شبكة #شام الإخبارية - قصة #شهيد
شهيد الحقيقة البطل تامر العوام – السويداء / حلب
كنت أحسب أنني سأكتب عن تامر العوام معارضاً أو إعلامياً أو ناشطاً لكنني اليوم أكتب عنه شهيداً للحقيقة.
عرفته في بدايات الشهر الخامس من 2011م حين كنت أعمل في توثيق وإصدار بيانات شهداء الثورة التي كنا نصدرها باسم لجنة شهداء ثورة 15 أذار وبتوقيع الاسم الحركي الذي كنت أستخدمه آنذاك د.محمد شمس الياسمين... لا أدري لماذا بحت له في أول حديث هاتفي عن اسمي وتفاصيل حياتي وتواعدنا على العمل معاً بشأن المعتقلين ...
ولد تامر العوام في 2- أغسطس آب 1977م في مدينة السويداء ,سافر إلى ألمانيا لدراسة الإخراج السينمائي، وعمل على إنتاج عدة وثائقيات عن الثورة السورية منها "ذكريات على الحاجز"، التقيته في أول مؤتمر للمعارضة السورية في أنطاليا التركية في الحادي والثلاثين من مايو أيار لعام ٢٠١١م وهناك تعرفت إليه عن قرب ... بعد انتهاء المؤتمر بأيام اتصل بي طالباً مني الحضور بسرعة إلى الحدود التركية السورية , قال لي: " تعال شوف جماعتك بدهم يهربوا سلاح .." كان تامر ككل السوريين آنذاك يؤمن بالمحافظة على سلمية الثورة .
كتب في ١٥ أغسطس آب ٢٠١١م وكان الناس قد اضطروا للدفاع عن أنفسهم بما يملكون:
" كل من يدعو إلى حمل السلاح وعدم سلمية الثورة في كل مراحلها ومن يدعو إلى أي تدخل عسكري خارجي خائن لأن الشعب السوري بأغلبية كبيرة جداً يرفض أي تدخل خارجي أو المساس بوحدة سورية. هو خائن لدماء الشهداء. بسلميتنا فقط نسقط هذا النظام سلميتنا وعدالة مطالبنا هي وسيلتنا الوحيدة التي يخافونها، سوف نحاكمهم بالقانون الذي سرقوه، بنفس الأقبية التي سجنونا بها ".
بعد تاريخ كتابة هذا النص بعام واحد فقط تحدث معي تامر العوام من ألمانيا لأكون شاهداً على التغيير الذي شهده فكره وكيانه .. حدثني في هذا الاتصال الأخير عن زيارته لسورية ..عن مشاهدته وعن أفلامه ..قال لي إنه سيعود خلال أيام وكانت المفاجأة حين أخبرني أنه يرافق الجيش الحر ..وأنني ورفيق عمره محمد الدقوري سيئا الحظ لأننا لم نحظ بمعايشة السعادة التي يعيشها هناك"
..أيام قلائل ويرحل تامر إثر إصابته بشظية قذيفة أثناء مرافقته لمقاتلي الجيش الحر في حي الإذاعة بمدينة حلب، ولم تفلح كل الجهود التي بذلها الفريق الطبي للمشفى الميداني في إنقاذه... ويومها بكيته كما لم أبك سبعة من أعز أقاربي رحلوا بذات الطريقة .
كتب الفنان سميح شقير عن تامر العوام الكلمات القلبية التالية:
" تامر ... حاولت الاتصال بك فور قراءتي خبر استشهادك لأني لم أشأ أن أصدق الخبر، الرقم خارج التغطية ، عدت إلى الفيسبوك حيث توالت الأخبار عنك ، قرأت آخر ما كتبته أنت ( عن القذائف التي تقتل الأسئلة ) رأيت صورة لك مع الحمام وتحت الصورة كلمات لك( في حلب .. يصعد الشهداء كأسراب الحمام ) وعصرت قلبي صورة ثانية لك وأنت بكامل طيبتك وحلمك ناظراً الى الأفق ، قفز تفكيري إلى أخيك ( سميح العوام ) وتصورت ألمه بفقدك ، وخالك عصام الذي تصادف أننا زرناه سوية في قرية إسبانية بعيدة ( بعد أن التقينا في مهرجان برشلونة )وحينها كانت المرة الاولى التي تلتقي به لأنه مهاجر قديم وأتذكر دهشته من تصورك لمستقبل سوريا الذي سيصنعه الشباب... بدا كلامك حينها أشبه بهذيان .. ابتسم الخال وهز رأسه مشجعاً وفي عينيه تشكك واضح كأنما من قدرة هذا الجيل على التغيير وحقيقة بدا حينها مع كلامك الواثق كأنما حضور دونكيشوتي ، إذ لم يكن كثيرون يومنون بأن ما يحدث اليوم هو قابل للحدوث . أقفز بذاكرتي إلى أسئلتك لبثينة شعبان ( أثناء اعتصام مع بعض الشبان في برلين ) وكيف أنك قلتها بكل ثقة في نهاية حديثك( بأننا سننزل إلى سوريا لنلتحق بالثوار .. ولنستشهد هناك ) ... ربما رأى الكثيرون هذا الفيديو سابقاً وظنوا أنك ترمي كلاماً في الهواء، مرة أخرى سيكتشف الآخرون بأنك لم تكن تهذي.
