( 4 ) الضربة الجوية هي لصالح الثورة .. وسوف تؤدي لإسقاط النظام :
بقلم : أبو ياسر السوري
لما صدرت مقالتي ( الآن وبكل تأكيد يمكن القول : سقط بشار ) كتب إليَّ بعض الإخوة يقول : ( إن هذه الضربة ليست موجهة للنظام ، وإنما هي موجهة للتخلص من المجاهدين .. وزعم أنها متفق عليها مسبقا مع الشيعة والنصيريين .. وأنها سوف تكون فاتحة لدخول الطائرات بدون طيار لملاحقة المجاهدين ...) مما دفعني إلى تصفح فيسبوك الثورة ، وبعض المواقع ، لأرصد ما يقوله الناشطون حول هذه الضربة ، التي كنا نترقبها ونطالب بها من أكثر من 28 شهراً ، وما أكثر ما رفعت نداءات تقول ( نريد التدخل الدولي ) و ( صمتُ المجتمع الدولي يقتلنا ) وما أكثر ما شتمنا هذا المجتمعَ واتهمناه بموت الضمير ، ورميناه بالتواطؤ مع النظام القاتل ، وقلنا ( المجتمع الدولي هو من يقتلنا وليس بشار ) ... فلما استجاب المجتمع لنا ، وتحرك معنا للجم الطاغية .. تعالت أصواتنا ضد هذا المجتمع ، وانبرى أصحاب الأقلام منا لكتابة المقالات والتعليقات .. شتما وسبا وتشكيكا في نوايا أمريكا ودول التحالف معها ، الذين قرروا أن يساعدونا على إزاحة هذا الكابوس اللعين ، الجاثم فوق صدورنا . وذلك بضرب مفاصل قوته ، وتحييد صواريخه ، وطيرانه ، وراداراته ، ومطاراته ، ومستودعات ذخيرته .. والقضاء على سلاحه الكيميائي ... على أن يخلى بيننا وبين هذا النظام البائد بعد ذلك ، لتصفية الحساب معه ، والقضاء عليه بأيدينا ، ونحن موعودون بإعطائنا أسلحة نوعية تحقق لنا النصر بعد ذلك ، فيما لو بقي النظام مصرا على المقاومة من أجل البقاء في الحكم ... وهو لن يبقى ، وإنما سيهرب منذ انطلاق أول صاروخ عليه ..
تصفحت فيسبوك الثورة لساعات طويلة ، وقرأت عينات من كلام المتشائمين ، والمتفلسفين الذين لم يضنوا علينا بالكلام الذي يزرع الخوف في نفوسنا ونفوس أهلينا في الداخل .. ويجعلنا في حالة من اليأس والإحباط .
فمن قائل يقول : ( إن مَنْ سيتلقّى الضربة ، هو الحركة المجاهدة في أرض الشام .) وكتب آخر يقول : ( قبل التهليل بالتدخل الغربي هناك أسئلة بحاجة الى إجابة ) فيتساءل متخوفا : ماذا لو ضرب بشار إسرائيل بالكيماوي .. وماذا لو ضرب دمشق فأبادها عن بكرة أبيها .. وما مصير العلويين بعد الضربة .. وماذا لو قامت إيران بضربة لدول الخليج .. وختم كلامه بالتشكيك في نزاهة هذه الضربة ، ولوَّح بأن الضربة هي لصالح النظام وليست لصالح الثورة .. ) .
