بسم الله الرحمن الرحيم
يروي الشيوعيون عن ماركس قوله: "أثق بإثنين فقط، أحدهما أنا و الآخر لست أنت"
لكن هذا القول ساقط عقلا و شرعا، فالذي لا يثق بأحد، هو أصلا لا يثق بنفسه، قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: "إن الله حرم دم المؤمنن، و أن يظن به إلا خيرا".
ثقة المسلم بالمسلم غير أنها واجب فرض، هي دليل على اعتداد بالنفس، و تخوين المسلم أخاه يساوي تكذيبه و تكذيبه يساوي تكفيره. باعتبار أن المسلم يمكن أن يكون بخيلا أو جبانا لكن لا يكون كاذبا.
و عدم الثقفة بالناس أو الذات هو مرض نفسي، و المرض ينقلب، بمعنى أن فاقد الثقة بنفسه، ينقلب إلى نوبة العجب، و الإغترار بالنفس، و العجب شر من الذنب، من الحديث القدسي: "لولا أن الذنب خير من العجب لما خليت بين عبدي المؤمن و بين الذنب". إذ الذنب يجعله يتواضع و لا يتضخم بسبب ما يستكثر من عبادته و عمله.
هذا الموقف الشرعي من المسلم، و عدم الثقة بالكافر هو الموقف الشرعي منه أيضا، مهما حسن خلق الكافر لا يجوز الثقة به. قال تعالى: "وَ لا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ....................... قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
كيف يتصرف إذن المسلم مع الكفار؟
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "لا تعامل من لا تستطيع الإنتصاف منه".
من أسباب تراجع الولايات المتحدة الأمريكية، عن وعيدها بأن تضرب النظام النصيري البعثي المجرم إذا تجاوز خط الكيماوي الأحمر، هو وعيد المجوس لها، حتى أنهم هددوا باغتصاب إبنة أوباما بعد واحد و عشرين ساعة من الضربة.
و هم أصابهم الهلع و أخلوا سفاراتهم من الموظفي في اليمن و دول أخرى بسبب التفاطهم اتصال بين أعضاء القاعدة يبشر فيه أحدهم بأنه سيضرب ضربة تغير اتجاه التاريخ.
يريد الشعب السوري أن تقوم الولايات المتحدة بضرب هذا النظام الكافر و المجرم، ما هي أوراق القوة بيد الثوار السوريين، لجعل الولايات المتحدة تنفذ تهديدها؟
ماذا ستخسر أمريكا من مصالح في المستقبل؟، و ماذا سيصيبها من ضرر و أذى إذا هي أخلفت وعدها في نصرة الثورة السورية عند استفحال إجرام النظام النصيري البعثي؟ في سوريا و غيرها من البلاد العربية و الإسلامية.
....................... بعض الملحوظ مما هو متوفر من عناصر القوة بيد الشعب السوري .. أغلبها بدايات واعدة بانجازات يحذرها الغرب و الدول العربية العلمانية منها و المخصية ..................
· كرامة الولايات المتحدة و مصداقيتها، يجب التركيز الإعلامي المتواصل على العار الذي اقترفته هذه الدولة العظمى بتحولها إلى مسخرة.
· خطر تزايد نسبة الجهاديين إلى العلمانيين من الثوار، بعبع يرعب الغرب، و هو ما يجب مسايرة من له مصلحة في تضخيم حجمه و نسبته إلى كل حجم الثورة، ليزداد دعم الجيش الحر إلى المقدار الكافي لترجيح كفته في الميدان.
· استنهاض روح الجهاد في أمة محمد صلى الله عليه و آله و سلم، خاصة بين العرب، بزيادة الجهد الإعلامي التبشيري، أي التبشير بأخبار الانتصارات.
· كلما طال عمر الثورة كلما ازدادت الحساسية و النفور من الأقليات الثقافية خاصة النصيرية و اليهود و المسحيين، و هو ما يخشاه الصهاينة و الولايات المتحدة، و هذه الحقيقة لا يجب ترك مناسبة بدون تذكير الغرب بها حتى يساعد الثوار على تقصير عمر الثورة، و الانتقال إلى تأسيس الدولة السورية المتمتعة بقدر كاف من التسامح تقبل الآخر..
· كانت الدول العربية غير مبالية، و متبلدة أمام زحف المشروع الإيراني المجوسي، ثم نشطت لصده، و أيضا لقطع زخم الجهاد في سوريا، حتى لا تؤول حرب التحرير السورية إلى حرب جهادية على المستوى القومي.
· كانت الدول العربية بليدة و غير مبالية، الآن هي مضطرة للتدخل في سوريا لنصرة الثورة قبل أن يستفحل الخطر الإيراني و قبل أن يتصدر الجهاديين عسكر الثورة، هذه النصرة الرسمية الإضطرارية للثورة السورية، يخشى العرب و الشرق أن تمهد لاتحاد عربي، عن طريق تنشيط المؤسسات القومية مثل مؤتمر القمة و جامعة الدول العربية، ما يجعل الدول العربية مستعصية على الإملاءات.
· لا يمكن الإستهانة باعتماد الثوار على أنفسهم في صنع الأسلحة بعد طول منع السلاح عنهم، مهما كانت البدايات متواضعة، فإن الجهد المتواصل يترتب عليه تأسيس صناعة عسكرية، تنفي الإنكشاف الصناعي العسكري، بل ربما يتضمن كأي مسعى إنساني، ابتكارات غير متوقعة الأمر الذي يخشاه أعداء الإسلام شرقا و غربا.
نقلا عن النهار مقال الكاتب راجح خوري تحت عنوان.. "بدأت المراوغة الكيميائية"...
((حول المبادرة الروسية الكيميائية، جاء تصريح بشار الأسد كصفعة موجهة إلى باراك أوباما عندما قال: "حين نرى أمريكا تريد فعلا استقرار المنطقة و تتوقف عن التهديد بالسعي إلى الهجوم و عن تسليم الأسلحة إلى الإرهابيين، عندها سنتعتبر أنه في امكاننا المضي في علمية وضع الكيميائي تحت إشراف دولي"))
مرت سنتان و أكثر و أمريكا و معها الدول العربية كانت تريد فعلا استقرار المنطقة، إذا كان معنى هذه الإرادة هو التوقف عن التهديد بالسعي إلى الهجوم و التوقف عن تسليم الأسلحة إلى الإرهابيين.
لكن استعمال الكيماوي هو الذي اضطر أمريكا و الدول العربية إلى اظهار الإهتمام بالشأن السوري، إما حرصا على الشعب السوري، أو حرصا على المصالح التي يتهددها استفحال المشروع الصفوي المجوسي، و بدء زخم المشروع الجهادي للقاعدة و أخواتها.
المراوغة واضحة جلية، يشترط بشار للتخلي عن استعمال السلاح الكيماوي قطع السلاح عن الثوار، و ربما يشترط غدا للقبول بالحظر الجوي امتناع الثوار عن صنع أسلحتهم بأيدهم.
.........................
فخر النبي محمد إبن رجب الشافعي