حافظ أسد والدولة العلوية (4)
بقلم : أبو ياسر السوري
لو استعرضنا المقال السابق حافظ أسد والدولة العلوية رقم (3)
لهالنا ذلك الخضم الزاخر من الأحداث ، التي نسبت إليه .. وربما أوحت لقارئها " بأن هذا الرجل كان داهية عصره أو رجل حكم من الطراز الأول " ولا أنكر أنه خالطني بعض هذا الشعور في يوم ما .. حتى دفعني في يوم ما ، إلى الخروج عن ضوابط اللياقة والإتيكيت ، وذلك حين لقيت رجلا مسنا ، لا يعرفني ولا أعرفه ، فقدمه إليَّ من يعرفه على أنه أحد مدرسي حافظ الأسد في المرحلة الثانوية .. وقبل أن أرحب به بادرته بالسؤال : أخبرني يا أستاذ هل كان الأسد ذكيا حقا أم ماذا .؟؟ فقال الأستاذ : لما لمع ذكر الأسد ، وقيل أنه تخرج من ثانوية جول جمال باللاذقية في دورة عام كذا .. علمت أنه كان من طلابي . وما كنت أذكر أني أعرف اسمه ، وكان من عادتي أني أحتفظ بسجل الدرجات الخاص بمن درستهم في كل عام ، فرجعت إلى السجل الخاص بتلك الفترة ، فتبين لي أن مستواه الدراسي كان دون الوسط بقليل .. ويبدو أنه لم يكُن من الأذكياء ، ولا من الأغبياء ، ولا هو من المشاغبين جدا ، ولا المهذبين جدا.. ولو كان أحد هؤلاء لبقي اسمه في ذاكرتي ...
وبعيدا عما قاله هذا الأستاذ ، فلو تفرسنا في الملامح الخَلْقِية لحافظ الأسد ، لرأينا أنه برأسٍ أشبه بالكمثرى المقلوبة ، وعينين صغيرتين متهدلتين من طرفيهما الخارجيين إلى أسفل ... وهذه بحسب علم الفراسة صفات مخلوق لئيم حقود حسود غدار ، إذا تسلط على ضعيف لا يرحمه ، وإذا تسلط عليه قوي أعطاه أكثر مما طلب منه ..
وإذا كان علم الفراسة يحكم عليه بهذا ، فمن أين جاءته كل تلك العبقرية، فمكنته من الإطاحة بشركائه في التآمر وهو أصغرهم رتبة ؟ وكيف استطاع التسلل إلى مراكز القوة من دونهم ، وهو أقلهم شأنا .؟
وكيف استطاع التوصل إلى المراكز السيادية في مسيرة حياته كلها .؟ مما جعله يرقى صعدا في سلم المناصب ، حتى وصل إلى انتزاع كرسي الرئاسة ، والجلوس عليه باستفتاء ، وليس بانتخاب ، ليضمن الكرسي لنفسه مائة بالمائة ... وكذلك كان .؟؟؟؟؟
وكيف اهتدى إلى وضع كل الترتيبات الضرورية لتثبيت حكمه .؟ وكيف كان يكتشف كل المحاولات الانقلابية عليه طوال فترة حكمه ويحبطها ، حتى لم تنجح منها أية محاولة ، على مدى ثلاثين عاما .؟ وكيف أقدم الأسد على تدمير حماة فوق رؤوس أهلها ، حتى بلغ عدد ضحاياه الأربعين ألفا ، دون أن يحاسبه المجتمع الدولي على ذلك .؟ وكيف قام بزج آلاف السوريين في السجون ، وقتل الآلاف تحت التعذيب ، وتهجير الملايين من شعبه هربا من قمعه .. ولم يتحدث الإعلام العالمي عن هذه الجرائم البتة ، وكأن شيئا لم يكن .؟؟ وكيف كان يكذب أكبر الأكاذيب ، فيدعي النصر ولم ينتصر ، ويدعي معاداة إسرائيل وأمريكا ، وهو أخلص عميل لهما .؟ خسر الحرب مرتين ، وضاع الجولان في حربه الأولى ، وضاعت ثلاثة أرباع سهل حوران في حربه الثانية ، وأبواق إعلامه تزعم أن الأسد انتصر في حرب 1967لأن العدو كان يريد إسقاط النظام فلم يسقط .!! وأنه انتصر في حرب 1973 لأن العدو أراد كسر الإرادة السورية فلم تنكسر .