تامر .. أحس باشتياق إليك وأنا أتذكر زيارتك لي في باريس مع صديقتك من ألمانيا ، حضورك حفلتي في مسرح ( جان فيلارد ) مساحة الفرح في عينيك وأنت تحلم بأن تستطيع وحدك ترتيب حفل لي في برلين دعماً للثورة ... واستطعت ذلك ... أتذكرك الآن قبل الحفل في برلين كيف جئتني تبكي كطفل لأنك لم تستطع أن تؤمِّن مبلغاً كنت تأمل تقديمه للموسيقيين في فرقتي، أذكر كيف حضنتك وطلبت منك نسيان الموضوع واستقبال ضيوفك، ضمَّك لي وارتجافك كعصفور، أتذكرك الآن وأكتشف أنني ضيعت فرصاً لمجالستك أكثر والاستمتاع بالمرح والتفاؤل الذي يلون أحاديثك .
حين أخبرتني قبل عام تقريباً أنك تسللت مع الكاميرا إلى إدلب .. ظننتك تبالغ، وحين رأيت ما صورته أدركت عزيمتك ورجوتك أن تحرص على السلامة .. وقلت لي أن دمك ليس أغلى من دماء الذين يُستشهدون من أولاد البلد، كنت واضحاً حاسماً عنيداً فيما يخص دمك، ودافئاً خجولاً هادئاً فيما يخص أحبتك .
تامر .. أيها الفتى المتوحد مع حلمه بسوريا الجديدة الحرة يا ابن السويداء الجميل الذي صعدت روحه كأسراب الحمائم في حلب ... تامر العوام .. ساحرص على أن أرى ما وثقته الكاميرا بين يديك فربما خبأت لنا فيها الرسائل ...سأحرص على أن أزورك حيث تكون حين أعود لسوريا، وسأحرص على أن تكون باقة الورد منسقة جيداً لأني أعرف أنك كنت بائع ورد في وقت ما" سميح شقير
أما مصطفى علوش؛ فينقل إلينا إحدى حوارياته مع تامر فيقول :
" مصطفى : شو يا صاحبي ، سمعت بدك تنزل ع سوريا ..
تامر العوام : اي و الله من هون للخميس بكون هناك
مصطفى: الله يحميك يارب ، و أكيد لما تنزل عالسويدا بدك تّمر على درعا .. سلملي على ترابها ، وطمني عنها ..
تامر العوام - الله يسامحك يا أبو حميد ... مو نحنا اللي بنمر على درعا .. درعا هي اللي بتمر فيننا من جوا
كون بخير يا صاحبي ... الله ما كتبلي شوفك بدرعا أو بالسويدا .. كمان إنت مكتوب علينا نشوفك بالفيديوهات ..
تامر! بعرف انو ماعاد يهمك اذا نسيتك او لاء .. وبعرف إنك ما رح ترجعلنا ، بس مارح انساك ، ولا رح انسى كلامك معي ... رح شوفك بكل مرة بنزل فيها عالسويدا ، رح يكون مكانك محجوز بالعزيمة اللي وعدتك فيها يا صاحبي "
وفي موضع آخر كتب يقول " هو واحد من ثلاثين ألف أيقونة سورية قد يقول أحدهم وقد أهز رأسي موافقاً .. نعم ليس ثمة ما يبرر من حيث المبدأ التمييز بين شهيد وآخر من أبناء الوطن الواحد استشهدا في سبيل القضية نفسها .. فلماذا يحظى البعض منهم بما لا يحظى به آخرون من تمجيد وذكر حسن..؟! القضية أيها السادة أنه عندما يملُّ السوري من متابعة الثورة خلف الشاشات ويأتي لممارستها على أرض الوطن .. عندما يترك رفاه أوروبا ليؤدي الرسالة حيث يجب أن تكون؛ يعني أنه اختار الشهادة ولم تختره .. أنه استقبلها وعانقها بصدره ولم تأته على حين غرة .. أنه سعى إليها ولم تصبه لطيش الرصاصة ..القضية باختصار أن أمثال تامر العوام وحسام الدين أرمنازي وباسل شحادة يعرونك أمام نفسك .. يفضحونك على رؤوس الأشهاد .. يُقيمون عليك الحجة والبرهان ..إنهم يقولون لك بالدَّم لا بالفم: إنَّ السوري هذه الأيام -ومهما فعل في الخارج- مكانه هناك في أرض المعركة .. أرض الأساطير .."
