الشهيد خالد إبراهيم البكر (أبو سليمان) 1982- 2012




عندما ينظر الشعثُ إلى وجنتيّ الخلود يدرك أن السعادة ليست في دارنا هذه، بل تتوسّطُ عينيّ الشهداء الطاهرين

هم الذين بتنا نودعهم بحرقة حزناً علينا من حالنا بعدهم .. رحل خالد .. وكم خالداً علينا أن نودِع بعد لنعلم أنهم قد خلَّدوا التاريخ ببريق أعينهم ؟؟

هو الشهيد الجميل الذي منعه مايصفونه بـ"العرج" من ذهابه إلى المدرسة طويلاً لكنه لم يعارض ذهابه إلى الجنة مسرعاً متسابقاً وخطواته المتعبة إلى هناك

شارك خالد بأول مظاهرة خرجت من مسجد خالد بن الوليد في حمص، واستهل بعدها حلّته ليُعد ما تلاها من مظاهرات في حي باباعمرو حيث سعى لتأمين لوازم الإذاعة والإضاءة وتحديد أماكن التظاهر البعيدة عن القنص والقصف، بل وتجاوز ذلك بأن قام بترشيح وإعداد المنشد المناسب لكل مظاهرة خرج بها

وعندما أصبحت الثورة في أوّج سلميّتها ، كان همُّ أبا سليمان أن يقوم الناشطون بتصوير وبث مظاهرات باباعمرو على العالم عبر الفضائيات وقنوات البث المباشر، فسعى بحثاً عن إمكانياتٍ قد تدعم رؤيته وهدفه، فتواصل ونسّق وحقّق مراده كما يفعل الأبطال بأحلامهم

ثم عمل على توسيع نطاقه الإعلامي، فقام بالتنسيق مع بعض الناشطين على الأرض بتأسيس شبكة أخبار الثورة في باباعمرو والتي أحاطت بمجريات الثورة وسعت إلى توثيق أحداثها خطوة بخطوة مستقلة عن أي مجلس أو قيادة تحكمها

وحتى بعد فض المظاهرات بعنف ونشر القتل والدمارفي المنطقة ، بقي خالد صامداً مع أصدقائه إلى آخر يوم في باباعمرو، قام بعدها بالتوجه إلى مدينة القصير الحرة ليكمل مسيرته الثورية ويختمها فيها !

حينها ودّعت الثورة كثيراً من نقاط التظاهر، وبدأ الجيش الحر يخطو خطواته الأولى مواصلاً درب الحريّة الذي تمهّد بدماء " السلمية ". لم تكن عينا شهيدنا أبا سليمان قد اكتفت من السعي نحو توثيق الحقيقة وبثها إلى العالم بأسره بعد؛ فانتقل خالد ليتخصص بالتصوير العسكري مع كتائب الفاروق

واستمرت مسيرته في مدينة القصير الأبية حتى ذلك التاريخ المؤلم الذي ودّعَنا به خالد ليُخلِّد رسالته أمانة في أعناقنا

ففي سويعات الفجر الأولى من يوم 9-6-2012 رافق أبو سليمان أبطال كتائب الفاروق ليقوم بتغطية أحداث تحرير حاجز البلدية ، ذلك الحاجز الذي روّع المدنيّين و تسبب بمقتل المئات وجرح آخرين، كان يومها كثير التبسم والرضا في غير موضعه، وكأنه قد علم بأن الجنة أصبحت على مقربة منه !

طلب أبوسليمان من أحد الضباط المشاركين حينها أن يتخذ موقع تمركزه ليصوّر الحدث من زاوية أقرب، لعله حينها كان يرى نورالجنة يلمع هاهناك !! فرغم تحذير الضابط له من خطورة وصوله إلى هذا القرب أصرّ شهيدنا على الاقتراب والتمركز حيث أراد، وبعد دقائق معدودة سقطت قذيفة حاقدة على زاوية البناء بالقرب من خالد فأصيب بشطايا كثيرة في جسده، وكأن الشظايا حينها قد ضمّت خالداً بحرقة شوقاً ليحملها معه إلى الجنة !

فتوسطت إحداها حنايا قلبه النابض لتشبع وحدها من نبضاته وتحرمنا من حلم إيقاظه من ذلك السبات البعيد

فارق خالدٌ الحياة قبل وصوله إلى المشفى الميداني، وكان ذلك بعد ساعة فقط من خروجه من المنزل !

كان عرجه الذي اشتهر به أضعف من أن يحرم جسده الطاهر من الوصول إلى الجنة، ودعنا أبو سليمان شهيداً جميلاً بعد أن اعتاد على توديع الرفقة واحداً تلو الآخر إذ كان يسرع في كل مرة للبس ثيابهم تيمنا بهم ويقول مودعاً :" لعلي ألقاهم !"

رحل أبو سليمان ببسمته الغريقة بدمائه الطاهرة وعينان لاتزالان ترقبان النصر .. رحل وحده لـ"يلقاهم " كما تمنى وحرمنا نحن من لقياهم حتى حين




تقبله الله تعالى في جنان النعيم خالداً مخلّداً من الشهداء الصادقين




قصص شهداء الثورة السورية | syrian-martyrs.com




قصة الشهيد خالد إبراهيم البكر (أبو سليمان) 1452007_671255722925005_365310019_n