إلى الأخ الأستاذ معاذ الخطيب,

نكتب إليك اليوم بالنيابة عن مجموعة من الشباب السوري المخلص والمحب لدينه ووطنه وشعبه. شباب وهبوا جل وقتهم للثورة بالعمل الميداني والافتراضي في مجالات شتى.

إدراكاً منّا لمستوى التحدي الذي فرض على ثورتنا بشكل عام, وعلى قيادتها العسكرية والسياسية بشكل خاص, وجدنا أنه من واجبنا توجيه هذه الكلمة لكم وأنتم تخوضون في خضم بحر ظلمات السياسة الخارجية وذئابها التي امتهنت الغدر.

أولاً, نريد تذكيركم بالأسباب المباشرة التي حذت بالمجتمع الدولي, مختزلاً بأميركا (إسرائيل) والغرب وروسيا, بأن يفتحوا لكم (أشباه) الأبواب الدولية في هذا التوقيت بالذات, بعد أن تجاهلوا الائتلاف وكادوا أن يصدروا قراراً بتهميشه بشكل تام, بعد أن كنتم قد أصبتم أميركا بخيبة أمل عندما انتقدتموها على تصنيف جبهة النصرة على أنها منظمة إرهابية...

السبب الرئيسي لهذا التحرك الدولي, ورفع مستوى قبولكم الدولي, ممثلاً بلقاء نائب الرئيس الأميركي, وممثلاً بجعل القضية السورية قضية مركزية في هذا الحدث الأمني العالمي هو اقتراب نهاية بشار ومن معه واقتراب الجيش الحر من مركز العاصمة.

هذه حقيقة لم يعد أياً منهم قادراُ على تجاهلها وإن حاولوا. لا بل على العكس, فهم من بات يبشر بها الآن. ولقد وصلوا لهذه القناعة بعد أن اجتاز بشار خطاً أحمر رسمه الروس له قبل الأميركان, واجتاز الثوار أيضاً خطاً احمر, كانت قد رسمته لهم في ذهنها طبعاً, دوائر الدراسات الإستراتيجية في واشنطن.

الخط الأحمر الذي اجتازه بشار, هو بدء نقل الأسلحة النوعية لحزب الشيطان. وهو كما ذكرنا خط أحمر رسمه له الروس قبل أن يرسمه الأمريكان. فروسيا يهمها عدم تعرض إسرائيل لضغوط, بقدر ما يهم هذا الأمريكان. وهذه المخالفة الأسدية أهميتها لا تكمن بأنها مخالفة لتعليمات من قوى راعية لبشار فحسب, بل لأنها تنطوي على حقيقة أن بشار بدأ يشعر بالنهاية, وهذه المخالفة هي طريقته (للتحايل) على هذه النهاية عبر التفافات قد يظن أنها ستنقذه من مشنقة العدالة, كتأسيس دويلة على حدود حزب الشيطان, وما شابه.

أما الخط الأحمر الذي اجتازه الثوار, فهو اقترابهم من مركز العاصمة بوتيرة أسرع مما قدر أعتى المحللين العسكريين. اقترابهم من العاصمة بهذه السرعة لا يعني فقط الإطاحة بالحكم, بل يعني أيضاً استرجاع الجيش العربي السوري بمعظم منشآته وما تبقى من أسلحته من عصابات الأسد. وهذا يبدو أنه خطاً أحمر, على حسب تصريحات إسرائيلية تفضي بأنه حتى الأسلحة التقليدية هي خطر على إسرائيل في أيدي الثوار.

فلا يهم مثلاَ من قصف جمرايا, أهي إسرائيل أم قوات الأسد. فهما نفس الوجه لنفس العملة, ولا أقول وجهان لعملة واحدة. فالذي قصف مركز البحوث في جمرايا هدفه هو عدم وصول مخططات للتصميم العسكري والصواريخ وأسرار الأسلحة الكيميائية لأيدي الأحرار. ومنع الثوار من الوصول لجمرايا هو هدف أسدي-إسرائيلي-أمريكي مشترك. ولقد تم هذا القصف, بعد أن اجتاز الثوار خطاً أحمر, وهو الاقتراب من تلك الأسلحة المهمة.