في آخر ما كتبه تامر العوّام تنبّؤٌ بالنهاية حين قال " بين القذيفة والقذيفة تسألني المصورة النمساوية ما هو سبب القصف من مسافات بعيدة على المدينة ألم تتدربوا في الجيش السوري على آلية حرب الشوارع كونكم بموقع حرب مع الإسرائيلين .... تسقط قذيفة جديدة وتقتل الإجابة"
قبل ثلاثة أسابيع من ذلك اليوم الحزين أرسل لي عبر السكايب يحادثني ويخبرني أنه اشتاق لي" خير الله" وأنه سيعود ثانية إلى سورية دون حاجة أن أقلق أو أخاف عليه فـ " ما بموت غير يلي خالص عمرو " و " لا تخاف وكّل الله "..!
هكذا رحل تامر في التاسع من الشهر التاسع من العام 2012م دون أن نتفق على شيء إلأ على شيء واحد وهو أن سورية أمنا الواحدة التي تضمنا جميعاً بذراعيها إلى صدرها, وحبيبتنا التي لأجلها نرخص جميعاً أرواحنا ...
وداعاً يا تامر..رغم أني مشتاق لك" خير الله "..... وداعا يُعجزُ الكلمات وتخنقه العبرات ..وداعا يا صاحبي فلقد عبرت " الحاجز" وأبقيت لنا " ذكريات"..!
بقلم د.محمد شادي كسكين ، من كتاب سيرة مئة قمر سوري، منشورات تيار العدالة الوطني 2013
شهيد الحقيقة البطل تامر العوام – السويداء / حلب
كنت أحسب أنني سأكتب عن تامر العوام معارضاً أو إعلامياً أو ناشطاً لكنني اليوم أكتب عنه شهيداً للحقيقة.
عرفته في بدايات الشهر الخامس من 2011م حين كنت أعمل في توثيق وإصدار بيانات شهداء الثورة التي كنا نصدرها باسم لجنة شهداء ثورة 15 أذار وبتوقيع الاسم الحركي الذي كنت أستخدمه آنذاك د.محمد شمس الياسمين... لا أدري لماذا بحت له في أول حديث هاتفي عن اسمي وتفاصيل حياتي وتواعدنا على العمل معاً بشأن المعتقلين ...
ولد تامر العوام في 2- أغسطس آب 1977م في مدينة السويداء ,سافر إلى ألمانيا لدراسة الإخراج السينمائي، وعمل على إنتاج عدة وثائقيات عن الثورة السورية منها "ذكريات على الحاجز"، التقيته في أول مؤتمر للمعارضة السورية في أنطاليا التركية في الحادي والثلاثين من مايو أيار لعام ٢٠١١م وهناك تعرفت إليه عن قرب ... بعد انتهاء المؤتمر بأيام اتصل بي طالباً مني الحضور بسرعة إلى الحدود التركية السورية , قال لي: " تعال شوف جماعتك بدهم يهربوا سلاح .." كان تامر ككل السوريين آنذاك يؤمن بالمحافظة على سلمية الثورة .
كتب في ١٥ أغسطس آب ٢٠١١م وكان الناس قد اضطروا للدفاع عن أنفسهم بما يملكون:
" كل من يدعو إلى حمل السلاح وعدم سلمية الثورة في كل مراحلها ومن يدعو إلى أي تدخل عسكري خارجي خائن لأن الشعب السوري بأغلبية كبيرة جداً يرفض أي تدخل خارجي أو المساس بوحدة سورية. هو خائن لدماء الشهداء. بسلميتنا فقط نسقط هذا النظام سلميتنا وعدالة مطالبنا هي وسيلتنا الوحيدة التي يخافونها، سوف نحاكمهم بالقانون الذي سرقوه، بنفس الأقبية التي سجنونا بها ".
