الثورة السورية والغرب المنافق
إياد الدليمي
الآن وبعد أن حبس العالم أنفاسه بانتظار أن يقوم المجتمع الدولي بفعل عادل تجاه النظام السوري بعد تماديه باستخدام آلة القتل ضد شعبه وخاصة عقب استخدامه الأسلحة الكيمياوية، عادت الأمور إلى مربع الصفر مرة أخرى بعد الاقتراح الروسي بوضع أسلحة الأسد الكيمياوية تحت رقابة دولية، وهو المقترح الذي سارع الغرب المتردد وعلى رأسهم أميركا، بتلقفه والحديث عنه وكأنه العصا السحرية التي كان ينتظرها.
قبل الضربة الكيمياوية التي نفذها الأسد ضد شعبه في نهاية أغسطس الماضي، كان السؤال دائم التردد، لماذا يسكت العالم عن جرائم الأسد؟ خاصة أن كل التقارير الدولية أثبتت أكثر من مرة أن الأسد استخدم الأسلحة الكيمياوية ولو على نطاق ضيق ضد شعبه، طبعا هذا ناهيك عن حجم الموت والدمار الذي خلفته آلة الأسد العسكرية منذ انطلاق ثورة الشعب السوري المباركة قبل عامين ونصف العام.
البعض كان متحيرا من موقف المجتمع الدولي تجاه الأسد والبعض كان يعرف لماذا ويسكت وآخرون طالما شخصوا السبب منذ البداية.
أتذكر أني كتبت مقالا قبل نحو عام ونصف العام في هذا المكان بالتحديد قلت إن مفتاح الحل للأزمة السورية وقرار إسقاط الأسد ليس في واشنطن أو موسكو وإنما في تل أبيب.
لم يكن ذلك مجرد رأي نلقيه دون دراسة أو معرفة، وإنما هي حصيلة مراقبة دقيقة لكل تصرفات الغرب وما يعرف بالمجتمع الدولي تجاه مختلف قضايانا العربية وخاصة تلك التي لها مساس مباشر بإسرائيل.
تتذكرون جيدا يوم أن بدأت الثورة السورية قبل عامين ونصف، الحوار الشهير الذي تم مع رامي مخلوف الذراع الاقتصادي للنظام السوري، يوم أن أعلن أن أمن إسرائيل من أمن سوريا، ولم يكن أيضا مجرد كلام يلقيه مخلوف على عواهنه، بل يعرف قبل غيره طبيعة الارتباط بين النظامين في تل أبيب ودمشق، ويعرف أن طيلة الأربعين عاما التي مضت وكيف أن نظام الأسد الأب والابن، كانا حريصين على أمن إسرائيل أكثر من حرصهما على أمن دمشق ذاتها.
كل الدلائل تؤكد أن تل أبيب هي من يملك إعطاء الضوء الأخضر لإسقاط بشار الأسد من عدمه، أمر بات واضحا لكل من يتابع ما جرى ليس في سوريا وحسب وإنما على امتداد خارطة المنطقة العربية منذ أن وجد هذا الكيان على الأرض العربية. الكلام الآن لم يعد حول استخدام الأسد للكيمياوي ضد شعبه من عدمه، ولم يعد حول إسقاط بشار الأسد من عدمه، وإنما الحديث تحول بعد مبادرة روسيا وضع سلاح بشار الكيمياوي تحت الرقابة الدولية إلى آليات تنفيذ هذا المقترح، وهل سيكون بالإمكان تنفيذ ذلك من عدمه في ظل استمرار القتال بين المقاومة السورية وجيش الاحتلال الأسدي؟
ثم هل ستسمح إيران بوضع سلاح الأسد الكيمياوي تحت الرقابة الدولية؟ وإلى أي حد سيكون نظام الأسد صادقا في تعامله مع هذه المبادرة، وهو الذي عرف بكذبه ومخاتلته؟
الأسد الآن يستغل المبادرة الروسية لكسب مزيد من الوقت، وسوف يدخل في مهاترات وسجالات لها أول وليس لها آخر، لامتصاص نقمة المجتمع الدولي أولا ولتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض بانتظار مؤتمر جنيف 2 الذي أعلن الأسد ونظامه مرة أخرى أنه يقبل بحضوره دون أي شروط مسبقة.
لقد عرى الدم السوري الذي ينزف منذ عامين ونصف العام، ما يعرف بالمجتمع الدولي، وأكد له مرة أخرى أنه بلا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ، وإنما هي مجرد شعارات جوفاء يلجأ إليها هذا المجتمع الدولي متى ما احتاج إليها لتحقيق مكسب هنا أو مكسب هناك، أما الملايين الذي شردوا في سوريا والآلاف الذين قتلوا بحثا عن حريتهم، فهم لا يساوون شيئا أمام أمن إسرائيل.
إن شعور الغرب وأميركا بأن السلاح الكيمياوي ممكن أن يقع بقبضة جماعات سورية مسلحة، هي التي دفعت هذا المجتمع الدولي إلى التلويح باستخدام القوة، ولما اطمأن هذا المجتمع الدولي إلى أن هذا السلاح ممكن أن يكون تحت رقابته، هدأت سورة الغضب الدولية، وعادت الأمور إلى وضعها المعتاد، نظام يقتل شعبه المطالب بالحرية، والعالم يتفرج.
لكم الله أيها السوريون، أنتم وحدكم من يدفع ثمن عهر هذا العالم، كما دفعه من قبلكم الفلسطينيون والعراقيون، وحدكم من يدفع فاتورة الدم الباهظة وسط مجتمع عربي محكوم بديناصورات تسلطية لا تعرف سوى الكرسي والكرسي فقط.
