هل سنسمع قريباً وليد المعلم يقول: (لننسى أن هناك أمريكا على خارطة العالم)!!
محمد فاروق الإمام
شُغل النظام السوري بزيارة السفير الأمريكي لمدينة حماة يوم جمعة "لا للحوار" ووقع رموزه في "حيص بيص" حول الرد الأمثل على هذه الزيارة غير المرحب بها بالنسبة للنظام وقد كشفت هذه الزيارة بما لا يجعل مجالاً للشك أن كل دعاوي النظام بوجود عصابات ومخربين ومندسين يقومون بعمليات التخريب والقتل هي تمثيلية ممجوجة وفبركة هابطة من صنع النظام بعد أن أكد السفير الأمريكي روبرت فورد أنه لم يشاهد في التجمع الذي ضم أكثر من نصف مليون حموي أي مظاهر مسلحة وأن الاحتجاجات كانت سلمية مائة بالمائة، واكتفت وزارة الخارجية بإصدار بيان نشرته وكالة سانا السورية للأنباء حول هذه الزيارة قالت فيه إن "وجود السفير الأمريكي في مدينة حماه دون الحصول على الإذن المسبق من وزارة الخارجية وفق التعليمات المعممة مراراً على جميع السفارات دليل واضح على تورط الولايات المتحدة في الأحداث الجارية في سورية ومحاولتها التحريض على تصعيد الأوضاع التي تخل بأمن واستقرار البلاد".
في حين كانت السيدة بثينة شعبان مستشارة الرئيس أكثر عصبية عندما اتهمت السفير الأمريكي بتقويض محاولات الحكومة السورية لنزع فتيل الاحتجاجات المناوئة للسلطة التي بدأت قبل أربعة أشهر، وقالت "إنه متورط بإقامة صلات مع المسلحين".
وقالت شعبان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الجمعة "إن الزيارة غير المرخصة التي قام بها فورد إلى حماه تزامنت مع اجتماع لأئمة مساجد وقادة المجتمع المدني".
أضافت "إنها (الزيارة) تنتهك الأعراف الدبلوماسية". وقالت شعبان إن "فورد لا بد وأن تكون له صلات بالمجموعات المسلحة التي تحول دون استئناف الحياة الطبيعية في سورية".
ولاحقاً أصدرت وزارة الداخلية االسورية بياناً حول زيارة السفير الأمريكي لحماة مكررة نفس الاتهامات التي ساقتها مستشارة الرئيس، فقد جاء في البيان "إن السفير الأمريكي التقى في حماة ببعض هؤلاء المخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار كما التقى بعض الأشخاص تحت غطاء زيارته بعض المشافي في الإطار ذاته".
واعتبرت الوزارة ذلك "تحريضا على استمرار العنف وعدم الاستقرار ومحاولة لتخريب الحوار الوطني الجاري بين القوى الوطنية الشريفة وتعميقا للشقاق والفتنة بين أبناء الشعب السوري الواحد الذي يرفض رفضاً قاطعاً مثل هذا التحريض الأجنبي ويستنكره بشدة".
وأضافت الداخلية "أنها تراقب عن كثب أعمال الشغب والعنف التي تقوم بها بعض المجموعات التخريبية في مدينة حماة وتعمل على معالجتها وقد استغربت وصول السفير الأميركي إلى مدينة حماة بشكل يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية رغم وجود الحواجز التي يسيطر عليها المخربون وقطع الطرقات ومنع المواطنين من الوصول إلى أعمالهم ووظائفهم"، موحية الداخلية في بيانها وكأن السفير هبط على حماة في مظلة من الفضاء الخارجي وليس عبر حواجزها العسكرية والأمنية المعززة بالجند المدججين بالسلاح والدبابات المصوبة مدافعها إلى قلب المدينة التي أقامتها حول حماة من جهاتها الأربعة.
وكان نفر من وجهاء حماة وبعض المتظاهرين قد قالوا "إن السفير الأمريكي وقف مع المصلين في ساحة العاصي وسط حماة خلال صلاة الجمعة والتقى عدداً من أعضاء تنسيقية المظاهرات هناك، وأنه بات ليلته مساء الخميس في فندق أفاميا ثم غادر بعد انتهاء المظاهرة الحاشدة التي شهدتها حماة وخرج فيها عشرات الآلاف من دون حوادث أمنية تُذكر بعد أن كانت قوات الأمن قد انسحبت من وسط المدينة مساء الأربعاء".
