ما تحتاجه سورية :  كتلة وطنية جامعة ، تأخذ بالصيغة السياسية الكتلية بديلاً للصيغة الحزبية المفرقة ، التي تعتمدها الأحزاب القومية والإسلامية واليسارية والليبرالية ، صاحبة الأطروحات الحدية المقسمة للمجتمع ، والتي تنوء بحمل البنية التعددية للمجتمع السوري (الملامح الفكرية للكتلة الوطنية الجامعة في سورية – ملمح 12 جوجل ) .
بعد عقود من الاحتراب السياسي العقيم في سورية والحروب الأيديولوجية  بين التيارات الفكرية ممثلة بأحزابها السياسية ، بات من الضروري التوجه صوب المقاربة السياسية للإشكالية العميقة التي تمر بها هذه الأحزاب: الدينية والقومية واليسارية والليبرالية ، والتي تتناقض الكثير من مبادئها مع ثوابت الديمقراطية  والمصابة بالعمى الأيديولوجي على حساب الواقع القائم ، والتي لا تستطيع تمثيل المجتمع السوري التعددي تمثيلاً صحيحاً ، لاعتمادها الانقسامات المتعددة بين مكونات الوطن وطبقاته الاجتماعية غير الناضجة ، سبيلاً للارتزاق السياسي والحصول على الشعبية في الشارع السياسي ، وعليه فإن أي حزب أيديولوجي مهما ادعى لا يستطيع حمل البنية التعددية للمجتمع السوري بمفرده ، ولا يدفع بالتالي أبناء الشعب الواحد إلا إلى المزيد من التشرنق والتخندق الطائفي والإثني والطبقي  وحرب الكل ضد الكل ، في ظل مجتمع نامي يحتاج حشد إمكاناته للقضاء على التخلف العام (للمزيد : هل النظام السوري حامي الأقليات أو حامي العصبيات – جوجل ، ماجد حمدون).
ومن المعروف أن جميع الأحزاب السياسية تستهدف الوصول إلى السلطة ، كي تضع مبادئها وبرامجها موضع التطبيق ، لكن وصول الأحزاب الأيديولوجية إلى السلطة لا يستهدف سوى إقصاء الشركاء الآخرين في الوطن ، تطبيقاً لمبادئها وبرامجها ، والتي لا تعني لديها سوى سيطرة طائفة على طائفة أو إثنية على إثنية أو طبقة على طبقة أو تراث على تراث ، لأن الأحاديات الفكرية والثقافية الحدية – المتطرفة - هي قوام الأحزاب الأيديولوجية منذ نشأتها ، كونها العصبية التي تجمع بين أعضائها ، وهي أُسُ خراب العمران السياسي والاجتماعي للبلد .
ومن يستقرئ التاريخ السياسي لسوريا سيجد أن الساحة الفكرية والثقافية قد تقاسمتها أربعة تيارات فكرية ، اكتملت قسماتها بوضوح منذ أربعينيات القرن الماضي ، ما بين إسلامية وقومية ويسارية وليبرالية ، أنتجت على أرض الواقع السياسي أربعة تنظيمات سياسية أساسية هي :

  • تنظيمات إسلامية / جسدتها أحزاباً وجماعات إسلامية ، ذات فكر أحادي وانتماءات تنظيمية صارمة (إقصائية) كانت وما زالت مغلقة على أتباع الدين الواحد والطائفة الواحدة .
  • تنظيمات قومية / جسدتها أحزاباً وحركات قومية ، ذات فكر أحادي وانتماءات تنظيمية صارمة (إقصائية) كانت وما زالت مغلقة على أتباع الإثنية الواحدة .
  • تنظيمات يسارية / جسدتها أحزاباً وحركات طبقية ، ذات فكر أحادي وانتماءات تنظيمية صارمة (إقصائية) كانت وما زالت مغلقة على أتباع الطبقة الواحدة.
  • تنظيمات ليبرالية / جسدتها أحزاباً وقوى علمانية ،ذات فكر أحادي وانتماءات تنظيمية صارمة (إقصائية) كانت وما زالت مغلقة على أتباعها الذين يعتبرون العلمانية الإقصائية شرطاً للديمقراطية .
لذلك كله اتجهت الكتلة الوطنية الجامعة في سورية صوب طرح ملامحها الفكرية ورؤيتها التنظيمية الجديدة والواقعية ، لمجتمع مكون من  ( 22 إثنية) والتي جسدتها بــ :

  • التجديد الفكري / من خلال اتخاذها الوسطية ما بين اليمين السياسي الوطني واليسار السياسي الوطني ، والتخلي عن الأطروحات المتطرفة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة .
  • والتجديد التنظيمي / من خلال عكس تنظيمها الجديد للتنوع الوطني المقبول وجعله تنظيماً مفتوحاً لكل السوريين .
إن الوطن السوري يحتاج كتلة وطنية جامعة للقوميات والأديان والطوائف والطبقات الاجتماعية كافة ، في ظل تنظيم سياسي عضوي واحد ، في إطار هدف وطني عام .