إياد الدليمي
الآن وبعد أن حبس العالم أنفاسه بانتظار أن يقوم المجتمع الدولي بفعل عادل تجاه النظام السوري بعد تماديه باستخدام آلة القتل ضد شعبه وخاصة عقب استخدامه الأسلحة الكيمياوية، عادت الأمور إلى مربع الصفر مرة أخرى بعد الاقتراح الروسي بوضع أسلحة الأسد الكيمياوية تحت رقابة دولية، وهو المقترح الذي سارع الغرب المتردد وعلى رأسهم أميركا، بتلقفه والحديث عنه وكأنه العصا السحرية التي كان ينتظرها.
قبل الضربة الكيمياوية التي نفذها الأسد ضد شعبه في نهاية أغسطس الماضي، كان السؤال دائم التردد، لماذا يسكت العالم عن جرائم الأسد؟ خاصة أن كل التقارير الدولية أثبتت أكثر من مرة أن الأسد استخدم الأسلحة الكيمياوية ولو على نطاق ضيق ضد شعبه، طبعا هذا ناهيك عن حجم الموت والدمار الذي خلفته آلة الأسد العسكرية منذ انطلاق ثورة الشعب السوري المباركة قبل عامين ونصف العام.
البعض كان متحيرا من موقف المجتمع الدولي تجاه الأسد والبعض كان يعرف لماذا ويسكت وآخرون طالما شخصوا السبب منذ البداية.
أتذكر أني كتبت مقالا قبل نحو عام ونصف العام في هذا المكان بالتحديد قلت إن مفتاح الحل للأزمة السورية وقرار إسقاط الأسد ليس في واشنطن أو موسكو وإنما في تل أبيب.
لم يكن ذلك مجرد رأي نلقيه دون دراسة أو معرفة، وإنما هي حصيلة مراقبة دقيقة لكل تصرفات الغرب وما يعرف بالمجتمع الدولي تجاه مختلف قضايانا العربية وخاصة تلك التي لها مساس مباشر بإسرائيل.
تتذكرون جيدا يوم أن بدأت الثورة السورية قبل عامين ونصف، الحوار الشهير الذي تم مع رامي مخلوف الذراع الاقتصادي للنظام السوري، يوم أن أعلن أن أمن إسرائيل من أمن سوريا، ولم يكن أيضا مجرد كلام يلقيه مخلوف على عواهنه، بل يعرف قبل غيره طبيعة الارتباط بين النظامين في تل أبيب ودمشق، ويعرف أن طيلة الأربعين عاما التي مضت وكيف أن نظام الأسد الأب والابن، كانا حريصين على أمن إسرائيل أكثر من حرصهما على أمن دمشق ذاتها.
كل الدلائل تؤكد أن تل أبيب هي من يملك إعطاء الضوء الأخضر لإسقاط بشار الأسد من عدمه، أمر بات واضحا لكل من يتابع ما جرى ليس في سوريا وحسب وإنما على امتداد خارطة المنطقة العربية منذ أن وجد هذا الكيان على الأرض العربية. الكلام الآن لم يعد حول استخدام الأسد للكيمياوي ضد شعبه من عدمه، ولم يعد حول إسقاط بشار الأسد من عدمه، وإنما الحديث تحول بعد مبادرة روسيا وضع سلاح بشار الكيمياوي تحت الرقابة الدولية إلى آليات تنفيذ هذا المقترح، وهل سيكون بالإمكان تنفيذ ذلك من عدمه في ظل استمرار القتال بين المقاومة السورية وجيش الاحتلال الأسدي؟
ثم هل ستسمح إيران بوضع سلاح الأسد الكيمياوي تحت الرقابة الدولية؟ وإلى أي حد سيكون نظام الأسد صادقا في تعامله مع هذه المبادرة، وهو الذي عرف بكذبه ومخاتلته؟
الأسد الآن يستغل المبادرة الروسية لكسب مزيد من الوقت، وسوف يدخل في مهاترات وسجالات لها أول وليس لها آخر، لامتصاص نقمة المجتمع الدولي أولا ولتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض بانتظار مؤتمر جنيف 2 الذي أعلن الأسد ونظامه مرة أخرى أنه يقبل بحضوره دون أي شروط مسبقة.
لقد عرى الدم السوري الذي ينزف منذ عامين ونصف العام، ما يعرف بالمجتمع الدولي، وأكد له مرة أخرى أنه بلا أخلاق ولا قيم ولا مبادئ، وإنما هي مجرد شعارات جوفاء يلجأ إليها هذا المجتمع الدولي متى ما احتاج إليها لتحقيق مكسب هنا أو مكسب هناك، أما الملايين الذي شردوا في سوريا والآلاف الذين قتلوا بحثا عن حريتهم، فهم لا يساوون شيئا أمام أمن إسرائيل.
إن شعور الغرب وأميركا بأن السلاح الكيمياوي ممكن أن يقع بقبضة جماعات سورية مسلحة، هي التي دفعت هذا المجتمع الدولي إلى التلويح باستخدام القوة، ولما اطمأن هذا المجتمع الدولي إلى أن هذا السلاح ممكن أن يكون تحت رقابته، هدأت سورة الغضب الدولية، وعادت الأمور إلى وضعها المعتاد، نظام يقتل شعبه المطالب بالحرية، والعالم يتفرج.
لكم الله أيها السوريون، أنتم وحدكم من يدفع ثمن عهر هذا العالم، كما دفعه من قبلكم الفلسطينيون والعراقيون، وحدكم من يدفع فاتورة الدم الباهظة وسط مجتمع عربي محكوم بديناصورات تسلطية لا تعرف سوى الكرسي والكرسي فقط.