شكرا تركيا .. نقولها - نحن السوريين - بكل الامتنان والعرفان
بقلم : أبو ياسر السوري
شكرا تركيا ... شكرا تركيا... لوقوفك المشرّف مع الشعب السوري وقفة سيذكرها لك السوريون آمادا طويلة بالامتنان والعرفان ... فتركيا تحتضن اليوم أكثر من 300 ألف سوري، المسجل رسميا منهم في المخيمات 200 ألف . ( ملاحظة : هذه الأرقام قديمة ، ولعلها أصبحت الأرقام مضاعفة الآن ) .
شكرا تركيا  ... فالسوريون لديك ضيوف مهاجرون وليسوا لاجئين .. هكذا قال أردوغان ، حين وصف الشعب التركي بالأنصار ، ووصف السوريين بالإخوة المهاجرين ، والضيوف الكرام .. وهذا يعني أن كل ما تنفقه تركيا على السوريين ، من طعام وشراب ودواء وإيواء فإنما يكون على نفقتها الخاصة ، مما كلف تركيا أكثر من مليار  ونصف المليار  ، منذ بداية الأزمة وحتى الآن .. من دون أن تتلقى تركيا أية مساعدة من منظمات الإغاثة الدولية بهذا الشأن ... فتركيا ترفض تسمية السوريين لديها باللاجئين ، بينما تصرُّ بقية الدول العربية على تسميتهم بذلك ، لتتقاضى بسببهم من المنظمات الدولية والإغاثية مخصصات مالية بالملايين ..
شكرا تركيا ... فقد أبى عليك كرمك الإسلامي أن تقاسمي المهاجرين السوريين بما يصل إليهم من تبرعات عينية أو نقدية ، خلافا لما تقوم به بعض الدول العربية ، التي تستولي على ثلاثة أرباع هذه التبرعات ، وتوزع الباقي على السوريين الذين تسميهم لاجئين .. أوتستولي عليها كلها ولا تعطيهم شيئا منها البتة .شكرا تركيا  ... فقد فتحت ذراعيك لاحتضان السوريين ، وقدمت لهم كل الخدمات مجانا ودون مقابل . فالسوري يجد في تركيا مخيما ممتازاً يأوي إليه ، ويعيش في كنفه آمنا مطمئنا ، مكفي المؤونة من كل متطلبات الحياة . ينام فيه هانئا ، ويأكل طيبا ، ويتلقى العلاج المجاني ، وتجرى له كافة العمليات الجراحية مجانا ، في أحسن مشافي الدولة  .
شكرا تركيا ... فإن شعبك لم يتأفف من هجرة السوريين إليهم ، وإنما استقبلهم أحسن استقبال ، حتى صار السوري محتفى به في تركيا على المستويين الرسمي والشعبي .. لقد سمح للسوريين في تركيا أن يعملوا لدى الأتراك بالأجر اليومي أو الشهري ، وأعفت الحكومة التركية كل مواطن تركي من الضريبة الحكومية ما دام لديه عامل سوري .. بل سمح للسوري أن يفتح عملا باسمه الخاص ، ويعامل كما يعامل التركي تماما دون تفريق ، وقد افتتح السوريون في تركيا كثيرا من المطاعم والمحلات التجارية ودكاكين السمانة والبقاليات ... بينما يتظاهر الأردنيون مطالبين بترحيل السوريين من بينهم ، لأنهم يزاحمونهم في العمالة، ويرضون أن يعملوا بأرخص الأجور ، ولم يراعوا حالة الضرورة التي هم فيها .
