شام | خاطرة | لقاؤنا في الجنة يا والدي
ــ ابو محمد شام ــ
تأتيني لحظات قاسية في ظل ظروف سيئة .. تمر الآن على عمر الثورة السنة الثالثة تغيب فيها يا والدي عني فأنت ان شاء الله في جنة نعيم عند مليك مقتدر وهذا اليوم هو ذكرى مرور السنة الثالثة على فراقك يا والدي العزيز ..
ابي الغالي اتساءل في بعض اللحظات لماذا تركني والدي وحيدا في هذه الدنيا ؟ .. في نفس اللحظة يآتي الجواب انه لم يحن دوري بعد وما زال امامي الكثير الكثير فلن آخذ بثآرك يا ابي اليوم حتى أثآر للثكالى ولليتامى والاطفال الجياع .. ففي وهلة تتناثر الاحرف امامي وتبدأ الاصابع بالارتجاف وعيناي بالدموع وحنجرتي تغرغر .. ماالذي اصاب حالي ؟ ..
والدي العزيز عندما حملت السلاح في بداية الثورة من آجل حماية المتظاهرين من بطش الشبيحة وقوات الامن .. اتصلت بي مسرعا وقلت لي يا بني اريد ان ألتقي معك لبضع دقائق وانا اقول له والدي يؤجل الى الغد فاليوم مشغول .. فالمظاهرات عارمة وحمايتها واجبة .. فيأتي الغد كي اشاهد الوجه الجميل الطاهر النقي ذو اللحية الشيبة وفي الجبين علامة السجود انه ابي .. يقول ولدي ارجوك اترك السلاح فهذا ليس من عملك واختصاصك فأنني عندما اسمع صوتك على القنوات افرح انك اصبحت رجلا تصنع الثورة انت ورفاقك بايديكم .. اناقشه وادخل في سجال من النقاش ريثما يغلبني فهو ذو حنكة وعقل ولكن طيش الشباب لا يجد اذن صاغية ... يمضي اسبوع على كلام والدي بترك السلاح ولكن لم انفذ كلامه وفي النهار يآتي هاتف من الاهل يقول ان والدك اعتقل فحذار ان ترد على الهاتف.. بدأت في الارتباك شيئا فشيء وبدأت بالاتصالات التي لم تنقطع فوالدي في العقد الخامس من العمر وهو صائم في يوم السابع والعشرين من شهر رمضان .. تأتي التطمينات انه سيخرج ليلا .. عند المغرب اكون في التحضير بعد الافطار للبث المباشر لعدة مناطق وانا ذاهب الى حي بابا عمرو يآتي الهاتف الآليم بصفعة قوية على جبهتي يقول ان اباك اصبح شهيدا عند ربه صائما ..
الله اكبر اختل التوازن وبدأت عجلات الدراجة تتقوف شيئا فشيئا اقول ماذا تقول عماه فلم اسمعك فيأتي الكلام كما هو .. توقفت في لحظة وقلت ماذا افعل فالناس تنتظر البث وصديقي على الطريق ينتظرني .. اسارع بعجل فهذا صديقي يمازحني والصمت يخيم قلبي والدموع تنهال على خدي .. يقول لي لماذا لا ترد ؟ يحاول ان يغيظني فانا الآن في عالم آخر يرن الهاتف يقول لي عظم الله آجرك اقول له شكر الله سعيك .. صديقي يقول لي توقف توقف اقف ينظر الى وجهي ما حالك .. اجيب والدي استشهد تحت التعذيب .. وكأنني صعقته بهذا الخبر فيقول لي اصبر واحتسب ولله الحمد كنت صابرا محتسبا .. طلبت منهم الاعتذار بسبب وجود شخص بديل عني لتغطية البث في بابا عمرو ..