وأشد ما آلمني حقا ، أن بعض الإخوة ممن كنا نظن فيهم بعد النظر ، وسعة الأفق ، وعمق التفكير .. رأيته يعزف الآن على هذه القيثارة ، ويخرج علينا بمقال تحت عنوان (ما الهدف؟ ومَن المستهدَف؟ ) وغفر الله له ، فقد خدم بكلامه النظام المجرم ، من حيث لا يدري .. ولست بهذا أتهمه اتهاما ، وإنما أؤكد قولي بالدليل : أليس القول بأن هذه الضربة هي لصالح النظام ، هو مما يزرع الخوف والوهن والذعر في قلوبنا نحن السوريين .؟؟ أليس في نشر هذا الرأي على الملأ مما يشد أزر النصيريين ويرفع معنوياتهم ؟؟ أليس هذا من الإرجاف المنهي عنه أوقات الحروب .؟؟ أليس في هذا مدعاة لمن يقف معنا في محنتنا أن ينقلب علينا ، فيكون ضدنا .؟؟ لِمَ لا نشكر مَنْ يُعلنُ أنه قادم لنصرتنا .؟ هل نحن مأمورون بالإساءة لمن يبدي حسن النية تُجاهنا .؟؟ ولست هنا ممن يدعو إلى حسن الظن بالمخالفين لنا في الدين ، أو الدعوة لأن ننام آمنين مطمئنين ، فقد قال الشاعر الحكيم :
إليك فإني لست ممن إذا اتقى : عضاض الأفاعي نام بين العقارب
لهذا سألخص وجهة نظري حول هذه الضربة بالنقاط التالية :
1 – إنني لا أدعو إلى الاطمئنان كليا إلى هذه الجيوش المتأهبة لتنفيذ ضربتها الجوية .. وإنما أجلس حيالها في ظل قوله تعالى ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ) وكيف أركن لمجتمع خذلنا ، حتى ذهب منا مئات آلاف الضحايا ، ومئات آلاف المفقودين ، وملايين المشردين .؟؟ إن الأحداث التي جرت ، وما زالت تجري على الساحة منذ حوالي 30 شهرا وحتى الآن ، قد علمتنا الكثير .. وهي كفيلة بأن تعلم الدببة ، وتوقظ أصحاب القبور ... لهذا أحذر المجاهدين من الغفلة ، وأدعوهم إلى الأخذ بأسباب الحيطة والحذر ، وتغيير أماكن الانتشار ، وإخفاء مستودعات الذخيرة ، والحرص على اقتحام المنطقة الأمنية في دمشق .. كما أدعوهم إلى وحدة الصف ، واستغلال الظرف ، وحسن التصرف أثناء الضربة ، والاستفادة منها إلى أقصى درجة ، لعلها تكون أقرب وسيلة لإسقاط النظام ، والقبض على رأسه المجرم ...
وليسمح لي المتشائمون ، إذا خالفتهم الرأي ، ولم أوافقهم على القول بأن هذه الضربة هي مما يخدم النظام المجرم ، وأنها وبال على الثوار ... فقد تكون مفتاح انتصار لنا على عدونا ونحن لا ندري .!؟
2 – إنني واثق من حقيقة واحدة ، وهي أننا في النهاية منصورون ، سواء أوقف العالم معنا أم ضدنا ، وسواء أيدنا أم خذلنا . ومنبع هذه الثقة كوننا على الحق ، وقد تكفل الله تعالى بنصر أهل الحق في الدنيا والآخرة ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ* يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ*) . وانطلاقا من هذه المقدمة ، التي لا يخالفني فيها مسلم ، أرى أن نكون متفائلين بالنصر دائما ، والتفاؤل مطلب شرعي لما جاء في الحديث الشريف ( تفاءلوا بالخير تجدوه ) ولقوله تعالى في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء ، إِنْ خَيْرًا فخير، وَإِنْ شَرًّا فشر ) ... ولعل كلا منا يذكر وقائع من سيرته صلى الله عليه وسلم ، تدل على أنه كان يتفاءل خيرا في أحلك الظروف .. ولعل أقربها إلى الذاكرة ، أنه صلى الله عليه وسلم بشَّرَ سراقة المدلجي بسواري كسرى ، في الوقت الذي كان فيه رسول الله – بأبي هو وأمي - مهاجراً مستخفيا عن الأعين ، خائفا على حياته ودعوته من بطش قريش .