بعد تاريخ كتابة هذا النص بعام واحد فقط تحدث معي تامر العوام من ألمانيا لأكون شاهداً على التغيير الذي شهده فكره وكيانه .. حدثني في هذا الاتصال الأخير عن زيارته لسورية ..عن مشاهدته وعن أفلامه ..قال لي إنه سيعود خلال أيام وكانت المفاجأة حين أخبرني أنه يرافق الجيش الحر ..وأنني ورفيق عمره محمد الدقوري سيئا الحظ لأننا لم نحظ بمعايشة السعادة التي يعيشها هناك"
..أيام قلائل ويرحل تامر إثر إصابته بشظية قذيفة أثناء مرافقته لمقاتلي الجيش الحر في حي الإذاعة بمدينة حلب، ولم تفلح كل الجهود التي بذلها الفريق الطبي للمشفى الميداني في إنقاذه... ويومها بكيته كما لم أبك سبعة من أعز أقاربي رحلوا بذات الطريقة .
كتب الفنان سميح شقير عن تامر العوام الكلمات القلبية التالية:
" تامر ... حاولت الاتصال بك فور قراءتي خبر استشهادك لأني لم أشأ أن أصدق الخبر، الرقم خارج التغطية ، عدت إلى الفيسبوك حيث توالت الأخبار عنك ، قرأت آخر ما كتبته أنت ( عن القذائف التي تقتل الأسئلة ) رأيت صورة لك مع الحمام وتحت الصورة كلمات لك( في حلب .. يصعد الشهداء كأسراب الحمام ) وعصرت قلبي صورة ثانية لك وأنت بكامل طيبتك وحلمك ناظراً الى الأفق ، قفز تفكيري إلى أخيك ( سميح العوام ) وتصورت ألمه بفقدك ، وخالك عصام الذي تصادف أننا زرناه سوية في قرية إسبانية بعيدة ( بعد أن التقينا في مهرجان برشلونة )وحينها كانت المرة الاولى التي تلتقي به لأنه مهاجر قديم وأتذكر دهشته من تصورك لمستقبل سوريا الذي سيصنعه الشباب... بدا كلامك حينها أشبه بهذيان .. ابتسم الخال وهز رأسه مشجعاً وفي عينيه تشكك واضح كأنما من قدرة هذا الجيل على التغيير وحقيقة بدا حينها مع كلامك الواثق كأنما حضور دونكيشوتي ، إذ لم يكن كثيرون يومنون بأن ما يحدث اليوم هو قابل للحدوث . أقفز بذاكرتي إلى أسئلتك لبثينة شعبان ( أثناء اعتصام مع بعض الشبان في برلين ) وكيف أنك قلتها بكل ثقة في نهاية حديثك( بأننا سننزل إلى سوريا لنلتحق بالثوار .. ولنستشهد هناك ) ... ربما رأى الكثيرون هذا الفيديو سابقاً وظنوا أنك ترمي كلاماً في الهواء، مرة أخرى سيكتشف الآخرون بأنك لم تكن تهذي.
تامر .. أحس باشتياق إليك وأنا أتذكر زيارتك لي في باريس مع صديقتك من ألمانيا ، حضورك حفلتي في مسرح ( جان فيلارد ) مساحة الفرح في عينيك وأنت تحلم بأن تستطيع وحدك ترتيب حفل لي في برلين دعماً للثورة ... واستطعت ذلك ... أتذكرك الآن قبل الحفل في برلين كيف جئتني تبكي كطفل لأنك لم تستطع أن تؤمِّن مبلغاً كنت تأمل تقديمه للموسيقيين في فرقتي، أذكر كيف حضنتك وطلبت منك نسيان الموضوع واستقبال ضيوفك، ضمَّك لي وارتجافك كعصفور، أتذكرك الآن وأكتشف أنني ضيعت فرصاً لمجالستك أكثر والاستمتاع بالمرح والتفاؤل الذي يلون أحاديثك .
حين أخبرتني قبل عام تقريباً أنك تسللت مع الكاميرا إلى إدلب .. ظننتك تبالغ، وحين رأيت ما صورته أدركت عزيمتك ورجوتك أن تحرص على السلامة .. وقلت لي أن دمك ليس أغلى من دماء الذين يُستشهدون من أولاد البلد، كنت واضحاً حاسماً عنيداً فيما يخص دمك، ودافئاً خجولاً هادئاً فيما يخص أحبتك .
