الشهيد محمد أحمد قومان




قد تُعبّر الكلماتُ أحياناً عن اختلاجاتٍ ولواعجَ في النفس، ولكن مهما اشتدت في ُقُوتها وسَمَتْ في معانيها تبقى قاصرةً عن ايفاء المعنى المنشود حقه، فليس بإمكاننا استحضارَ كلامٍ كثيرٍفي حضرة الدَّم الطاهر الغزير الذي يُسْكبُ على أرضِ ســـوريا؛ فقذائفُ الموتِ التي تُقذفُ فيها كَمٌ هائلٌ من الحقد يكفي ليقْتُلَ كُلَّ البراءةِ التي في العالم، حِقدٌ لا يُـميز بينَ عالمٍ وجاهلْ، ولا بينَ مُتَهمٍ وبرئ.




كان فقدُ شـــهيدنا الغالي مُؤلماً جداً لأنَّه كان عالماً وفقيهاً وانساناً قبل كل شيئ.

ولد في 12/7/1988 و حصل على بكالوريوس في الشريعة الاسلامية وكان يُحضَرُ للماجستير رغبةً منهُ بنشرِ العلم والدين الصحيح بين الجميع.




"أبو القاسم" كما كان يلقبه أصدقاءه كان طَيبَ القلبِ حنوناً، يساعد الجميع حتى في القضايا الفقهية ولا يَمل من فِعْلِ الخير وكان يَعِظُ الناسَ في المسجد، ويخطب فيهم نظراً لأنه امام مسجد الحي الذي يقيم فيه قبل الثورة.

شَـــهِدَ له كلُّ من عَرَفهُ بأنَّه كان ورعاً تقياً وحَسَنَ الايمان.

أرادَ في أحدِ الأيامِ أنْ يَخْطُبَ بالناسِ خطبةً يُـوقظ بها النائمين ويحثُهم على النضالِ وقولِ الحق

ويكشِفُ فيها حقيقة النظام التي لم تعد خافية على أحد، ولكن قوات الأمن أخذت تُلاحق أئمة المساجِد وتُضَيقُ عليهم بالرقابة وتمنعهم من اللقاءِ بالناس ...وهكذا أصبحت هذهِ الخطبة حبيسة الأدراج ولم يستطع القائها.

أحَبَّ الجهادَ وتَمنى الشهادة من كل قلبه وسَعَى إليها بِكُلِ ايمانه؛ فعمل مسعفاً للجرحى وساعد من استطاع وكان ناشطاً يؤدي واجبه على الوجه الأكمل.

زوجتهُ الشَّابه كانتْ تَخافُ عليه كثيراً، كيفَ لا..! وهو الحبيبُ والأبُ المستقبلي لجنينها الذي كان يُنْتَظَرُ بفارغِ الصبر




كانت تقضي الليالي داعيةً لهُ بالأمن والتوفيق، وكانت تخاف عليه وحُقَّ لها فمن كان بمثل أخلاقه وصفاته وحبه فهو كنزٌ لا يُعوضْ.




حاولت أن تحبسه في قلبها ولكنَّ الذي يَعْشَقُ الحُرية ،يكرهُ السجونَ والقيودَ.

هو لمْ يكن يريدُ لصغيرته أن تنشأ يتيمةً ولا لحبيبة القلبِ أن تذرف الدموع وتعيش في كمد ولكن القدر لا مهرب منه، وجاءه اليوم أطلقَ فيه جناحيهِ للطيران وعلا بها حتى بلغ الجنان باذن الله.

وبالرغم من أنه كان يتمنى الشهادة إلا أنَّه كان يرجو الله أن يُبعد عنه الاعتقال والتعذيب، وحين بدأ القصف الهمجي على مدينة الحراك سقط صاروخٌ بالقرب منه فأُصِيبَ بشظيةٍ في الرأس مما أدى الى استشهادهِ على الفور في فجر يوم الخميس28/6/2012




وبكتْ عليهِ مدينتهُ ورَثَتْهُ الشوارع والحدائق ومآذن الجوامع التي كان يخطبُ فيها حتى الحجر كاد يتصدع من بكاء زوجته وصراخ صغيرته الرضيعة التي أبصرت النور يتيمةً ولم يُكتبْ لها أن ترتشف من حنان والدها الذي فَضَلَ أن يُكتبَ لهُ الخلود في الدارِ الأعلى باذن الله.

وحُمِلَ نَعْشُهُ على الأكتاف وتزينتْ مدينةُ الحراك واستعدتْ لتتحولَ شابةً فتضُمًّ جسده الذي ذهبَ إليها مُختاراً ليرتاحً من ظلم البشر...

طُوبى لمن سَطَرَ هذهِ الأيام سطراً واحداً في هذه الثورة المباركة فَحَرَّكَ بهِ المشاعرَ الراكِدة

وكان شوكةً تَحزِ عُنُقَ الظالم إلى يوم القيامة.

فطوبى لك يا محمد وحسن مآب




قصص شهداء الثورة السورية | syrian-martrys.com




قصة الشهيد محمد أحمد قومان 1558501_702294346487809_1190625800_n