ليلة من الليالي الحزينة تمر علينا في العائلة فالبكاء لا يفارق احدا وهول الصدمة تكاد توقف القلوب ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل .. يشق الصباح انواره في يوم عبوس على الاهل تتسارع الهمم في يوم يحمل في طياته من العذاب والمشقة الكثير ولكن كان يوما يسيرا .. ذهب جدي وعمي منذ الساعة التاسعة صباحا الى المشفى الوطني ليحصلا على جثة والدي كي نواريها مثواها الآخير .. فشبيحة المشفى يقومون بالمماطلة كثيرا وبعد حصة من العذاب والتعب استطاعا الحصول على الجثة ولكن بعد اذان الظهر وبعد الموافقة على كافة الطلبات من قوات الامن بعدم التجمع والتظاهر او حتى الصلاة على الجنازة في المساجد وحصرا يحضر دفنه اربعة من اهل الشهيد فهذا ما هو الا حبر على ورق عندنا فكل شيء مرتب ومنظم ..ينادي مناد الصلاة على الجنازة في جامع المريجة في باب السباع عند بعد صلاة العصر والدفن في مقبرة باب السباع .. تذهب الحشود الى حي باب السباع المشهور وتأتي الناس تباعا.. يوضع الجثمان خلف المصلين والمسجد يغص بآلاف المصلين تنادي الحناجر بالتكبير والتهليل و تهتف للثورة وللشهيد ..
اشاهد اخي الصغير يبكي .. والله ادمى قلبي وهو يقول لوالدي في اذنيه ابي سلم على النبي وقبله عني .. ينتابني غضب اكاد اقتلع الحجار بصوتي ولكن اكتم في القلب لعله الخير فيما اختاره ربي .. يصلى على الشهيد ويحمل على الاكتاف في عجل تركض الناس وتهرول الى القبر .. تقف الجنازة قليلا كي يلتحق بنا الركب فالجنازة تركض مسرعة الى القبر .. اعجب في صمت ما هذا الذي يحصل .. لما العجلة يا ابي .. فهذا سر لا يعلمه الا ربي ..
تنهال على وجهه التراب وعدسة كميرتي فوق راسه تلحده في الصور .. يأتي عزيز معزيا .. ويأتي قريب مباركا .. ويأتي صديق مهنئا .. فهذا يوم من اصعب الايام آلم .
والدي العزيز هنيئا لك الجنة فطبت حيا وطبت ميتا في ليلة القدر وداعا فالملتقى الجنة ان شاء الله .
استشهد في 27 رمضان ودفن في 28 رمضان في مقبرة باب السباع
الموافق ل27 /8/2011
بقلم ابن الشهيد : ابو محمد شام
ــ ابو محمد شام ــ
تأتيني لحظات قاسية في ظل ظروف سيئة .. تمر الآن على عمر الثورة السنة الثالثة تغيب فيها يا والدي عني فأنت ان شاء الله في جنة نعيم عند مليك مقتدر وهذا اليوم هو ذكرى مرور السنة الثالثة على فراقك يا والدي العزيز ..
ابي الغالي اتساءل في بعض اللحظات لماذا تركني والدي وحيدا في هذه الدنيا ؟ .. في نفس اللحظة يآتي الجواب انه لم يحن دوري بعد وما زال امامي الكثير الكثير فلن آخذ بثآرك يا ابي اليوم حتى أثآر للثكالى ولليتامى والاطفال الجياع .. ففي وهلة تتناثر الاحرف امامي وتبدأ الاصابع بالارتجاف وعيناي بالدموع وحنجرتي تغرغر .. ماالذي اصاب حالي ؟ ..
والدي العزيز عندما حملت السلاح في بداية الثورة من آجل حماية المتظاهرين من بطش الشبيحة وقوات الامن .. اتصلت بي مسرعا وقلت لي يا بني اريد ان ألتقي معك لبضع دقائق وانا اقول له والدي يؤجل الى الغد فاليوم مشغول .. فالمظاهرات عارمة وحمايتها واجبة .. فيأتي الغد كي اشاهد الوجه الجميل الطاهر النقي ذو اللحية الشيبة وفي الجبين علامة السجود انه ابي .. يقول ولدي ارجوك اترك السلاح فهذا ليس من عملك واختصاصك فأنني عندما اسمع صوتك على القنوات افرح انك اصبحت رجلا تصنع الثورة انت ورفاقك بايديكم .. اناقشه وادخل في سجال من النقاش ريثما يغلبني فهو ذو حنكة وعقل ولكن طيش الشباب لا يجد اذن صاغية ... يمضي اسبوع على كلام والدي بترك السلاح ولكن لم انفذ كلامه وفي النهار يآتي هاتف من الاهل يقول ان والدك اعتقل فحذار ان ترد على الهاتف.. بدأت في الارتباك شيئا فشيء وبدأت بالاتصالات التي لم تنقطع فوالدي في العقد الخامس من العمر وهو صائم في يوم السابع والعشرين من شهر رمضان .. تأتي التطمينات انه سيخرج ليلا .. عند المغرب اكون في التحضير بعد الافطار للبث المباشر لعدة مناطق وانا ذاهب الى حي بابا عمرو يآتي الهاتف الآليم بصفعة قوية على جبهتي يقول ان اباك اصبح شهيدا عند ربه صائما ..
