طفل سوري يبكي أباه الذي قتل برصاص قنص في إدلب خلال مشاركته في القتال إلى جانب الثوار (أ.ب)
بغداد - باسل محمد:
كشف مصدر سياسي مقرب من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" برئاسة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني لـ"السياسة", أمس, أن القيادة الروسية مستعدة لاستضافة الرئيس السوري بشار الاسد وعائلته في موسكو خاصة بعد تلقيها رسائل ايجابية من بعض قيادات الائتلاف السوري المعارض تشجعها على القيام بذلك, بيد أنه لفت إلى وجود تحفظ لدى بعض المسؤولين الروس خشية ان تؤدي هذه الاستضافة الى حدوث تداعيات في العلاقات الروسية - السورية في المستقبل.
وقال المصدر الكردي, في حزب بارزاني الذي زار موسكو والتقى كبار المسؤولين نهاية الشهر الماضي, ان القيادة الروسية ليست متمسكة ببقاء الأسد في السلطة كجزء من الحل السياسي للأزمة, وهي تريد ضمانات واضحة من الدول الغربية ومن الحكومة السورية المقبلة بشأن قضية جوهرية وهي ان زوال حكم الاسد لن يؤدي الى زوال المصالح الروسية وهذا أمر حيوي لموسكو.
وبحسب المصدر, فإن بارزاني, الذي زار موسكو قبل نحو اسبوع, لم يلمس اي موقف روسي متشدد من مسألة بقاء الاسد بل ان هناك قناعات بدأت بالتبلور في الكرملين تعتقد ان الاسد وبعد قرابة العامين من القتال والحرب لا يمكنه البقاء في السلطة, لأن بقاءه قد يعني في المرحلة المقبلة تجدد الصراع الدموي وانهيار اي حل سياسي.
كما ان موسكو تعتقد ان استمرار دعمها العسكري لنظام الأسد لن ينقذه من الانهيار, وان طول الازمة يصب في مصلحة الثوار وليس في مصلحة النظام, بدليل تصاعد حجم الاستياء داخل النظام و"حزب البعث" الحاكم من الطريقة التي يتم التعامل بها مع الثورة.
وأشار المصدر إلى أن القيادة الروسية تشعر بحيرة كبيرة لأن مواصلتها ارسال السلاح الى النظام السوري ستشجع الدول الغربية على ارسال السلاح الى المعارضة المسلحة وهو امر سيغير موازين القوى على الارض وسيساهم في سقوط نظام الاسد بسرعة, لأنه ثبت للروس أن اعداد الثوار أكبر بكثير من أعداد قوات الأسد, كما ان المقاومة المسلحة منتشرة في كل بقعة وبلدة وطريق خارجية وبين الاحياء, وهذا ما يجعل صمود قوات النظام صعبة للغاية ومكلفة لأن الضربات تأتيها من كل الاتجاهات.
كما تشعر القيادة الروسية بقلق كبير من مصير نفوذها العسكري المتمثل بعدد القواعد البحرية الروسية الموجودة في الموانئ السورية في بانياس وطرطوس واللاذقية, كما ان الجيش السوري النظامي يعد من اهم الجيوش في المنطقة والعالم الذي يشتري السلاح الروسي, وبالتالي ستخسر الصناعة العسكرية الروسية الكثير اذا انهار نظام الاسد.
واشار المصدر إلى أن سورية, بحسب العقيدة السياسية والعسكرية الروسية, ليست مجرد بلد يشتري السلاح بل هي منطقة نفوذ ستراتيجية للدور الروسي في المنطقة, وبالتالي تبدو القيادة الروسية في حيرة من امرها بين قضيتين أساسيتين: حكم الاسد الذي يتمزق يوماً بعد يوم, والاهمية الستراتيجية التي يوفرها لها نفوذها في سورية, ولذلك التساؤل المطروح في مراكز القرار الروسي في الوقت الحالي هو كيف يمكن التخلي عن الاسد مع المحافظة على هذه الاهمية?
وقال المصدر ان من بين الاعتبارات المهمة التي تقلق القيادة الروسية ان العلاقات الوثيقة بين طهران وموسكو قد يصيبها الكثير من الشك إذا لمست القيادة الايرانية تغيراً جوهرياً في الموقف الروسي باتجاه تنحي الاسد, وبالتالي تحرص القيادة الروسية على التفاهم مع الايرانيين قبل المضي قدماً في طرح مسألة الموافقة على استقبال الاسد وخروجه من سورية, ولذلك على الارجح تقف الحكومة الايرانية عائقاً امام قيام الجانب الروسي بالتفاهم مع الغرب لتنفيذ تسوية سياسية من دون الاسد.
ولاتريد إيران ان يحدث هذا "التواطؤ" الروسي بشأن مصير الاسد, لأن ذلك معناه ان موسكو مستعدة لكي "تتواطأ" مع الغرب بشأن الملف النووي الايراني.
ورأى المصدر الكردي القريب من حزب بارزاني ان نجاح الغرب في كسب الموقف الروسي لصالح حل سياسي بتنحي الاسد سيكون مرهوناً اما بتنازلات كبيرة يقدمها الغرب الى ايران بشأن ملفها النووي وإما من خلال ضمانات تقدمها حكومة المعارضة السورية ببقاء التعاون العسكري بين روسيا وسورية في مرحلة ما بعد الاسد.