2 - ( الخلافة أو الإمامة العظمى في الإسلام )
بقلم : أبو ياسر السوري
وبعد أن وقفنا على أصل الخلافة ، واسمها ، وما يرادفها من ألقاب ، وعرفنا معناها عند الإطلاق ، والغاية من إقامتها ، ومرتبة الخليفة ، ومعناها الخاص عند الشيعة . والفرق ما بين الخلافة والملك ... ننتقل الآن إلى إكمال ما بدأنا به في هذا الشأن .. وبالله التوفيق :
( الحلقة الثانية )
ـ 7 ـ
مزايا الخلافة الإسلامية :
وأهم ما تمتاز به الخلافة الإسلامية عن غيرها من صور الحكم أنها :
1 – ربانية التشريع ( كتاب الله وسنة رسوله ) . وهذا يعني أن تشريعها عدل . فهو لا يحابي فريقا لحساب فريق آخر ، لأن منزله رب العالمين ، الذي يقضي بالحق وهو أعدل الحاكمين ... ثم يعني أنه حق وصدق ، لأن منزله هو أعلم بمآلات الأمور وما تنتهي إليه . فكم من مادة في التشريع أثبت الزمن أنها كانت خطأ فاحشا ، مما اضطر المشرعين إلى تغييرها ..
2 – لا تنفصل فيها الأحكام عن العقيدة . مما يجعل التطبيق لا يحتاج إلى رقابة خارجية ، فالمسلم له من نفسه على نفسه رقيب . لأنه يؤمن بأن الله مطلع عليه ، فيستحيي أن يخالف أوامره ، أو أن يتهرب من أداء ما عليه ... قارن في هذا بين قانون الضرائب الحكومية الذي يحتال الناس على التهرب منه ، مع قانون الزكاة في الإسلام وكيف يدفعها المسلم ولا يحاول التهرب منها ..
3 – الخليفة يخضع لرقابة الأمة . قال أحدهم لعمر : لا نسمع لك ولا نطيع حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب الزائد عما أعطيت كل واحد منا .. فقال عمر لابنه عبد الله : أخبرهم يا عبد الله .. قال : أمير المؤمنين لا يكفيه ثوب واحد لأن رجل طوال . فأعطيته ثوبي يضمه إلى ثوبه .. قالوا : الآن قل نسمع ..
4 – الدولة الإسلامية إنسانية أخلاقية حضارية . وحسبها أنه لم تفتح جهة من العالم إلا عمه الخير والأمن والعدل والسلام .. لقد أقام الإسلام مفاهيم الصدق والعدل وإتقان العمل والأمانة والمحافظة على الزمن والتمسك بالمواعيد والمواثيق ، وإعداد القوة لإرهاب الخصوم ، ووحدة الكلمة ، ورص الصفوف والمساواة ، ونبذ الظلم والتكبر واحتقار الآخر ... إلى آخر هذه المبادئ التي أخذ الغرب بأكثرها اليوم ، وتخلينا نحن عنها . فكانت سبب تفوقهم وتخلفنا .
5 – لا كسروية فيها ولا قيصرية . فالخليفة يمكن أن ترد عليه قوله امرأة .. قال عمر : أيها الناس أمنعكم أن تغالوا في المهور فوق كذا درهم .. فقالت له امرأة : يا عمر ، قال تعالى ( وإن آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) فأجاز أن يكون المهر قنطارا ، وأنت تحده بمبلغ يسير .؟؟ فقال عمر : أيها الناس ، أصابت امرأة وأخطأ عمر .
