العجلة المصرية دارت ... ولكن إلى الوراء :
بقلم : ابو ياسر السوري
يقول الانقلابيون في مصر : العجلة دارت ، فإما أن يدور معها أتباع مرسي ، وإما أن تدور عليهم وتدهسهم تحتها .
والحق أن عجلة الانقلابيين دارت ، ولكنها – فيما يبدو- دارت إلى الوراء . وأصحاب العجلة يريدون أن ترجع العجلة بمصر إلى ما قبل 60 عاما . تريد أن ترجع بمصر لأن تكون ذيلا .. وليس مهما أن تكون ذيلا لجهة بعينها .. المهم أن تكون ذيلا .. وكفى . كانت في عهد مبارك ذيلا لإسرائيل ، وكان جلعاد أليعازر اليهودي هو المستشار الخاص لذلك الرئيس المخلوع . وبفضل مشوراته كان الآتي :
1 – أدارت مصر في عهد الرئيس المخلوع ظهرها للأمة العربية ، ولم تعد تهتم بأي شيء خارج قصر الرئيس .. فالحكمة الذهبية تقول : " إذا صلح القصر ، صلحت مصر " فتنكر للقضية الفلسطينية ، وصار منحازا بشكل سافر إلى رغبات اليهود ، ولعلنا نذكر كيف كان يغلق الأنفاق على الفلسطينيين ، كلما أرادت إسرائيل .. ولا يفتحها بدون رضاها . ولم تفتح هذه الأنفاق إلى بعد الإطاحة به .
2 – أدار الرئيس المخلوع ظهره للمصريين ، داخل مصر وخارجها . وصار المصري مهضوم الحقوق في الداخل والخارج . حتى إن ثروات بلده كانت توزع لليهود ويحرم منها المصريون ، والغاز المصري أكبر شاهد على ذلك ، فقد كان يباع لإسرائيل بتراب الفلوس ، ولا يحصل عليه المواطن المصري إلا بنزع النفوس ..
3 – سرق مبارك كل ثروة مصر ، واستدان على ذمتها مئات المليارات من الدولارات .. ومستشاره أليعازر اليهودي هو الذي أوحى له بذلك . عملا بسياسة " جوع كلبك يتبعك " . فتخلفت مصر بسياسة مبارك الخرقاء حتى صارت من أفقر دول العالم . وزادت مديونتها على الأربعة آلاف مليار دولار ... مما اضطر المصري أن يهاجر ويغترب ، ويتعرض للشقاء والعناء ، ويعمل في غربته بأزهد الأجور ، للحصول على ما يكفيه من تأمين ضروريات الحياة ، من مسكن ومطعم وتعليم ..
4 – ولما قامت الثورة ، وأحدق المتظاهرون بقصر الرئيس المخلوع ، استدعى مستشاره جلعاد أليعازر .. فقال له : أشر علي .؟ فنظر اليهودي من نافذة القصر ، فأبصر الجموع الحاشدة وكأنها السيل الجارف ، وسمع الهتافات الهادرة ، وكأنها الصواعق ، والكل ينادي بصوت حازم جازم ( ارحل . ارحل . ارحل ) و ( مش ح نمشي . هوّ اللي يمشي ) .. فعرف جلعاد أن مبارك أصبح من الماضي .. وقبل أن يشير على الرئيس بشيء ، تذكر أن له في ذمة الرئيس مبلغ كبيرا من المال ، فقال : أديني الحساب يا ريس ، لي معاك 200 ألف دولار .؟ وسرعان ما سلمه المبلغ ... وعندها أشار جلعاد بما لا يخدم مصر ، وإنما يخدم مبارك وإسرائيل .. أشار عليه أن يتنازل لمجلس عسكري ، لتتحول به مصر إلى ما يشبه الوضع التركي بعد موت ( أتاتورك اليهودي ) الذي حكم تركيا في حياته ، وحكمها بهذا المجلس العسكري بعد مماته لمدة 60 عاما ...
وتنازل مبارك للعسكر . وكان ناصحا لليهود حتى آخر لحظة من حكمه .. لقد سلم البلاد لحكم العسكر .. ورأينا أن مصر بقيت طوال حكمهم ، تراوح في المكان ، لا تتقدم ولا تتأخر .. وهذا هو المطلوب لدى إسرائيل .. هذا هو المطلوب .. أن تراوح في المكان ، لا تتقدم ولا تتأخر .. والناس من حولها يتحركون إلى الأمام . وهي جامدة في المكان ، تعيش خارج أسوار الزمان .
فلما تمكن مرسي من إبعاد المشير طنطاوي ، وحل المجلس العسكري ، وبدأ التحضير لتأسيس حكم مدني ديمقراطي .. خافت إسرائيل من قيام حكم ديمقراطي في مصر . خافت إسرائيل ، لأنها عدوة للديمقراطية ، وعدوة للحرية . ولكنها تضمر ما لا تظهر . وتبدي للناس شيئا وتخفي نقيضه .. فقد أصغت بتخوف كبير إلى مرسي وهو يقول : لن ندع الفلسطينيين وحدهم .. ولن ندع الشعب السوري وحده .. وهذا كلام يؤرق إسرائيل ... ويؤرق الغرب .. ويؤرق إيران ... فاجتمعت عليه كل هذه القوى وأسقطته ..
حاول مرسي أن يمسك العصا من المنتصف، فأقر بالتمسك باتفاقية كامب ديفيد، وحاول أن يقيم علاقات صداقة مع إيران ، فلم تهادنه إسرائيل ، ولا اطمأنت إليه إيران ..
وكان انقلاب السيسي ، إيذانا بأن تدور عجلة مصر إلى الوراء .. فمتى تصل مصر إلى محطة الحرية والديمقراطية ، وهي تمشي إليها في عكس الاتجاه .؟؟؟