حافظ أسد والدولة العلوية (2)
بقلم : أبو ياسر السوري
نظرية المؤامرة :
يتفاصح بعض الكتاب ويستهجن نظرية المؤامرة ، مع أن القرآن الكريم أشار إليها في كل آية تحدثت عن المكر وتكفل الله تعالى بإبطاله ، كما بين القرآن أن المؤامرة أحد أساليب الكافرين والمجرمين على مدار التاريخ . قال تعالى [ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* ] .
فنظرية المؤامرة موجودة على مدار التاريخ .. لقد تآمر عبد الله بن سبأ اليهودي على دولة الإسلام الناشئة ، حتى تمكن من إذكاء نار الفتنة ، التي أودت بحياة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأوقعت بين علي ومعاوية ، ثم أدت إلى انقسام المسلمين ، سنةً وشيعةً واستمر نزاعهم جراءها ، أربعة عشر قرنا وحتى الآن .
وتآمرت الدول الغربية على إسقاط الخلافة الإسلامية ، وحاولوا ذلك في أكثر من مائة وعشرين محاولة كبرى ، كان منها حملة نابليون بونابرت ، ثم سقطت الخلافة أخيرا ، على يد التركي اليهودي ( كمال أتاتورك ) الذي أطاح بالسلطان عبد الحميد . وهدم الخلافة .
وتآمر اليهود لاحتلال فلسطين ، وعملوا المستحيل ، حتى احتلوها ، وطردوا أهلها ، وحلوا فيها مكان أهلها من عرب فلسطين ، واقاموا دولة إسرائيل ، لتكون شوكة في خاصرة الأمة العربية ، وعنصر تهديد لكل أبناء المنطقة في الحاضر والمستقبل .
ومن غريب الموافقات أن التآمر على المسلمين منذ نشأته ، كانت عناصره ثلاثية التكوين ، وكان المتآمرون يهوديا ونصارى ومجوس ، فعناصر المؤامرة الأولى التي أودت بحياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجوسيان ومسيحي ، وهم : المجوسيان : الهرمزان ، وأبو لؤلؤة .. والمسيحي جفينة .. وصاحب الفتنة التي ذهبت بعثمان كان يهوديا ، وهو عبد الله بن سبأ ، وكان من يهود اليمن ، فتظاهر بالإسلام ليفسد في الأمة من داخلها ... وقد فعل ..
الدولة اليهودية وأخواتها :
قامت دولة إسرائيل نتيجة سلسلة من المؤامرات ، وكان القصد من قيامها ، أن يكفر الغربيون عما فعله هتلر باليهود من ناحية ، ولكي يتخلصوا من العنصر اليهودي من ناحية ثانية ، فقد كان اليهود كثيرا ما يثيرون المشاكل والمتاعب حيثما حلوا ، وأينما اقاموا ...
وبعد إسقاط الخلافة ، وتقسيم الوطن العربي بناء على مؤامرة سايكس بيكو .. صدر وعد سام من رئيس الوزراء البريطاني بلفور بمنح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين ... ومرت أحداث .. وأحداث أدت في النهاية إلى قيام دولة إسرائيل ، حتى صارت الآن دولة عظمى ... وهي الدولة الوحيدة في العالم ، التي سمح لها أن تقوم على خلفية دينية .. وأن تتسمى باسم يهودي .. وأن يتعاطف معها الشرق والغرب ، لأنها تتباكى بأكاذيب المظلومية ، التي تدعي أنها تعاني منها منذ آلاف السنين ... ولديها جيش يهاجم كل جيرانه ، ويعربد في منطقة الشرق الأوسط كلها ، ومع ذلك أطلقوا عليه اسم ( جيش الدفاع الإسرائيلي ) تكريسا لفكرة المظلومية اليهودية ... ولهذا أيضا تسمي إسرائيل وزير جيشها ( بوزير الدفاع ) بينما كانت أغلب الدول العربية تسميه وزير الحربية ، تماهيا مع المنفخة والعنتريات العربية ...
لقد وفى بلفور بوعده لليهود ، وقامت دولة إسرائيل ، وأراد الغرب أن يضمن مهادنة دول الطوق ( مصر والأردن وسوريا ) لهذه الدولة اليهودية الناشئة بينهم . وكان حاكم مصر ألباني الأصل وهو الملك فاروق .. وكان ملك الأردن الشريف عبد الله بن الشريف حسين .. وكلاهما موالٍ لبريطانيا ، لا يخالف لها رغبة ، ولا يتصرف إلا وفق هواها .. ولا يُخشَى جانبهما على إسرائيل ..
