الشهيد أحمد إسماعيل عسكر – دير الزور / أريحا إدلب
أبى القلم إلا أن يشرف نفسه بهذه السطور الرقيمة محدثاً عن فارس شرف الزمان بسيرته العظيمة .. لو لم يكن للشام بطل إلا مثله لكفاها أن تملأ راحتيها فخراً، وتجرر ذيولها المحنّاة بالدم تيهاً وكِبراً.. وسيظلّ ذكره وإن رحل عطراً رقراقاً كما نهر الفرات الذي أنجبه وضخّ فيه تلك الروح . الشهيد بإذن الله أحمدإسماعيل عسكر ابن قرية... الصّوَر التي ترخي جدائلها على خاصرة الخابور في دير الزور، ينتمي إلى عشيرة الهفل من من ظهر أجداد عظام.. طود راسخ لم يعمّر فوق ظهر البسيطة أكثر من ستة وعشرين عاماً ترك إرثاً من بعده يتعب جهابذة الرجال.
كان مولد هذا البطل في جمهورية التشيك. لكنه نشأ وترعرع في غوطة دمشق , شبّ قبل أوانه وخبر الرجولة ومواقفها قبل أن تنبت أسنان أقرانه، رضع الشهامة والكرم والوفاء والإيثار، وكان لصوت الرصاص وجعجعة السلاح أثر على مسمعه أحنّ من وتر على قيثار. يمتلئ شهيدنا شموخاً عجيباً، وتجعله عزة نفسه في النفوس عظيماً وللقلوب قريباً فتزيده وقاراً، وتجلله إكباراً، وليس الوصف كالمعاينة .
تخرج من الثانوية حاله حال شباب هذا الزمان فدخل جامعة دمشق ثم ما لبث أن هجرها ليتوجه إلى باكستان في شتاء 2005م لدراسة الصيدلة . لم يكن طائش الخطى ولا يضرب خبط عشواء ،، بل يحسب لكل أمر حسابه ويرسم لكل خطوة ما بعدها بإتقان , يعرف هدفه جيداً فيسير إليه دون أن تثنيه عنه بنيات الطريق، كان لأمه نصيب الأسد من قلبه،، فلا يدعوها إلا الحبيبة ... يكثر من ذكرها والدعاء لها ويأنس لسماع صوتها كلما حزبه أمر ، فإذا ما حدثها من بلاد الغربة لان جانبه وسكنت نفسه .. ومع ذلك كله لا تعرف الأثرةَ إلى نفسِه طريقاً ، ولا يرى منه إخوانه إلا طيب المعشر وحسن التدبير والسريرة، حتى إذا ما اختلفوا اجتمعوا إليه وجدوه حكماً عدلاً وإذا ما ضاقت عليهم الدنيا ركنوا إليه فوجدوا عنده تفريجاً وتثبيتاً ، شهم غيور عليهم لا يرى أحداً في مأزق إلا أورد نفسه كل مورد ليستنقذه, ولا وجده بضيق إلا سلك كل السبل ليفرحه ,, ثم إذا ما قضى من كل ذلك ما قدر الله له أن يقضي؛ طوى أسراره وأشجانه في صدره لا تكاد تراها إلا من ترقرق عينيه ... أو نفثات صدره كيف لا وهو من أمة المليار المستباح يستمع لمآسي المسلمين في العراق وفلسطين وأفغانستان بحرقة، فيكاد أن تطير روحه ويتفجر بدنه شوقاً أن يفتديهم بروحه وماله وأعظم ما ملكت يمينه آخذاً بذلك قاعدة الأقرب فالأقرب.
لا يستنكف أحمد أن يترك امتحاناته نصرة لمسلم صرخ في ضميره كباحث عن مضيَّع كلما سمع هيعة أو فزعة هب إليها يبتغي الموت أو القتل مظانه, حاملاً روحه على راحتيه فلا يعود إلا وقد اطمأنت نفسه وبسم ثغره وكأني بالملائكة تناديه: " أفلح الوجه أبا إسماعيل"!! ..