الأسد كان غبيا ، وجاهلا ، ونرجسيا ، وفاشلا بكل المعايير .. ولكنَّ قوى خفية كبرى ، وخبرات عالمية عظمى ، كانت تتولى إرشاده إلى الأصوب والأكثر فائدة له في كل حدث طارئ . وكانت هنالك محاولات مستمرة ، لتلميعٍ لصورته داخليا وعربيا وعالميا ..
لقد سيطر الأسد على المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية ، وعلى الإعلام المكتوب والمسموع والمنظور ، ثم انتهى به الأمر إلى وضع دستور يجعل منه حاكما مطلقا ، لا يسأل عما يفعل ، وجميع وزرائه وضباطه وعناصر نظامه يُسْألون . ويعزلون ، أو يسجنون ، وحتى يمكن أن يقتلوا لأتفه الأسباب ، ثم تلفق لهم التهم المناسبة ، وأقلها الخيانة ، والعمالة ، والتآمر على أمن البلاد لصالح إسرائيل .!!!
هذه الوقائع كلها تقول : إنه كان هنالك من يفكر للأسد ويدبر ، ويرسم له ويخطط ، ويحسب ويُقدّر ، ويتصرف في منتهى الحيطة والحذر .. حتى سارت كل مجريات الأمور، في طرقها المرسومة ، من غير خطلٍ ولا خلل .. خدمة لشخص حافظ الأسد .. نعم ، إن هذا كله لم يكن من بنات أفكار حافظ الأسد ، وإنما هو من فعل مستشارين دوليين ، وهيئات متخصصة ، ودول كبرى ، كانت حريصة على إيصاله هو وأسرته إلى ما وصلوا إليه . وكانت هذه القوى الدولية تعمل جاهدة لتثبيت أقدام حكم هذه الأسرة ... فما السر الكامن خلف العقبة .؟؟؟؟؟
سأحكي قصتين ، أرى أن كلاً منهما ، هي بمثابة سن في مفتاح الإجابة عن جميع هذه التساؤلات ...!!!
الأولى : الصحفي البريطاني اليهودي " باترك سل " كان من يهود حلب ، وكان من المتعاطفين مع حافظ الأسد قبل أن يكون الأسد رئيسا لسوريا .. ذكر في كتابه " الأسد . الصراع على الشرق الأوسط " أن عائلة الأسد إيرانية الأصل ، وأن لقبها كان "بيت الوحش" ثم تغير اللقب في عام 1927م فصار "بيت الأسد" . ويقول باترك سل أيضا : إن جدهم سليمان الوحش ، كان قَدِمَ هو وأسرته إلى سوريا منذ ما يقارب المائة عام ، فاختار سكنى قرية في جبال اللاذقية اسمها " القرداحة " وأن بعض أغنياء هذه القرية أعطاه بيتا متواضعاً في طرف القرية ، ليسكن فيه هو وعائلته ، وأن هذه العائلة كانت فقيرة جدا ، تعيش على صدقات أهل القرية .. وكان ابنه عليّ شاباً يحسن القراءة والكتابة .. وهو والد حافظ أسد ، رئيس الجمهورية العربية السورية من سنة 1970م – 2000م
الثانية : في أواسط عام 1965م قام حافظ الأسد بزيارة العاصمة البريطانية ، زيارة استغرقت ثلاثة أشهر . وكان يرافقه فيها الطبيب : " يوسف الصايغ " واللواء ناجي جميل وضباط آخرون .. وكان السبب المعلن عن تلك الزيارة ، أنه ذهب إلى لندن ، بقصد التداوي من ألم في الظهر والرقبة ، ناتج عن حادثة هبوط اضطراري تعرض لها عندما كان طيارا متدربا ...
وقد حدث في هذه الزيارة أمر غريب مريب ، فقد تغيب حافظ عن رفاقه لمدة يومين أو ثلاثة ، ولم يفصح لهم عن سبب هذا التغيب ، ولا عن المكان الذي كان فيه أثناء غيابه عنهم ... وظلت هذه الزيارة مثار جدل كبير بين السوريين .. حتى اعتبرها ميشيل عفلق خيانة حقيقية للحزب ولسوريا ...
أما بعد :
فالحكاية الأولى : تؤكد أن عائلة الوحش هي عائلة غير عربية ، لا نعلم يقينا من أين جاؤوا، ربما أتوا من إيران ، وربما من غير إيران ، وكذلك لا نعلم عن دينهم شيئا ، وكل القرائن ترجح أنهم يهود ، وأنهم قدموا إلى سوريا بمهمة استخباراتية محددة ، انتهت بوصول اثنين من أبنائها إلى حكم سوريا على مدى أربعين عاما .
