حين تقاتل إيران لإسناد النظام السوري!!
الأحد 10 صفر 1434هـ - 23 ديسمبر 2012م
ياسر الزعاترة
بات واضحا أن إيران وحلفاءها في العراق ولبنان قد باتوا يستشعرون أكثر فأكثر ثقل اللحظة الراهنة التي يعيشها النظام السوري، ولذلك لم يكن غريبا أن تتوالى المواقف والخطوات التي تحاول إسناده تحت وطأة الخوف من انهيار سريع ومفاجئ بسبب توالي تقدم الثوار مع الشعور بتقدم الائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري معترف به من العالم أجمع.
من المؤكد أن إسناد النظام ونخبته العسكرية والأمنية (غالبيتها من العلويين) معنويا قد بات أمرا ملحا، في ظل احتمال لم يعد بالإمكان استبعاده ممثلا في مبادرة تلك النخبة إلى تنفيذ انقلاب عسكري تعرض بعده على المعارضة تسليم السلطة مقابل ضمانات معينة تتصل بها وبالأقلية العلوية من ورائها، هي التي تدرك أن خيارا من هذا النوع سيحظى بدعم دولي كبير في ظل مخاوف كثيرين من سيطرة المجموعات الإسلامية على الوضع التالي بعض سقوط بشار، فضلا عن مخاوف وقوع الأسلحة الكيماوية بيد تلك المجموعات.
خلال أيام قليلة رأينا تأكيدات إيرانية متوالية تنفي تداعي النظام، وتصر على تماسكه العسكري، كما حصل مع تأكيدات نائب وزير الخارجية وآخرين، فضلا عن الخطة الإيرانية ذات الست نقاط التي عرضت وتنطوي على محاولة الإيحاء بإمكانية إيجاد حل سياسي، وهي خطة لا يمكن تجاهل ما تنطوي عليه من تراجع رغم استحالة قبولها من قبل المعارضة.
الأهم، هو دخول حسن نصر الله على الخط بتأكيده استحالة سقوط النظام عسكريا، وهنا يبدو من الصعب الجزم بطبيعة المساعدة العسكرية التي تقدمها إيران وحلفاؤها للنظام، مع علمنا بالمدد العسكري والمالي والتخطيطي الذي لم ينقطع، لكن تأكيد نصر الله يدخل في ذات السياق المتعلق بالإسناد المعنوي لنخبة النظام التي تقاتل الثوار، والتي تتحكم عمليا بالوضع أكثر من بشار نفسه، والذي يمكن القول بكل بساطة أنه أصبح رهينة بيدها لا أكثر ولا أقل.
لم يتوقف الأمر من طرف حزب الله على خطاب نصر الله، بل تجاوزه لترتيب مقابلة مع فاروق الشرع أجراها رئيس تحرير صحيفة الأخيار اللبنانية المعروفة بصلتها بحزب الله؛ تمويلا في السابق، وتحريرا في الوقت الحالي بعد أن ترأس تحريرها إبراهيم الأمين المقرب من الحزب، وإن سعت إلى إعطاء الانطباع بوجود لون يساري لتوجهها التحريري.
نعرف ما ورد في المقابلة، لكننا لا نعرف أصلا ما تم حذفه منها، وهل أعطاها فاروق الشرع للأخبار التي يعرف ماهيتها بإرادته أم لا؟! مع ذلك فما يعنينا أن المقابلة قد تمت، وهناك ما هو مهم فيها لجهة الاعتراف مثلا بأن النظام هو الذي سعى إلى عسكرة الثورة في البداية، أو تمنى ذلك، بينما يشتكي اليوم من كثرة المجموعات المسلحة.
في المقابلة الكثير مما لا يرضي النظام، لكن فيها ما هو مطلوب من طرف حزب الله وإيران ممثلا في التأكيد على استحالة الحسم العسكري للصراع، لا من طرف النظام، ولا من طرف المعارضة، وهي محاولة لدفع الجميع نحو البحث عن مخرج سياسي ينقذ إيران من هزيمة كبيرة تؤثر على منجزاتها في العراق ولبنان.
المشكلة أن إيران تبعا لهذه اللعبة لم تقدم للمعارضة ما يمكن أن يشكل أرضية للنقاش، ويبدو أنها بتأكيدها على قدرة النظام على البقاء إنما تسعى إلى دفع بعض أطراف المعارضة إلى الحوار معها على أسس للحل، وربما أرادت أيضا من خلال ذلك إطالة أمد المعركة من أجل مزيد من التدمير كي لا يكون البلد قادرا على التأثير على حلفائها، وربما مهدت للدويلة العلوية رغم عبثية هذا الخيار.