3 - ولا يعني حسن الظن بالله ، أن نسقط احتمال السوء من هذه الضربة ، وننظر إليها على أنها خير محض لا شر فيه .. فما من خير إلا وهو محفوف بشيء من الشر . وما تخوف منه بعض الإخوة من أن تطال هذه الضربة المجاهدين ، هو احتمال ، بل احتمال قوي ، وعلينا أن لا نستبعده من الحسبان ، بل أرى أن نستعد لتوقي ما قد يجيء منها من سوء ... ولكن ينبغي أن نعلم أنه ليس احتمال المؤامرة فيها هو الاحتمال الوحيد .. فهنالك احتمالات أخرى ، هي أكثر وجاهة من احتمال المؤامرة ، ألا وهي أن الحال الراهنة ، والتي امتدت المعاناة فيها أكثر من عامين ونصف العام ، وما رافقها من خذلان المجتمع الدولي ، وخذلان الجامعة العربية ، وتغول النظام في قتل الأبرياء .. إن هذا الظلم الصارخ قد أيقظ في الأمة روح الجهاد في سبيل الله ، ودفع المئات بل آلاف الشباب المسلم ، إلى النفير للدفاع عن السوريين الذين يبادون على مرأى من العالم ومسمع ، ولا يحرك أحد ساكنا لأجلهم ، وتجمع في ساحة الصراع كثير من المجاهدين في سبيل الله.. وهذا أمر يخيف الغرب والشرق . ولا أظن أنه من مصلحة أعداء الأمة أن يعلن المسلمون النفير العام ، ويتحركوا خارج إرادة حكامهم المتخاذلين ، ويجيئوا لنجدة إخوانهم في سوريا ... وليس من مصلحة اليهود كذلك أن يتجمع في سوريا مئات الآلاف من الاستشهاديين ... ولو ترك هذا الصراع على ما هو عليه ، فسوف يؤدي إلى ما لا يسر الغرب ولا الشرق ولا إسرائيل . وهم يدركون ذلك ، وقد بدأت عملية استقطاب المجاهدين واضحة للعيان . فلذلك تحرك الغرب لحل الصراع ، وتحرُّكُه الآن هو تحركٌ في الوقت المناسب بالنسبة لهم ، وأي تباطؤ في الحل ، لن يكون لصالحهم فيما بعد ... لماذا نستبعد هذا الاحتمال ، وهو الأقوى في تحريك الغرب للتخلص من بشار وعصابته .؟ بعد أن صار بقاؤهم وبالا على أعداء الأمة .؟؟
4 – سوريا – يا سادة - دمرت .. ولا يتوقع إعمارها إلا بعد عشرات السنين .. وهذا هو المطلوب بالنسبة لإسرائيل ، وقد قام به سليل الخيانة بشار الأسد .. ولا ننس أن عدد المشردين والمهجرين من السوريين بلغ الملايين .. وهذا يجر المنطقة إلى ما يشبه الشلل ، ويجعل سوريا عبئا على المنظمات الدولية المنافقة ، التي تدعي كذبا أنها تحافظ على حقوق الإنسان .. وتؤمن للمنكوبين ما يحتاجونه من غذاء ودواء وكساء وتعليم ومأوى ... ولذلك لا أستبعد أن يكون هنالك توجّه جادّ إلى حل هذا الصراع وإنهائه على صورة ما ، هربا مما قد يسببه لهم المشردون السوريون من أعباء مالية قد تصل إلى المليارات ... وأظن أنهم كانوا وما زالوا يفتشون عن عميل بديل . ولكنَّ تسارع الثورة لم يمهلهم أن يختاروا البديل الذي كانوا يحلمون به .. فلذلك رضخوا أخيراً إلى الأمر الواقع ، واتجهوا نحو الحل العسكري السريع ...
5 – تساءل بعض الإخوة لماذا تغافل المجتمع الدولي عن مقتل 120 ألفا موثقين بالاسم لدى المنظمات الحقوقية .. وتحرك الآن من أجل مقتل 1200 إنسان .؟؟ والجواب : لم يكن من مصلحة الغرب أن يتحرك من أجلنا ، ولم يكن لديه ما يدعوه إلى خوض حرب لا مصلحة له فيها ... فلما شعر بأن تخليه سوف يجر عليه عواقب لم تكن في حسبانه ، سارع إلى التحرك .. خصوصا ، وأنه متهم باحتلال العراق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل ، التي تبين أخيراً أن العراق لم يكن يملكها .. فكيف يسكت الآن عن شعب يقتل ظلما ، وحاكم مستبد يهاجم هذا الشعب بكل سلاح ثقيل ، من المصفحة إلى الدبابة إلى المروحية إلى الطائرات الحربية .. إلى الصواريخ البلاستيكية ، إلى السلاح الكيمياوي .؟؟ لقد أوقعهم غباء عميلهم بشار في حرج كبير ، ولم يعد بوسعهم السكوت عنه .. فعلى نفسها جنت براقش ..
