( لم ولن تسعي إسرائيل لإدراج حزب الله على قائمة الإرهاب )
بقلم : ابو ياسر السوري
تحت عنوان ( إسرائيل تسعى لإدراج "حزب الله" على قائمة الإرهاب بأوروبا ) كتبت صحيفة معاريف الإسرائيلية هذا الخبر ، الذي اخترعته اختراعا ، وتناقلته عنها بتاريخ 1/1/2013 كل من الصحف التالية : أخبار الصباح ، والعربية نت ، ودار الأخبار ، وجراءة نيوز ، والمستقبل ، ووقائع الحدث ... والكل كان يقول : إن إسرائيل تحاول استغلال الوضع في سوريا لإدخال "حزب الله" في قائمة المنظمات الإرهابية للاتحاد الأوروبي بأسرع وقت ، نظرا لضعف النظام السوري الموالي للحزب . وأن أمريكا وبريطانيا وكندا يؤيدون ذلك إلا أن فرنسا تعارضه لعدم وجود أدلة كافية تدين الحزب .
وقد لفت نظري الحماس الكبير لدى هذه الصحف في نقل النبأ عن تلك الصحيفة الإسرائيلية .. وأخيرا وجدته على صفحة هذا المنتدى .. على الرابط التالي :
http://www.syria2011.net/t48416-topic
وهذا ما حفزني على التعليق عليه . والقول بأن هذا الخبر عار عن الصحة تماما ، وهو اختراع يهودي ، لغرض خبيث ، أقربه أن واضع هذا الخبر أراد أن يلمع حزب الشيطان ، وبشار الأسد معا .. والذي يجعلني على يقين من صواب ما أقول هو : أنني ومنذ زمن بعيد ، لا تزال لدي قناعة بأن العلاقة ما بين إسرائيل وإيران علاقةٌ حميمة ، وأن العداوة بينهما مصطنعة ، وليست إلا من باب ذر الرماد في العيون ..
وقد جمع بين إيران وإسرائيل قاسم مشترك واحد ، هو أن كلا منهما منبوذة عربيا وإسلاميا .. وكل منهما تشعر بأنها محاطة بسياج من الأعداء .. والسبب في ذلك يعود إلى كلتا هاتين الدولتين ، فإيران فارسية الهوى ، وتجعل من المذهب الشيعي الغالي ستارا لحقدها على الإسلام والمسلمين ، فهي تتظاهر بحب أهل البيت ، وتعادي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتشتم الصاحبين ، وتزعم أن القرآن محرف ، وغير مقدس ... أما اليهود ، فهم أشد الناس عداوة لهذه الأمة بنص القرآن الكريم . وهذا ما ألف بينهما . وجعلهما تضمران العداء لنا على مدار التاريخ ...
ولما تبنت أمريكا إسرائيل بعد بريطانيا ، منذ النصف الثاني من القرن العشرين ، توطدت العلاقة بين هذا الثالوث ( أمريكا – إيران – إسرائيل ) . وصار شاه إيران ، وبن جوريون ، أعز أصدقاء أمريكا وأقوى حلفائها في المنطقة .. ولكن إيران فضلت أن لا تعلن هذه الصداقة ، واحتفظت بها في الخفاء . فلما جاء الخميني ، اتفق على المبالغة في إخفاء صلته بأمريكا وإسرائيل ، فسُمِحَ له بشتمهما معا ، ومن هنا نشأ الهتاف الإيراني الخميني الجديد : " الموت لأمريكا " و " الموت لإسرائيل " . حتى إن فيلق القدس الذي أُعلِنَ عنه بأنه لتحرير فلسطين ، لم يكن إنشاؤه إلا لغرض إخفاء العلاقة ما بين إيران وأمريكا وإسرائيل . ولم يسجل أي موقف معاد لإسرائيل منذ إنشائه وحتى الآن ..
ثم ‘ن الغرب حريص على صلته بإيران كحرصه أو قريب من حرصه على صلته بإسرائيل .. فكلتاهما تشكلان خطرا على العرب والمسلمين في الشرق الأوسط .. فإيران شوكة للغرب في خاصرة تركيا ، وهي أيضا تضمر العداء للعرب ، وإسرائيل شوكة في قلب الوطن العربي .. والغرب حريص على أن لا تقوم للعرب ولا لتركيا قائمة .. وهذا ما جعل إيران عدوا تقليديا لتركيا ، حتى إن إسماعيل الصفوي قام بمهاجمة تركيا ، وأجبر السلطان العثماني سليم الأول أن يرجع من حملته على أوربا ، ليصد الهجوم الصفوي ، في معركة جالديران سنة 1514 التي انتصر فيها على الصفويين نصرا مؤزرا.