خلاصة هذه النقط سيدي بأنك تمثل وتتكلم بالنيابة عن طرف يربح الحرب. طرفاً بات يقترب من القصر الجمهوري مع كل إشراقة شمس دمشقية. وهذا المجتمع الدولي يريد أن يضبضب الحكاية قبل أن يصبح هذا النصر نصراً مبيناً نهائياً, يلفظ تلك الجهات الدولية المتآمرة ويفرض شروطه الخاصة.

لا أحد يريد حكماً عسكرياً, نعم. لهذا فنحن ندعم جهودكم الحالية للبدء بخطوات ثابتة اتجاه إرساء أسس حكم مدنية منذ اللحظة, وقبل أن تتحرر دمشق بشكل كامل ويسبقكم المجاهدون على الأرض بأشواط لن تستطيعوا وقتها تعويضها. فلا أحد يحب الفوضى, ونحن نؤمن بأن الائتلاف قادر على ادارة الامور على الارض و منع تفاقم الفوضى وان كان الأجدر به البدء بحل المشاكل القائمة في بعض المناطق المحررة قبل أن تتحول إلى فوضى حقيقية.

أنت قوي لطالما أنك تحافظ على تمثيلك للأقوياء. قوتك بالتفاوض تستمدها من دعم الشعب والجيش الحر بفصائله المجاهدة جميعها, لك. لا تتنازل باسم البراغماتيية. تذكر أخي الكريم أن تلك النوافذ التي فتحت لك اليوم (ولا أقول الأبواب بعد), هي نتيجة انتشار رائحة النصر... وهذه النوافذ سوف تكبر, لتصبح أبواباً, وبعدها لتفرش بالسجاد الأحمر... لا لشيء, إلا لأن من تمثلهم قد بدءوا لتوهم في جني ثمار عامين من التضحيات. فإن لم يحن وقت القطاف بعد, فلا تقطف.

التفاوض مع تلك الدول الغربية له أساس واحد وهو, إن كان لديك مقلاع, ففاوض وكأنه لديك صاروخ. وإن كانت لديك بندقية, ففاوض وكأنه لديك مدفع.... فكيف إن كان لديك جيش حر قهر جيشاً نظامياً كاملاً بطائراته ودباباته وصواريخه؟ وكيف إن كان لديك شعباً استقبل الرصاص بصدور عارية, ليرفع لافتة ويقول كلمة حق وإن كانت ثمنها حياته؟ لا تساوم أخي. فإن المساومة ستختصر من مكاسبنا, وتفقدك دعمك الذي منه تستمد قوتك. لا تقع في الفخ الذي نصبه الغرب للمجلس الوطني. فلقد كبلوهم بلاءات عديدة, وخطوط حمراء أكثر, حتى أصبح لا لون لهم ولا طعم وفقدوا دعمهم الشعبي... وعندها تخلى عنهم الغرب بحجة أنهم فقدوا شعبيتهم. الغرب سيحاول أن يفرض عليك معادلة مستحيلة, بأن تكون آمراً ناهياً في أمور الثورة, ولكن أن تذعن لشروطهم وأن تأمر وتنهي بخطوط حمراء يملونها عليك.

امض يا شيخ معاذ بما عزمت له وكن واثقا ان الشعب سيقف معك والجيش الحر لن يخذلك ما دمت تحمل مطالبه المحقة، واعلم انك في موضع القوة وان خصمك في موقع الضعف فاحذر من ان تلين لهم فإنما هي ثورة منصورة، وما لم نتمكن من انتزاعه بالتفاوض سننتزعه بسلاحنا إن شاء الله.

إخوتك في مجموعة أرض الشام


يوميات الثائر المتفائل


إلى الأخ الأستاذ معاذ الخطيب 404563_10152601426520727_1132539422_n