شبكة #شام الإخبارية #سوريا - #قصة_شهيد
الشهيد عبدالله محمود الرفاعي
دخل مالك المحل إليه غاضباً محنقاً وطلب أن ينفرد بعبد الله الذي كان يعمل لديه حلاقاً في مدينة الطائف ...
قال له بلهجة قاسية متعجرفة أنه لا يؤدي عمله كما يجب وأنه يأبى حلق لحى الزبائن ممن يطلبون ذلك وأن هذا من شأنه أن يؤخر عمل المحل ويورثه القصور والعجز .. ..
- لن أفعل ذلك فإنه يغضب الله ويخالف السنة فافعل ما بدا لك، ثم إنك تعرف قصدي في هذا وقد راجعتني مراراً وتكرارا وقد علمت ردّي ..
- إذا أسفرك ولن تعمل هنا بعد اليوم
- اقض ما أنت قاض ... فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ..
لم يصبر ذلك اللئيم على عبد الله حتى يؤدي سنة العمرة، وهو على مرمى حجر من البيت الحرام في مكة، ولكنه عاجل عليه بتسفيره من السعودية، ليعود عبد الله إلى بلده وقد خسر ما خسر في رحلته تلك من تكاليف، ومن قبلها رحلته إلى الإمارات ؛ حيث قاسى وعانى من قلة العمل والقعود وقد عرض عليه أحدهم أن يكون إماماً في أحد المساجد بدل إمام كان في استراحة أو إجازة فرفض مترفعاً بتقواه ونفسه الأبية، أن يسلب ذلك الرجل الإمام مكانه وأن يكون سبباً في قطع رزقه من ذلك المكان. ثم أتى بعدها إلى الطائف وقد كان ما كان من صاحب عمله هذا ، فقرر أن يشد الرحال قافلاً إلى حضن وطنه، غير يائس ولا قانط من رحمة الله ، ومن خير هذا الوطن الذي سيكتنفه رغم قسوة العيش فيه .
عبد الله محمود الرفاعي تلك الشعلة التي لا تتطفئها وطأة الظروف ولا تخضعها قسوة الحياة، ولو كان غيره فلربما خارت عزيمته وفترت همته ولكنه عبد الله الذي تتوقد في قلبه شعلة الإيمان ويعرف في قرارة نفسه بأن الله لا يخذل من طلبه ومد يده إليه وهذا مناط الأمر كله فعلو الهمة من الإيمان ..
بدأ العمل في ربوع دمشق، فعمل حلاقاً ثم عمل في صناعة الحلوى فأجاد وأتقن فنمّ ذلك عن ذوقه الرفيع ومزاجه الرائق، ثم انتقل إلى العمل بالعطر ونعم حامل المسك عبد الله فقد عمل وأجاد فاشتد عوده وأغدق الله عليه من فضله وغمره بكرمه وفضله، وقرر إذ ذاك أن يقيم في ربوع الفيحاء فاشترى بيتاً، وقد تزوج خلال ذلك فوهبه الله ولداً وبنتين، واشترى محلاً مستقلا بنفسه في زملكا في ريف دمشق ...
خلال ذلك كله وفي يقين من عبد الله كان هو مع الله، قلب معلق بالمسجد ومشدود إلى الصلاة فيه مع الجماعة، متمسك بالسنة ناصحاً محباً لأهل بلده.
مع أن عبد الله لم يكمل دراسته الإعدادية فإن ذلك لا يعني ترك العلم والعلماء فقد سجل في معهد شرعي للتزود من علوم دينه والتدرع بها في حياته، ولم يكن ليمرّ عند العصابة الباغية مروراً عادياً فقد لوحق عبد الله واستجوبه زبانية النظام القذر وحاسبوه على تقواه ونقائه والتزامه فهم كما جرت عادة الأقوام الكفرة الفجرة يكرهون الطاهرين المتقين كما قال الله في كتابه العزيز عن قوم لوط حين عزموا على التنكيل بسيدنا لوط ومن آمن معه ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) فقد ذاق عبدالله ظلم العصابة وعرف شرها قبل أن تهب الثورة السورية، وحين قامت الثورة ونهض الشعب بها وحملت سلاحها تذب عن حياضها قرر عبد الله أن يكون بين فرسانها ومقاتليها، ولم يكن مقاتلا فارساً فحسب ولكنه كان يعزز القيمة الكبرى في نفوس من حوله من أخوته المجاهدين بأن هذه الثورة لن تكون للحرية فقط وإنما هي لإعلاء كلمة الله وغرس مفهوم الجهاد بين أهله وقومه ورفاق كتيبته التي انضم إليها وهي كتيبة أسود التوحيد التي كانت كثيرة الفعال قليلة الأقوال والصور ولكن هضاب الأرض في دمشق وريفها تعرف فضل رجالها وتشهد بضرباتهم التي قصمت ظهر العصابة الأسدية في أكثر من موقع وفي كثير من المعارك ..