فرنسا والدويلة العلوية :
وبقيت سوريا خارج السرب ، لأنها كانت ثائرة على فرنسا ، وما زالت تقاومها حتى طردتها ، ونالت استقلالها .. ففكرت فرنسا بمعاقبة السوريين .. وقبل مغادرتها سوريا ، ضمنت للعلويين إقامة دويلة صغيرة في الساحل السوري ، على غرار دولة إسرائيل في فلسطين ، ولكنها لم تستمر طويلا ، فرجع العلويون إلى الحضن السوري ، وألغوا دويلتهم ، التي لم يكن لديها مقومات الدولة ، ولم يكن الغرب على استعداد لأن ينفق عليها وعلى دولة إسرائيل بآن واحد .. فوعدت فرنسا النصيريين بأن ترتب لهم الأوضاع لاحقاً ، حتى تمكنهم فيما بعد من حكم سوريا كلها .. وهذا الوعد الفرنسي كان أشبه بوعد بلفور بإقامة دولة إسرائيل ... فماذا فعلت فرنسا لهذا الغرض ؟ الذي نعلمه يقينا أن فرنسا قبل مغادرتها سوريا قامت بثلاثة أمور :
1 – قامت بتشكيل ما يسمى بـ ( جيش الشرق ) في سوريا ، وحرصت على أن يكون غالبية منسوبيه من الأقليات ( علوي – درزي – مسيحي - كردي ) وغير بعيد أن تكون فرنسا قد أسرَّتْ بخطتها إلى كبار مشايخ العلوية ، وأوصتهم أن يوجهوا أبناءهم للانتساب إلى الجيش ، الذي سيحكمون سوريا من خلاله ... وهذا ما كان بالفعل ، حتى صار أغلب المطوعين في الجيش السوري من هذه الأقليات ، خاصة الطائفة العلوية ...
2 - كما قامت فرنسا بإقناع المسيحي ميشيل عفلق ، والعلماني صلاح البيطار بتشكيل ( حزب البعث العلماني ) الذي رفع شعارات العروبة والوطنية ، وحارب تعاليم الإسلام . فكان هذا الحزب أيضا ضمن خطة صنع الدويلة النصيرية .. فقد انخرط فيه كل الشباب النصيري ، حتى وصلوا فيه إلى مصاف القادة من الدرجة الثانية ..
3 – نصحت فرنسا النصيريين أن يغيروا اسمهم ليكون ( العلويين ) بدلا من ( النصيريين ) تمهيدا لتمكينهم من حكم سوريا في المستقبل القريب . لأن فرنسا كانت تعلم أن السوريين لا يقبلون بأن يحكمهم كافر ، فقد حاربها السوريون 25 عاما حتى طردوها ، ولم يرضوا بحكم الفرنسيين لكونهم مخالفين لهم في الدين .
العلويون والوحدة العربية :
لم يمض على خروج فرنسا شهور ، حتى بدأت مرحلة الانقلابات في سوريا . وتوالت الحكومات المتعاقبة ، فما تكاد تتشكل حكومة ، حتى يطاح بها بانقلاب عسكري ، وكان العقيد النصيري غسان جديد هو الذي يدخل دمشق بالدبابات ، ويحاصر الإذاعة ، والقصر الجمهوري ، ليسمع السوريون بعد قليل ( بلاغ رقم واحد ) .. قامت قواتنا المسلحة الباسلة بانقلاب ... الى آخر البيان ، وما فيه من كذب وتدجيل ...
وبقي الحال هذا المنوال إلى أن أجمعت كلمة البعثيين السوريين ، وانطلاقا من مبادئهم الحزبية النظرية ، على إقامة وحدة اندماجية ما بين مصر وسوريا .. وتم حل ( حزب البعث ) بناء على طلب عبد الناصر .. فشَرِق العلويون بالوحدة ، وبدؤوا يخططون للإطاحة بها ، وقبر مشروعها وإلى الأبد .. ولا يستبعد أن يقوم النصيريون بمحاربة الوحدة ، فالوحدة حطمت حلمهم بحكم سوريا ، الذي باتوا منه قاب قوسين أو أدنى ... فالجيش وقد أصبحوا أغلبية فاعلة فيه .. وحزب البعث وصار حكرا عليهم ، وأمسكوا به من الباب إلى المحراب .. فما هذه الوحدة التي هدمت على رأسهم كل ما بنوه ، وخططوا له في الخفاء .؟ يجب أن تغور في ستين داهية . ويكفي أن يستعاض عنها بالشعارات الفارغة من المضامين ..