6 – يشترط في الخليفة (12) شرطا وهي كونه : مسلما ، بالغا ، ذكرا ، عاقلا ، عالما ، حكيما ، حرا ، عدلا ، شجاعا ، نسيبا ، سليم الحواس ، سليم الأعضاء ... اقرأ هذه الشروط ، وانظر كم من القادة العرب والمسلمين اليوم ، تتحقق فيه هذه الشروط .؟؟ أو نصفها ، أو ربعها ، حتى نفخر به ونقول : عندنا الآن ربع خليفة للمسلمين . أما الإسلام فما سلم من الحكام مواطن .. وأما العلم فقد استغنوا عنه بأجهزة المخابرات ، التي تعلم لهم ماذا قال معارضوهم ، وماذا فعلوا ، وماذا يدور في أذهانهم ، وماذا يضمرون في سرائرهم .. وهذا هو العلم الضروري لبقائهم في كراسيهم آمنين من خطر المعارضين .. وأما الحرية ، فكل منهم عبد لشهواته إلا ما رحم ربي ، لا هم لأحدهم سوى بطنه وفرجه .. وأما العدالة فحدث عنها ولا حرج ، فقد بلغ من عدالتهم أنهم يأخذون بالظنة ، ويحاسبون على الخاطرة ، ويقربون على مقدار التزلف لهم والنفاق .. وأما الشجاعة ، فهم أشجع الناس على شعوبهم ، وأجبن خلق الله عن الأعداء ، ويصدق فيهم قول القائل :
أسد عليَّ وفي الحروب نعامة : فتخاء تهرب من صفير الصافرِ
وأما النسب ، فقد عمي علينا الأمر ، حتى صار يحكمنا اللقيط ، وساقط النسب ، ومن لا أصل له معروف .. فقد حكم سوريا أبناء الوحش ، فغيروا اسمهم فكانوا أبناء الأسد . وجاؤوا من إيران فزعموا أنهم عرب أقحاح .. وادعوا أنهم نصيريون ، وهم مجوس أو يهود ..
ـ 8 ـ
صور تعيين الخليفة :
1 - اختيار أهل الحل والعقد للإمام . ( خلافة أبي بكر )
2 – أن يعهد الخليفة لرجل من المسلمين . ( خلافة عمر )
3 – أن يتم اختياره بتعيين واحد من سبعة ( خلافة عثمان )
4 – أن يتوافق المسلمون على رجل كفء ( خلافة علي )
وهذه الطرق أو الصور الأربع لإقامة خليفة للمسلمين ، تدل دلالة قاطعة ، أن أمر اختيار الخليفة ، غير مرتبط بصورة معينة ، لا يجوز العدول عنها إلى غيرها .. فاختيار الخلفاء الراشدين ، كان على أربع صور . ويمكن أن نضيف إليها صورة خامسة ، وهي ما فعله سليمان بن عبد الملك ، حيث كتب عهدا لمن يلي الخلافة من بعده ، ووضعه في صندوق مقفل ، ثم أمر أن يبايع الناس على ما في هذا الصندوق ، ومن أبى ضربت عنقه . فبايعوا ، فكان الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز .. فاختيار ما يسمى برئيس الدولة الإسلامية إذن ، متروك للعرف بحسب الزمان والمكان .. وعلى هذا يمكن اعتماد مبدأ الترشيح والانتخابات الحرة كما يفعل الناس اليوم في اختيار رؤسائهم .
وحتى مدة البقاء في هذا المنصب ، لا مانع من تحديدها ، ولا يشترط بقاء الخليفة في منصبه إلى آخر حياته .
ـ 9 ـ
أحكام ذات صلة وثيقة بالموضوع :
1 - وبقي أن نعلم ، ما حكم المبايعة على الإمامة لأكثر من واحد ، وفي أكثر من بلد من بلدان المسلمين .؟؟ كما هو حال الأمة اليوم ، في ظل هذه التقسيمات الدولية التي طرأت على رقعة الأرض الإسلامية . وصار لكل أهل إقليم حاكم خاص بهم ، ودولة لا علاقة لها بغيرها من الدول الإسلامية .؟؟
2 – أهم ما يطالب الخليفة به بعد انعقاد البيعة له : حفظ الدين . وتنفيذ الأحكام بين الناس . وحماية الأنفس والأموال والأعراض . وإقامة الحدود . وتحصين الثغور . وجهاد من عاند الإسلام . وجباية الأموال . والقيام بالنفقات . وتقليد الأمناء النصحاء . وأن يباشر الأمور بنفسه . فيعس ليلا ليعلم ما خفي عليه من شكاوى الرعية .
