المعارضة السورية تسيطر على سد الفرات الاستراتيجي.. واستنفار تركي بعد انفجار قرب الحدود
«الجيش الحر» يمضي بزحفه إلى دمشق.. و«صدمة» من مشهد جنود النظام وهم بحالة رثة
بيروت: «الشرق الأوسط»
تمكنت المعارضة السورية أمس من السيطرة على «سد الفرات»، أكبر السدود المائية في سوريا والمحاذي لمدينة الطبقة بريف محافظة الرقة، شرق سوريا، في حين أكد ناشطون سوريون «سيطرة مقاتلي المعارضة على مراكز حساسة في المدينة، على غرار كتيبة المدفعية وحاجز الشرطة العسكري وفرع المخابرات الجوية». وفي غضون ذلك خاضت قوات الرئيس السوري بشار الأسد اشتباكات مع مقاتلي المعارضة في دمشق للسيطرة على منطقة تقع إلى الشرق من وسط العاصمة ودفعت بدباباتها لحماية جبهاتها بينما أصاب المعارضون أهدافا في مناطق أخرى بالعاصمة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس إن «عناصر من (جبهة النصرة) و(كتيبة أحرار الطبقة) وكتيبة (أويس القرني) سيطروا على سد الفرات الاستراتيجي في مدينة الطبقة بريف محافظة الرقة كما سيطروا على أحياء في مدينة الثورة، التي أنشئت كمساكن لعمال السد». ولفت «المرصد» إلى أن «القوات النظامية لم تبد مقاومة تذكر، بل على العكس فرّ قادة الأجهزة الأمنية إلى مطار الطبقة العسكري عبر طائرات مروحية، كما فرّ الكثير من عناصر الأمن من أحياء المدينة».
وأكد لؤي المقداد، المنسق الإعلامي والسياسي لـ«الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية تحرير سدّ الفرات تندرج ضمن استراتيجية المعارضة لتحرير المنطقة الشرقية - الشمالية والتي تمتد من الحدود التركية حتى العراقية تمهيدا لإقامة المنطقة العازلة».
وأوضح المقداد أن «النظام السوري ضعيف عسكريا في محافظة الرقة ولا يمكنه تشتيت قواته البرية المتمركزة في العاصمة داخل مناطق المحافظة، ما سهل عملية السيطرة على السد»، مشددا على أن مقاتلي «الجيش الحر» في معظم المناطق الشرقية «ينتمون إلى النسيج الاجتماعي للمنطقة وليسوا غرباء عنها، الأمر الذي يقطع الطريق على النظام حين يقوم بضخ أموال كبيرة لزرع الفتنة وتحريض العشائر على بعضها».
ويعتبر «الفرات» السد الثالث الذي تتمكن كتائب المعارضة من السيطرة عليه، بعد سدّي «البعث» و«تشرين» الواقعين في المنطقة ذاتها. ويمتلك السدّ أهمية اقتصادية كبيرة حيث يستفاد منه في مشاريع زراعية كبيرة وفي توليد الكهرباء عبر محطات التوليد الكهرومائية. وبحسب خبراء اقتصاديين، ينتج السدّ نحو 1943 مليون كيلوواط من الكهرباء في الساعة من أصل مليارين و992 مليون كيلوواط، وهو معدل إنتاج كل السدود في سوريا.
وفي موازاة المعارك المستمرة في شرق البلاد، برز تطور جديد على الحدود التركية - السورية، حيث انفجرت سيارة مفخخة «تحمل لوحة تسجيل سورية» عند المسافة الفاصلة بين معبر باب الهوى الحدودي من جهة سوريا، ومركز «جيلويز أوغلو» من جهة تركيا.
وأعلن مسؤول في وزارة الخارجية التركية أن 10 أشخاص على الأقل قتلوا، بينهم 4 أتراك و6 سوريين، وأصيب نحو 50 بجروح الاثنين في الانفجار.