ثم جاء الشاه رضا بهلوي ، فورث العداء لتركيا عن أسلافه من الصفويين .. فلما قام الكيان الإسرائيلي في فلسطين ، تنفس الشاه الإيراني الصعداء ، وعلم أن العرب سوف ينشغلون عنه بإسرائيل .. لهذا وطد علاقاته بإسرائيل سرا ، ثم حسنت العلاقات بين إيران وأمريكا تبعا لذلك ، وظل الأمر سرا ، لا يخرج إلى العلن ، لئلا يثير سخط العرب . وقد كشفت دراسات غربية عن الصلة الوثيقة ما بين هذا الثالوث ( أمريكا إسرائيل إيران ) وألفت حول ذلك كتب . أهمها كتاب ( حلف المصالح المشتركة ) وفيه بيان لحجم التبادل التجاري الضخم بين إسرائيل وإيران ..
ونخلص من هذه العجالة إلى القول : بأنه لا يمكن أن نصدق ما يشاع عن خلافات وتوترات في المواقف بين إسرائيل وإيران ، فهذا كله من باب ذر الرماد في العيون .. لا نزاع بين أضلاع هذا المثلث البتة ، ولا خلاف بينهم بخصوص المشروع النووي ، ولا مشكلة بينهم بالنسبة لمضيق هرمز ، ومن أكاذيبهم الحديثة خبر إنزال إيران لطائرة أمريكية ، والمناورات الإيرانية واستعراض القوة أمام أمريكا وإسرائيل .. إلى آخر هذه التمثيليات المخترعة للضحك على العرب البسطاء . ولو بقي العرب على موقفهم السلبي حيال قضاياهم في المنطقة ، فسوف يُسمَحُ لإيران بامتلاك السلاح النووي ، ليبقى العرب منضوين تحت جناح أمريكا طلبا للحماية من الخطر الإيراني فيما بعد ...
ولكن لو راجع العرب حساباتهم ، وتخلوا عن خلافاتهم ، وأقاموا بينهم ما يشبه الاتحاد الفيدرالي الأمريكي ، أو الاتحاد الأوربي ، وأبرموا فيما بينهم اتفاقيات دفاع مشترك .. فعندها سوف تتغير المعادلة ، ويرجع الغرب إلى خطب ودنا كأمة ناهضة ، بدلا من حاجتنا إلى شراء حمايته من العدوان الخارجي علينا بباهظ الأثمان ..
ونرجع إلى خبر ( وضع حزب الشيطان على قائمة الإرهاب ) فنجد أن ذلك شبه مستحيل ، وأن الغاية من هذا الخبر تلميع صورة نصر اللات وبشار .. وحتى لو حدث هذا ، فإنه سيحدث باتفاق مشترك بين الأطراف المتآمرة .. لغايات في نفس الغرب المتواطئ مع التيار الشيعي الفارسي في السر ، والمعادي له في العلن ...
وبنظرة سريعة إلى التعليل التافه ، الذي جعلته صحيفة معاريف مبررا لوضع حزب الشيطان على قائمة الإرهاب ، كون نظام الأسد بات ضعيفا ، وصار بالإمكان الاستفراد بهذا الحزب ووضعه على قائمة الإرهاب .. وكأنَّ إسرائيل وأوربا وأمريكا كانوا يخافون جميعا من بشار ، لذلك لم تكن لديهم الجرأة على محاربة هذا الحزب اللعين من قبل ..
ثم لننظر أيضا كيف انقسم أصحاب هذه الكذبة العارية إلى فريقين ، بعضهم ( مع ) وبعضهم الآخر (ضد) بنفس الطريقة التي اعتادوا أن يلعبوا بها علينا . بيد أن ألاعيبهم لم تعد خافية على أحد .
لن يوضع حزب الشيطان على قائمة الإرهاب ، ولن تضرب إسرائيل إيران ، ولن يعاديها الغرب أبدا ، ولسوف تستمر العداوة بين الغرب وإيران وأذناب إيران في الظاهر ، وتزداد العلاقة الحميمية بينهم في الخفاء ...
أو لا ترون كيف تغض أمريكا والغرب أعينهم عما تقوم به إيران وحزب الشيطان من تدخل سافر ومعلن رسميا في الشأن السوري .؟؟ لقد رأينا ما فعل الغرب بصدام حين اعتدى على الكويت . فلماذا يضرب على يد ذلك المعتدي ، ويترك هؤلاء يعتدون كما يشاؤون .؟؟
كذبت صحيفة معاريف ، فلن يوضع حزب الشيطان على لائحة الإرهاب ، مهما فعل وأجرم .. فهو قرة عين اليهود ، وحامي حماهم على الحدود الشمالية بينهم وبين لبنان ، وما أقيم في الضاحية الجنوبية ، إلا ليمنع أي فلسطيني من التسلل لإسرائيل .. وكذلك الشأن بالنسبة للأسد ، فهو حامي حمى اليهود على الحدود الشرقية بينهم وبين سوريا .. لذلك لما بدأ يتهاوى كرسي الأسد ، سارعت إسرائيل إلى إقامة الجدار العازل بينها وبين سوريا .. وهذا هو الدليل الصارخ على أن هؤلاء خونة عملاء . وليسوا بخصوم لإسرائيل ولا أعداء .