الدول الكبرى وحكم العلويين لسوريا :
لاحظت الدول الغربية ، أن العلويين قد أثبتوا جدارة وحسن تصرف ، ونجحوا في تنفيذ ما أشارت به فرنسا عليهم ، فقد أصبحوا أكثرية في الجيش السوري ، كما أصبحوا أكثرية في حزب البعث .. وصاروا مرشحين بالفعل لأن يكونوا حكام سوريا كلها ، فيكونوا بذلك رديفا للكيان اليهودي ، وهم مستعدون لأن يكونوا خدما مطيعين لإرادة الدول الكبرى ، ومنفذين لسياساتها الاستعمارية في المنطقة العربية ، وفق ما تشتهي وتريد .. لهذا كان الغرب عونا للعلويين على فرط عقد الوحدة بين مصر وسوريا ، فأشارت عليهم فرنسا بإنشاء اللجنة العسكرية السرية ، التي تحدثنا عنها في مقالنا السابق ، ولاحظنا أن عناصرها كلهم من أبناء الأقليات الطائفية الباطنية ... وما إن تشكلت هذه اللجنة حتى بدأت هذه في تآمرها ، وتخطيطها ، لضرب الوحدة ، وإعادة الحزب ، والسعي حثيثا لبلوغ هدفها في أن يكون حكم سوريا كلها في أيدي أبناء الأقليات ، لتحكم من قِبَلِهِمْ حكما طائفيا استبداديا ، يظل في أيديهم إلى ما شاء الله من عقود ، أو قرون إن استطاعوا ...
فماذا حققت هذه اللجنة المتآمرة فيما بعد لأنباء الأقليات؟ وكيف آل الحكم إلى العلويين دون بقية الطوائف المتآمرة معها؟
هذا ما سنعرفه في المقال الثالث ، إن شاء الله .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الخميس أكتوبر 03, 2013 7:13 pm عدل 1 مرات
بقلم : أبو ياسر السوري
نظرية المؤامرة :
يتفاصح بعض الكتاب ويستهجن نظرية المؤامرة ، مع أن القرآن الكريم أشار إليها في كل آية تحدثت عن المكر وتكفل الله تعالى بإبطاله ، كما بين القرآن أن المؤامرة أحد أساليب الكافرين والمجرمين على مدار التاريخ . قال تعالى [ وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* ] .
فنظرية المؤامرة موجودة على مدار التاريخ .. لقد تآمر عبد الله بن سبأ اليهودي على دولة الإسلام الناشئة ، حتى تمكن من إذكاء نار الفتنة ، التي أودت بحياة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأوقعت بين علي ومعاوية ، ثم أدت إلى انقسام المسلمين ، سنةً وشيعةً واستمر نزاعهم جراءها ، أربعة عشر قرنا وحتى الآن .
وتآمرت الدول الغربية على إسقاط الخلافة الإسلامية ، وحاولوا ذلك في أكثر من مائة وعشرين محاولة كبرى ، كان منها حملة نابليون بونابرت ، ثم سقطت الخلافة أخيرا ، على يد التركي اليهودي ( كمال أتاتورك ) الذي أطاح بالسلطان عبد الحميد . وهدم الخلافة .
وتآمر اليهود لاحتلال فلسطين ، وعملوا المستحيل ، حتى احتلوها ، وطردوا أهلها ، وحلوا فيها مكان أهلها من عرب فلسطين ، واقاموا دولة إسرائيل ، لتكون شوكة في خاصرة الأمة العربية ، وعنصر تهديد لكل أبناء المنطقة في الحاضر والمستقبل .
ومن غريب الموافقات أن التآمر على المسلمين منذ نشأته ، كانت عناصره ثلاثية التكوين ، وكان المتآمرون يهوديا ونصارى ومجوس ، فعناصر المؤامرة الأولى التي أودت بحياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مجوسيان ومسيحي ، وهم : المجوسيان : الهرمزان ، وأبو لؤلؤة .. والمسيحي جفينة .. وصاحب الفتنة التي ذهبت بعثمان كان يهوديا ، وهو عبد الله بن سبأ ، وكان من يهود اليمن ، فتظاهر بالإسلام ليفسد في الأمة من داخلها ... وقد فعل ..
