دانت الولايات المتحدة الخميس “اللجوء الفاضح للعنف” من جانب السلطات السورية في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، مطالبة بوضع حد فوري له.
وقالت فكتوريا نيولاند المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ان “المجتمع الدولي يشعر بالصدمة ازاء التقارير المروعة عن عمليات التعذيب والاعتقال التعسفي والاستخدام المستشري للعنف ضد المحتجين سلميا”، وسط ما يرد عن مقتل زهاء 1300 شخص في عمليات قمع دامية من جانب النظام السوري للمحتجين.
وجاء بيان الخارجية الاميركية بعد يوم من انضمام واشنطن الى 53 بلدا اخر لدى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان في مطالبة دمشق بالسماح لمحققي المجلس بتحري الاوضاع في سوريا.
وقالت نيولاند ان “الولايات المتحدة تدين باشد العبارات استخدام القوة من جانب الحكومة السورية ضد المتظاهرين السلميين. يجب وضع حد الان لهذا العنف الفاضح الموجه لقمع الاحتجاجات”.
وفي بيان مشترك لمجلس حقوق الانسان حثت البلدان سوريا على “فتح الطريق فورا ودون قيود امام البعثة المكلفة من المفوضة العليا لحقوق الانسان لتقصي الحقائق ومعرفة ملابسات الموقف المتعلقة بكافة انتهاكات القانون الدولي لحقوق الانسان”.
وكان المجلس امر باجراء تحقيق في اعمال العنف في سوريا خلال جلسة خاصة له في 29 نيسان/ابريل الماضي.
ومنذ ذلك الحين طالبت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان، نافي بيلاي، مرارا الحكومة السورية تحت امرة الرئيس بشار الاسد بالسماح لبعثة التحقيق بالوصول الى سوريا، غير ان مطالباتها لم تجد صدى لدى دمشق.
وقال نيولاند ان بيان المجلس “يظهر مجددا عزم المجتمع الدولي على تسليط الضوء على حملة العنف المستمرة من جانب الحكومة السورية”.
وقالت المتحدثة الاميركية “لا بديل عن اظهار الحكومة السورية للجدية في التعاطي مع رغبة الشعب السوري في الحرية والانتقال الى الديموقراطية” مكررة حثها للنظام السوري على احترام حقوق الفرد والسماح بالتظاهر السلمي.
وتابعت ان “الولايات المتحدة تدعم بقوة الحقوق المتبناة عالميا للشعب السوري، بما في ذلك الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير والحق في تقرير مصيرهم”.
وفي تلك الاثناء يجمع محققو الامم المتحدة معلومات من خارج سوريا اذ يتواجد فريق منهم حاليا في جنوب تركيا حيث فر الاف السوريين هربا من العنف الاسبوع الماضي.
واشار البيان المشترك للمجلس والذي قرأه المندوب الكندي، الى ان “المراقبين الموثوق بمصداقيتهم يبعثون يوميا بتقارير عن عمليات قتل واعتقال تعسفي وعمليات تعذيب تطال الرجال والنساء والاطفال” في سوريا.
وتابع “لابد من التحقق من التقارير بشكل مستقل”. وحث البيان دمشق على “بدء تحقيق محايد وموثوق به واحضار المسؤولين عن الهجمات غير المشروعة على المدنيين الى العدالة”.
وما تزال الحملة التي يباشرها النظام في سوريا مستمرة في شمال البلاد، مع ورود تقارير عن مزيد من القتلى بين المدنيين.
كما تتهم الولايات المتحدة ايران بدعم الهجوم الذي تشنه دمشق على المحتجين المطالبين بالديموقراطية.
وبحسب محصلة اوردها المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء فقد اسفرت اعمال العنف عن مقتل 1297 مدنيا و340 من رجال الامن منذ اندلاعها منتصف اذار/مارس.
وفي نفس الموضوع فقد بدا الاتحاد الاوروبي الخميس التحضير لتشديد عقوباته على سوريا التي قد تستهدف هذه المرة شركات مرتبطة بنظام بشار الاسد واشخاص جدد من محيطه، بحسب ما افادت مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسي اوروبي لوكالة فرانس برس ان مجموعة خبراء من الدول ال27 اعضاء الاتحاد الاوروبي باشرت الخميس في بروكسل الاشغال “استعدادا لتوسيع نطاق العقوبات على سوريا”.
واوضح الدبلوماسي ان الهدف هو الانتقال الى “درجة جديدة” بعد مجموعتي عقوبات استهدفت عددا من اركان النظام ثم الرئيس السوري نفسه.
وقال دبلوماسي اوروبي اخر ان الخبراء “يبحثون في اسماء وشركات” يمكن ادراجها على قائمة جديدة من العقوبات.
ولفت الدبلوماسيان الى انه “من غير المؤكد” ان تكون القائمة جاهزة في الوقت المناسب لاقرارها خلال اجتماع وزراء الخارجية الاوروبيين الاثنين في لوكسمبورغ، الا انه قد يتم اقرارها على هامش قمة لرؤساء الدول والحكومات الخميس والجمعة المقبلين في بروكسل.
وستتاثر المناقشات الاوروبية على الارجح بتطور المفاوضات الجارية في الامم التمحدة حيث يسعى الاوروبيون والاميركيون منذ اكثر من اسبوعين لاستصدار ادانة للقمع الدامي للاحتجاجات في سوريا في مجلس الامن غير انهم يصطدمون بتمنع عدد من شركائهم وفي طليعتهم روسيا والصين.
وقدمت بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال مشروع قرار يصف القمع في سوريا الذي اوقع اكثر من 1200 قتيل حتى الان بحسب منظمات غير حكومية بجريمة ضد الانسانية.
واعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الاربعاء ان الدول التي اعدت مشروع قرار في الامم المتحدة يدين القمع في سوريا لن تجازف بطرحه على التصويت قبل ان تضمن توافر “غالبية كافية” لصالحه، موضحا انه ما زال يتعين اقناع جنوب افريقيا والهند والبرازيل.
يأتي ذلك بينما رسمت وكالة الصحافة الفرنسية صورة مهندس الإجرام الأسدي ماهر الأسد حين قالت اليوم في الوقت الذي يواجه فيه الرئيس السوري بشار الاسد حركة احتجاجية تطالب باسقاط نظامه، يكثر الحديث عن دور محوري يقوم به شقيقه ماهر في عمليات قمع المحتجين.
ويعد ماهر الاسد (43 عاما)، وهو ضابط في الجيش برتبة عقيد، احد اركان النظام وقائد الحرس الجمهوري، اضافة الى الفرقة الرابعة العالية التدريب والتجهيز. وقد درس الهندسة الميكانيكية قبل التحاقه بالجيش وهو متزوج من منال جدعان من منطقة دير الزور شرق البلاد.
وذاع صيت ماهر الاسد اكثر فاكثر مع الحركة الاحتجاجية التي لم يسبق لها مثيل في سوريا، والتي يجري التعامل معها بعنف شديد من جانب السلطات منذ اندلاعها في الخامس عشر من اذار/مارس.
ويرى محللون ان دور ماهر يزداد تعاظما منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية بعد الدور الذي اضطلعت بع قواته في قمع التظاهرات.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتهم ماهر الاسد في مقابلة تلفزيونية بمعاملة المحتجين بطريقة “غير انسانية”.
ويرى محلل سياسي من العاصمة دمشق لم يشأ الافصاح عن اسمه نظرا لحساسية الموضوع ان “المعلومات الواردة تشير الى ان ماهر يقوم بالدور المحوري في عمليات القمع”.
ويضيف لوكالة فرانس برس “اعتقد ان هذا الامر يشير الى ان +العائلة الحاكمة+ تقاتل لبقائها وهي مستعدة لسحق المجتمع السوري في سبيل اهدافها”.
ويتابع المحلل “ماهر الاسد هو الرمز الابرز لهذه المعركة”.
والشهر الماضي، ادرج اسم ماهر الاسد ضمن لائحة تضم 13 من الشخصيات المقربة من الرئيس السوري فرضت عليها عقوبات من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة وكندا.
وتعيد العلاقة بين بشار الاسد وشقيقه ماهر الى الاذهان العلاقة التي كانت قائمة بين والدهما الرئيس الراحل حافظ الاسد وشقيقه رفعت، الذي كان يتولى احكام القبضة الامنية في البلاد.
وتولى رفعت الاسد قيادة التشكيلات العسكرية التي عرفت باسم “سرايا الدفاع”، وهي ايضا متهمة بارتكاب اعمال عنف وقتل جماعي في مدينتي حماة وجسر الشغور مطلع الثمانينات من القرن الماضي ردا على تمرد مسلح قامت به جماعة الاخوان المسلمين، ما اسفر عن مقتل عشرات الالاف من الاشخاص بحسب تقديرات غير رسمية.
غير ان رفعت الاسد عاد وغادر سوريا في منتصف الثمانيات بعد خلاف مع اخيه، وانتقل الى لندن حيث يقيم الآن.
واذا كان ماهر الاسد قليل الظهور ويعمل في الظل، الا ان محللين يرون انه يمثل الوجه الحقيقي للنظام الذي يعمل على سحق حركات الاحتجاج مدينة تلو الاخرى.
ويقول الخبير في الشؤون السورية والاستاذ في جامعة اوكلاهوما جاشوا لاندس “بشار الاسد هو القائد أي الوجه الرسمي الباسم، أما ماهر فهو القبضة المنفذة للنظام”.
ويضيف ان “ماهر شديد التاثير اليوم بما ان النظام يحافظ على نفسه من خلال العمليات العسكرية، ان ماهر هو الذي يدير الدفة”.
ويرى المحللون انه من الصعب القول ما اذا كان هذا الصيت الذي يكتسبه ماهر الاسد صحيحا، أم ان النظام يسعى الى ترويج ذلك ليحافظ على صورة بشار كرجل اصلاح.
ويقول لانديس “ادرك حافظ الاسد ان الولاء الشخصي، العائلي والمناطقي والطائفي، هو اساس الاستقرار”.
ويضيف “النظام السوري يشبه الى حد بعيد الشركات العائلية، وعلى هذا الاساس يجري تقسيم المهام”.
وقد فر الاف السوريين من بلدهم الى لبنان وتركيا المجاورين، حيث يتحدثون عن “عمليات اعدام” ينفذها رجال ماهر الاسد في مناطق مختلفة من سوريا.
لكن رغم كل ذلك، يبقى الحديث عن التحكم الشامل لماهر الاسد في كل العمليات العسكرية الجارية من اقصى سوريا الى اقصاها مجرد تكهنات واستنتاجات، لا سيما في ظل عدم توفر أي معلومات رسمية حول تفاصيل التحرك الميداني وفي ظل منع وسائل الاعلام العربية الاجنبية من العمل.
ويقول المحلل المقيم في دمشق “نظريا، يفترض بالقوات التي يقودها ماهر الاسد ان تحمي العاصمة السورية ومحيطها، اللذين لم يعودا بمنأى تماما عن عمليات الاحتجاج، وخصوصا حماية الرئيس السوري، لا ان تنتشر في طول البلاد وعرضها