حدثان مهمان يمكن أن يقرأهما المراقب لما يجري في سورية الآن، أولهما التوسع الاحتجاجي الجماهيري عمودياً وأفقياً والذي يكاد يغطي مساحة سورية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها رغم القمع الوحشي الذي تُجابه به من قبل أجهزة الأمن والشبيحة وبعض الوحدات العسكرية المكلفة بحماية النظام وبعض فرق الموت المستقدمة من خارج الحدود السورية، وقد ثبت إخفاق كل هذه الأجهزة والوحدات من توهين زخم هذه الاحتجاجات أو إضعافها أو المراهنة على مللها وتعبها، وبالعكس فإننا نشاهد أن هناك حالة من الإرباك والتململ داخل هذه الأجهزة والوحدات حيث نسمع في كل يوم عن انشقاقات لضباط وضباط صف وجنود هذه الوحدات.
الحدث الثاني هو التبدل الأمريكي المفاجئ لموقفها الذي كان خلال الشهور الأربعة الماضية مهادناً للنظام ومشجعاً له لاتخاذ خطوات إصلاحية يمكن أن تحول دون سقوطه الذي لا يرغب فيه، ولم يسمع من النظام إلا وعود وتشكيل لجان وسين وسوف طيلة هذه الأشهر المنصرمة ولم يتحقق من كل هذه الوعود أي شيء على الأرض، ودماء تسفك وضحايا تسقط وحصار للمدن واستباحتها وتهجير للمواطنين الآمنين، مما دعا الإدارة الأمريكية، أمام الضغوط الشعبية والمنظمات الإنسانية، إلى الاتجاه إلى الجماهير السورية التي اقتنع أنها العنصر الأقوى والفاعل في الساحة السورية، وأن النظام تتنازعه سكرات الموت وبات يقاتل في الربع الأخير من عمره، وتمثل هذا التبدل بلقاء السفير الأمريكي روبرت فورد لمجموعات من المعارضين السوريين وبعض القائمين على التنسيقيات التي تقود الاحتجاجات في سورية، وكأنه يقول لرموز النظام السوري "لقد مججتكم وضاق صبري بكم وهاأنذا أتوجه إلى الفريق الآخر لأحاوره لأتعرف على البديل الذي علي أن أستمع له والذي علي التعامل معه بعد رحيلكم".
ونتساءل كما يتساءل المراقبون بعد هذا التبدل المفاجئ للإدارة الأمريكية نحو النظام السوري: هل سيظهر علينا السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري في مؤتمر صحفي جديد يعلن فيه (لننسى أن هناك أمريكا على خارطة العالم)!!.
محمد فاروق الإمام
شُغل النظام السوري بزيارة السفير الأمريكي لمدينة حماة يوم جمعة "لا للحوار" ووقع رموزه في "حيص بيص" حول الرد الأمثل على هذه الزيارة غير المرحب بها بالنسبة للنظام وقد كشفت هذه الزيارة بما لا يجعل مجالاً للشك أن كل دعاوي النظام بوجود عصابات ومخربين ومندسين يقومون بعمليات التخريب والقتل هي تمثيلية ممجوجة وفبركة هابطة من صنع النظام بعد أن أكد السفير الأمريكي روبرت فورد أنه لم يشاهد في التجمع الذي ضم أكثر من نصف مليون حموي أي مظاهر مسلحة وأن الاحتجاجات كانت سلمية مائة بالمائة، واكتفت وزارة الخارجية بإصدار بيان نشرته وكالة سانا السورية للأنباء حول هذه الزيارة قالت فيه إن "وجود السفير الأمريكي في مدينة حماه دون الحصول على الإذن المسبق من وزارة الخارجية وفق التعليمات المعممة مراراً على جميع السفارات دليل واضح على تورط الولايات المتحدة في الأحداث الجارية في سورية ومحاولتها التحريض على تصعيد الأوضاع التي تخل بأمن واستقرار البلاد".
في حين كانت السيدة بثينة شعبان مستشارة الرئيس أكثر عصبية عندما اتهمت السفير الأمريكي بتقويض محاولات الحكومة السورية لنزع فتيل الاحتجاجات المناوئة للسلطة التي بدأت قبل أربعة أشهر، وقالت "إنه متورط بإقامة صلات مع المسلحين".
وقالت شعبان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الجمعة "إن الزيارة غير المرخصة التي قام بها فورد إلى حماه تزامنت مع اجتماع لأئمة مساجد وقادة المجتمع المدني".
أضافت "إنها (الزيارة) تنتهك الأعراف الدبلوماسية". وقالت شعبان إن "فورد لا بد وأن تكون له صلات بالمجموعات المسلحة التي تحول دون استئناف الحياة الطبيعية في سورية".
