خاطرة ( 33 ) : الخبر سلاح خطير في المعركة :
بقلم : أبو ياسر السوري
30 / 3 / 2014
منذ قديم الزمن ، والمتحاربون يحاولون معرفة أخبار الخصوم ، لعلهم يقعون منهم على ثغرة غير محصنة ، أو يحصلون على ما يمكنهم من أعناق أعدائهم .. وطبعا كانوا يرسلون رجالا لهذا الغرض ، وكان هؤلاء الرجال يسمون الجواسيس أو العيون . لأنهم يجسون نبض العدو ، ولأنهم يحاولون رؤية مواطن ضعفه ..
لهذا يحسن أن نكون على حذر دائم من الجواسيس ، فكم من المعارك لم ينتصر فيها المنتصرون إلا بمساعدة جاسوس ماكر .. ولهذا رُبَّ خبر جلب على الجماعة ضررا كبيرا ، ما كان قائله يريده .. ولنأخذ مثالا على ذلك خبراً نشره الدكتور فيصل القاسم ، وهو شخص نحبه ، ونثق بأخباره ، ومع ذلك لو استشارني لما أشرت عليه بنشره ..
] قال الدكتور فيصل : لا بد أن تضحك عندما تسمع البعض يقول إن إيران الشيعية لا يمكنها مواجهة أكثر من مليار مسلم سني . ومتى كانت العبرة في العدد أو الحجم . تذكروا أن اسرائيل ذات الاربعة ملايين غلبت 22 دولة عربية مرات ومرات ، وما زالت تواجه العرب والمسلمين جميعاً بقوة ، لا بل جعلتهم يتوسلون ويتسولون على أبوابها . ] .
ومن الآثار السلبية لهذا الخبر ما يلي :
1 – فيه تضخيم من قوة إيران ، وتهوين من قوة المسلمين ، وتلويح بأن 60 مليون إيراني شيعي قادرون على أن يحكموا مليار سني في العالم . وهذا تصور غير وارد ، وغير ممكن أصلا ، لأنه أكبر من حجم إيران بكثير ، ولأن التوازنات الدولية لا تسمح به .
2 – قياس حال إيران مع العالم الإسلامي ، بحال إسرائيل مع العرب ، هو قياس مع الفارق .. في الحجم .. والمكان .. والزمان .. والعقيدة القتالية لدى هذه الشعوب الإسلامية من غير العرب .. فكل دولة من الدول الإسلامية هي أكثر عددا .. وأقوى جندا .. وأصبر من شيعة الفرس على القتال .. فإيران أضعف من تركيا .. وأضعف من باكستان .. وأضعف من إندونيسيا .. وهم أغنى منها وأكثر تقدما في الاقتصاد والصناعة الحربية ...فباكستان بلد ذري ..
3 – نسي فيصل أن يزن الأمر بميزان إسلامي .. وهو معذور في ذلك ، لأن العينات العربية لا تتمسك بالإسلام كأيدلوجية ، وإنما تحاربه وتعتبره إرهابا .. ولو أخذ العرب بقوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ] لعلموا أن الله الذي خلق البشر ، قيَّمَ المسلم الواحد منهم في القتال بعشرة من الكافرين ... ولو فرضنا أن إسرائيل قادرة على تجنيد 100 ألف مقاتل في إمكانيتها القصوى .. فهؤلاء لا يحتاجون لأكثر من 10 آلاف مقاتل مسلم قوي الإيمان ، والله تعالى أخبر بخلقه منهم بأنفسهم .. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وهو لا ينطق عن الهوى .. قال [ لا يُغلَبُ اثنا عشر ألفا من قِلَّة ] . يعني قد يغلبون ، ولكنْ ليس من قلَّة ، وإنما لسبب آخر ، لا يرجع إلى معيار القلة والكثرة في الحروب .
وأما بخصوص إسرائيل ، فلو أن العرب اتحدوا لاستقلوا في قرارهم ، ولما تجرأ عليهم اليهود ، ولكانت إسرائيل أكثر أدبا وتهذيبا .
ولهذا كان الأحرى بالأخ فيصل أن يقول : [ إيران وإسرائيل .. لو كانتا تقاتلان عربا مؤمنين حقا ، لما فكرت كل منهما بالعربدة في المنطقة العربية بهذه الصورة الوقحة .. ولما استهان المجتمع الدولي بالعرب لهذه الدرجة . لأنهم عندها سيجدون أنفسهم أمام رجال كالجبال ، ومن نطح الجبل كُسِرَ رأسُه ولا يُكسَرُ الجبل ] .