6 – ويتساءل آخرون : لو كان الغرب جادا في ضرب النظام ، لماذا يعلمه بالضربة ؟ أما وقد أعلمه بها ، فقد علمنا أنه يعطيه بذلك فرصة لإخفاء أسلحته وتغيير مواقع وحداته العسكرية ، ليكون ضرر الضربة عليه في حدودها الدنيا .. ثم تنتهي الضربة ، ويعود النظام سيرته الأولى ، فيقتل اضعاف ما قتل ... ويدمر أضعاف ما دمر ...
وهذا الرأي غير سديد أيضاً .. لأن أمريكا لم تقرر الاستقلال بالضربة وحدها ، وإنما قررت أن يكون معها تحالف دولي ، لتقطع الطريق على الروس ، وتحول بينهم وبين التدخل .. ثم إن الأقمار الصناعية لا يخفى عليها الهدف .. فبنك الأهداف يحدد كل هدف ، ويعين مكانه السابق واللاحق ، ولن يكون في الإعلان عنها أي فائد للنظام .
ومهما يكن من أمر ، فإن ضرب هذه العصابة أمر مطلوب لنا منذ أن رفعنا شعار " صمت المجتمع الدولي يقتلنا " ونحن نشاهد اليوم ما أصاب النصيريين من هلع وفزع، فبعضهم هرب خارج البلد، وكثير من الضباط أخرجوا أسرهم من سوريا . وهم الآن في تخبط كبير . ويتعرضون بسبب ذلك لضربات من ثوارنا والحمد لله . فلماذا لا نستغل الظرف ، ونبشر بالنصر ؟ بدلا من تصوير الأمر بشكل يدعو إلى الإحباط .؟ وأعتذر جدا للإطالة .. وأختم بالقول : لقد تدخل هذا المجتمع الدولي يوما لإنقاذ مليوني مسلم كانوا معرضين للتصفية العرقية في كوسوفو .. فلماذا لا يقومون بنفس الدور الآن .؟؟
بقلم : أبو ياسر السوري
لما صدرت مقالتي ( الآن وبكل تأكيد يمكن القول : سقط بشار ) كتب إليَّ بعض الإخوة يقول : ( إن هذه الضربة ليست موجهة للنظام ، وإنما هي موجهة للتخلص من المجاهدين .. وزعم أنها متفق عليها مسبقا مع الشيعة والنصيريين .. وأنها سوف تكون فاتحة لدخول الطائرات بدون طيار لملاحقة المجاهدين ...) مما دفعني إلى تصفح فيسبوك الثورة ، وبعض المواقع ، لأرصد ما يقوله الناشطون حول هذه الضربة ، التي كنا نترقبها ونطالب بها من أكثر من 28 شهراً ، وما أكثر ما رفعت نداءات تقول ( نريد التدخل الدولي ) و ( صمتُ المجتمع الدولي يقتلنا ) وما أكثر ما شتمنا هذا المجتمعَ واتهمناه بموت الضمير ، ورميناه بالتواطؤ مع النظام القاتل ، وقلنا ( المجتمع الدولي هو من يقتلنا وليس بشار ) ... فلما استجاب المجتمع لنا ، وتحرك معنا للجم الطاغية .. تعالت أصواتنا ضد هذا المجتمع ، وانبرى أصحاب الأقلام منا لكتابة المقالات والتعليقات .. شتما وسبا وتشكيكا في نوايا أمريكا ودول التحالف معها ، الذين قرروا أن يساعدونا على إزاحة هذا الكابوس اللعين ، الجاثم فوق صدورنا . وذلك بضرب مفاصل قوته ، وتحييد صواريخه ، وطيرانه ، وراداراته ، ومطاراته ، ومستودعات ذخيرته .. والقضاء على سلاحه الكيميائي ... على أن يخلى بيننا وبين هذا النظام البائد بعد ذلك ، لتصفية الحساب معه ، والقضاء عليه بأيدينا ، ونحن موعودون بإعطائنا أسلحة نوعية تحقق لنا النصر بعد ذلك ، فيما لو بقي النظام مصرا على المقاومة من أجل البقاء في الحكم ... وهو لن يبقى ، وإنما سيهرب منذ انطلاق أول صاروخ عليه ..