ووسط استنفار تركي جراء الحادث الذي يعتبر الأول من نوعه، هرعت عشرات من سيارات الإسعاف هرعت إلى مكان التفجير الذي وقع في مرأب وسط عدد كبير من السيارات والشاحنات.
كما قتل 14 عنصرا على الأقل من المخابرات السورية في تفجير سيارتين يقودهما انتحاريان في إحدى مدن محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، بحسب ما أفاد المرصد السوري. وقال المرصد «قتل ما لا يقل عن 14 عنصرا من المخابرات العامة (أمن الدولة) والمخابرات العسكرية، وذلك إثر تفجير مقاتلين من جبهة النصرة سيارتين مفخختين أمام مفرزتي المخابرات العامة والمخابرات العسكرية في مدينة الشدادة»، مشيرا إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب «وجود عدد كبير من الجرحى بحالات خطرة».
وفي غضون ذلك خاضت قوات الأسد اشتباكات مع مقاتلي المعارضة، الذين يواصلون زحفهم إلى دمشق، وذلك للسيطرة على منطقة تقع إلى الشرق من وسط العاصمة ودفعت بدباباتها لحماية جبهاتها بينما أصاب المعارضون أهدافا في مناطق أخرى بالعاصمة.
وقال سكان ونشطاء إن جيش الأسد أرسل تعزيزات مدرعة إلى حي جوبر السني المجاور لساحة العباسيين بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة على أحد مواقع القوات النظامية في المنطقة وهو الثالث منذ اقتحام المقاتلين حي جوبر الأسبوع الماضي على حد قولهم، وعلى الرغم من ذلك ظلت قوات الأسد ثابتة في مواقعها بوسط العاصمة.
وقال ناشط معارض في دمشق يدعى عامر «المعركة الأساسية تدور في جوبر.. يبدو أن مقاتلي المعارضة يتقدمون في القطاع الشرقي. لكن وسط دمشق مغلق بالحواجز الخرسانية وقوات الأمن تنتشر في كل مكان.. لا يمكننا القول إن لهم (مقاتلي المعارضة) وجودا فعالا حقيقيا في الوسط».
وأضاف أن الجيش يخضع على ما يبدو لضغوط كبيرة للغاية في جوبر دفعته لنشر دبابات هناك أتى بها من ضاحية داريا بجنوب غربي دمشق قرب الطريق السريع المؤدي إلى الحدود الأردنية حيث يشتبك مع مقاتلي المعارضة منذ شهرين.
وكانت المعارضة أعلنت الأربعاء الماضية عن انطلاق معارك تحرير العاصمة والتي تعتبر الأشرس منذ انطلاق معارك مماثلة في يوليو (تموز) العام الماضي.
وحسب تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أمس فإن جنود قوات نظام الأسد أجروا حملات اعتقالات واسعة في أحياء متعددة من العاصمة بالتزامن مع الاشتباكات المستمرة. وأشارت الصحيفة إلى ما سمته بـ«المشهد الصادم» للسوريين من منظر الجنود بالقرب من محطة قطار القدم بعد أن سيطر عليها مقاتلو المعارضة، حيث بدا جنود النظام بحالة يرثى لها وهم بملابس قذرة وتنبعث منهم روائح يبدو من خلالها أنهم لم يستحموا منذ فترات طويلة بينما طال شعر الذقن والرأس، كما ظهر البعض منهم وكأنهم سكارى.
وشكا بعض الجنود المقبلين من مدن بعيدة بأنهم لم يزوروا عوائلهم لفترة طويلة وبعضهم لم يذق طعم النوم منذ أسابيع، وتحدثوا عن حالة الرعب التي تنتابهم ليلا خوفا من تعرضهم للقتل برصاص المعارضة في أي لحظة وأنهم يعدون ساعات الليل دقيقة دقيقة حتى طلوع الفجر.
جانب من الدمار بعد انفجار سيارة ملغومة في معبر حدودي بين تركيا وسوريا أمس (رويترز)
ـــــــــــــــــــــــ
صورة وزعت أمس لتمثال الأسد الأب والنيران تلتهمه في مدينة الرقة (أ.ف.ب)