كم تراه في الليالي محتضناً كتاب الله ، أو مطالعاً في" الجواب الكافي لمن بحث عن الدواء الشافي" لابن القيم أو سير الصحابة والخلفاء أو غير ذلك مما تحويه مكتبته الصغيرة في غرفته. كانت فلسطين وبيت المقدس مهوى فؤاده وحديث أسماره، يرى الطريق إليها لا يرتسم إلا على أبواب دمشق، إذ كيف تتحرر وكلاب الأسد تحرس اليهود فيها من الجولان إلى كلاب نصر اللات في الجنوب ولكم زغردت ضحكاته لسقوط بن علي وطاغية مصر خانق غزة ، وكان يقسم أيامها لئن لم تشتعل الثورة في الشام ليكونن مُشْعِلها ومِشعَلها! تحول أحمد اسماعيل عسكر لحظة حقق الله أحلامه من طالب في مراحل دراسته الجامعية الأخيرة تنفتح الدنيا بمصراعيها له بعد أشهر قلائل، إلى مشروع شهيد نذر نفسه نصرة لأهل الشام بالغالي والرخيص .. فكان أن حرض إخوانه لبدء الاعتصام أمام سفارة الأسد في إسلام أباد .. و توجه مع إخوانه من مدينة ملتان إلى العاصمة التي شهدت له صولات وصولات كان فيها أبو اسماعيل قائد المقدمة يقود المظاهرات ويعقد المؤتمرات ويلقي الخطابات ويهز الجموع ويحرض الساسة على نصرة المستضعفين في سورية واستمر هكذا لا يكل ولايمل ولاينام حتى أنهى دراسته بنجاح..
ما بين شهادة الدنيا وشهادة الآخرة توجه الليث الهزبر إلى تركيا وانخرط في جهاد كلاب الأسد مع إحدى المجموعات الحدودية .. كان مثال المؤمن المجاهد المرابط الصابر الثابت، لا تقر عينه إلا في حومة النزال وكان يتدرب على فنون القتال وينطلق للإثخان في أعداء الله والإنسانية من خيمته البسيطة في تلك الأحراش ولكأني بالشاعر لو رآه لقال: ...
فتى لايحب الزاد إلا من التقى .... ولا المال إلا من قنا وسيوف
تضمَّن جوداً حاتمياً ونائلاً........ وسَورة مقدامٍ وقلبَ حصيفِ
فإن يكُ أرداه خبيث ومجرم.......فيا رُبّ خيلٍ فضَّها وصفوفِ
أيا شجر الخابورمالكَ مورقاً ...... كأنّك لم تجزع لروح عفيف..
فقد آن الربيع وليتنا ..... فديناك من دهمائنا بألوفِ
فلا تحزني يا أم أحمد إنني ..... أرى الموت نزّالاً بكلّ شريفِ
اشترك بعدة غزوات مباركة أثخنت في أعداء الله، لعل أبرزها تلك التي أسقطت منهم 22 روحاً قاتلة في جسر الشغور بإدلب،وظل ليثنا في رباطه ذلك قرابة الشهرين حتى مل سياسة الضرب والتراجع وأراد أن يقتحم الساحة فلا يغادرها إلا بنصر أو شهادة .
دخل أحمد - رحمه الله- إلى داخل الحدود وانضم إلى كتائب عباد الرحمن التابعة لكتائب أحرار الشام في أريحا بمحافظة إدلب .. واستمر الليث في جهاده ،، مثابراً نهاره قائماً ليله ،، يتدرب آناً ويشارك في المعارك آناً أخرى، كان لاغتيالات رؤوس المجرمين مكانة خاصة في قلبه ، لأنه يراها العمليات النوعية التي تحسم المعركة فكان يساهم في إعداد القنابل فتحصد أعداء الله من رؤوس الكفر إيماناً منه بقوله تعالى: "فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون". شارك بالكثير من تلك العلميات، و أطاحت أياديه المتوضئة بالكثير من الرؤوس التي تحمل الموت والدمار للشعب السوري المسالم الأعزل, وكلما اقترب رمضان أكثر كانت روحه تفيض شوقاً لرمضان هذا العام .. رمضان له طعم آخر تحت ظلال السيوف وعلى ثغور الرباط، يرفع يديه في الليالي المظلمة على أحد الثغور داعياً: اللهم توفني مقبلاً غير مدبر ، اللهم ارزقني الشهادة والحسنى وزيادة ، اللهم لا تحرمني شفاعةً في والدي يارب العالمين !. جاء رمضان وجاءت معه البشرى .. كان يرى حواري الجنان تتزين له استعداداً فقد حان اللقا بالخاطبين, فيكثر ملازمته لكتاب الله محتضناً سلاحه قاسماً ليله بين تلاوة ودعاء ونهاره بين صيام وتدريب وتحريض وإثخان ...
