جريدة_رجال_العاصمة #العدد_العشرون #دمشق #حي_القدم #كي_لا_ننسى الشهيد نور حاتم زهرة كانوا يطلقون عليه لقب “الرجل البخاخ” بسبب رسوماته وكتاباته التي كان ينشرها على الجدران في جميع أنحاء العاصمة السورية دمشق. ولكن" نور حاتم زهرة" ذا الأعوام الثلاثة والعشرين، من مواليد عام 1989، من منطقة كفرسوسة بدمشق؛ كان ناشطاً كغيره من الناشطين. بدأ نور بالمشاركة في المظاهرات في ربيع عام 2011 العام الذي أطل فيه الربيع العربي على العالم فتزينت له الشعوب احتفالاً بقدومه وتهيأت لاستقباله بأحلى طلّة شعبية عربية شهدها العصر الحديث، حينئذ، كانت المعارضة السورية وثوار الشعب يعتقدون أن الأمر سيستغرق بضعة أشهر فقط للتخلص من الوريث غير الشرعي للبلاد بشار الأسد، كما حدث في تونس ومصر. ثم بدأت القوات السورية بقتل المحتجين واحتجازهم وتعذيبهم، وبدأ الناس يدافعون عن أنفسهم. ومع ذلك، ظل" نور حاتم زهرة" وأصدقاؤه ينظمون الاحتجاجات، ويخبئون النشطاء عن قوى الأمن الداخلي، وينقلون الإمدادات الطبية إلى المصابين الذين يرفضون الذهاب إلى المشافي الحكومية خشية أن يتعرضوا فيها للتعذيب والاعتقال أو القتل. وفي أواخر ذلك العام الذي سمي بعام الثورات العربية، أُلقي القبض على زهرة، إذ اعترف باسمه أحد أصدقائه تحت وطأة التعذيب، وقد صفح نور عنه لاحقاً. ظل نور معتقلاً في السرية 215 من فرع الأمن العسكري، مدة( 56 ) ستةٍ وخمسين يوماً تعرض خلالها للكثير من التعذيب، لكنه بمجرد خروجه، عاد إلى نشاطه من جديد. أتعب البطل الأمن والشبيحة بكتابات الثورة والحرية، فقد كان يبخ هو وأصدقاؤه على جدران ضواحي دمشق، وكفر سوسة بخاصة، كما أعلن زهرة وأصدقاؤه، في مرحلة لاحقة، عن انطلاق حملة “أسبوع غرافيتي الحرية” وصفحة الفيسبوك الداعمة للحملة؛ وتعتبر نشاطاتهم مزيجاً من العصيان المدني والتعبير السلمي. بعد أكثر من عام من الركض شبه المتواصل في شوارع حي كفر سوسة، وما جاوره من أحياء العاصمة السورية دمشق، لا يتخلله سوى الوقوف للحظات سريعة لكتابة العبارات المناهضة لحكم فاقد الشرعية، أو الشعارات المحفزة للثورة ضد نظامه القمعي, هدأت أنفاس الشاب السوري نور إلى الأبد بعدما أفلحت رصاصات قوات الأمن أخيرا في اصطياده. ففي 29 نيسان/ أبريل، كان" نور حاتم زهرة" يتنقل من حي إلى آخر، حاملاً معه البخاخ متنقلاً من سيارة إلى أخرى، راكضا بعبوته الأسطوانية النفاثة للطلاء (البخاخ) سلاحاً وحيداً يحارب به زبانية النظام المدججين بالسلاح القاتل. وعند إحدى نقاط التفتيش كان يقود سيارة يحمل فيها مصاباً يريد إسعافه بمنطقة داريا فاستهدفته رصاصات الشبيحة عند حاجز .. أسرع بسيارته خوفاً من أن يتم كشفه، فأطلقت قوات الأمن - من عصابات المجرم جميل حسن- النار عليه وأصابوه في ساقه لينزف حتى الموت- كما ذكر الأصدقاء- وخطفوا المصاب !!. تم تصوير نور في وقت لاحق على درج مظلم، وجسده متيبس، وعيناه لا تزالان مفتوحتان ترنوان إلى السماء ورأسه مرفوع يأبى الانحناء في تعبير عن رفضه للخضوع والاستسلام. الآن تتغير الصورة، وقد مضت شهور طويلة ولما تنتهِ الثورة العظيمة عظم شعبها بعدُ، ويظهر المشيعون يحملون جثمان الناشط نور حاتم زهرة في موكب جنازته، في دمشق، في اليوم التالي لاستشهاده، يوم الإثنين. لقد اعتبروه شهيداً وأي شهيد! قاموا بغسل جثمانه وقد غسلت دماؤه تربة الدمشقيين حتى رفعت عنها الخبث، ولفُّوه بكفنٍ أبيضَ وغطَّوه بالزهور ليتباهى الثوار أمام الحاقدين بأنه قد ولد- بموت نور- ألف ثائر. جنازة نور زهرة التي شيعها آلاف السوريين من حي كفرسوسة، تحولت إلى مظاهرة حاشدة منددة بالنظام السوري، تحت أعين القناصة الذين انتشروا على عدد من مباني الحي.. وتحول الكثير من المشاركين في تشييع الجنازة من رجال ونساء إلى «بخاخين» بدورهم، فقاموا بكتابة الشعارات المناهضة للنظام السوري ليغطُّوا بها جدران الحيّ. على مقربة من هذا الحشد في منطقة كفرسوسة حيث التشييع؛ وقفت حفنة من المجرمين يحملون بنادق كبيرة جداً، إنهم لا يرتدون الزي الرسمي، لكنهم يعملون لصالح النظام، ولولا الأسلحة التي يحملونها لما أمكن تمييزهم عن المشيعين. رسالتهم واضحة للمشيعين: لا تتمادَوا في هتافاتكم. ولا تحاولوا إخراج التشييع من الحي. ويذكر أنه في يوم 4 نيسان 2012 اغتالت كتائب الأسد رفيقَي دربه الشهيدين خالد اللحام وفهد زبيدي .. وهاهو بعد أيام قليلة في تاريخ 29 نيسان 2012 يلحق بهما ليصبحوا رفقاء بهذا الشرف العظيم .. بعدك يا نور انتشرت كتيبة "نور حاتم زهرة" ليصبح عندنا "كتيبة من الرجال البخاخين". لن تنسـاك يا نور جدرانُنا و أبنيتُنا .. لن ننسى كتاباتـِك الثـورية .. رحمك الله يا نور .. رحمك الله أيها الرجل البخاخ ..