وقد اختار لهم من أرسلهم أن يسكنوا بين النصيرية ، وأن يقولوا لهم إنهم قدموا إليهم من إيران .. ليكون ذلك أدعى إلى قبولهم عندهم . فالنصيرية يتظاهرون بالتشيع . وبالفعل نفعهم انتماؤهم إلى إيران ، وسهل عليهم اعتناق الدين النصيري ، لقُربِ ما بين الشيعة والنصيرية .. لذلك احتضنهم أهل القرداحة ، وأحسنوا إليهم . ثم صاهروهم ، فزوجوهم وتزوجوا منهم ..
فإن كان بيت الوحش من إيران فهم من يهود أصفهان ، الذين سيأتي منهم مع الدجال ستون ألفا لقتال المسلمين في آخر الزمن ..
أما الحكاية الثانية : أعني زيارة حافظ الأسد للعاصمة البريطانية ، واختفاؤه عمن كان معه لعدة أيام .. فمن يتتبع هذه الواقعة ، سيعلم أن الأسد عند اختفائه كان في إسرائيل ، وأنه تلقى من تل أبيب وعوداً بأن يكون رئيسا لسوريا بعد سنوات قليلة جدا . بدليل أن حافظ الأسد قد أرسل طبيبه الشخصي الدكتور يوسف الصايغ إلى إسرائيل أكثر من مرة ، للتنسيق بين الأسد وضباط الموساد الإسرائيلي . حتى اكتشفت المخابرات الروسية إحدى زيارات الدكتور الصايغ لتل أبيب ، وأعلمت بذلك الأسد ، فأمر بقتل الصايغ بتهمة الخيانة العظمى في الظاهر ، ولدفن سره معه في الحقيقة .. والمضحك أنه قتله ثم اتهم به الإخوان المسلمين .. ليخوف النصارى من أهل السنة . كعادته وعادة ابنه ، في أنهم يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ...
لهذا كله يا سادة اهتمت إسرائيل بآل الأسد ، فهم منهم وإليهم .. ولهذا أمنت لهم الدعم العالمي . ورفعت للمجتمع الدولي ( فيتو ) بعدم دعم الثورة السورية ، وبالعمل على إبقاء الأسد رئيسا لسوريا إلى الأبد ...
بقلم : أبو ياسر السوري
لو استعرضنا المقال السابق حافظ أسد والدولة العلوية رقم (3)
لهالنا ذلك الخضم الزاخر من الأحداث ، التي نسبت إليه .. وربما أوحت لقارئها " بأن هذا الرجل كان داهية عصره أو رجل حكم من الطراز الأول " ولا أنكر أنه خالطني بعض هذا الشعور في يوم ما .. حتى دفعني في يوم ما ، إلى الخروج عن ضوابط اللياقة والإتيكيت ، وذلك حين لقيت رجلا مسنا ، لا يعرفني ولا أعرفه ، فقدمه إليَّ من يعرفه على أنه أحد مدرسي حافظ الأسد في المرحلة الثانوية .. وقبل أن أرحب به بادرته بالسؤال : أخبرني يا أستاذ هل كان الأسد ذكيا حقا أم ماذا .؟؟ فقال الأستاذ : لما لمع ذكر الأسد ، وقيل أنه تخرج من ثانوية جول جمال باللاذقية في دورة عام كذا .. علمت أنه كان من طلابي . وما كنت أذكر أني أعرف اسمه ، وكان من عادتي أني أحتفظ بسجل الدرجات الخاص بمن درستهم في كل عام ، فرجعت إلى السجل الخاص بتلك الفترة ، فتبين لي أن مستواه الدراسي كان دون الوسط بقليل .. ويبدو أنه لم يكُن من الأذكياء ، ولا من الأغبياء ، ولا هو من المشاغبين جدا ، ولا المهذبين جدا.. ولو كان أحد هؤلاء لبقي اسمه في ذاكرتي ...
وبعيدا عما قاله هذا الأستاذ ، فلو تفرسنا في الملامح الخَلْقِية لحافظ الأسد ، لرأينا أنه برأسٍ أشبه بالكمثرى المقلوبة ، وعينين صغيرتين متهدلتين من طرفيهما الخارجيين إلى أسفل ... وهذه بحسب علم الفراسة صفات مخلوق لئيم حقود حسود غدار ، إذا تسلط على ضعيف لا يرحمه ، وإذا تسلط عليه قوي أعطاه أكثر مما طلب منه ..