هي أيام سبعة.. قضاها من ذلك الشهر الفضيل.. شهد فيها فتح الله على المسلمين باشتعال جبهة حلب .. وكانت أملاً في نفسه .. فما توانى عن فك حصار أهله فيها فتوجه مع مجموعته إلى الخط الدولي قرب سراقب بعد أن هيأ نفسه واستعد للقاء الله .. وراح يزرع الألغام مع رفقائه لتحصد آليات الأسد الغادرة المتوجهة لدك حلب الشهباء.. وبدأت المعركة بتطاير الرؤوس والدبابات وناقلات الجند وقوات الأسد تكاد تميز من الغيظ حنقاً وحقداً لمعرفة مكمن أولئك الأسود .. وكانت مشيئة الله ولا رادَّ لقضائه أن اكتشف موقعهم وبدأت حمم الدبابات تمطرهم ، وأبو اسماعيل ينادي برهطه راغباً أن لا يدخلوا الجنة إلا جماعة، وكان يصيح فيهم : " يا إخوان اجعلوها خالصة لله يا إخوان"..!! حتى أصابته شظية قذيفة غادرة في وجهه الطاهر كما أراد، لكي يكون جهاده خالصاً لله لا يعكره رياء ولا تشوبه شائبة . كان ذلك في السادس والعشرين من تموز 2012م و لم يكن عرف عن نفسه إلا بأبي اسماعيل أراد أن يكون مجهولاً للناس جزاؤه عند الله فأبى الله إلا أن يتم نوره ويطلع الناس على مآثر ذلك الفارس .. هناك في أرض خضبتها الدماء وتحت ثرى يضم الغار والزيتون .
وُسِّد الفارس لحده ولسان الحال يقول:
مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة ... غداة ثوى إلا اشتهت لو أنها قبر
عليك سلام الله وقفاً فإنني ...... رأيت الشريف الحر ليس له عمر....!
شام صافي – من كتاب مئة قمر سوري – منشورات تيار العدالة الوطني 2013
أبى القلم إلا أن يشرف نفسه بهذه السطور الرقيمة محدثاً عن فارس شرف الزمان بسيرته العظيمة .. لو لم يكن للشام بطل إلا مثله لكفاها أن تملأ راحتيها فخراً، وتجرر ذيولها المحنّاة بالدم تيهاً وكِبراً.. وسيظلّ ذكره وإن رحل عطراً رقراقاً كما نهر الفرات الذي أنجبه وضخّ فيه تلك الروح . الشهيد بإذن الله أحمدإسماعيل عسكر ابن قرية... الصّوَر التي ترخي جدائلها على خاصرة الخابور في دير الزور، ينتمي إلى عشيرة الهفل من من ظهر أجداد عظام.. طود راسخ لم يعمّر فوق ظهر البسيطة أكثر من ستة وعشرين عاماً ترك إرثاً من بعده يتعب جهابذة الرجال.
كان مولد هذا البطل في جمهورية التشيك. لكنه نشأ وترعرع في غوطة دمشق , شبّ قبل أوانه وخبر الرجولة ومواقفها قبل أن تنبت أسنان أقرانه، رضع الشهامة والكرم والوفاء والإيثار، وكان لصوت الرصاص وجعجعة السلاح أثر على مسمعه أحنّ من وتر على قيثار. يمتلئ شهيدنا شموخاً عجيباً، وتجعله عزة نفسه في النفوس عظيماً وللقلوب قريباً فتزيده وقاراً، وتجلله إكباراً، وليس الوصف كالمعاينة .
