تحولت معاركنا إلى نقر بالأصابع على لوحة الـ ( كي بورد ) :
بقلم : ابو ياسر السوري
أعرف أشخاصا لا أسميهم ، يحاربون على صفحات الإنترنت ، فلا أتصور حين أقرأ لأحدهم إلا رجلا به جنون ، حبس نفسه في غرفة فارغة مظلمة ، مغلقة الأبواب والنوافذ .. وقد أمسك بيديه سيفين ، وهو جاهل بضرب السيف ، يُلوّحُ بهما وحيداً في فضاء الغرفة ، وهو يجأر بأعلى صوته : يا خيل الله اركبي . ألا هل من مبارز؟ ألا هل من محارب ؟ ألا هل من مضارب ؟ فلا يسمع صوته أحد . ولا يراه أحد . وهو مستمر على ما هو فيه جل ساعات النهار، وزلفا من الليل . وقد أقنع نفسه ومن حوله ، بأن ما يفعله على الـ ( كي بورد ) هو الجهاد في سبيل الله ، الذي أعده الله لأوليائه والخلص من عباده .!!
وقد حكمتُ عليه بالجنون ، لأنه استخدم سيفين بآن واحد ، وهو غرٌّ لا يحسن استخدام السيوف ، وفي هذه الحال ، قد يقتل نفسه ، وهو لا يدري ... ثم إنه حبس نفسه في غرفته المظلمة وحيدا ، وتصور نفسه أنه عنترة العبسي ، وأنه يصول بين صفوف المقاتلين ويجول .. ولم يكتف بذلك بل راح يملأ الدنيا ضجيجا وعجيجا ، وصياحا وصراخا ، ويطلب أن يخرج أليه المبارزون والمحاربون ..!!
هذا بالضبط ما يفعله علماؤنا اليوم ، أو حملة الدكتوراه في علوم الدين ، وإذا سلمنا أن الشيوخ الكبار هم ممن أعفاهم الله من الخروج للجهاد ، فإن الله لم يُعفِ أبناءهم من ذلك .. يستيقظ أحدهم ضحى النهار ، ليتناول الشهي من الطعام ، والبارد اللذيذ من الشراب ، ويجلس إلى اللابتوب ، فيضغط على زر البدء . ويفتح صفحة الفيسبوك ، ثم يتجشأ قليلا .. ويتنفس الصعداء .. ويتلفت يمنة ويسرة ، فيقول : اين الشاهي يا عيال .؟ فهو يحاول أن يُحمِّي بالحار بعد تناول البارد .!! وما إن يفعل ، حتى يختلط الحار بالبارد ، والحلو بالحامض ، وتهيج مرته ، ويثور ثائره ، ويبدأ المعركة بالكلام . فيشتم الأعداء ، ثم يُتبع الشتيمة بالدعاء ، ويثلث بلوم المتقاعسين عن مقارعة الأعداء ... ولمولانا أربعة شباب أشداء أقوياء ، أو خمسة أو ستة وربما كانوا أكثر من ذلك أو أقل .. وكل واحد من هؤلاء الأبناء يأكل القنطار .. ويسند بمنكبه الجدار المنهار .. ومع ذلك لا يسمح لهم أبوهم بالخروج إلى القتال .. فأبناؤه طلبة علم ، وشيوخ صغار .. أو أبناؤه مهذبون مدللون مدلعون لا يصلحون للعراك والشجار . أو أبناؤه يواصلون تحصيلهم العلمي الجامعي ، ومن بعد الجامعي العالي ، ومن بعد العالي التخصص في داخل التخصص .. وكأن مولانا لم يقرأ أن رسول الله وأصحابه كانوا يخوضون المعارك بأنفسهم .. ويقاتلون في سبيل الله ، فيقتلون ويقتلون ، وينالون من عدوهم وينال منهم .. ولو فعل النبي وأصحابه ما يفعل مشايخنا اليوم في قعودهم عن القتال ، ومنع أبنائهم من المشاركة الفعلية فيه .. لما انتصر الدين ، ولا انتشر الإسلام ، حتى وصل إلى كافة بقاع المعمورة ..
المجتمع يدرك الآن أن علماء الدين متقاعسون عن الجهاد .. وإذا تقاعس علماء الدين عن طلب الشهادة في سبيل الله ، فلا حرج على الجاهل ولا على العلماني إذا تقاعسوا ولم يطلبوها .. ولست أعني بهذا الكلام رجلا بعينه ، وإنما أتحدث عن ظاهرة عامة في صفوفنا نحن أبناء السنة .. أصحاب الدعاوى العريضة المزيفة ، والمفاخر الخلَّبية الكاذبة .. لقد ثبت لدى الشيعة منذ زمن بعيد أننا جبناء ، وأننا أشبه بخراف الذبح ، نجلس حتى يداهمنا العدو ، وينتهك أعراضنا ، ويذبح أطفالنا أمام أعيننا ، ثم نجأر بالدعاء عليه ، أو بالشتائم والسباب .. على طريقة ما جاء في المثل العربي : ( أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل ) .