ولاحقاً أصدرت وزارة الداخلية االسورية بياناً حول زيارة السفير الأمريكي لحماة مكررة نفس الاتهامات التي ساقتها مستشارة الرئيس، فقد جاء في البيان "إن السفير الأمريكي التقى في حماة ببعض هؤلاء المخربين وحضهم على التظاهر والعنف ورفض الحوار كما التقى بعض الأشخاص تحت غطاء زيارته بعض المشافي في الإطار ذاته".
واعتبرت الوزارة ذلك "تحريضا على استمرار العنف وعدم الاستقرار ومحاولة لتخريب الحوار الوطني الجاري بين القوى الوطنية الشريفة وتعميقا للشقاق والفتنة بين أبناء الشعب السوري الواحد الذي يرفض رفضاً قاطعاً مثل هذا التحريض الأجنبي ويستنكره بشدة".
وأضافت الداخلية "أنها تراقب عن كثب أعمال الشغب والعنف التي تقوم بها بعض المجموعات التخريبية في مدينة حماة وتعمل على معالجتها وقد استغربت وصول السفير الأميركي إلى مدينة حماة بشكل يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية رغم وجود الحواجز التي يسيطر عليها المخربون وقطع الطرقات ومنع المواطنين من الوصول إلى أعمالهم ووظائفهم"، موحية الداخلية في بيانها وكأن السفير هبط على حماة في مظلة من الفضاء الخارجي وليس عبر حواجزها العسكرية والأمنية المعززة بالجند المدججين بالسلاح والدبابات المصوبة مدافعها إلى قلب المدينة التي أقامتها حول حماة من جهاتها الأربعة.
وكان نفر من وجهاء حماة وبعض المتظاهرين قد قالوا "إن السفير الأمريكي وقف مع المصلين في ساحة العاصي وسط حماة خلال صلاة الجمعة والتقى عدداً من أعضاء تنسيقية المظاهرات هناك، وأنه بات ليلته مساء الخميس في فندق أفاميا ثم غادر بعد انتهاء المظاهرة الحاشدة التي شهدتها حماة وخرج فيها عشرات الآلاف من دون حوادث أمنية تُذكر بعد أن كانت قوات الأمن قد انسحبت من وسط المدينة مساء الأربعاء".
حدثان مهمان يمكن أن يقرأهما المراقب لما يجري في سورية الآن، أولهما التوسع الاحتجاجي الجماهيري عمودياً وأفقياً والذي يكاد يغطي مساحة سورية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها رغم القمع الوحشي الذي تُجابه به من قبل أجهزة الأمن والشبيحة وبعض الوحدات العسكرية المكلفة بحماية النظام وبعض فرق الموت المستقدمة من خارج الحدود السورية، وقد ثبت إخفاق كل هذه الأجهزة والوحدات من توهين زخم هذه الاحتجاجات أو إضعافها أو المراهنة على مللها وتعبها، وبالعكس فإننا نشاهد أن هناك حالة من الإرباك والتململ داخل هذه الأجهزة والوحدات حيث نسمع في كل يوم عن انشقاقات لضباط وضباط صف وجنود هذه الوحدات.
الحدث الثاني هو التبدل الأمريكي المفاجئ لموقفها الذي كان خلال الشهور الأربعة الماضية مهادناً للنظام ومشجعاً له لاتخاذ خطوات إصلاحية يمكن أن تحول دون سقوطه الذي لا يرغب فيه، ولم يسمع من النظام إلا وعود وتشكيل لجان وسين وسوف طيلة هذه الأشهر المنصرمة ولم يتحقق من كل هذه الوعود أي شيء على الأرض، ودماء تسفك وضحايا تسقط وحصار للمدن واستباحتها وتهجير للمواطنين الآمنين، مما دعا الإدارة الأمريكية، أمام الضغوط الشعبية والمنظمات الإنسانية، إلى الاتجاه إلى الجماهير السورية التي اقتنع أنها العنصر الأقوى والفاعل في الساحة السورية، وأن النظام تتنازعه سكرات الموت وبات يقاتل في الربع الأخير من عمره، وتمثل هذا التبدل بلقاء السفير الأمريكي روبرت فورد لمجموعات من المعارضين السوريين وبعض القائمين على التنسيقيات التي تقود الاحتجاجات في سورية، وكأنه يقول لرموز النظام السوري "لقد مججتكم وضاق صبري بكم وهاأنذا أتوجه إلى الفريق الآخر لأحاوره لأتعرف على البديل الذي علي أن أستمع له والذي علي التعامل معه بعد رحيلكم".
ونتساءل كما يتساءل المراقبون بعد هذا التبدل المفاجئ للإدارة الأمريكية نحو النظام السوري: هل سيظهر علينا السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري في مؤتمر صحفي جديد يعلن فيه (لننسى أن هناك أمريكا على خارطة العالم)!!.