تخرج من الثانوية حاله حال شباب هذا الزمان فدخل جامعة دمشق ثم ما لبث أن هجرها ليتوجه إلى باكستان في شتاء 2005م لدراسة الصيدلة . لم يكن طائش الخطى ولا يضرب خبط عشواء ،، بل يحسب لكل أمر حسابه ويرسم لكل خطوة ما بعدها بإتقان , يعرف هدفه جيداً فيسير إليه دون أن تثنيه عنه بنيات الطريق، كان لأمه نصيب الأسد من قلبه،، فلا يدعوها إلا الحبيبة ... يكثر من ذكرها والدعاء لها ويأنس لسماع صوتها كلما حزبه أمر ، فإذا ما حدثها من بلاد الغربة لان جانبه وسكنت نفسه .. ومع ذلك كله لا تعرف الأثرةَ إلى نفسِه طريقاً ، ولا يرى منه إخوانه إلا طيب المعشر وحسن التدبير والسريرة، حتى إذا ما اختلفوا اجتمعوا إليه وجدوه حكماً عدلاً وإذا ما ضاقت عليهم الدنيا ركنوا إليه فوجدوا عنده تفريجاً وتثبيتاً ، شهم غيور عليهم لا يرى أحداً في مأزق إلا أورد نفسه كل مورد ليستنقذه, ولا وجده بضيق إلا سلك كل السبل ليفرحه ,, ثم إذا ما قضى من كل ذلك ما قدر الله له أن يقضي؛ طوى أسراره وأشجانه في صدره لا تكاد تراها إلا من ترقرق عينيه ... أو نفثات صدره كيف لا وهو من أمة المليار المستباح يستمع لمآسي المسلمين في العراق وفلسطين وأفغانستان بحرقة، فيكاد أن تطير روحه ويتفجر بدنه شوقاً أن يفتديهم بروحه وماله وأعظم ما ملكت يمينه آخذاً بذلك قاعدة الأقرب فالأقرب.
لا يستنكف أحمد أن يترك امتحاناته نصرة لمسلم صرخ في ضميره كباحث عن مضيَّع كلما سمع هيعة أو فزعة هب إليها يبتغي الموت أو القتل مظانه, حاملاً روحه على راحتيه فلا يعود إلا وقد اطمأنت نفسه وبسم ثغره وكأني بالملائكة تناديه: " أفلح الوجه أبا إسماعيل"!! ..
كم تراه في الليالي محتضناً كتاب الله ، أو مطالعاً في" الجواب الكافي لمن بحث عن الدواء الشافي" لابن القيم أو سير الصحابة والخلفاء أو غير ذلك مما تحويه مكتبته الصغيرة في غرفته. كانت فلسطين وبيت المقدس مهوى فؤاده وحديث أسماره، يرى الطريق إليها لا يرتسم إلا على أبواب دمشق، إذ كيف تتحرر وكلاب الأسد تحرس اليهود فيها من الجولان إلى كلاب نصر اللات في الجنوب ولكم زغردت ضحكاته لسقوط بن علي وطاغية مصر خانق غزة ، وكان يقسم أيامها لئن لم تشتعل الثورة في الشام ليكونن مُشْعِلها ومِشعَلها! تحول أحمد اسماعيل عسكر لحظة حقق الله أحلامه من طالب في مراحل دراسته الجامعية الأخيرة تنفتح الدنيا بمصراعيها له بعد أشهر قلائل، إلى مشروع شهيد نذر نفسه نصرة لأهل الشام بالغالي والرخيص .. فكان أن حرض إخوانه لبدء الاعتصام أمام سفارة الأسد في إسلام أباد .. و توجه مع إخوانه من مدينة ملتان إلى العاصمة التي شهدت له صولات وصولات كان فيها أبو اسماعيل قائد المقدمة يقود المظاهرات ويعقد المؤتمرات ويلقي الخطابات ويهز الجموع ويحرض الساسة على نصرة المستضعفين في سورية واستمر هكذا لا يكل ولايمل ولاينام حتى أنهى دراسته بنجاح..
ما بين شهادة الدنيا وشهادة الآخرة توجه الليث الهزبر إلى تركيا وانخرط في جهاد كلاب الأسد مع إحدى المجموعات الحدودية .. كان مثال المؤمن المجاهد المرابط الصابر الثابت، لا تقر عينه إلا في حومة النزال وكان يتدرب على فنون القتال وينطلق للإثخان في أعداء الله والإنسانية من خيمته البسيطة في تلك الأحراش ولكأني بالشاعر لو رآه لقال: ...
فتى لايحب الزاد إلا من التقى .... ولا المال إلا من قنا وسيوف
تضمَّن جوداً حاتمياً ونائلاً........ وسَورة مقدامٍ وقلبَ حصيفِ
فإن يكُ أرداه خبيث ومجرم.......فيا رُبّ خيلٍ فضَّها وصفوفِ
أيا شجر الخابورمالكَ مورقاً ...... كأنّك لم تجزع لروح عفيف..
