستطاعة السوريين عندها ، أن يحاسبوا من قتل أبناءهم ، وأباد شبابهم ، وأحرق بيوتهم ، وقطع أشجارهم ، وأتلف مزارعهم ، ووأد الأحياء ، واختطف الأموات ، وذبح الأطفال والرجال ، وأهلك الحرث والنسل ، كما هدم المساجد ، وأحرق المصاحف ، ودنس المقدسات ، واتخذ بيوت الله أماكن للسكر والعربدة ، واغتصاب المسلمات المحصنات الغافلات.
ولو قامت الدويلة العلوية فلن يكون بإمكاننا بعد قيامها أن نحاكم المجرمين في محكة لاهاي ، ولن يكون بإمكاننا أن نمنعهم من تفتيت سوريا ، وإغراء الدروز والأكراد بإقامة دويلات مماثلة لدولتهم .. وهذا التفتيت إن وقع - لا سمح الله - سيكون أبشع كارثة تنزل بالسوريين على مدار التاريخ ..  فالعلوية يحلمون بأن تمتد دولتهم من كسب شمالا – إلى طرطوس جنوبا – إلى تلكلخ وعرسال وجبال الهرمل جنوبا – ثم تتجه شرقا إلى حمص والرستن وحماة – ثم تتابع امتدادها شرقا حتى تضم بادية الشام والرقة ودير الزور ، وتتجاوزها إلى البصرة في العراق ...
وبناء على هذا التصور يكون نصيب هذه الدويلة قرابة نصف التراب السوري ، ويكون لها دون غيرها كامل الساحل السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط . ويكون لديها مطارٌ مدنيٌّ شرق جبلة وهو المطار الحالي .. كما يكون لها أكثر من عشرين مطارا عسكريا جاهزة للاستخدام ... يعني باختصار لو تم للعلوية ما يريدون فسوف يرثون دولة جاهزة ، لم تتعرض لخراب ولا لدمار ، ولن يكون لديها مشكلة مشردين يطالبون بحق العودة .. على النقيض تماما من بقية الدويلات التي يراد لها أن تقام في سوريا ، كدويلة الدروز ودويلة الأكراد ، ودويلة حلب ، ودويلة الشام ، التي سوف تواجه بعد قيامها عدداً من المشاكل ، أقلها عبئا ، عودة المهجرين قسريا ، وتأمين السكن لهم ، والغذاء والدواء والتعليم ، وتشكيل قوى الأمن الداخلي ، وغير ذلك من مؤسسات الدولة ، في ظل انهيار80% من المدن السورية ، والبنية التحتية ..
ولو حصل هذا التقسيم – لا سمح الله - فسوف تنفصل دمشق عن حلب ، وتصبح كل منهما دولة منعزلة عن أختها ، وسوف يكون بينهما ، منطقة الدولة العلوية المشؤومة ، الممتلئة بالصواريخ البلاستيكية ، والمحملة بالرؤوس الكيميائية ، وعندها سيكون بإمكان العلويين أن يتسلوا بأهل دمشق وحلب ، برشقهم بالصواريخ ، وقصفهم بالطيران ،
ومحاولة تركيعهم على المدى الطويل ، وإعادتهم إلى حظيرة الطاعة لهم من جديد ..!!
كيف ندرأ خطر تقسيم سوريا الآن .؟
لست أدري كيف .؟ فذلك شأن عسكري بحت ، يعود تقديره الصحيح ، للعسكريين وقادة الألوية الجهادية ، وقادة الكتائب في الميادين وعلى أرض الواقع حاليا ... ولكنني أدري أنه بات واجباً على هؤلاء القادة أن يوحدوا صفهم ، ويجمعوا أمرهم ، ويرسموا خطتهم على ضوء المستجدات .. وأن لا يؤخذوا على حين غرة كما حصل في القصير والقلمون . وأن لا يتخلف أحد من القادة عن مد إخوانه ببعض مقاتليه ، وتذكروا أن أبا بكر الصديق أمر خالد بن الوليد أن يستنيب المثنى بن حارثة الشيباني على جند العراق ويقفل هو بمن معه إلى الشام مددا للمسلمين يوم اليرموك ، فسار خالد بعشرة آلاف مقاتل وانضم بهم إلى جند الشام ... لا بد من مدد لإخوتنا في الساحل ، ولا بد أن يكون المدد كبيرا .. ليقوى على الصمود لحشود الأعداء هناك ..