تصفحت فيسبوك الثورة لساعات طويلة ، وقرأت عينات من كلام المتشائمين ، والمتفلسفين الذين لم يضنوا علينا بالكلام الذي يزرع الخوف في نفوسنا ونفوس أهلينا في الداخل .. ويجعلنا في حالة من اليأس والإحباط .
فمن قائل يقول : ( إن مَنْ سيتلقّى الضربة ، هو الحركة المجاهدة في أرض الشام .) وكتب آخر يقول : ( قبل التهليل بالتدخل الغربي هناك أسئلة بحاجة الى إجابة ) فيتساءل متخوفا : ماذا لو ضرب بشار إسرائيل بالكيماوي .. وماذا لو ضرب دمشق فأبادها عن بكرة أبيها .. وما مصير العلويين بعد الضربة .. وماذا لو قامت إيران بضربة لدول الخليج .. وختم كلامه بالتشكيك في نزاهة هذه الضربة ، ولوَّح بأن الضربة هي لصالح النظام وليست لصالح الثورة .. ) .
وأشد ما آلمني حقا ، أن بعض الإخوة ممن كنا نظن فيهم بعد النظر ، وسعة الأفق ، وعمق التفكير .. رأيته يعزف الآن على هذه القيثارة ، ويخرج علينا بمقال تحت عنوان (ما الهدف؟ ومَن المستهدَف؟ ) وغفر الله له ، فقد خدم بكلامه النظام المجرم ، من حيث لا يدري .. ولست بهذا أتهمه اتهاما ، وإنما أؤكد قولي بالدليل : أليس القول بأن هذه الضربة هي لصالح النظام ، هو مما يزرع الخوف والوهن والذعر في قلوبنا نحن السوريين .؟؟ أليس في نشر هذا الرأي على الملأ مما يشد أزر النصيريين ويرفع معنوياتهم ؟؟ أليس هذا من الإرجاف المنهي عنه أوقات الحروب .؟؟ أليس في هذا مدعاة لمن يقف معنا في محنتنا أن ينقلب علينا ، فيكون ضدنا .؟؟ لِمَ لا نشكر مَنْ يُعلنُ أنه قادم لنصرتنا .؟ هل نحن مأمورون بالإساءة لمن يبدي حسن النية تُجاهنا .؟؟ ولست هنا ممن يدعو إلى حسن الظن بالمخالفين لنا في الدين ، أو الدعوة لأن ننام آمنين مطمئنين ، فقد قال الشاعر الحكيم :
إليك فإني لست ممن إذا اتقى : عضاض الأفاعي نام بين العقارب
لهذا سألخص وجهة نظري حول هذه الضربة بالنقاط التالية :
1 – إنني لا أدعو إلى الاطمئنان كليا إلى هذه الجيوش المتأهبة لتنفيذ ضربتها الجوية .. وإنما أجلس حيالها في ظل قوله تعالى ( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ) وكيف أركن لمجتمع خذلنا ، حتى ذهب منا مئات آلاف الضحايا ، ومئات آلاف المفقودين ، وملايين المشردين .؟؟ إن الأحداث التي جرت ، وما زالت تجري على الساحة منذ حوالي 30 شهرا وحتى الآن ، قد علمتنا الكثير .. وهي كفيلة بأن تعلم الدببة ، وتوقظ أصحاب القبور ... لهذا أحذر المجاهدين من الغفلة ، وأدعوهم إلى الأخذ بأسباب الحيطة والحذر ، وتغيير أماكن الانتشار ، وإخفاء مستودعات الذخيرة ، والحرص على اقتحام المنطقة الأمنية في دمشق .. كما أدعوهم إلى وحدة الصف ، واستغلال الظرف ، وحسن التصرف أثناء الضربة ، والاستفادة منها إلى أقصى درجة ، لعلها تكون أقرب وسيلة لإسقاط النظام ، والقبض على رأسه المجرم ...
