استقطبت بلدة جسر الشغور الاهتمام الدولي إثر حشد الجيش السوري الآلاف من القوات الخاصة وأرتال الدبابات والمروحيات في الثامن من يونيو/حزيران الجاري، لتبدأ حملة عسكرية واسعة في وسطها ضد من أسمتهم السلطات السورية بالعصابات المسلحة.
التاريخ والاقتصاد
تتبع جسر الشغور لمحافظة إدلب شمالي غربي البلاد, وتقع على ارتفاع 170 مترا عن مستوى سطح البحر، ويقدر عدد سكانها بنحو 45 ألف نسمة، وهم يشكلون مجتمعا متنوع الأعراق من عرب وتركمان وكرد وشركس، كما تتنوع طوائفهم بين المذاهب الإسلامية والمسيحية المتعددة.
ويقال إن اسمها يعود إلى الجسر الحجري الممتد فوق نهر العاصي المار منها. أما كلمة الشغور فيقال إنّها محورة عن كلمة "الثغور" التي تعني المناطق الحدودية التي يخشى دخول العدو منها، أو نسبة إلى قلعة الشغر الموجودة قديما في المكان، وقد تدل هذه التسمية على خلو المنطقة من الحماية والأمن.
ويعتقد أن تاريخ البلدة يعود إلى أوائل القرن السابع عشر، حيث توسعت أعمال البناء فيها لوقوعها على طريق القوافل بين حلب والساحل السوري.
وهي ذات إنتاج زراعي وفير، وتشتهر بزراعة الفواكه والحمضيات والقمح والزيتون، كما تضم العديد من المنشآت الصناعية في المجالات الغذائية المتنوعة بين مشتقات الألبان وتصنيع السكر.
فقد السيطرة
انضمت جسر الشغور إلى المدن والبلدات السورية في حملة المظاهرات المطالبة بالديمقراطية التي بدأت منتصف يناير/كانون الثاني من العام الجاري، وشهدت شوارع المدينة مظاهرات واسعة في مطلع يونيو/حزيران لتواجهها قوى الأمن بالرصاص مما أسفر عن مقتل العشرات.
وفي يوم الثلاثاء السابع من الشهر الجاري أعلنت دمشق رسميا أن 120 من قواتها الأمنية والمدنيين قتلوا في البلدة على يد من وصفتهم بعصابات مسلحة، ووصفت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية جسر الشغور بأنها أول بلدة تخرج عن سيطرة الحكومة منذ الانتفاضة التي انطلقت قبل 11 أسبوعا.
لكن الآلاف من جنود القوات الخاصة أحكموا السيطرة على البلدة مدعومين بالمروحيات والدبابات، بينما نزح الآلاف من سكانها إلى تركيا، حيث نقلت وكالات الأنباء عن الأهالي الفارين من البلدة أن عناصر الأمن الذين أعلنت السلطات عن مقتلهم قد تم إعدامهم على يد عناصر من الجيش لأنهم رفضوا إطلاق النار على مدنيين غير مسلحين.
وبعد أيام من العملية العسكرية بث التلفزيون السوري صورا قال إنها لمقبرة جماعية من جسر الشغور تضم جثث عشرة من عناصر الأمن والشرطة، متهما "عصابات مسلحة" بمسؤوليتها عن قتل من بالمقبرة، لكن ناشطين في المعارضة جددوا اتهام السلطات بقتلهم لعدم تنفيذ الأوامر.
وكانت الكاتبة الإسبانية روسا ماساغي قد شبهت في مقال بصحيفة "ألبريوديكو" الصادرة في التاسع من يونيو/حزيران ما يحصل في جسر الشغور بأنه "سربرنيتشا بدون قبعات زرق"، في إشارة إلى المذبحة التي قتل فيها نحو ثمانية آلاف مسلم في البوسنة والهرسك عام 1995 والتي تبعتها حرب أهلية.
ويذكر أن سكان هذه البلدة الصغيرة ما زالوا يستحضرون مشهدا دمويا مشابها عند اندلاع الانتفاضة قبل ثلاثة عقود على يد إسلاميين ضد نظام الرئيس السابق حافظ الأسد، إذ شهدت بلدة جسر الشغور إضرابا ومظاهرات في مارس/آذار من عام 1980، لكن عناصر من القوات الخاصة وقوى الأمن سرعان ما سيطرت على البلدة حينها بعد مقتل العشرات فيما يسميه أهالي المنطقة بالمذبحة الجماعية.
الجزيرة نت