الدولة اليهودية وأخواتها :
قامت دولة إسرائيل نتيجة سلسلة من المؤامرات ، وكان القصد من قيامها ، أن يكفر الغربيون عما فعله هتلر باليهود من ناحية ، ولكي يتخلصوا من العنصر اليهودي من ناحية ثانية ، فقد كان اليهود كثيرا ما يثيرون المشاكل والمتاعب حيثما حلوا ، وأينما اقاموا ...
وبعد إسقاط الخلافة ، وتقسيم الوطن العربي بناء على مؤامرة سايكس بيكو .. صدر وعد سام من رئيس الوزراء البريطاني بلفور بمنح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين ... ومرت أحداث .. وأحداث أدت في النهاية إلى قيام دولة إسرائيل ، حتى صارت الآن دولة عظمى ... وهي الدولة الوحيدة في العالم ، التي سمح لها أن تقوم على خلفية دينية .. وأن تتسمى باسم يهودي .. وأن يتعاطف معها الشرق والغرب ، لأنها تتباكى بأكاذيب المظلومية ، التي تدعي أنها تعاني منها منذ آلاف السنين ... ولديها جيش يهاجم كل جيرانه ، ويعربد في منطقة الشرق الأوسط كلها ، ومع ذلك أطلقوا عليه اسم ( جيش الدفاع الإسرائيلي ) تكريسا لفكرة المظلومية اليهودية ... ولهذا أيضا تسمي إسرائيل وزير جيشها ( بوزير الدفاع ) بينما كانت أغلب الدول العربية تسميه وزير الحربية ، تماهيا مع المنفخة والعنتريات العربية ...
لقد وفى بلفور بوعده لليهود ، وقامت دولة إسرائيل ، وأراد الغرب أن يضمن مهادنة دول الطوق ( مصر والأردن وسوريا ) لهذه الدولة اليهودية الناشئة بينهم . وكان حاكم مصر ألباني الأصل وهو الملك فاروق .. وكان ملك الأردن الشريف عبد الله بن الشريف حسين .. وكلاهما موالٍ لبريطانيا ، لا يخالف لها رغبة ، ولا يتصرف إلا وفق هواها .. ولا يُخشَى جانبهما على إسرائيل ..
فرنسا والدويلة العلوية :
وبقيت سوريا خارج السرب ، لأنها كانت ثائرة على فرنسا ، وما زالت تقاومها حتى طردتها ، ونالت استقلالها .. ففكرت فرنسا بمعاقبة السوريين .. وقبل مغادرتها سوريا ، ضمنت للعلويين إقامة دويلة صغيرة في الساحل السوري ، على غرار دولة إسرائيل في فلسطين ، ولكنها لم تستمر طويلا ، فرجع العلويون إلى الحضن السوري ، وألغوا دويلتهم ، التي لم يكن لديها مقومات الدولة ، ولم يكن الغرب على استعداد لأن ينفق عليها وعلى دولة إسرائيل بآن واحد .. فوعدت فرنسا النصيريين بأن ترتب لهم الأوضاع لاحقاً ، حتى تمكنهم فيما بعد من حكم سوريا كلها .. وهذا الوعد الفرنسي كان أشبه بوعد بلفور بإقامة دولة إسرائيل ... فماذا فعلت فرنسا لهذا الغرض ؟ الذي نعلمه يقينا أن فرنسا قبل مغادرتها سوريا قامت بثلاثة أمور :
1 – قامت بتشكيل ما يسمى بـ ( جيش الشرق ) في سوريا ، وحرصت على أن يكون غالبية منسوبيه من الأقليات ( علوي – درزي – مسيحي - كردي ) وغير بعيد أن تكون فرنسا قد أسرَّتْ بخطتها إلى كبار مشايخ العلوية ، وأوصتهم أن يوجهوا أبناءهم للانتساب إلى الجيش ، الذي سيحكمون سوريا من خلاله ... وهذا ما كان بالفعل ، حتى صار أغلب المطوعين في الجيش السوري من هذه الأقليات ، خاصة الطائفة العلوية ...