فقد آن الربيع وليتنا ..... فديناك من دهمائنا بألوفِ
فلا تحزني يا أم أحمد إنني ..... أرى الموت نزّالاً بكلّ شريفِ
اشترك بعدة غزوات مباركة أثخنت في أعداء الله، لعل أبرزها تلك التي أسقطت منهم 22 روحاً قاتلة في جسر الشغور بإدلب،وظل ليثنا في رباطه ذلك قرابة الشهرين حتى مل سياسة الضرب والتراجع وأراد أن يقتحم الساحة فلا يغادرها إلا بنصر أو شهادة .
دخل أحمد - رحمه الله- إلى داخل الحدود وانضم إلى كتائب عباد الرحمن التابعة لكتائب أحرار الشام في أريحا بمحافظة إدلب .. واستمر الليث في جهاده ،، مثابراً نهاره قائماً ليله ،، يتدرب آناً ويشارك في المعارك آناً أخرى، كان لاغتيالات رؤوس المجرمين مكانة خاصة في قلبه ، لأنه يراها العمليات النوعية التي تحسم المعركة فكان يساهم في إعداد القنابل فتحصد أعداء الله من رؤوس الكفر إيماناً منه بقوله تعالى: "فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون". شارك بالكثير من تلك العلميات، و أطاحت أياديه المتوضئة بالكثير من الرؤوس التي تحمل الموت والدمار للشعب السوري المسالم الأعزل, وكلما اقترب رمضان أكثر كانت روحه تفيض شوقاً لرمضان هذا العام .. رمضان له طعم آخر تحت ظلال السيوف وعلى ثغور الرباط، يرفع يديه في الليالي المظلمة على أحد الثغور داعياً: اللهم توفني مقبلاً غير مدبر ، اللهم ارزقني الشهادة والحسنى وزيادة ، اللهم لا تحرمني شفاعةً في والدي يارب العالمين !. جاء رمضان وجاءت معه البشرى .. كان يرى حواري الجنان تتزين له استعداداً فقد حان اللقا بالخاطبين, فيكثر ملازمته لكتاب الله محتضناً سلاحه قاسماً ليله بين تلاوة ودعاء ونهاره بين صيام وتدريب وتحريض وإثخان ...
هي أيام سبعة.. قضاها من ذلك الشهر الفضيل.. شهد فيها فتح الله على المسلمين باشتعال جبهة حلب .. وكانت أملاً في نفسه .. فما توانى عن فك حصار أهله فيها فتوجه مع مجموعته إلى الخط الدولي قرب سراقب بعد أن هيأ نفسه واستعد للقاء الله .. وراح يزرع الألغام مع رفقائه لتحصد آليات الأسد الغادرة المتوجهة لدك حلب الشهباء.. وبدأت المعركة بتطاير الرؤوس والدبابات وناقلات الجند وقوات الأسد تكاد تميز من الغيظ حنقاً وحقداً لمعرفة مكمن أولئك الأسود .. وكانت مشيئة الله ولا رادَّ لقضائه أن اكتشف موقعهم وبدأت حمم الدبابات تمطرهم ، وأبو اسماعيل ينادي برهطه راغباً أن لا يدخلوا الجنة إلا جماعة، وكان يصيح فيهم : " يا إخوان اجعلوها خالصة لله يا إخوان"..!! حتى أصابته شظية قذيفة غادرة في وجهه الطاهر كما أراد، لكي يكون جهاده خالصاً لله لا يعكره رياء ولا تشوبه شائبة . كان ذلك في السادس والعشرين من تموز 2012م و لم يكن عرف عن نفسه إلا بأبي اسماعيل أراد أن يكون مجهولاً للناس جزاؤه عند الله فأبى الله إلا أن يتم نوره ويطلع الناس على مآثر ذلك الفارس .. هناك في أرض خضبتها الدماء وتحت ثرى يضم الغار والزيتون .
وُسِّد الفارس لحده ولسان الحال يقول:
مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة ... غداة ثوى إلا اشتهت لو أنها قبر
عليك سلام الله وقفاً فإنني ...... رأيت الشريف الحر ليس له عمر....!
شام صافي – من كتاب مئة قمر سوري – منشورات تيار العدالة الوطني 2013