بقلم : أبو ياسر السوري
30 / 3 / 2014
منذ قديم الزمن ، والمتحاربون يحاولون معرفة أخبار الخصوم ، لعلهم يقعون منهم على ثغرة غير محصنة ، أو يحصلون على ما يمكنهم من أعناق أعدائهم .. وطبعا كانوا يرسلون رجالا لهذا الغرض ، وكان هؤلاء الرجال يسمون الجواسيس أو العيون . لأنهم يجسون نبض العدو ، ولأنهم يحاولون رؤية مواطن ضعفه ..
لهذا يحسن أن نكون على حذر دائم من الجواسيس ، فكم من المعارك لم ينتصر فيها المنتصرون إلا بمساعدة جاسوس ماكر .. ولهذا رُبَّ خبر جلب على الجماعة ضررا كبيرا ، ما كان قائله يريده .. ولنأخذ مثالا على ذلك خبراً نشره الدكتور فيصل القاسم ، وهو شخص نحبه ، ونثق بأخباره ، ومع ذلك لو استشارني لما أشرت عليه بنشره ..
] قال الدكتور فيصل : لا بد أن تضحك عندما تسمع البعض يقول إن إيران الشيعية لا يمكنها مواجهة أكثر من مليار مسلم سني . ومتى كانت العبرة في العدد أو الحجم . تذكروا أن اسرائيل ذات الاربعة ملايين غلبت 22 دولة عربية مرات ومرات ، وما زالت تواجه العرب والمسلمين جميعاً بقوة ، لا بل جعلتهم يتوسلون ويتسولون على أبوابها . ] .
ومن الآثار السلبية لهذا الخبر ما يلي :
1 – فيه تضخيم من قوة إيران ، وتهوين من قوة المسلمين ، وتلويح بأن 60 مليون إيراني شيعي قادرون على أن يحكموا مليار سني في العالم . وهذا تصور غير وارد ، وغير ممكن أصلا ، لأنه أكبر من حجم إيران بكثير ، ولأن التوازنات الدولية لا تسمح به .
2 – قياس حال إيران مع العالم الإسلامي ، بحال إسرائيل مع العرب ، هو قياس مع الفارق .. في الحجم .. والمكان .. والزمان .. والعقيدة القتالية لدى هذه الشعوب الإسلامية من غير العرب .. فكل دولة من الدول الإسلامية هي أكثر عددا .. وأقوى جندا .. وأصبر من شيعة الفرس على القتال .. فإيران أضعف من تركيا .. وأضعف من باكستان .. وأضعف من إندونيسيا .. وهم أغنى منها وأكثر تقدما في الاقتصاد والصناعة الحربية ...فباكستان بلد ذري ..
3 – نسي فيصل أن يزن الأمر بميزان إسلامي .. وهو معذور في ذلك ، لأن العينات العربية لا تتمسك بالإسلام كأيدلوجية ، وإنما تحاربه وتعتبره إرهابا .. ولو أخذ العرب بقوله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ] لعلموا أن الله الذي خلق البشر ، قيَّمَ المسلم الواحد منهم في القتال بعشرة من الكافرين ... ولو فرضنا أن إسرائيل قادرة على تجنيد 100 ألف مقاتل في إمكانيتها القصوى .. فهؤلاء لا يحتاجون لأكثر من 10 آلاف مقاتل مسلم قوي الإيمان ، والله تعالى أخبر بخلقه منهم بأنفسهم .. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم وهو لا ينطق عن الهوى .. قال [ لا يُغلَبُ اثنا عشر ألفا من قِلَّة ] . يعني قد يغلبون ، ولكنْ ليس من قلَّة ، وإنما لسبب آخر ، لا يرجع إلى معيار القلة والكثرة في الحروب .
وأما بخصوص إسرائيل ، فلو أن العرب اتحدوا لاستقلوا في قرارهم ، ولما تجرأ عليهم اليهود ، ولكانت إسرائيل أكثر أدبا وتهذيبا .
ولهذا كان الأحرى بالأخ فيصل أن يقول : [ إيران وإسرائيل .. لو كانتا تقاتلان عربا مؤمنين حقا ، لما فكرت كل منهما بالعربدة في المنطقة العربية بهذه الصورة الوقحة .. ولما استهان المجتمع الدولي بالعرب لهذه الدرجة . لأنهم عندها سيجدون أنفسهم أمام رجال كالجبال ، ومن نطح الجبل كُسِرَ رأسُه ولا يُكسَرُ الجبل ] .