تقرير مفصل حول أحداث مسجد الرفاعي في دمشق 1 نيسان 2011





ما يقرب من ساعتين قبل صلاة الجمعة الأول من نيسان، تدفق أفراد قوات الأمن تساندهم تعزيزات من العصابات المرتزقة نحو محيط مسجد الرفاعي بالقرب من دوار كفر سوسة من أجل استباق أي محاولة من جانب المصلين للقيام باحتجاجات مؤيدة للاصلاح.

وعلى ما يبدو فإن النظام يتبع سياسة “غمر” المساجد بأعداد هائلة من أفراد الأمن والبلطجية لردع المتظاهرين ولوحظ وجود أمني مماثل في جميع مساجد العاصمة وخصوصا في المسجد الأموي والمساجد التي شهدت احتجاجات واعتصامات في الأسابيع الماضية.

ولكن على ما يبدو فإن وجود أفراد من الأمن والبلطجية في داخل المسجد ومحيطه بدا تماما على خلاف مع صفاء وروحانية المكان مما أدى إلى استفزاز مشاعر المصلين. وبعد نهاية الصلاة امتثل المصلون لدعوة الشيخين سارية وأسامة الرفاعي لاجتناب التظاهر ولكن عدد من المندسين التابعين للأمن بدأوا يصرخون بعبارات مسيئة تدعو إلى التحريض الطائفي وهنا حدث تحولاً في مسار الأحداث.

عاد المصلون الذين كانوا في طريقهم للخروج من المسجد وبدأوا يهتفون بشعارات تنادي بالحرية ونبذ الطائفية واعتصم الجزء الأكبر منهم داخل المسجد. في هذه الأثناء أغلق دوار كفر سوسة أمام حركة المرور ووصلت حافلات معبأة ببلطجية موالية للنظام إلى محيط الدوار وبدأوا بالهتاف للرئيس بشار الأسد حاملين صورا وأعلاما . و يحملون مسدسات الصعق الكهربائي، والهراوات والسياط، بالإضافة إلى مسدسات ورشاشات مخبأة تحت ستراتهم.

تيقن إمام المسجد أن المصلين باتوا في خطر فأجرى بعض الاتصالات ثم خرج على المصلين وطمأنهم وقال لهم أن ضابطاً كبيراً في الجيش اسمه خالد قدسية وعده أنه بمجرد خروجهم من المسجد لن يصيبهم أي أذى من قوات الأمن. وبالرغم من استنكار المصلين على الإمام القبول بهذه التطمينات خرج المصلون وراء الشيخ سارية الرفاعي من المسجد وكان أعضاء في قوات الأمن يحاولون توجيه المتظاهرين نحو طريق يضمن فصلهم عن حشد من المواطنين كان قد تجمع عند الدوار.

المجموعة الأولى التي كانت وراء الإمام خرجت بسلام ولم يعترضها أحد، أما المصلون الذي كانوا في المؤخرة فقد كانوا أقل حظاً، فانقض عليهم رجال الأمن والبلطجية وبدأوا يضربونهم بالهروات ويصعقونهم بالمسدسات الكهربائية بطريقة وحشية وعشوائية، فكان من ضحيتهم شاباً في سن المراهقة لا يبدو عليه الانتماء السياسي ورغم توسلاته فإنهم انهالوا عليه بالضرب حتى أغمي عليه. وبات رجال الأمن يتصرفون بشكل هستيري حتى أنهم ومن أجل استعطاف المواطنين الذين كانوا يراقبون المشهد بغضب واضح، طلبوا من أحدهم ان يتصل بالإسعاف لنجدة الشاب الغائب عن الوعي قائلين أنه أحد رفاقهم! كما أنهم ضربوا رجل مسن بالهروات على رأسه حتى دمي وفقد الوعي أيضاً، ورجل آخر تحول ثوبه الأبيض إلى أحمر من شدة الدماء التي سالت من رأسه ووجهه. وبعد أن اشبعوا المصلين ضرباً كانوا يأخذونهم إلى حافلات حيث كان يسمع منهاصوت نداءات واستغاثة.

وفي خضم حفلة الضرب والتعذيب سمع اسم شخص يدعى “فادي صقر”، فقد صرخ أحد عناصر الأمن: “نادوا فادي صقر” فأثار ذلك ردة فعل غاضبة من أحد الضباط ورد عليه بغضب: “يا غبي لا تستخدم أسماء!” وعلى ما يبدو فإن فادي صقر قد يكون ضابطاً في الأمن أو زعيماً لعصابات البلطجية الذين كانوا يرتدون أحزمة مطاطية ملونة على أذرعتهم. وفي هذه الفوضى جاءت صرخة أحد كبار القادة الأمنيين: “من منكم أمن؟” وعندما حاول أحد البلطجية العودة إلى المسجد لضرب ما تبقى من المعتصمين أمره أحد الضباط للذهاب الى إحدى الحافلات والحصول على أحزمة مطاطية من تحت المقعد ليتمكن الأمن معرفة المتظاهر من البلطجي.

وكان آخر حادث الغارة التي شنتها عصابات الأمن على إحدى الشقق المقابلة للمسجد حيث اعتقلت عائلة بأكملها رجالاً ونساءً وأطفالاً بتهمة التصوير من شرفة شقتهم بعد أن وصلهم بلاغاً من قبل العاملين في مقر صحيفة الثورة الذين كانوا يرصدون المنطقة بمناظيرهم لكشف المصورين. وبعد أن تم ضرب واعتقال العشرات من المصلين على مرآى ومسمع من حشد كبير من المارة وصلت شاحنة محملة بالأعلام وصور الرئيس إلى دوار كفر سوسة وأي من المارة لا يحمل صورة أو علم ويهتف للرئيس فكان عرضة للضرب من قبل البلطجية.