وكما هي العادة دائماً حين يكون الرجل مخلصا لله عمله لا يرجو منه غير وجه الله فإن ذلك يعني أن تتوجه الأنظار إليه وتتوحد الجهود للإحاطة به بكل الأسباب التي قد تتوفر. وليس أشد من الخيانة والغدر سبباً ليضرب ويهرب، ليس أشد على المجاهدين من الايادي التي تنسل كالأفاعي إلى الرجال من حيث أمنوا وأداروا ظهرهم مطمئنين، فقد حاول بعض الخونة ممن كان حول الشيخ عبد الله أن يغتاله مرة فنجا، ثم أعادوا الكرة فتمكنت رصاصات الخيانة منه ليترجل علم من أعلام الثورة وفارس من فرسانها الميامين ..
عبد الله ومنذ الولادة في أم ولد من حوران الأبية في عام 1975 وإلى أن استقرت رصاصات الخيانة الساقطة في صدره لم يكن إلا عظيم النفس طاهر القلب، لا تقعده رزايا الأيام عن بلوغ غايته ولا يثلم نبله وسموه عسف أو قسوة ظالم ..
عبد الله محمود الرفاعي ومروره في الأيام هو حلوى وعطر ودم زكي ..
على مثله عبد الله فلتبك ربوع الوطن الحزينة ... وعلى سنته فلتكن خطا البنادق الباقية ...
باقون في عبد الله طعماً من عسل وطيباً وعطراً أينما حلّ وحيث نزل ...
رحمك الله وأعلى مقامك يا عبد الله
قصص شهداء الثورة السورية | syrian-martyrs.com
الشهيد عبدالله محمود الرفاعي
دخل مالك المحل إليه غاضباً محنقاً وطلب أن ينفرد بعبد الله الذي كان يعمل لديه حلاقاً في مدينة الطائف ...
قال له بلهجة قاسية متعجرفة أنه لا يؤدي عمله كما يجب وأنه يأبى حلق لحى الزبائن ممن يطلبون ذلك وأن هذا من شأنه أن يؤخر عمل المحل ويورثه القصور والعجز .. ..
- لن أفعل ذلك فإنه يغضب الله ويخالف السنة فافعل ما بدا لك، ثم إنك تعرف قصدي في هذا وقد راجعتني مراراً وتكرارا وقد علمت ردّي ..
- إذا أسفرك ولن تعمل هنا بعد اليوم
- اقض ما أنت قاض ... فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ..
لم يصبر ذلك اللئيم على عبد الله حتى يؤدي سنة العمرة، وهو على مرمى حجر من البيت الحرام في مكة، ولكنه عاجل عليه بتسفيره من السعودية، ليعود عبد الله إلى بلده وقد خسر ما خسر في رحلته تلك من تكاليف، ومن قبلها رحلته إلى الإمارات ؛ حيث قاسى وعانى من قلة العمل والقعود وقد عرض عليه أحدهم أن يكون إماماً في أحد المساجد بدل إمام كان في استراحة أو إجازة فرفض مترفعاً بتقواه ونفسه الأبية، أن يسلب ذلك الرجل الإمام مكانه وأن يكون سبباً في قطع رزقه من ذلك المكان. ثم أتى بعدها إلى الطائف وقد كان ما كان من صاحب عمله هذا ، فقرر أن يشد الرحال قافلاً إلى حضن وطنه، غير يائس ولا قانط من رحمة الله ، ومن خير هذا الوطن الذي سيكتنفه رغم قسوة العيش فيه .
عبد الله محمود الرفاعي تلك الشعلة التي لا تتطفئها وطأة الظروف ولا تخضعها قسوة الحياة، ولو كان غيره فلربما خارت عزيمته وفترت همته ولكنه عبد الله الذي تتوقد في قلبه شعلة الإيمان ويعرف في قرارة نفسه بأن الله لا يخذل من طلبه ومد يده إليه وهذا مناط الأمر كله فعلو الهمة من الإيمان ..