شكرا تركيا ...  فالسوري يمنح فيك حق الإقامة ثمان سنوات ، تجدد فترات أخرى تلقائيا ، بدون أن يدفع السوري رسم إقامة ، ولا رسم تجديد . وبدون أن يكون له كفيل يبتزه ويذله ويكلفه ما لا يطيق ، فيعامله كما يعامل الرقيق.. تركيا لا يقبض فيها على المقيم المخالف ولا يغرم بالآلاف ، ولا يحجز في السجن حتى يؤدي ما عليه ، على غرار ما تفعله بعض الدول الخليجية مع السوريين المخالفين .. بل وهناك بعض الدول العربية ، تقبض على السوريين المقيمين لديها ، وترحلهم خارج بلادها ، أو ترسلهم للنظام في دمشق ليصار إلى إعدامهم هناك ...
شكرا تركيا ... فإن رئيس وزرائك أردوغان ، ووزير خارجيتك أحمد داود أوغلو , ورئيسك عبد الله أوجلان كلهم يقوم بزيارات دوريةٍ لمخيمات السوريين في تركيا ، تعبيرا للسوريين عن الترحيب الرسمي بهم ، لأنهم ضيوف هاربون من الموت بطيران الأسد ودباباته وصواريخه ... يقوم كبار المسؤولين الأتراك بهذه الزيارات الكريمة ، في الوقت الذي لم نجد فيه زعيما عربيا واحدا زار السوريين في المخيمات . ولا مرة واحدة .. فهذا يحط من قدر زعمائنا العرب فيما يبدو .
شكرا تركيا ... فقد ناديت مبكرا بضرورة تنحي الأسد عن السلطة ، وتمكين السوريين من إقامة حكم ديمقراطي تتحقق فيه الحرية والكرامة والمساواة ... وقد قام وزير الخارجية التركي بزيارة سوريا مرات ليقدم النصح للأسد ، بالكف عن قمع شعبه ، فلما أغلظ الأسد الرد ، ولم يصغ لصوت الحق ، أعلنت تركيا وقوفها بشدة مع الشعب السوري ، وأبدت استعدادها للوقوف إلى جانبه سلما وحربا ... كما نادت بإسقاط الأسد ، ومحاسبته ومحاسبة عصابته في المحاكم الدولية. بينما لا تزال أكثر الدول العربية معادية للشعب السوري ، تعلن عن وقوفها مع الجلاد ضد الضحية . وبعضها يكذب فيدعي الوقوف مع الشعب ، وهم حتى الآن لا يوافقون على إسقاط سريع للأسد ، ويرون أن يؤمَّن له ولعصابته خروج آمن ، وضمانٌ دولي بإعفائهم من أي ملاحقة أو عقاب في المستقبل .
شكرا تركيا ... فقد آويت الناشطين السوريين من قادة المعارضة ، وأشرفت على حمايتهم ، وسمحت لهم بعمل الاجتماعات وإقامة المؤتمرات لبحث الشأن السوري ، وسمحت لهم بفتح مراكز للمجلس الوطني ، والائتلاف الوطني من بعده ، كما سمحت للسوريين بالتظاهر والتعبير عن مشاعرهم احتجاجا على جرائم الأسد ... بينما لم تسمح بمثل ذلك أي دولة عربية ، سوى مصر أيام مرسي ...
شكرا تركيا ... فعندك وحدك وجدنا الإكرام ، والإنسانية ، والقيم الإسلامية ، والأمان ، والتعاون ... بينما السوري في لبنان ملاحق من عناصر حزب اللات .. فإما يقتل على أيديهم وإما أن يسلم للنظام السوري لإعدامهم بالحال .. وكذلك يفعل العراقيون من عناصر المالكي بالسوريين ، يذلونهم أو يسلمونهم للنظام السوري ... حتى مصر فقد صارت اليوم في عهد السيسي تعامل السوريين أسوأ معاملة في التاريخ ..
فهل يلام السوريون إن شكروا من أحسن إليهم .؟؟ ولماذا يطالبنا الآخرون بالشكر وهم ليسوا أهلا لأي شكر ، وإنما هم أهل للفضيحة وإظهار العار .!؟؟؟؟؟؟؟