تنسيقية دوما
كبار تحت الحصار
يجلس الحاج أبو خليل أمام بيته على كرسيه الصغير و هو يتأمل الأولاد و هم يلعبون في الشارع . فلا سيارات و لا دراجات تسير في الطريق تعيق لعبهم . سألته و هو الذي ناهز السبعين هل مر عليكم وقت كهذا الوقت من الجوع و العوز . نظر الي نظرة المتفحص و شرد في تفكيره برهة ثم قال مرت بنا ظروف صعبة كثيرة و لكن ليس كهذه الايام . و ربما لم أشعر بها لأني كنت شابا أما اليوم و قد أصابني الكبر فقد صارت الأدوية رفيقتي اليومية و هذه العكاز توأمي الذي لا يفارقني , أما الادوية فقد نفذ معظمها و لا أجد في الصيدليات ايا من طلبي فالحصار أفقدنا كل الادوية اليومية التي أتناولها من أدوية السكري و غيرها . و لم أعد أستطيع مغادرة باب البيت هذا , لان السيارة متعطلة إثر فقدان الوقود و لا أستطيع مع كبر سني ركوب الدراجة الهوائية.
غادرته و الأفكار تطاردني حول ما قاله و لم أغادر بعيدا حتى التقيت بسيدة عجوز طاعنة في السن تتكئ على جدار و كادت ان تسقط فأسرع بعض المارة لمساعدتها , و عندما جلست سألناها عن سبب خروجها و هي لا تكاد تستطيع السير فقالت أنها كانت تجلس في بيتها و يأتيها رزقها لباب بيتها كما قالت , أما الان فلم يطرق بابها أحد منذ حوالي الاسبوع و نفذ كل ما كان لديها من بواقي طعام و لم تجد بدا من الخروج بنفسها طلبا للطعام .
و المتفقد لأحوال كبار السن يلاحظ أنهم يمثلون غالبية المتضررين الصامتين الذين لا يتحدثون و لا يشتكون إلا ما ندر , و لو تأملت حالهم فستجد منهم من انقطع عن دوائه و من من انقطع عن علاجه و منهم عجز حتى عن الذهاب للمسجد بسبب الوهن الذي التهم قوته و عافيته .و أصبح غالبيتهم حبيس داره لعدم وجود اليات و سيارات تقلهم الي مقصدهم . و تراهم يأنون و يحزنون لما أصاب ابنائهم و أحفادهم . و هم عاجزون عن دفع الجوع و العوز الذي استشرس في الهجوم على المدنيين كبارا و صغارا .
بقلم: دوماني ابن البلد
كبار تحت الحصار
يجلس الحاج أبو خليل أمام بيته على كرسيه الصغير و هو يتأمل الأولاد و هم يلعبون في الشارع . فلا سيارات و لا دراجات تسير في الطريق تعيق لعبهم . سألته و هو الذي ناهز السبعين هل مر عليكم وقت كهذا الوقت من الجوع و العوز . نظر الي نظرة المتفحص و شرد في تفكيره برهة ثم قال مرت بنا ظروف صعبة كثيرة و لكن ليس كهذه الايام . و ربما لم أشعر بها لأني كنت شابا أما اليوم و قد أصابني الكبر فقد صارت الأدوية رفيقتي اليومية و هذه العكاز توأمي الذي لا يفارقني , أما الادوية فقد نفذ معظمها و لا أجد في الصيدليات ايا من طلبي فالحصار أفقدنا كل الادوية اليومية التي أتناولها من أدوية السكري و غيرها . و لم أعد أستطيع مغادرة باب البيت هذا , لان السيارة متعطلة إثر فقدان الوقود و لا أستطيع مع كبر سني ركوب الدراجة الهوائية.
غادرته و الأفكار تطاردني حول ما قاله و لم أغادر بعيدا حتى التقيت بسيدة عجوز طاعنة في السن تتكئ على جدار و كادت ان تسقط فأسرع بعض المارة لمساعدتها , و عندما جلست سألناها عن سبب خروجها و هي لا تكاد تستطيع السير فقالت أنها كانت تجلس في بيتها و يأتيها رزقها لباب بيتها كما قالت , أما الان فلم يطرق بابها أحد منذ حوالي الاسبوع و نفذ كل ما كان لديها من بواقي طعام و لم تجد بدا من الخروج بنفسها طلبا للطعام .
و المتفقد لأحوال كبار السن يلاحظ أنهم يمثلون غالبية المتضررين الصامتين الذين لا يتحدثون و لا يشتكون إلا ما ندر , و لو تأملت حالهم فستجد منهم من انقطع عن دوائه و من من انقطع عن علاجه و منهم عجز حتى عن الذهاب للمسجد بسبب الوهن الذي التهم قوته و عافيته .و أصبح غالبيتهم حبيس داره لعدم وجود اليات و سيارات تقلهم الي مقصدهم . و تراهم يأنون و يحزنون لما أصاب ابنائهم و أحفادهم . و هم عاجزون عن دفع الجوع و العوز الذي استشرس في الهجوم على المدنيين كبارا و صغارا .
بقلم: دوماني ابن البلد