مواكبة مؤتمر جنيف متجدد

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

كلمة رئيس وفد "الائتلاف الوطني" أحمد الجربا

خلاصة ما حصل في جنيف أن النظام السوري وعبر وزير خارجيته لم يعترف بكلمة واحدة بأن الهدف من المفاوضات هو تطبيق جنيف1 وتشكيل هيئة حكم انتقالي، روسيا والإبراهيمي وبان كي مون قالوا أن مصير بشار أسد تحدده المفاوضات التي يمكن من خلالها فقط تطبيق بند وقف النار وإطلاق المعتقلين وفك الحصار الإنساني،
أي تطبيق جنيف1 وكل ما سبق يتم "بالتوافق" بين الطرفين لا بفرضه، ووضح الشبيح الجعفري (الذي دعاه بعض قادة التفاوض بالأخ) خلال مؤتمر صحفي أن البند الأول في جنيف1 وقف العنف يعني محاربة الإرهاب أي من يحمل السلاح ضد النظام، وبعد الانتهاء من هذا البند كإجراء بناء ثقة يمكن الحديث في باقي البنود (إطلاق المعتقلين والفك الحصار الإنساني ووقف القصف) وروسيا أكدت أن محاربة الإرهاب هو هدف المؤتمر (طبعا وفق مفهوم النظام السوري) وهو مفهومهم المتطابق مع النظام لجوهر جنيف1 دون كلمة عن هيئة حكم انتقالي.
أيضا يقول اليوم مدعون في جنيف لم يجرؤوا بمعظمهم على التفوه بكلمة واحدة داخل سوريا لكنهم يمثلون اليوم الثورة، يقولون "نحن صامدون ولن ننسحب من المفاوضات حتى نحقق مطالب الشعب السوري والمفاوضات ستكون طويلة جدا (بالمناسبة تطويل المفاوضات مطلب للنظام)، وليس من ضغوط دولية على النظام من قبل الرعاة" لكي يطلق معتقلين أو يفك حصارا أو يوقف قصفا، ولن يريد النظام أن يناقش "تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة" ولن يناقش الالتزام ببنود جنيف1 بعد أن قال في الافتتاح بوضوح أنه أتى ليحارب الإرهاب وأيده الراعي الروسي، والإبراهيمي قالها سابقا ويقولها كل يوم: "كل شيء موضوع تفاوض وبحاجة لموافقة الطرفين".
قبل بدأ المفاوضات التي اعترفوا بها بالنظام وسفاحه شريكا للمستقبل في أكبر طعنة لكل ما بذله السوريون، قبل البدء لم يحصلوا على شيء، لم يشترطوا إطلاق سراح معتقل واحد أو إدخال كيس طحين، لكن عندما قيل لهم هددوا بالانسحاب إن حضرت إيران فعلوا وأثمر تهديدهم، ترى ألم يكن الأجدى اشتراط إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين وإدخال الغذاء والدواء لكل المناطق المحاصرة مهددين بالانسحاب؟ ألم يكن ذلك أهم بكثير من حضور إيران أو غيابها؟ لو فعلوا لحصلوا على ذلك، المعلومات تقول أن الأمريكيين كانوا مستعدين للضغط عبر الروس والجميع متلهفون لعقد المؤتمر بمن فيهم النظام، بدلا من ذلك ذهبوا وغرقوا في تفاصيله المخابراتية فبات الشبيح القاتل يبادل كأسير بوالدة مطلوب سلمي وربما طفله، وبات الموضوع الإنساني هو كيفية استكمال الهولوكست الطائفي في حمص عبر قتل وإخراج ما تبقى من نساء واطفال "سنة" تمهيدا لاحتجازهم كرهائن في معسكرات الإبادة العلوية الطائفية بانتظار تسليم ما تبقى من حمص وثوارها المحاصرين فداء لأسرهم، وهكذا بات محور المفاوضات تفاصيل إنسانية تعامل بعقلية مخابراتية طائفية عودنا عليها النظام، بينما كان من الممكن أن نحقق شيئا ملموسا على الصعيد الإنساني على الأقل وهو الأمر الوحيد الذي لتبرير دخولكم في لعبة جنيف واستخدمتموه لابتزاز موافقة كل المعذبين السوريين، نعم كان الضغط ممكنا بالشأن الإنساني قبل انعقاد جنيف لكن أضاع مدعي الثورة وراكبيها هذه الفرصة وسيبقى معظم معتقلينا يفقدون وزنهم تعذيبا وتجويعا قبل أن يرحلوا مقهورين ليستمر الهولوكوست "السني" على يد النازي العلوي الذي تسربت بعض ملامحه أخيرا.
بعد كل هذا هل عرفتم أن المعارضة ذهبت عارية إلى جنيف تبيع الكذب والوهم ومثلها كل من تكلم عن "الحل التفاوضي"، بماذا ستضغط على النظام إن كان مسلحا برؤية كل هؤلاء من رعاة المفاوضات؟ لا يكفي خطاب جميل لكسب المعركة، والسياسة ليست مقامرة ولا مغامرة بل عمليات محسوبة تحمل قدرا من الخطأ كبيرا أو صغيرا اعتمادا على البناء على معطيات أو على أماني وأوهام، أو على اكاذيب والسادة المعارضون "قادة الثورة" الذين لم يعرفوا الثورة يبنون على بمعظمهم على الأكاذيب لذلك ما يجري ليس مفاجئا، كتبت عنه بوضوح وآخرها قبل المؤتمر بأيام متوقعا حدوثه وتفاصيله لا كنبوءة عراف بل قراءة سياسية واقعية بناء على المعطيات "وشمس بلادي" التي اعرفها جيدا سواء في النظام أم وفد "قادة الثورة".
