قصيدة ( ما لي وللعيد )
للشاعر : أبو ياسر السوري
ما ليْ وللعيدِ أضحى لا يُواتيني : فعَوْدُهُ بات جمراً في شراييني
أراه يُسعد مَنْ حولي ويحزنني : ويُضحكُ الخلق طرّاً وهو يبكيني
مَنْ لي بصبرٍ جميلٍ أشتريهِ فما : عندي مِنَ الصبر نزرٌ ليس يكفيني
أشكو وليس لهجرٍ من مُوَاصِلَةٍ : بالأمسِ أضحتْ بلا ذنب تجافيني
ولا للذةِ عيشٍ كنتُ صاحبَها : قد أسلمتني إلى عُسرٍ يُعنّيني
وإنما لبلادِ الشام يهدمها : طاغٍ تؤازرُهُ كلُّ الشياطينِ
طاغ وصاغ من الطغيان فلسفة : فاقت على كل طغيان الفراعين ِ
ما كان بين ملوك الأرض قاطبة : من كان شرد شعبا بالملايينِ
ما كان بين ملوك الأرض قاطبة : من أعدم الناس ذبحا بالسكاكينِ
وما تَوَرَّعَ عن طفلٍ ولا امرأةٍ : فكلهم عنده بعضُ القرابينِ
أجنادُهُ ثُلّةٌ للموت أطلَقَهُمْ : عضَّ السراحين أو نهشَ الثعابينِ
لم يسلم اليوم من أنيابهم بشرٌ : لا ابن الثمانيْ ولا بنت الثمانينِ
لم يسلم اليوم من نيرانهم شجرٌ : من الصنوبر والزيتونِ والتينِ
حتى العرائش والعرزال شاكية : بين الكروم وأشجارُ البساتينِ
تبكي النواعيرُ والعاصي يحرّكُها : إلى البكاء على الغرِّ الميامينِ
أفدي دماءً تراءتْ فوق وجنته : مما تحدَّر من تلك الشرايينِ
ظمآنُ والماءُ شلالٌ تدفّقُهُ : من الفرات ورشفٌ منه يكفيني
أُقصيتُ عنه وروحي بعدُ عالقة : في شاطئيه وهذا الدهرُ يقصيني
يا عيدُ والقلبُ جزءٌ منه في بردى : هل من سبيلٍ إلى ريَّاه يُدنيني
ليْ ذكرياتٌ على شطآنه رقدتْ : بين الظلال وأنسام الرياحينِ
يا عيدُ ما شأن سوريا وما فعلتْ : بها عصائبُ آذارٍ وتشرينِ
لم يغزُها اليوم أبناءُ الصليب ولا : جندُ التّتار ولا قومٌ من الصينِ
وإنمـا غالهـا أبنـاءُ جلـدتهـا : وجرَّعُوها كؤوس الذل والهُونِ
وما رَعَوْا حقّ تاريخٍ ولا وطنٍ : ولا جوارٍ ولا أهلٍ ولا دينِ
هرجٌ ومرجٌ وموتٌ بات يقصدها : من كل صوبٍ وفي كل الميادينِ
فلا الربوع ربوع الأنس حالمة : ولا المغاني بأحلام تُمنّيني
يا عيدُ هل عودة للشام أدخلها : عبرَ الفراديسِ أو من بابِ جيرونِ
وهل أوجّهُ للشهباء راحلتي : وألتقيها لقاءً غير ممنونِ
وهل أرى حمصَ يوما وهي مشرقة : إني برؤية حمص جدُّ مفتونِ
متى انتصرنا على الطاغوت يا وطني : فالعيد عيديَ في كل الأحايينِ