الـغـوطة الـشـرقـيـة .. وبـشـر الـصـابـريـن 
========================
بعد حصار دام أكثر من ثمانية أشهر، منعت فيه الميليشيات الأسدية والشيعية من دخول أي مواد غذائية أو طبية، تمكّن الفصائل الثورية من فك حصار الغوطة الشرقية.

عشرات الأطفال في الغوطة الشرقية الموت كان حليفهم، من نجى منهم من القصف الهمجي المتواصل من آليات عصابات الأسد، لم ينجو من قلة الغذاء ونقص الدواء جراء الحصار الخانق التي فرضته تلك العصابات على مدن وبلدات الغوطة.

وتعرضت الغوطة الشرقية في شهر أغسطس الماضي لقصف بالكيماوي من قبل عصابات الأسد، ما أسفر عن استشهاد المئات معظمهم من الأطفال، مما جعل الأوضاع الانسانية للسكان هناك كارثية حيث يفتقرون إلى أبسط وسائل العيش كالحليب والخبز.

الفصائل الثورية لم تكن في مواجهة مع ميليشيات الأسد وشبيحته فقط، بل كان يدعم تلك الميليشيات ويقاتل في صفوفها عناصر من حزب الله اللبناني، ولواء أبي الفضل العباس العراقي، والحرس الثوري الإيراني، وجنسيات أخرى روسية وكورية وصينية.

في يوم الخميس الماضي الموافق الـ21 من شهر نوفمبر الجاري، أطلق الثوار عملية جديدة حملت اسم "وبشر الصابرين"، لفتح الطريق بين الغوطة الشرقية المحاصرة والقابون، تبعتها سلسلة عمليات شنها الثوار على الغوطة من جميع الاتجاهات، أسفرت عن فك حصارها.

حيث نتج عن عمليات الثوار إحكام قبضتهم على حوالي 10 بلدات فيها، وسيطرتهم على معظم منافذها، وقتل مئات العناصر من ميليشيات الأسد وداعميهم، وتدمير عشرات الدبابات والآليات العسكرية، وإسقاط طائرة حربية، واغتنام العديد من الأسلحة والذخيرة، كما تحدثت بعض التقارير الصحفية عن أسر 100 عنصرٍ من تلك العصابات.

عملية فك الحصار عن الغوطة، أسفرت عن مقتل "علي اسكندر" قائد عمليات حزب الله في الغوطة، والذي يُعد الداعم الأساسي لنظام الأسد في قتاله ضد الثوار، كما ذكر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن قيام تسليم أكثر من 40 عنصرًا من حزب الله أنفسهم للثوار بعد تأكدهم من حصار الغوطة بالكامل، وأنه لا مفر من الخروج.

أهالي مدن وبلدات الغوطة أقاموا الأفراح بعد فك حصارها، وخرج صغيرهم قبل كبيرهم في تظاهرات داعمة للثوار لفكهم الحصار عنهم، مما يعني دخول المواد الغذائية والطبية التي حرموا منها لمدة ثمانية أشهر.

مصدر مقرب من النظام الأسدي كشف عن صدور أوامر بانسحاب قوات "حزب الله" الموجودة على الأراضي السورية بشكل تدريجي، على أن يكون انسحابًا كاملاً وليس إعادة إنتشار.

وأضاف المصدر أن الذي دفع قيادات حزب الله لاتخاذ هذا القرار هو ما يتعرض له الحزب من ضغوط مادية ومعنوية تتعلق بارتفاع قيمة التعويضات التي يدفعها لأهالي قتلاه في سوريا والبالغة 30 ألف دولار للشخص، إلى جانب الضغط المعنوي من أهالي القتلى بعد تزايد أعداد قتلى الحزب في سوريا، مشيرًا إلى أنه تم إعطاء الأوامر بالانسحاب إبتداءً من يوم الإثنين الموافق الـ 25 من شهر نوفمبر الجاري. 

تُعد الغوطة الشرقية مفتاح العاصمة دمشق الشرقي وخط الوصول إليها الذي يعمل الثوار جاهدين للسيطرة عليه في معركة متواصلة بينهم وبين قوات النظام الأسدي منذ أشهر.

مركز الغوطة الشرقية وبدايتها هي مدينة دوما وتمتد نحو الشرق والجنوب محيطةٌ بمدينة دمشق، وتواصل امتدادها إلى مناطق وقرى وبلدات أصبحت مدن الآن مثل جرمانا والمليحة وعقربا وحزّة وكفربطنا وعربين إلى أن تلتقي بالغوطة الغربية.

وبفك الحصار عن هذه المنطقة يستطيع الثوار الآن إعادة خط الإمداد لقواته، ومساعدة أكثر من مليون شخص من السكان المحاصرين بإدخال الغذاء والأدوية، وتقديم يد العون لهم بعد أشهر من الجوع والمرض والموت الذي فتك بأهلها.

يقول الخبير العسكري العميد "وهبة قطيشة" أن الغوطة الشرقية تعد الجزء الشرقي من العاصمة دمشق، "وهي قريبة من مطار دمشق الدولي، ولذلك عندما يكون النظام غير مسيطر على العاصمة فليس له التبجح بالقول أنه يسيطر على دير الزور والحسكة والقامشلي واللاذقية".

وأضاف "قطيشة" في إتصال هاتفي مع شبكة "خبر الآن": أن أهمية العاصمة بالنسبة للثوار هو إنتهاء النظام الأسدي في كل سوريا.

وأشار أن ضعف النظام الأسدي في الغوطة الشرقية سيؤدي الى تمدد الثوار في الغوطة الغربية، وأن النظام الأسدي عاجز عن السيطرة على هذه المناطق وعلى القلمون شمال العاصمة.

فك حصار الغوطة الشرقية ليس النهاية، فكتائب الثوار عازمون على تقدمهم حتى سيطرتهم على العاصمة السورية دمشق، وتحريرها مع باقي المدن السورية من قوات الأسد والميليشيات الشيعية، التي قتلت مئات الآلاف وشردت الملايين ودمرت أكثر من 70% من الدولة.
الدرر الشامية