وليسمح لي المتشائمون ، إذا خالفتهم الرأي ، ولم أوافقهم على القول بأن هذه الضربة هي مما يخدم النظام المجرم ، وأنها وبال على الثوار ... فقد تكون مفتاح انتصار لنا على عدونا ونحن لا ندري .!؟
2 – إنني واثق من حقيقة واحدة ، وهي أننا في النهاية منصورون ، سواء أوقف العالم معنا أم ضدنا ، وسواء أيدنا أم خذلنا . ومنبع هذه الثقة كوننا على الحق ، وقد تكفل الله تعالى بنصر أهل الحق في الدنيا والآخرة ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ* يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ*) . وانطلاقا من هذه المقدمة ، التي لا يخالفني فيها مسلم ، أرى أن نكون متفائلين بالنصر دائما ، والتفاؤل مطلب شرعي لما جاء في الحديث الشريف ( تفاءلوا بالخير تجدوه ) ولقوله تعالى في الحديث القدسي ( أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء ، إِنْ خَيْرًا فخير، وَإِنْ شَرًّا فشر ) ... ولعل كلا منا يذكر وقائع من سيرته صلى الله عليه وسلم ، تدل على أنه كان يتفاءل خيرا في أحلك الظروف .. ولعل أقربها إلى الذاكرة ، أنه صلى الله عليه وسلم بشَّرَ سراقة المدلجي بسواري كسرى ، في الوقت الذي كان فيه رسول الله – بأبي هو وأمي - مهاجراً مستخفيا عن الأعين ، خائفا على حياته ودعوته من بطش قريش .
3 - ولا يعني حسن الظن بالله ، أن نسقط احتمال السوء من هذه الضربة ، وننظر إليها على أنها خير محض لا شر فيه .. فما من خير إلا وهو محفوف بشيء من الشر . وما تخوف منه بعض الإخوة من أن تطال هذه الضربة المجاهدين ، هو احتمال ، بل احتمال قوي ، وعلينا أن لا نستبعده من الحسبان ، بل أرى أن نستعد لتوقي ما قد يجيء منها من سوء ... ولكن ينبغي أن نعلم أنه ليس احتمال المؤامرة فيها هو الاحتمال الوحيد .. فهنالك احتمالات أخرى ، هي أكثر وجاهة من احتمال المؤامرة ، ألا وهي أن الحال الراهنة ، والتي امتدت المعاناة فيها أكثر من عامين ونصف العام ، وما رافقها من خذلان المجتمع الدولي ، وخذلان الجامعة العربية ، وتغول النظام في قتل الأبرياء .. إن هذا الظلم الصارخ قد أيقظ في الأمة روح الجهاد في سبيل الله ، ودفع المئات بل آلاف الشباب المسلم ، إلى النفير للدفاع عن السوريين الذين يبادون على مرأى من العالم ومسمع ، ولا يحرك أحد ساكنا لأجلهم ، وتجمع في ساحة الصراع كثير من المجاهدين في سبيل الله.. وهذا أمر يخيف الغرب والشرق . ولا أظن أنه من مصلحة أعداء الأمة أن يعلن المسلمون النفير العام ، ويتحركوا خارج إرادة حكامهم المتخاذلين ، ويجيئوا لنجدة إخوانهم في سوريا ... وليس من مصلحة اليهود كذلك أن يتجمع في سوريا مئات الآلاف من الاستشهاديين ... ولو ترك هذا الصراع على ما هو عليه ، فسوف يؤدي إلى ما لا يسر الغرب ولا الشرق ولا إسرائيل . وهم يدركون ذلك ، وقد بدأت عملية استقطاب المجاهدين واضحة للعيان . فلذلك تحرك الغرب لحل الصراع ، وتحرُّكُه الآن هو تحركٌ في الوقت المناسب بالنسبة لهم ، وأي تباطؤ في الحل ، لن يكون لصالحهم فيما بعد ... لماذا نستبعد هذا الاحتمال ، وهو الأقوى في تحريك الغرب للتخلص من بشار وعصابته .؟ بعد أن صار بقاؤهم وبالا على أعداء الأمة .؟؟
4 – سوريا – يا سادة - دمرت .. ولا يتوقع إعمارها إلا بعد عشرات السنين .. وهذا هو المطلوب بالنسبة لإسرائيل ، وقد قام به سليل الخيانة بشار الأسد .. ولا ننس أن عدد المشردين والمهجرين من السوريين بلغ الملايين .. وهذا يجر المنطقة إلى ما يشبه الشلل ، ويجعل سوريا عبئا على المنظمات الدولية المنافقة ، التي تدعي كذبا أنها تحافظ على حقوق الإنسان .. وتؤمن للمنكوبين ما يحتاجونه من غذاء ودواء وكساء وتعليم ومأوى ... ولذلك لا أستبعد أن يكون هنالك توجّه جادّ إلى حل هذا الصراع وإنهائه على صورة ما ، هربا مما قد يسببه لهم المشردون السوريون من أعباء مالية قد تصل إلى المليارات ... وأظن أنهم كانوا وما زالوا يفتشون عن عميل بديل . ولكنَّ تسارع الثورة لم يمهلهم أن يختاروا البديل الذي كانوا يحلمون به .. فلذلك رضخوا أخيراً إلى الأمر الواقع ، واتجهوا نحو الحل العسكري السريع ...