الشيعة فعلوا هذا بالمسلمين في لبنان وبعده في العراق واليوم يفعلونه في سوريا . وحسن نصر اللات هو أحد شيوخ الشيعة ، وله عمة وجبة وعباءة ، ويقود ميليشيات حزب الشيطان القتالية ، والخامنئي بعمامة وجبة وعباءة ، ويقود إيران ويلعب بمنطقة الشرق الأوسط كلها ، وصارت أمريكا تخطب وده ، وتستعين به على قتل المسلمين .. ومشايخنا يطيلون المسابح ، ويبسبسون في الخلوات .. أو يحاربون بنقر الأصابع على الـ ( كي بورد ) ...
روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة أنه أملى عليه عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وواعده الخروج للجهاد ، وأنفذها معه إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة قال له فيها :
يا عــابد الحـرمين لو أبصرتنا : لعلمت أنـك في العـبادة تلعـبُ
من كان يخضب خـده بدموعـه : فـنحـورنا بـدمـائـنا تـتخضـبُ
أو كان يتعـب خـيلـه في باطــل : فخيولـنا يـوم الصبيحة تتعبُ
ريـح العبـير لكم ونحن عبـيرنا : رهج السنابك والغبار الأطيبُ
ولـقــد أتـانـا مـن مقـال نبـيـنــا : قـول صحيح صادق لا يكـذبُ
لا يستوي وغبار خيل الليل في : أنـف امرئ ودخان نار تلهبُ
هــذا كــتاب الله يـنطــق بـيـنـنا : لـيس الشهيد بميت ، لا يكذبُ
قال : فلقيت الفضيل بكتابه في المسجد الحرام فلما قرأه ذرفت عيناه فقال : صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ثم قال : أنت ممن يكتب الحديث ؟ قلت : نعم قال لي : اكتب هذا الحديث وأملى على الفضيل بن عياض : حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة : [ أن رجلا قال : يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله فقال : هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟ فقال : يا رسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك . ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم فو الذي نفسي بيده لو طُوِّقتَ ذلك ما بلغتَ فضل المجاهدين في سبيل الله ، أما علمت أن فرس المجاهد ليستنُّ في طِوَلِهِ فيُكتَبُ له بذلك حسنات ؟ ]
بقلم : ابو ياسر السوري
أعرف أشخاصا لا أسميهم ، يحاربون على صفحات الإنترنت ، فلا أتصور حين أقرأ لأحدهم إلا رجلا به جنون ، حبس نفسه في غرفة فارغة مظلمة ، مغلقة الأبواب والنوافذ .. وقد أمسك بيديه سيفين ، وهو جاهل بضرب السيف ، يُلوّحُ بهما وحيداً في فضاء الغرفة ، وهو يجأر بأعلى صوته : يا خيل الله اركبي . ألا هل من مبارز؟ ألا هل من محارب ؟ ألا هل من مضارب ؟ فلا يسمع صوته أحد . ولا يراه أحد . وهو مستمر على ما هو فيه جل ساعات النهار، وزلفا من الليل . وقد أقنع نفسه ومن حوله ، بأن ما يفعله على الـ ( كي بورد ) هو الجهاد في سبيل الله ، الذي أعده الله لأوليائه والخلص من عباده .!!
وقد حكمتُ عليه بالجنون ، لأنه استخدم سيفين بآن واحد ، وهو غرٌّ لا يحسن استخدام السيوف ، وفي هذه الحال ، قد يقتل نفسه ، وهو لا يدري ... ثم إنه حبس نفسه في غرفته المظلمة وحيدا ، وتصور نفسه أنه عنترة العبسي ، وأنه يصول بين صفوف المقاتلين ويجول .. ولم يكتف بذلك بل راح يملأ الدنيا ضجيجا وعجيجا ، وصياحا وصراخا ، ويطلب أن يخرج أليه المبارزون والمحاربون ..!!