لقد قرأنا على صفحات النت دعوات وصرخات تهيب بالأحرار في كل مكان ، مطالبة إياهم بالتوجه للمشاركة في جبهة الساحل .. ومع ذلك لم يستجب لهذه الصرخات حتى الآن ، سوى أربعة آلاف مقاتل .. في الوقت الذي يجمع فيه النظام جموعه ، ويجيش جيوشه ، وينقل كثيرا من أفواجه وألويته ، من الفرقة السابعة والفرقة الثالثة ، وغيرهما إلى جبهة الساحل .. بالإضافة إلى قوات شيعية من حزب اللات وميليشيات المالكي والحرس الثوري الإيراني .. ويحاول النظام جمع أعداد كبيرة من المقاتلين ، ويزودهم بالدبابات والمدفعية وراجمات الصواريخ والهواون العملاقة .. ولا يُستبعد أن يقدم النظام المجرم على استخدام الكيمياوي أيضا ، فقد كانت هنالك بعض التسريبات ، التي تخبر بشيء من هذا. ولو حصل هذا فلن يكون من هذا المجتمع سوى الشجب بالكلام الفارغ ، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ..
فيا أيها المقاتلون الأحرار .. إن هذه المعركة لها ما بعدها . وإن النظام يعد لها بكل ما يستطيع من قوة ، تؤازره على مراده دول كبرى وصغرى .. فماذا أعددتم أنتم لهذه المعركة الفاصلة .؟
موقنون بالنصر رغم التفاوت في موازين القوى المادية :
نحن على الرغم من كل هذا التباين في موازين القوى المادية ، ورجحان الكفة ظاهرا لصالح النظام . ولكننا موقنون بأن الله معنا ، ومن كان الله معه ، فليس هنالك قوة تغلبه .. تذكروا أن الثوار داسوا بأقدامهم على أنوف الروس في الشيشان وأفغانستان ، وهم الذين مهدوا لسقوط ما كان يسمى بالاتحاد السوفياتي سابقا .. وتذكروا أن الثوار من أبناء السنة ، هم الذين أخرجوا أمريكا راغمة من العراق ، ولولا اختلافهم فيما بينهم لما كان لشيعة العراق الاستيلاء على السلطة هناك . وتذكروا أيضا وهو الأهم ، أن معايير النصر والفشل في الإسلام ، لا علاقة لها بالقلة والكثرة .. قال تعالى [ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ* ] .
ما لنا على المجاهدين وما لهم .. وما علينا وما عليهم :
أيها المقاتلون الأحرار ، إن لنا عليكم حقا ، ولكم علينا مثله .. لكم علينا أن لا ندخر وسعا في دعمكم بالسلاح والذخيرة وأدوات الوقاية ، كالصداري الواقية من الرصاص والواقية من الحريق ، والمناظير الليلية والنهارية المطورة ، والكمامات الواقية من الكيمياوي ...
ولنا عليكم أن تخلصوا جهادكم لله ،  وتتناسوا المصالح الشخصية ، وتتخلوا عن الأنانية ، وتتحلوا بالأثرة ونكران الذات ... وأن يكون همكم الأول والأخير هو الإطاحة بهذا الطاغوت المجرم ، وإنقاذ البلاد والعباد من شره ...
ومن حقكم علينا ، أن نعنى بأسركم وأبنائكم ، الذين تركتموهم وراءكم ، واستودعتموهم عند الله الذي لا تضيع ودائعه ،  وأقبلتم على سوق الجنة " تطلبون النصر على أعداء الله ، أو الشهادة في سبيل الله " .. ومن حقكم علينا ، أن لا نعتمد في معونتكم على الآخرين ، بل نجمع ثمن ذخيرتكم من حر أموالنا ، والقليل مع القليل كثير . وإن درهما مع الصدق والإخلاص ، قد يسبق مائة ألف درهم في البذل والعطاء ..
فيا أيها المجاهدون الأحرار ، سيروا على بركة ، واستعينوا على عدوكم بقوة الله التي لا تقوم لها قوة ، وبقدرته التي لا تضاهيها مقدرة ، فقد يمدكم الله بملائكة من السماء كما فعل يوم بدر، وقد ينصركم بالريح كما نصر به المؤمنين يوم الأحزاب [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) .