2 - كما قامت فرنسا بإقناع المسيحي ميشيل عفلق ، والعلماني صلاح البيطار بتشكيل ( حزب البعث العلماني ) الذي رفع شعارات العروبة والوطنية ، وحارب تعاليم الإسلام . فكان هذا الحزب أيضا ضمن خطة صنع الدويلة النصيرية .. فقد انخرط فيه كل الشباب النصيري ، حتى وصلوا فيه إلى مصاف القادة من الدرجة الثانية ..
3 – نصحت فرنسا النصيريين أن يغيروا اسمهم ليكون ( العلويين ) بدلا من ( النصيريين ) تمهيدا لتمكينهم من حكم سوريا في المستقبل القريب . لأن فرنسا كانت تعلم أن السوريين لا يقبلون بأن يحكمهم كافر ، فقد حاربها السوريون 25 عاما حتى طردوها ، ولم يرضوا بحكم الفرنسيين لكونهم مخالفين لهم في الدين .
العلويون والوحدة العربية :
لم يمض على خروج فرنسا شهور ، حتى بدأت مرحلة الانقلابات في سوريا . وتوالت الحكومات المتعاقبة ، فما تكاد تتشكل حكومة ، حتى يطاح بها بانقلاب عسكري ، وكان العقيد النصيري غسان جديد هو الذي يدخل دمشق بالدبابات ، ويحاصر الإذاعة ، والقصر الجمهوري ، ليسمع السوريون بعد قليل ( بلاغ رقم واحد ) .. قامت قواتنا المسلحة الباسلة بانقلاب ... الى آخر البيان ، وما فيه من كذب وتدجيل ...
وبقي الحال هذا المنوال إلى أن أجمعت كلمة البعثيين السوريين ، وانطلاقا من مبادئهم الحزبية النظرية ، على إقامة وحدة اندماجية ما بين مصر وسوريا .. وتم حل ( حزب البعث ) بناء على طلب عبد الناصر .. فشَرِق العلويون بالوحدة ، وبدؤوا يخططون للإطاحة بها ، وقبر مشروعها وإلى الأبد .. ولا يستبعد أن يقوم النصيريون بمحاربة الوحدة ، فالوحدة حطمت حلمهم بحكم سوريا ، الذي باتوا منه قاب قوسين أو أدنى ... فالجيش وقد أصبحوا أغلبية فاعلة فيه .. وحزب البعث وصار حكرا عليهم ، وأمسكوا به من الباب إلى المحراب .. فما هذه الوحدة التي هدمت على رأسهم كل ما بنوه ، وخططوا له في الخفاء .؟ يجب أن تغور في ستين داهية . ويكفي أن يستعاض عنها بالشعارات الفارغة من المضامين ..
الدول الكبرى وحكم العلويين لسوريا :
لاحظت الدول الغربية ، أن العلويين قد أثبتوا جدارة وحسن تصرف ، ونجحوا في تنفيذ ما أشارت به فرنسا عليهم ، فقد أصبحوا أكثرية في الجيش السوري ، كما أصبحوا أكثرية في حزب البعث .. وصاروا مرشحين بالفعل لأن يكونوا حكام سوريا كلها ، فيكونوا بذلك رديفا للكيان اليهودي ، وهم مستعدون لأن يكونوا خدما مطيعين لإرادة الدول الكبرى ، ومنفذين لسياساتها الاستعمارية في المنطقة العربية ، وفق ما تشتهي وتريد .. لهذا كان الغرب عونا للعلويين على فرط عقد الوحدة بين مصر وسوريا ، فأشارت عليهم فرنسا بإنشاء اللجنة العسكرية السرية ، التي تحدثنا عنها في مقالنا السابق ، ولاحظنا أن عناصرها كلهم من أبناء الأقليات الطائفية الباطنية ... وما إن تشكلت هذه اللجنة حتى بدأت هذه في تآمرها ، وتخطيطها ، لضرب الوحدة ، وإعادة الحزب ، والسعي حثيثا لبلوغ هدفها في أن يكون حكم سوريا كلها في أيدي أبناء الأقليات ، لتحكم من قِبَلِهِمْ حكما طائفيا استبداديا ، يظل في أيديهم إلى ما شاء الله من عقود ، أو قرون إن استطاعوا ...
فماذا حققت هذه اللجنة المتآمرة فيما بعد لأنباء الأقليات؟ وكيف آل الحكم إلى العلويين دون بقية الطوائف المتآمرة معها؟
هذا ما سنعرفه في المقال الثالث ، إن شاء الله .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الخميس أكتوبر 03, 2013 7:13 pm عدل 1 مرات