تامر .. أيها الفتى المتوحد مع حلمه بسوريا الجديدة الحرة يا ابن السويداء الجميل الذي صعدت روحه كأسراب الحمائم في حلب ... تامر العوام .. ساحرص على أن أرى ما وثقته الكاميرا بين يديك فربما خبأت لنا فيها الرسائل ...سأحرص على أن أزورك حيث تكون حين أعود لسوريا، وسأحرص على أن تكون باقة الورد منسقة جيداً لأني أعرف أنك كنت بائع ورد في وقت ما" سميح شقير
أما مصطفى علوش؛ فينقل إلينا إحدى حوارياته مع تامر فيقول :
" مصطفى : شو يا صاحبي ، سمعت بدك تنزل ع سوريا ..
تامر العوام : اي و الله من هون للخميس بكون هناك
مصطفى: الله يحميك يارب ، و أكيد لما تنزل عالسويدا بدك تّمر على درعا .. سلملي على ترابها ، وطمني عنها ..
تامر العوام - الله يسامحك يا أبو حميد ... مو نحنا اللي بنمر على درعا .. درعا هي اللي بتمر فيننا من جوا
كون بخير يا صاحبي ... الله ما كتبلي شوفك بدرعا أو بالسويدا .. كمان إنت مكتوب علينا نشوفك بالفيديوهات ..
تامر! بعرف انو ماعاد يهمك اذا نسيتك او لاء .. وبعرف إنك ما رح ترجعلنا ، بس مارح انساك ، ولا رح انسى كلامك معي ... رح شوفك بكل مرة بنزل فيها عالسويدا ، رح يكون مكانك محجوز بالعزيمة اللي وعدتك فيها يا صاحبي "
وفي موضع آخر كتب يقول " هو واحد من ثلاثين ألف أيقونة سورية قد يقول أحدهم وقد أهز رأسي موافقاً .. نعم ليس ثمة ما يبرر من حيث المبدأ التمييز بين شهيد وآخر من أبناء الوطن الواحد استشهدا في سبيل القضية نفسها .. فلماذا يحظى البعض منهم بما لا يحظى به آخرون من تمجيد وذكر حسن..؟! القضية أيها السادة أنه عندما يملُّ السوري من متابعة الثورة خلف الشاشات ويأتي لممارستها على أرض الوطن .. عندما يترك رفاه أوروبا ليؤدي الرسالة حيث يجب أن تكون؛ يعني أنه اختار الشهادة ولم تختره .. أنه استقبلها وعانقها بصدره ولم تأته على حين غرة .. أنه سعى إليها ولم تصبه لطيش الرصاصة ..القضية باختصار أن أمثال تامر العوام وحسام الدين أرمنازي وباسل شحادة يعرونك أمام نفسك .. يفضحونك على رؤوس الأشهاد .. يُقيمون عليك الحجة والبرهان ..إنهم يقولون لك بالدَّم لا بالفم: إنَّ السوري هذه الأيام -ومهما فعل في الخارج- مكانه هناك في أرض المعركة .. أرض الأساطير .."
في آخر ما كتبه تامر العوّام تنبّؤٌ بالنهاية حين قال " بين القذيفة والقذيفة تسألني المصورة النمساوية ما هو سبب القصف من مسافات بعيدة على المدينة ألم تتدربوا في الجيش السوري على آلية حرب الشوارع كونكم بموقع حرب مع الإسرائيلين .... تسقط قذيفة جديدة وتقتل الإجابة"
قبل ثلاثة أسابيع من ذلك اليوم الحزين أرسل لي عبر السكايب يحادثني ويخبرني أنه اشتاق لي" خير الله" وأنه سيعود ثانية إلى سورية دون حاجة أن أقلق أو أخاف عليه فـ " ما بموت غير يلي خالص عمرو " و " لا تخاف وكّل الله "..!
هكذا رحل تامر في التاسع من الشهر التاسع من العام 2012م دون أن نتفق على شيء إلأ على شيء واحد وهو أن سورية أمنا الواحدة التي تضمنا جميعاً بذراعيها إلى صدرها, وحبيبتنا التي لأجلها نرخص جميعاً أرواحنا ...
وداعاً يا تامر..رغم أني مشتاق لك" خير الله "..... وداعا يُعجزُ الكلمات وتخنقه العبرات ..وداعا يا صاحبي فلقد عبرت " الحاجز" وأبقيت لنا " ذكريات"..!
بقلم د.محمد شادي كسكين ، من كتاب سيرة مئة قمر سوري، منشورات تيار العدالة الوطني 2013