فإذا وفى الخليفة للناس بذلك ، وجب له عليهم أمران : السمع والطاعة ، والنصرة وإذا استنفرهم إلى لقاء عدوٍّ أن ينفروا .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الجمعة يوليو 26, 2013 5:03 am عدل 3 مرات
بقلم : أبو ياسر السوري
وبعد أن وقفنا على أصل الخلافة ، واسمها ، وما يرادفها من ألقاب ، وعرفنا معناها عند الإطلاق ، والغاية من إقامتها ، ومرتبة الخليفة ، ومعناها الخاص عند الشيعة . والفرق ما بين الخلافة والملك ... ننتقل الآن إلى إكمال ما بدأنا به في هذا الشأن .. وبالله التوفيق :
( الحلقة الثانية )
ـ 7 ـ
مزايا الخلافة الإسلامية :
وأهم ما تمتاز به الخلافة الإسلامية عن غيرها من صور الحكم أنها :
1 – ربانية التشريع ( كتاب الله وسنة رسوله ) . وهذا يعني أن تشريعها عدل . فهو لا يحابي فريقا لحساب فريق آخر ، لأن منزله رب العالمين ، الذي يقضي بالحق وهو أعدل الحاكمين ... ثم يعني أنه حق وصدق ، لأن منزله هو أعلم بمآلات الأمور وما تنتهي إليه . فكم من مادة في التشريع أثبت الزمن أنها كانت خطأ فاحشا ، مما اضطر المشرعين إلى تغييرها ..
2 – لا تنفصل فيها الأحكام عن العقيدة . مما يجعل التطبيق لا يحتاج إلى رقابة خارجية ، فالمسلم له من نفسه على نفسه رقيب . لأنه يؤمن بأن الله مطلع عليه ، فيستحيي أن يخالف أوامره ، أو أن يتهرب من أداء ما عليه ... قارن في هذا بين قانون الضرائب الحكومية الذي يحتال الناس على التهرب منه ، مع قانون الزكاة في الإسلام وكيف يدفعها المسلم ولا يحاول التهرب منها ..
3 – الخليفة يخضع لرقابة الأمة . قال أحدهم لعمر : لا نسمع لك ولا نطيع حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب الزائد عما أعطيت كل واحد منا .. فقال عمر لابنه عبد الله : أخبرهم يا عبد الله .. قال : أمير المؤمنين لا يكفيه ثوب واحد لأن رجل طوال . فأعطيته ثوبي يضمه إلى ثوبه .. قالوا : الآن قل نسمع ..
4 – الدولة الإسلامية إنسانية أخلاقية حضارية . وحسبها أنه لم تفتح جهة من العالم إلا عمه الخير والأمن والعدل والسلام .. لقد أقام الإسلام مفاهيم الصدق والعدل وإتقان العمل والأمانة والمحافظة على الزمن والتمسك بالمواعيد والمواثيق ، وإعداد القوة لإرهاب الخصوم ، ووحدة الكلمة ، ورص الصفوف والمساواة ، ونبذ الظلم والتكبر واحتقار الآخر ... إلى آخر هذه المبادئ التي أخذ الغرب بأكثرها اليوم ، وتخلينا نحن عنها . فكانت سبب تفوقهم وتخلفنا .
5 – لا كسروية فيها ولا قيصرية . فالخليفة يمكن أن ترد عليه قوله امرأة .. قال عمر : أيها الناس أمنعكم أن تغالوا في المهور فوق كذا درهم .. فقالت له امرأة : يا عمر ، قال تعالى ( وإن آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا ) فأجاز أن يكون المهر قنطارا ، وأنت تحده بمبلغ يسير .؟؟ فقال عمر : أيها الناس ، أصابت امرأة وأخطأ عمر .