هذا بالضبط ما يفعله علماؤنا اليوم ، أو حملة الدكتوراه في علوم الدين ، وإذا سلمنا أن الشيوخ الكبار هم ممن أعفاهم الله من الخروج للجهاد ، فإن الله لم يُعفِ أبناءهم من ذلك .. يستيقظ أحدهم ضحى النهار ، ليتناول الشهي من الطعام ، والبارد اللذيذ من الشراب ، ويجلس إلى اللابتوب ، فيضغط على زر البدء . ويفتح صفحة الفيسبوك ، ثم يتجشأ قليلا .. ويتنفس الصعداء .. ويتلفت يمنة ويسرة ، فيقول : اين الشاهي يا عيال .؟ فهو يحاول أن يُحمِّي بالحار بعد تناول البارد .!! وما إن يفعل ، حتى يختلط الحار بالبارد ، والحلو بالحامض ، وتهيج مرته ، ويثور ثائره ، ويبدأ المعركة بالكلام . فيشتم الأعداء ، ثم يُتبع الشتيمة بالدعاء ، ويثلث بلوم المتقاعسين عن مقارعة الأعداء ... ولمولانا أربعة شباب أشداء أقوياء ، أو خمسة أو ستة وربما كانوا أكثر من ذلك أو أقل .. وكل واحد من هؤلاء الأبناء يأكل القنطار .. ويسند بمنكبه الجدار المنهار .. ومع ذلك لا يسمح لهم أبوهم بالخروج إلى القتال .. فأبناؤه طلبة علم ، وشيوخ صغار .. أو أبناؤه مهذبون مدللون مدلعون لا يصلحون للعراك والشجار . أو أبناؤه يواصلون تحصيلهم العلمي الجامعي ، ومن بعد الجامعي العالي ، ومن بعد العالي التخصص في داخل التخصص .. وكأن مولانا لم يقرأ أن رسول الله وأصحابه كانوا يخوضون المعارك بأنفسهم .. ويقاتلون في سبيل الله ، فيقتلون ويقتلون ، وينالون من عدوهم وينال منهم .. ولو فعل النبي وأصحابه ما يفعل مشايخنا اليوم في قعودهم عن القتال ، ومنع أبنائهم من المشاركة الفعلية فيه .. لما انتصر الدين ، ولا انتشر الإسلام ، حتى وصل إلى كافة بقاع المعمورة ..
المجتمع يدرك الآن أن علماء الدين متقاعسون عن الجهاد .. وإذا تقاعس علماء الدين عن طلب الشهادة في سبيل الله ، فلا حرج على الجاهل ولا على العلماني إذا تقاعسوا ولم يطلبوها .. ولست أعني بهذا الكلام رجلا بعينه ، وإنما أتحدث عن ظاهرة عامة في صفوفنا نحن أبناء السنة .. أصحاب الدعاوى العريضة المزيفة ، والمفاخر الخلَّبية الكاذبة .. لقد ثبت لدى الشيعة منذ زمن بعيد أننا جبناء ، وأننا أشبه بخراف الذبح ، نجلس حتى يداهمنا العدو ، وينتهك أعراضنا ، ويذبح أطفالنا أمام أعيننا ، ثم نجأر بالدعاء عليه ، أو بالشتائم والسباب .. على طريقة ما جاء في المثل العربي : ( أوسعتهم سبا وأودوا بالإبل ) .
الشيعة فعلوا هذا بالمسلمين في لبنان وبعده في العراق واليوم يفعلونه في سوريا . وحسن نصر اللات هو أحد شيوخ الشيعة ، وله عمة وجبة وعباءة ، ويقود ميليشيات حزب الشيطان القتالية ، والخامنئي بعمامة وجبة وعباءة ، ويقود إيران ويلعب بمنطقة الشرق الأوسط كلها ، وصارت أمريكا تخطب وده ، وتستعين به على قتل المسلمين .. ومشايخنا يطيلون المسابح ، ويبسبسون في الخلوات .. أو يحاربون بنقر الأصابع على الـ ( كي بورد ) ...
روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن المبارك قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة أنه أملى عليه عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس وواعده الخروج للجهاد ، وأنفذها معه إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة قال له فيها :
يا عــابد الحـرمين لو أبصرتنا : لعلمت أنـك في العـبادة تلعـبُ
من كان يخضب خـده بدموعـه : فـنحـورنا بـدمـائـنا تـتخضـبُ
أو كان يتعـب خـيلـه في باطــل : فخيولـنا يـوم الصبيحة تتعبُ
ريـح العبـير لكم ونحن عبـيرنا : رهج السنابك والغبار الأطيبُ
ولـقــد أتـانـا مـن مقـال نبـيـنــا : قـول صحيح صادق لا يكـذبُ
لا يستوي وغبار خيل الليل في : أنـف امرئ ودخان نار تلهبُ
هــذا كــتاب الله يـنطــق بـيـنـنا : لـيس الشهيد بميت ، لا يكذبُ
قال : فلقيت الفضيل بكتابه في المسجد الحرام فلما قرأه ذرفت عيناه فقال : صدق أبو عبد الرحمن ونصحني ثم قال : أنت ممن يكتب الحديث ؟ قلت : نعم قال لي : اكتب هذا الحديث وأملى على الفضيل بن عياض : حدثنا منصور بن المعتمر عن أبي صالح عن أبي هريرة : [ أن رجلا قال : يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله فقال : هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر ، وتصوم فلا تفطر ؟ فقال : يا رسول الله أنا أضعف من أن أستطيع ذلك . ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم فو الذي نفسي بيده لو طُوِّقتَ ذلك ما بلغتَ فضل المجاهدين في سبيل الله ، أما علمت أن فرس المجاهد ليستنُّ في طِوَلِهِ فيُكتَبُ له بذلك حسنات ؟ ]