عجلة المجتمع الدولي تسير بالقضية السورية إلى الوراء :

بقلم : أبو ياسر السوري

عثرت اليوم ، وعن طريق الصدفة ، على (خاطرة) سابقة لي ، كنت كتبتها منذ عام وثلاثة أشهر بالتحديد ، وهي منشورة على الصفحة الثابتة للثورة السورية .. وذلك قبل أن يقوم النظام باستخدام السلاح الكيمياوي ، وإنما لوح به تلويحا أقرب إلى التصريح .. وتحدثت فيها عن ردود الفعل المتوقعة في الأوساط العربية والدولية ، فيما لو قام الأسد باستخدام السلاح الكيمياوي يوما ما ..

وأطرف ما في هذه الخاطرة ، أنها شككتْ بالموقف الأمريكي ، وتوقعتْ أنه لو حصلت ضربة كيمياوية ، وانقلبت روسيا على الأسد ، وصارت ضده بسببها ، فإن أمريكا سوف تنزع البرقع ، وتدافع عن الأسد جهارا نهارا ، وحتى لو اجتمع مجلس الأمن لمحاكمته ، فسوف تستخدم أمريكا حق الفيتو في الدفاع عنه .!! هكذا توقعت قبل 15 شهرا .

طبعا كان مثل هذا الكلام ضربا من التشاؤم ، لأن أمريكا كانت تعلن أنها مع الشعب السوري ، وتتزعم " مجموعة دول أصدقاء سوريا " .. ولم يكن مقبولا اتهامها بالتواطؤ مع النظام ضد شعب تدعي صداقته ، وتتوجع له ..

واليوم ، ها هي الضربة قد وقعت منذ شهرين ... وها هي أمريكا تقف اليوم مع الأسد ، وتنضم إلى الفريق الموالي له مع روسيا والصين وإيران .. فبدلا من جر الأسد المجرم إلى محكمة العدل الدولية في (لاهاي) لارتكابه جريمة ضد الإنسانية، نرى أمريكا تكتفي من عقوبة الأسد المجرم بمعاقبة أداة الجريمة ، وتعفيه من الحساب على استخدامه هذا السلاح المحرم دوليا ضد المدنيين ، وتتغاضى عن ارتكابه جريمة ضد الإنسانية ، وإضافة إلى هذا فأمريكا تثني اليوم على تعاون الأسد وموافقته الكريمة بتسليم السلاح الكيمياوي لتدميره .. وتتبنى الدعوة إلى مؤتمر جنيف2 دون إعطاء أي ضمانات لإقصاء الأسد عن المشهد السوري .. وقد لفت نظري كلمة قالها وزير الخارجية الأمريكي ، في اجتماع " أصدقاء سوريا " قال إن الأسد قتل من شعبه مليون إنسان ، وفيهم الأطفال والنساء ... وهذا اعتراف منه بأن عدد الضحايا في سوريا ، قد تجاوز المليون ...

والسؤال : لماذا إذن يعامل الأسد على أنه رئيس دولة ؟ ولماذا لم تسقط شرعيته في المجتمع الدولي ؟ ولماذا تدافع عنه كل الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن ؟ نعم إنهم يدافعون عنه لأنهم أكثر إجراما منه ... وقد جمعوا مع الإجرام صفة الكذب والنفاق ، فهم يدعون أنهم أصدقاء للثورة السورية ، وهم في نفس الوقت يطعنونها بخناجرهم من الخلف ، ويساندون المجرم وعصابته الأشرار على قمعها ..

فأمريكا حين تدعو المعارضة إلى حضور جنيف2 ، هي كمن يدعو هذه المعارضة إلى دخول مغارة الضبع ، لتكون وجبة شهية للنظام المفترس ... فإن أكثر الخبراء بالسياسة يرون أن أمريكا لا تريد بهذا المؤتمر حل القضية ، وإنما تريد أن تزيدها تعقيدا ، وإن جنيف2 لن يقدم ولن يؤخر .. وأن الجري وراء المؤتمرات سوف يجعل القضية السورية ، أشبه بالقضية الفلسطينية ، التي لم تنته منذ أكثر من 65 عاما .

لهذا فإن الدعوة إلى هذا المؤتمر المشؤوم في هذه الأيام ، وإصرار المجتمع الدولي بزعامة أمريكا على حضور أطراف النزاع إليه ، ما هي إلا عودة بالقضية السورية إلى الخلف .. وكأن العجلة تسير بأبناء سوريا إلى الوراء ، وكأنها تعود أدراجها بهم إلى محطتها الأولى ، التي انطلقت منها ثورتهم ، ثورة الحرية والكرامة ..

أما بعد : فإليكم الخاطرة ، التي كان هذا الحديث بوحي منها ، ومؤيدا لما جاء فيها ...

خاطرة (2) ما حدا أحسن من حدا – بقلم : ابو ياسر السوري
الرابط : syrianrevolution.org/?p=25033

يوليو 25th, 2012

هل صحيح أن الأسد بدأ ينتحر انتحارا سريعا بتصريح إعلامه حول امتلاكه السلاح البيولوجي والجرثومي ؟ أم أن هذا التصريح كان بمثابة الإنذار والتهديد للشعب السوري؟

وهل كان هذا التصريح من بنات أفكار النظام السوري ؟ أم كان بإيحاء من شياطين الإنس الذين يمدونه في الخفاء ثم لا يقصرون .؟

وماذا لو استخدم الأسد هذا السلاح ضد الشعب السوري .؟ هل ستغضب إسرائيل وأمريكا وإيران وروسيا والصين وأوربا والعرب والمسلمون .؟ وإذا غضبوا وقتها فماذا هم فاعلون .؟ لا شك أن العرب والمسلمين سيقفون وقوف العاجز ، لأنه لاحول لهم ولا طول ، فيسكت بعضهم ، ويتباكى بعض ، ويحوقل آخرون .. وأما بقية الدول ، فروسيا سوف تبرر .. وإيران ستؤيد .. وأمريكا سوف تستنكر ، وإسرائيل سيكون لديها المبرر لضرب مستودعات هذه الأسلحة ، أو توجيه ضربة ما لسوريا ، لتساعد الأسد على خلط الأوراق ، وصرف أنظار العالم عن جرائمه إلى حين ، وسوف يلت الإعلام العربي ويعجن أسابيع في هذا الاعتداء الإسرائيلي السافر على سوريا .. وسوف ترفع سوريا شكوى لمجلس الأمن .. ولن يفعل مجلس الأمن شيئا ، لأن الفيتو الأمريكي سيكون بالمرصاد .. وعندها ستقول موسكو والصين لأمريكا : فيتو بفيتو ، وما حدا أحسن من حدا .!؟