بدأ العمل في ربوع دمشق، فعمل حلاقاً ثم عمل في صناعة الحلوى فأجاد وأتقن فنمّ ذلك عن ذوقه الرفيع ومزاجه الرائق، ثم انتقل إلى العمل بالعطر ونعم حامل المسك عبد الله فقد عمل وأجاد فاشتد عوده وأغدق الله عليه من فضله وغمره بكرمه وفضله، وقرر إذ ذاك أن يقيم في ربوع الفيحاء فاشترى بيتاً، وقد تزوج خلال ذلك فوهبه الله ولداً وبنتين، واشترى محلاً مستقلا بنفسه في زملكا في ريف دمشق ...
خلال ذلك كله وفي يقين من عبد الله كان هو مع الله، قلب معلق بالمسجد ومشدود إلى الصلاة فيه مع الجماعة، متمسك بالسنة ناصحاً محباً لأهل بلده.
مع أن عبد الله لم يكمل دراسته الإعدادية فإن ذلك لا يعني ترك العلم والعلماء فقد سجل في معهد شرعي للتزود من علوم دينه والتدرع بها في حياته، ولم يكن ليمرّ عند العصابة الباغية مروراً عادياً فقد لوحق عبد الله واستجوبه زبانية النظام القذر وحاسبوه على تقواه ونقائه والتزامه فهم كما جرت عادة الأقوام الكفرة الفجرة يكرهون الطاهرين المتقين كما قال الله في كتابه العزيز عن قوم لوط حين عزموا على التنكيل بسيدنا لوط ومن آمن معه ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) فقد ذاق عبدالله ظلم العصابة وعرف شرها قبل أن تهب الثورة السورية، وحين قامت الثورة ونهض الشعب بها وحملت سلاحها تذب عن حياضها قرر عبد الله أن يكون بين فرسانها ومقاتليها، ولم يكن مقاتلا فارساً فحسب ولكنه كان يعزز القيمة الكبرى في نفوس من حوله من أخوته المجاهدين بأن هذه الثورة لن تكون للحرية فقط وإنما هي لإعلاء كلمة الله وغرس مفهوم الجهاد بين أهله وقومه ورفاق كتيبته التي انضم إليها وهي كتيبة أسود التوحيد التي كانت كثيرة الفعال قليلة الأقوال والصور ولكن هضاب الأرض في دمشق وريفها تعرف فضل رجالها وتشهد بضرباتهم التي قصمت ظهر العصابة الأسدية في أكثر من موقع وفي كثير من المعارك ..
وكما هي العادة دائماً حين يكون الرجل مخلصا لله عمله لا يرجو منه غير وجه الله فإن ذلك يعني أن تتوجه الأنظار إليه وتتوحد الجهود للإحاطة به بكل الأسباب التي قد تتوفر. وليس أشد من الخيانة والغدر سبباً ليضرب ويهرب، ليس أشد على المجاهدين من الايادي التي تنسل كالأفاعي إلى الرجال من حيث أمنوا وأداروا ظهرهم مطمئنين، فقد حاول بعض الخونة ممن كان حول الشيخ عبد الله أن يغتاله مرة فنجا، ثم أعادوا الكرة فتمكنت رصاصات الخيانة منه ليترجل علم من أعلام الثورة وفارس من فرسانها الميامين ..
عبد الله ومنذ الولادة في أم ولد من حوران الأبية في عام 1975 وإلى أن استقرت رصاصات الخيانة الساقطة في صدره لم يكن إلا عظيم النفس طاهر القلب، لا تقعده رزايا الأيام عن بلوغ غايته ولا يثلم نبله وسموه عسف أو قسوة ظالم ..
عبد الله محمود الرفاعي ومروره في الأيام هو حلوى وعطر ودم زكي ..
على مثله عبد الله فلتبك ربوع الوطن الحزينة ... وعلى سنته فلتكن خطا البنادق الباقية ...
باقون في عبد الله طعماً من عسل وطيباً وعطراً أينما حلّ وحيث نزل ...
رحمك الله وأعلى مقامك يا عبد الله
قصص شهداء الثورة السورية | syrian-martyrs.com