الله اكبر اختل التوازن وبدأت عجلات الدراجة تتقوف شيئا فشيئا اقول ماذا تقول عماه فلم اسمعك فيأتي الكلام كما هو .. توقفت في لحظة وقلت ماذا افعل فالناس تنتظر البث وصديقي على الطريق ينتظرني .. اسارع بعجل فهذا صديقي يمازحني والصمت يخيم قلبي والدموع تنهال على خدي .. يقول لي لماذا لا ترد ؟ يحاول ان يغيظني فانا الآن في عالم آخر يرن الهاتف يقول لي عظم الله آجرك اقول له شكر الله سعيك .. صديقي يقول لي توقف توقف اقف ينظر الى وجهي ما حالك .. اجيب والدي استشهد تحت التعذيب .. وكأنني صعقته بهذا الخبر فيقول لي اصبر واحتسب ولله الحمد كنت صابرا محتسبا .. طلبت منهم الاعتذار بسبب وجود شخص بديل عني لتغطية البث في بابا عمرو ..
ليلة من الليالي الحزينة تمر علينا في العائلة فالبكاء لا يفارق احدا وهول الصدمة تكاد توقف القلوب ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل .. يشق الصباح انواره في يوم عبوس على الاهل تتسارع الهمم في يوم يحمل في طياته من العذاب والمشقة الكثير ولكن كان يوما يسيرا .. ذهب جدي وعمي منذ الساعة التاسعة صباحا الى المشفى الوطني ليحصلا على جثة والدي كي نواريها مثواها الآخير .. فشبيحة المشفى يقومون بالمماطلة كثيرا وبعد حصة من العذاب والتعب استطاعا الحصول على الجثة ولكن بعد اذان الظهر وبعد الموافقة على كافة الطلبات من قوات الامن بعدم التجمع والتظاهر او حتى الصلاة على الجنازة في المساجد وحصرا يحضر دفنه اربعة من اهل الشهيد فهذا ما هو الا حبر على ورق عندنا فكل شيء مرتب ومنظم ..ينادي مناد الصلاة على الجنازة في جامع المريجة في باب السباع عند بعد صلاة العصر والدفن في مقبرة باب السباع .. تذهب الحشود الى حي باب السباع المشهور وتأتي الناس تباعا.. يوضع الجثمان خلف المصلين والمسجد يغص بآلاف المصلين تنادي الحناجر بالتكبير والتهليل و تهتف للثورة وللشهيد ..
اشاهد اخي الصغير يبكي .. والله ادمى قلبي وهو يقول لوالدي في اذنيه ابي سلم على النبي وقبله عني .. ينتابني غضب اكاد اقتلع الحجار بصوتي ولكن اكتم في القلب لعله الخير فيما اختاره ربي .. يصلى على الشهيد ويحمل على الاكتاف في عجل تركض الناس وتهرول الى القبر .. تقف الجنازة قليلا كي يلتحق بنا الركب فالجنازة تركض مسرعة الى القبر .. اعجب في صمت ما هذا الذي يحصل .. لما العجلة يا ابي .. فهذا سر لا يعلمه الا ربي ..
تنهال على وجهه التراب وعدسة كميرتي فوق راسه تلحده في الصور .. يأتي عزيز معزيا .. ويأتي قريب مباركا .. ويأتي صديق مهنئا .. فهذا يوم من اصعب الايام آلم .
والدي العزيز هنيئا لك الجنة فطبت حيا وطبت ميتا في ليلة القدر وداعا فالملتقى الجنة ان شاء الله .
استشهد في 27 رمضان ودفن في 28 رمضان في مقبرة باب السباع
الموافق ل27 /8/2011
بقلم ابن الشهيد : ابو محمد شام