الكارثة ليست فيهم وفي كذبهم وانتهازيتهم وفشلهم بل وتآمر بعضهم فقط بل المشكلة أيضا في من يصدقهم، عامان من بيع الوهم والهروب إلى الأمام من كذبة الأمس التي كشفت بكذبة جديدة في يطلقوها للغد، بدء من أن لدينا أصدقاء سيتدخلون عسكريا أو تسليح الثورة وأخيرا وهم جنيف الذي يهدف أساسا لإعادة إنتاج النظام الطائفي وقد نصت دعوة المؤتمر بشكل واضح على الحفاظ على مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية وأفراده، وصولا لوهم أن الخطوة التالية هي الذهاب لمجلس الأمن وأن الروس سيدعون ذلك يمر بعد أن "اكتشف العالم سوء النظام"!!! الطريف أن هذا العالم وبعد هذا الاكتشاف المفاجئ بخطاب تشبيحي للنظام، ابتلع كل الإهانات ولم يترجمها بأي ضغط على النظام بل تركه يتابع تشبيحه في المفاوضات "الثنائية"، وبعد كل هذا نسمع الكلام الساذج الذي يقول: "لا تشوشوا على وفد الائتلاف" حالمين بالنصر متناسين كل الانتقادات المحقة التي طالبتهم بعدم الذهاب لجنيف وفق شروطه الحالية، بل ومتناسين كل ما وضعه الائتلاف في رحلة الكذب الطويلة من شروط للذهاب تخلوا عنها كلها في النهاية وذهبوا للتفاوض وهم عراة، متناسين أيضا أن تجار الثورة هؤلاء قالوا قبل المؤتمر بأسابيع وأيام والانتقادات تنهمر عليهم: "سننسحب إن لم يوافق النظام على تطبيق جنيف1 وتسليم السلطة لهيئة انتقالية وإن كان هناك أي دور للسفاح" وها هم اليوم يقررون "الصمود" في المفاوضات مهما فعل النظام ولو لم يتحقق شيء ليثبتوا "براءة الثورة وإجرام النظام"!!! أتذكرون ذلك إخوتي السوريين المعذبين أم نسيتم؟
إخوتي السوريين المعذبين (وليس "شعبي" كما يحلو لمتسلقي الثورة مخاطبة السوريين)، تسألون لماذا تأخر النصر؟ أحد الأسباب الهامة لذلك هو "دروشة" البعض منكم الذين يلدغون من نفس الجحر وعلى يد نفس المعارضين ألف مرة لكنهم وبدل أن يتعلموا ويلفظوا هؤلاء يدمنون النسيان.
أما أنتم يا جهابذة التفاوض، من قال لكم أن الثورة تتلهف لكي تشارككم هيئة التنسيق حفلة "شواء الثورة" كما تروجون الآن، ومن قال أن بيدكم تفويض لتجيير "قيادتكم وتمثيلكم للثورة" إلى من تشاؤون؟ أيضا نحن نستنكر اعتقال عبد العزيز الخير ورجاء الناصر (الذي ما انفك عن وصف معظم المقاتلين بالمتطرفين) لكن من قال أن أي منهم جزء من الثورة ومن معتقليها أو أنه أهم من عشرات آلاف معتقلينا حتى يكون رمزكم وهدفكم وومحور حركاتكم المسرحية؟
هل تذكرون ألف وخمسمائة شهيد سقطوا في الغوطة بالكيماوي قبل أشهر، هل تذكرون طفلا ينتفض وهو يهز يده قبل أن تغادر روحه جسده، هل تذكرون الفي شهيد سقطوا في بانياس والبيضا ومثلهم في داريا، هل تذكرون مائة مجزرة على أبواب المخابز وفي غرف نوم الأطفال بدأت في الحولة ولم تتوقف، هل تذكرون عشرات الشهداء وهم يموتون حالمين بلقمة خبز في حمص واليرموك والحجر الأسود والمعضمية، هل تذكرون ربع مليون شهيد ومثلهم من المعتقلين الذين يموتون في محرقة الهولوكوست على يد النظام العلوي الطائفي يوميا في السجون جوعا وتعذيبا وقهرا، هل تذكرون خمسين ألف طاهرة ذبحت بشرفها فبقيت حية ميتة وقد تناوب عليها نازيي الهولوكوست، هل تذكرون اثنى عشر مليونا يعيشون التشرد واللجوء، تعالوا نسميهم برقم عسى أن نتذكرهم، كان النظام يسمينا أرقاما في سجونه لكننا كنا موجودين حتى كرقم وكان يدعونا برقمنا، تذكروا كل هؤلاء كأرقام على الأقل بعد أن باتوا جميعا مجرد أرقاما لدى جهابذة جنيف2 والحل التفاوضي ويجلسون اليوم مع السفاح في غرفة واحدة كمكافاة له من المجتمع الدولي بعد جريمته في الغوطة، تعالوا نعدهم رقما رقما عند كل افتتاح لحفلة "حل تفاوضي" ونرى كم سيبقى من وقت متاح ذلك اليوم وربما ذلك الأسبوع للتفاوض، تعالوا نعدهم رقما رقما أيضا في ختام كل يوم تفاوضي "احتفالي" لنرى إن كان سيبقى وقت للنوم، عدوهم كأرقام على الأقل قبل أن تدفنوهم تحت سجاد قاعة المؤتمر التي يدوسها المتفاوضون وقبل أن يخفي قرع الكؤوس وصحون الطعام عند استراحة الظهيرة، قبل أن يخفي أصوات هذه "الأرقام" المتحشرجة بالألم وهي تغادر صارخة بقهر "لا سامحكم الله".
فواز تللو – معارض سوري مستقل

منتدى الثورة السورية

طريقة عرض الأقسام

لونك المفضل

هــــــام