وإذا كان علم الفراسة يحكم عليه بهذا ، فمن أين جاءته كل تلك العبقرية، فمكنته من الإطاحة بشركائه في التآمر وهو أصغرهم رتبة ؟ وكيف استطاع التسلل إلى مراكز القوة من دونهم ، وهو أقلهم شأنا .؟
وكيف استطاع التوصل إلى المراكز السيادية في مسيرة حياته كلها .؟ مما جعله يرقى صعدا في سلم المناصب ، حتى وصل إلى انتزاع كرسي الرئاسة ، والجلوس عليه باستفتاء ، وليس بانتخاب ، ليضمن الكرسي لنفسه مائة بالمائة ... وكذلك كان .؟؟؟؟؟
وكيف اهتدى إلى وضع كل الترتيبات الضرورية لتثبيت حكمه .؟ وكيف كان يكتشف كل المحاولات الانقلابية عليه طوال فترة حكمه ويحبطها ، حتى لم تنجح منها أية محاولة ، على مدى ثلاثين عاما .؟ وكيف أقدم الأسد على تدمير حماة فوق رؤوس أهلها ، حتى بلغ عدد ضحاياه الأربعين ألفا ، دون أن يحاسبه المجتمع الدولي على ذلك .؟ وكيف قام بزج آلاف السوريين في السجون ، وقتل الآلاف تحت التعذيب ، وتهجير الملايين من شعبه هربا من قمعه .. ولم يتحدث الإعلام العالمي عن هذه الجرائم البتة ، وكأن شيئا لم يكن .؟؟ وكيف كان يكذب أكبر الأكاذيب ، فيدعي النصر ولم ينتصر ، ويدعي معاداة إسرائيل وأمريكا ، وهو أخلص عميل لهما .؟ خسر الحرب مرتين ، وضاع الجولان في حربه الأولى ، وضاعت ثلاثة أرباع سهل حوران في حربه الثانية ، وأبواق إعلامه تزعم أن الأسد انتصر في حرب 1967لأن العدو كان يريد إسقاط النظام فلم يسقط .!! وأنه انتصر في حرب 1973 لأن العدو أراد كسر الإرادة السورية فلم تنكسر .
الأسد كان غبيا ، وجاهلا ، ونرجسيا ، وفاشلا بكل المعايير .. ولكنَّ قوى خفية كبرى ، وخبرات عالمية عظمى ، كانت تتولى إرشاده إلى الأصوب والأكثر فائدة له في كل حدث طارئ . وكانت هنالك محاولات مستمرة ، لتلميعٍ لصورته داخليا وعربيا وعالميا ..
لقد سيطر الأسد على المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية ، وعلى الإعلام المكتوب والمسموع والمنظور ، ثم انتهى به الأمر إلى وضع دستور يجعل منه حاكما مطلقا ، لا يسأل عما يفعل ، وجميع وزرائه وضباطه وعناصر نظامه يُسْألون . ويعزلون ، أو يسجنون ، وحتى يمكن أن يقتلوا لأتفه الأسباب ، ثم تلفق لهم التهم المناسبة ، وأقلها الخيانة ، والعمالة ، والتآمر على أمن البلاد لصالح إسرائيل .!!!
هذه الوقائع كلها تقول : إنه كان هنالك من يفكر للأسد ويدبر ، ويرسم له ويخطط ، ويحسب ويُقدّر ، ويتصرف في منتهى الحيطة والحذر .. حتى سارت كل مجريات الأمور، في طرقها المرسومة ، من غير خطلٍ ولا خلل .. خدمة لشخص حافظ الأسد .. نعم ، إن هذا كله لم يكن من بنات أفكار حافظ الأسد ، وإنما هو من فعل مستشارين دوليين ، وهيئات متخصصة ، ودول كبرى ، كانت حريصة على إيصاله هو وأسرته إلى ما وصلوا إليه . وكانت هذه القوى الدولية تعمل جاهدة لتثبيت أقدام حكم هذه الأسرة ... فما السر الكامن خلف العقبة .؟؟؟؟؟
سأحكي قصتين ، أرى أن كلاً منهما ، هي بمثابة سن في مفتاح الإجابة عن جميع هذه التساؤلات ...!!!