5 – تساءل بعض الإخوة لماذا تغافل المجتمع الدولي عن مقتل 120 ألفا موثقين بالاسم لدى المنظمات الحقوقية .. وتحرك الآن من أجل مقتل 1200 إنسان .؟؟ والجواب : لم يكن من مصلحة الغرب أن يتحرك من أجلنا ، ولم يكن لديه ما يدعوه إلى خوض حرب لا مصلحة له فيها ... فلما شعر بأن تخليه سوف يجر عليه عواقب لم تكن في حسبانه ، سارع إلى التحرك .. خصوصا ، وأنه متهم باحتلال العراق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل ، التي تبين أخيراً أن العراق لم يكن يملكها .. فكيف يسكت الآن عن شعب يقتل ظلما ، وحاكم مستبد يهاجم هذا الشعب بكل سلاح ثقيل ، من المصفحة إلى الدبابة إلى المروحية إلى الطائرات الحربية .. إلى الصواريخ البلاستيكية ، إلى السلاح الكيمياوي .؟؟ لقد أوقعهم غباء عميلهم بشار في حرج كبير ، ولم يعد بوسعهم السكوت عنه .. فعلى نفسها جنت براقش ..
6 – ويتساءل آخرون : لو كان الغرب جادا في ضرب النظام ، لماذا يعلمه بالضربة ؟ أما وقد أعلمه بها ، فقد علمنا أنه يعطيه بذلك فرصة لإخفاء أسلحته وتغيير مواقع وحداته العسكرية ، ليكون ضرر الضربة عليه في حدودها الدنيا .. ثم تنتهي الضربة ، ويعود النظام سيرته الأولى ، فيقتل اضعاف ما قتل ... ويدمر أضعاف ما دمر ...
وهذا الرأي غير سديد أيضاً .. لأن أمريكا لم تقرر الاستقلال بالضربة وحدها ، وإنما قررت أن يكون معها تحالف دولي ، لتقطع الطريق على الروس ، وتحول بينهم وبين التدخل .. ثم إن الأقمار الصناعية لا يخفى عليها الهدف .. فبنك الأهداف يحدد كل هدف ، ويعين مكانه السابق واللاحق ، ولن يكون في الإعلان عنها أي فائد للنظام .
ومهما يكن من أمر ، فإن ضرب هذه العصابة أمر مطلوب لنا منذ أن رفعنا شعار " صمت المجتمع الدولي يقتلنا " ونحن نشاهد اليوم ما أصاب النصيريين من هلع وفزع، فبعضهم هرب خارج البلد، وكثير من الضباط أخرجوا أسرهم من سوريا . وهم الآن في تخبط كبير . ويتعرضون بسبب ذلك لضربات من ثوارنا والحمد لله . فلماذا لا نستغل الظرف ، ونبشر بالنصر ؟ بدلا من تصوير الأمر بشكل يدعو إلى الإحباط .؟ وأعتذر جدا للإطالة .. وأختم بالقول : لقد تدخل هذا المجتمع الدولي يوما لإنقاذ مليوني مسلم كانوا معرضين للتصفية العرقية في كوسوفو .. فلماذا لا يقومون بنفس الدور الآن .؟؟