6 – يشترط في الخليفة (12) شرطا وهي كونه : مسلما ، بالغا ، ذكرا ، عاقلا ، عالما ، حكيما ، حرا ، عدلا ، شجاعا ، نسيبا ، سليم الحواس ، سليم الأعضاء ... اقرأ هذه الشروط ، وانظر كم من القادة العرب والمسلمين اليوم ، تتحقق فيه هذه الشروط .؟؟ أو نصفها ، أو ربعها ، حتى نفخر به ونقول : عندنا الآن ربع خليفة للمسلمين . أما الإسلام فما سلم من الحكام مواطن .. وأما العلم فقد استغنوا عنه بأجهزة المخابرات ، التي تعلم لهم ماذا قال معارضوهم ، وماذا فعلوا ، وماذا يدور في أذهانهم ، وماذا يضمرون في سرائرهم .. وهذا هو العلم الضروري لبقائهم في كراسيهم آمنين من خطر المعارضين .. وأما الحرية ، فكل منهم عبد لشهواته إلا ما رحم ربي ، لا هم لأحدهم سوى بطنه وفرجه .. وأما العدالة فحدث عنها ولا حرج ، فقد بلغ من عدالتهم أنهم يأخذون بالظنة ، ويحاسبون على الخاطرة ، ويقربون على مقدار التزلف لهم والنفاق .. وأما الشجاعة ، فهم أشجع الناس على شعوبهم ، وأجبن خلق الله عن الأعداء ، ويصدق فيهم قول القائل :
أسد عليَّ وفي الحروب نعامة : فتخاء تهرب من صفير الصافرِ
وأما النسب ، فقد عمي علينا الأمر ، حتى صار يحكمنا اللقيط ، وساقط النسب ، ومن لا أصل له معروف .. فقد حكم سوريا أبناء الوحش ، فغيروا اسمهم فكانوا أبناء الأسد . وجاؤوا من إيران فزعموا أنهم عرب أقحاح .. وادعوا أنهم نصيريون ، وهم مجوس أو يهود ..
ـ 8 ـ
صور تعيين الخليفة :
1 - اختيار أهل الحل والعقد للإمام . ( خلافة أبي بكر )
2 – أن يعهد الخليفة لرجل من المسلمين . ( خلافة عمر )
3 – أن يتم اختياره بتعيين واحد من سبعة ( خلافة عثمان )
4 – أن يتوافق المسلمون على رجل كفء ( خلافة علي )
وهذه الطرق أو الصور الأربع لإقامة خليفة للمسلمين ، تدل دلالة قاطعة ، أن أمر اختيار الخليفة ، غير مرتبط بصورة معينة ، لا يجوز العدول عنها إلى غيرها .. فاختيار الخلفاء الراشدين ، كان على أربع صور . ويمكن أن نضيف إليها صورة خامسة ، وهي ما فعله سليمان بن عبد الملك ، حيث كتب عهدا لمن يلي الخلافة من بعده ، ووضعه في صندوق مقفل ، ثم أمر أن يبايع الناس على ما في هذا الصندوق ، ومن أبى ضربت عنقه . فبايعوا ، فكان الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز .. فاختيار ما يسمى برئيس الدولة الإسلامية إذن ، متروك للعرف بحسب الزمان والمكان .. وعلى هذا يمكن اعتماد مبدأ الترشيح والانتخابات الحرة كما يفعل الناس اليوم في اختيار رؤسائهم .
وحتى مدة البقاء في هذا المنصب ، لا مانع من تحديدها ، ولا يشترط بقاء الخليفة في منصبه إلى آخر حياته .
ـ 9 ـ
أحكام ذات صلة وثيقة بالموضوع :
1 - وبقي أن نعلم ، ما حكم المبايعة على الإمامة لأكثر من واحد ، وفي أكثر من بلد من بلدان المسلمين .؟؟ كما هو حال الأمة اليوم ، في ظل هذه التقسيمات الدولية التي طرأت على رقعة الأرض الإسلامية . وصار لكل أهل إقليم حاكم خاص بهم ، ودولة لا علاقة لها بغيرها من الدول الإسلامية .؟؟
2 – أهم ما يطالب الخليفة به بعد انعقاد البيعة له : حفظ الدين . وتنفيذ الأحكام بين الناس . وحماية الأنفس والأموال والأعراض . وإقامة الحدود . وتحصين الثغور . وجهاد من عاند الإسلام . وجباية الأموال . والقيام بالنفقات . وتقليد الأمناء النصحاء . وأن يباشر الأمور بنفسه . فيعس ليلا ليعلم ما خفي عليه من شكاوى الرعية .
فإذا وفى الخليفة للناس بذلك ، وجب له عليهم أمران : السمع والطاعة ، والنصرة وإذا استنفرهم إلى لقاء عدوٍّ أن ينفروا .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الجمعة يوليو 26, 2013 5:03 am عدل 3 مرات