الأولى : الصحفي البريطاني اليهودي " باترك سل " كان من يهود حلب ، وكان من المتعاطفين مع حافظ الأسد قبل أن يكون الأسد رئيسا لسوريا .. ذكر في كتابه " الأسد . الصراع على الشرق الأوسط " أن عائلة الأسد إيرانية الأصل ، وأن لقبها كان "بيت الوحش" ثم تغير اللقب في عام 1927م فصار "بيت الأسد" . ويقول باترك سل أيضا : إن جدهم سليمان الوحش ، كان قَدِمَ هو وأسرته إلى سوريا منذ ما يقارب المائة عام ، فاختار سكنى قرية في جبال اللاذقية اسمها " القرداحة " وأن بعض أغنياء هذه القرية أعطاه بيتا متواضعاً في طرف القرية ، ليسكن فيه هو وعائلته ، وأن هذه العائلة كانت فقيرة جدا ، تعيش على صدقات أهل القرية .. وكان ابنه عليّ شاباً يحسن القراءة والكتابة .. وهو والد حافظ أسد ، رئيس الجمهورية العربية السورية من سنة 1970م – 2000م
الثانية : في أواسط عام 1965م قام حافظ الأسد بزيارة العاصمة البريطانية ، زيارة استغرقت ثلاثة أشهر . وكان يرافقه فيها الطبيب : " يوسف الصايغ " واللواء ناجي جميل وضباط آخرون .. وكان السبب المعلن عن تلك الزيارة ، أنه ذهب إلى لندن ، بقصد التداوي من ألم في الظهر والرقبة ، ناتج عن حادثة هبوط اضطراري تعرض لها عندما كان طيارا متدربا ...
وقد حدث في هذه الزيارة أمر غريب مريب ، فقد تغيب حافظ عن رفاقه لمدة يومين أو ثلاثة ، ولم يفصح لهم عن سبب هذا التغيب ، ولا عن المكان الذي كان فيه أثناء غيابه عنهم ... وظلت هذه الزيارة مثار جدل كبير بين السوريين .. حتى اعتبرها ميشيل عفلق خيانة حقيقية للحزب ولسوريا ...
أما بعد :
فالحكاية الأولى : تؤكد أن عائلة الوحش هي عائلة غير عربية ، لا نعلم يقينا من أين جاؤوا، ربما أتوا من إيران ، وربما من غير إيران ، وكذلك لا نعلم عن دينهم شيئا ، وكل القرائن ترجح أنهم يهود ، وأنهم قدموا إلى سوريا بمهمة استخباراتية محددة ، انتهت بوصول اثنين من أبنائها إلى حكم سوريا على مدى أربعين عاما .
وقد اختار لهم من أرسلهم أن يسكنوا بين النصيرية ، وأن يقولوا لهم إنهم قدموا إليهم من إيران .. ليكون ذلك أدعى إلى قبولهم عندهم . فالنصيرية يتظاهرون بالتشيع . وبالفعل نفعهم انتماؤهم إلى إيران ، وسهل عليهم اعتناق الدين النصيري ، لقُربِ ما بين الشيعة والنصيرية .. لذلك احتضنهم أهل القرداحة ، وأحسنوا إليهم . ثم صاهروهم ، فزوجوهم وتزوجوا منهم ..
فإن كان بيت الوحش من إيران فهم من يهود أصفهان ، الذين سيأتي منهم مع الدجال ستون ألفا لقتال المسلمين في آخر الزمن ..
أما الحكاية الثانية : أعني زيارة حافظ الأسد للعاصمة البريطانية ، واختفاؤه عمن كان معه لعدة أيام .. فمن يتتبع هذه الواقعة ، سيعلم أن الأسد عند اختفائه كان في إسرائيل ، وأنه تلقى من تل أبيب وعوداً بأن يكون رئيسا لسوريا بعد سنوات قليلة جدا . بدليل أن حافظ الأسد قد أرسل طبيبه الشخصي الدكتور يوسف الصايغ إلى إسرائيل أكثر من مرة ، للتنسيق بين الأسد وضباط الموساد الإسرائيلي . حتى اكتشفت المخابرات الروسية إحدى زيارات الدكتور الصايغ لتل أبيب ، وأعلمت بذلك الأسد ، فأمر بقتل الصايغ بتهمة الخيانة العظمى في الظاهر ، ولدفن سره معه في الحقيقة .. والمضحك أنه قتله ثم اتهم به الإخوان المسلمين .. ليخوف النصارى من أهل السنة . كعادته وعادة ابنه ، في أنهم يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ...
لهذا كله يا سادة اهتمت إسرائيل بآل الأسد ، فهم منهم وإليهم .. ولهذا أمنت لهم الدعم العالمي . ورفعت للمجتمع الدولي ( فيتو ) بعدم دعم الثورة السورية ، وبالعمل على إبقاء الأسد رئيسا لسوريا إلى الأبد ...