عانت الثورة السورية من التجاهل الدولي (العالمي) فضلا عن التجاهل العربي، وستعاني طالما ظل ثوراها يقبضون على جمر الثبات والحفاظ على الثوابت الإسلامية ومبادئ الدين القويم، ولولا هذا السبب لسُمح لسقوط الأسد كما سُمح لغيره بالسقوط، ولولا هذا لانهالت المساعدات المادية والمعنوية بل والعسكرية على الثوار من كل حدب وصوب للتخلص من هذا النظام، ولولا هذا لتباكت منظمات المجتمع المدني (اللاإنسانية)، ولضجت دول الغرب مما يحدث لأهل سوريا من قتل واضطهاد رافعة شعار الحرية والإنسانية، ولولا هذا الأمر لسمعنا لإعلامنا نحيبا كنحيب الثكالى ولظلت أبواق الغرب عندنا تصرخ وتتشنج حزنا على الثورة والثوار، بدلا من صمت القبور وحياة الطرشان التي يغطون في تيهها.

ففي حادثة ليست بالمفاجئة ولا بالمستغربة خرج علينا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بتصريح قال في سياقه إن سوريا معرضة لما وصفه بـ"السقوط في أيدي الجماعات الإسلامية"، قاصدا بذلك الإسلاميين الذين يقاتلون بشكل مستقل في الصفوف غير المنظمة لمقاتلي المعارضة المناوئين للأسد.

وأضاف فابيوس: إنه "في مواجهة انهيار دولة ومجتمع هناك خطر بأن تكسب الجماعات الإسلامية أرضا إذا لم نتصرف كما ينبغي"، ففرنسا التي رضيت بالعنصرية العلوية لأكثر من أربعين سنة غاضبة الآن من حكم السنة لأنفسهم، ورافضة للديمقراطية التي تمكن لهم وتأتي بهم.

وقد كان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أكثر وضوحا من الوزير الفرنسي في إعلانه العداء للسنة (على وجه الخصوص) حيث صرح الأول بوجوب منع أهل السنة في سوريا من الوصول للحكم.

فقال ميدفيديف في لقاء صحافي مع صحيفة «هاندلز بلات» الألمانية: إنه "يجب الحؤول دون وصول أهل السنة إلى السلطة في سوريا؛ لأنهم سيبدأون بقتل العلويين"، بحسب زعمه.

وتصريح ميدفيديف ليس بمستغرب هو الآخر فهو يتفق مع القناعات الروسية الكارهة للإسلام ولكل ما هو إسلامي وليس ببعيد عنا ما فعلته روسيا بالمسلمين في الشيشان وغيرها من بلاد المسلمين.

والأمر نفسه ينطبق على فرنسا التي سقت المسلمين كؤوس العذاب مرات ومرات، وحروبها الصليبية ما زالت تدار على الإسلام والمسلمين وما يحدث في مالي أوضح شاهد على العداء الصليبي لهذه الدولة.

وكلا الموقفين- الروسي والفرنسي- لا ينفصلان عن الموقف الغربي، فقد صرنا لا نرى للغرب كلمة جامعة إلا ضد المسلمين، ولا نرى لهم موقفا موحدا إلا على الإسلام واستهداف أهله- مهما اختلفت مشاربهم- رغم ما بينهم من خلافات.

فالغرب لا يخشى من الثورة لمجرد الثورة، فهو يعرف كيف يكسب من الثورات وكيف يستثمرها لصالحه، وإنما الخشية من أن تأتي هذه الثورة بالسنة، فتصير لهم دولة وقوة، وساعتها لكن يكون للغرب ولا لأذناب الغرب حظ ولا نصيب في سوريا.

وكأن لسان حال الغرب يقول للسوريين: ثوروا كما تريدون لكن إياكم أن تأتوا بإسلامي (سُني)، لذلك يحاول الغرب بكل ما أوتى من قوة عرقلة مسيرة الثورة ومن جانب آخر نراه يدعم – وبشدة- المعارضة السورية المفرغة من التوجه الإسلامي الخالص.

ثم إننا لا نستطيع عزل هذا الموقف عن خصوصية المنطقة، والمصالح الغربية فيها، ففي المنطقة العربية والإسلامية ثروات طبيعية لا تقدر بثمن، ثم فوق كل هذا وذاك تمثل إسرائيل أكبر وأهم سبب من أجلة يقف الغرب وعلى رأسه روسيا وفرنسا هذا الموقف، حيث يخشى الغرب على الكيان الصهيوني من السقوط إن سقط الأسد وذهب ملكه وآلت سوريا إلى الإسلاميين من الُسنة.

المصدر : موقع أرض الرباط