في سوريا ، كل الخطوط الحمراء صارت خضراء :
بقلم : أبو ياسر السوري
1 - قامت العصابة الحاكمة في سوريا ، اليوم بقصَف منارات جامع خالد بن الوليد بالمدافع ، وهو أحد المعالم الإسلامية في حمص .. وقُصِفَ المسجدُ الأموي الأثري في مدينة حلب منذ شهور .. وهدمت مئات المساجد في سوريا خلال السنتين الماضيتين ، وما زال تهديم بيوت الله مستمرا في كل مدن سوريا وقراها ... وأمة المليار و600 مليون مسلم ينظرون ولا يتكلمون ولا يستنكرون ولا يحتجون ولا يغضبون .. وإني لأتساءل خائفا : هل أصبح المسلمون غثاء كغثاء السيل ، لا قيمة لكثرتهم ؟ ولو يا ترى هدم المسجد الأقصى غدا .. وهدمت الكعبة البيت الحرام بعد غد . فهل يتحرك المسلمون ؟ أم أن الأموات لا يتحركون .!؟
2 – في سوريا ، صار دم السوري مباحا ، وأسهل من شرب الماء . فقد يُقتَلُ غيرُ العلوي على الحاجز الأمني . وقد يقتل وهو في الحقل يقوم بإصلاح أرضه الزراعية . وقد يقتل وهو مسافر من بلد إلى بلد داخل سوريا . وقد يقتل وهو ذاهب إلى السوق . أو على باب المخبز . أو في داخل المسجد . ويقتل وهو نائم في بيته ، حين تسقط على بيته قذيفة تمزق أجساد عائلة بأكملها . أو يقع صاروخ بلاستيكي فينسف عددا من المباني ويزهق أرواح العشرات وربما المئات ..
3 – في سوريا ، يقتل المدنيون من أبناء السنة حرقا وهم أحياء ، ودفنا في التراب وهم أحياء ، ويستخدم المثقب الكهربائي في تعذيب المعتقلين ، وتقلع أعينهم ، وتقطع آذانهم ، وتبتر أصابعهم بعد قلع الأظافر .. ويقتل العشرات بمحاكمات ميدانية ، بتهمة أنه من أبناء السنة ، أو متواجد بينهم عن طريق الصدفة أثناء مرور فرق الموت .. فشعار النظام اليوم : اقتلوا السني وزوجته وأبناءه وبناته وضيفه وجاره ، وحتى الزبون الذي يشتري من دكانه ... لا تفرقوا في قتل السني بين رجل وامرأة ، كبير أو صغير ، ذكر أو أنثى . اقتلوا أطفالهم قبل شبابهم ...
4 – في سوريا ، ترتكب كل المخالفات ، المحرمة بحسب القانون الدولي .. فالقانون الدولي يحرم الإفراط في استخدام العنف .. ولكن الشعب السوري يقصف عشوائيا. وبكل القذائف المحرمة دوليا ، كالنابلم والمنثار والقنابل العنقودية ، والقنابل الفراغية ، والقنابل الفوسفورية .. وحتى القنابل الكيميائية ليموت المواطنون خنقا بغاز السارين .. أو بغاز خانق حارق بآن واحد ، على غرار القنابل التي استخدمها حزب الشيطان اليوم في حمص . فقد أصيب أشخاص بهذا الغاز الذي يخنق ويحرق معا ...
وقد كنا نسمع أن القانون الدولي يحرم الاعتداء على المقدسات الدينية .. ويحرم دماء المدنيين حتى أثناء الحروب .. ويحرم التعذيب أصلا .. وهو أشد تحريما للتعذيب الذي يؤدي إلى القتل .. كما يحرم على الحاكم أن يفرط في استخدام العنف ، فله أن يسجن من يرتكب جرم ما ، وله أن يفرض غرامة مالية لمخالفة ما .. وله أن يفض تجمعا أو مظاهرة بكبسولات غازية مسيلة للدموع ، أو بخراطيم المياه مثلا .. وليس له أن يبالغ في القمع لدرجة القتل . وليس في القانون الدولي مباحا أن تستخدم بعض القنابل التي تسبب القتل الذريع ، أو تسبب عاهات دائمة ، أو تتسبب تشويها في الولادات ... كل ممارسة مما أشرنا إليه آنفا ، كانت تعد خطا أحمر ، وبقدرة قادر ، انقلبت عندنا في سوريا هذه الخطوط الحمراء إلى خطوط خضراء .. وصارت من المسموح بها دوليا ، شريطة أن لا تمارس خارج سوريا .
فيا أيها المسلمون والله أنتم مسؤولون عما يجري لإخوانكم في سوريا .. ويا أيها العرب أنتم مسؤولون عنا كذلك . ويا أيها المسيحيون في العالم .. كل منكم مسؤول عن هذه الجرائم ، التي ترتكب في حق شعب أعزل ، يعيش معكم على ظهر هذا الكوكب . وهو شريككم في الانتماء لآدم وحواء .!! لأنكم قادرون على منع هذه الجرائم وتسكتون .. ونذكر أوباما زعيم أكبر دولة في العالم بمقالة براهام لينكولن ، وهو رئيس أمريكي مسؤول قبله " إذا كنت قادرا فأنت مسؤول " .