ما يمكن أن نقوله في هذا السياق هو أن إيران تتخبط في حركتها السياسية بشكل واضح، والسبب الأهم هو خوفها من سقوط بشار، وما سيترتب عليه، ليس فقط على منجزاتها في العراق ولبنان، بل وهو الأهم، تأثيره على وضعها الداخلي في ظل تصاعد العقوبات واحتمال اندلاع انتفاضة داخلية.
قلنا من قبل إن إيران ستدرك ذات يوم ليس ببعيد أن دعمها لبشار الأسد في حربه ضد شعبه سيكون القرار الأسوأ في تاريخها منذ انتصار الثورة نهاية السبعينيات.
نقلاً عن صحيفة "الدستور الأردنية".
-----------------------------
منقووول
الأحد 10 صفر 1434هـ - 23 ديسمبر 2012م
ياسر الزعاترة
بات واضحا أن إيران وحلفاءها في العراق ولبنان قد باتوا يستشعرون أكثر فأكثر ثقل اللحظة الراهنة التي يعيشها النظام السوري، ولذلك لم يكن غريبا أن تتوالى المواقف والخطوات التي تحاول إسناده تحت وطأة الخوف من انهيار سريع ومفاجئ بسبب توالي تقدم الثوار مع الشعور بتقدم الائتلاف الوطني السوري كممثل شرعي للشعب السوري معترف به من العالم أجمع.
من المؤكد أن إسناد النظام ونخبته العسكرية والأمنية (غالبيتها من العلويين) معنويا قد بات أمرا ملحا، في ظل احتمال لم يعد بالإمكان استبعاده ممثلا في مبادرة تلك النخبة إلى تنفيذ انقلاب عسكري تعرض بعده على المعارضة تسليم السلطة مقابل ضمانات معينة تتصل بها وبالأقلية العلوية من ورائها، هي التي تدرك أن خيارا من هذا النوع سيحظى بدعم دولي كبير في ظل مخاوف كثيرين من سيطرة المجموعات الإسلامية على الوضع التالي بعض سقوط بشار، فضلا عن مخاوف وقوع الأسلحة الكيماوية بيد تلك المجموعات.
خلال أيام قليلة رأينا تأكيدات إيرانية متوالية تنفي تداعي النظام، وتصر على تماسكه العسكري، كما حصل مع تأكيدات نائب وزير الخارجية وآخرين، فضلا عن الخطة الإيرانية ذات الست نقاط التي عرضت وتنطوي على محاولة الإيحاء بإمكانية إيجاد حل سياسي، وهي خطة لا يمكن تجاهل ما تنطوي عليه من تراجع رغم استحالة قبولها من قبل المعارضة.
الأهم، هو دخول حسن نصر الله على الخط بتأكيده استحالة سقوط النظام عسكريا، وهنا يبدو من الصعب الجزم بطبيعة المساعدة العسكرية التي تقدمها إيران وحلفاؤها للنظام، مع علمنا بالمدد العسكري والمالي والتخطيطي الذي لم ينقطع، لكن تأكيد نصر الله يدخل في ذات السياق المتعلق بالإسناد المعنوي لنخبة النظام التي تقاتل الثوار، والتي تتحكم عمليا بالوضع أكثر من بشار نفسه، والذي يمكن القول بكل بساطة أنه أصبح رهينة بيدها لا أكثر ولا أقل.
لم يتوقف الأمر من طرف حزب الله على خطاب نصر الله، بل تجاوزه لترتيب مقابلة مع فاروق الشرع أجراها رئيس تحرير صحيفة الأخيار اللبنانية المعروفة بصلتها بحزب الله؛ تمويلا في السابق، وتحريرا في الوقت الحالي بعد أن ترأس تحريرها إبراهيم الأمين المقرب من الحزب، وإن سعت إلى إعطاء الانطباع بوجود لون يساري لتوجهها التحريري.
نعرف ما ورد في المقابلة، لكننا لا نعرف أصلا ما تم حذفه منها، وهل أعطاها فاروق الشرع للأخبار التي يعرف ماهيتها بإرادته أم لا؟! مع ذلك فما يعنينا أن المقابلة قد تمت، وهناك ما هو مهم فيها لجهة الاعتراف مثلا بأن النظام هو الذي سعى إلى عسكرة الثورة في البداية، أو تمنى ذلك، بينما يشتكي اليوم من كثرة المجموعات المسلحة.
في المقابلة الكثير مما لا يرضي النظام، لكن فيها ما هو مطلوب من طرف حزب الله وإيران ممثلا في التأكيد على استحالة الحسم العسكري للصراع، لا من طرف النظام، ولا من طرف المعارضة، وهي محاولة لدفع الجميع نحو البحث عن مخرج سياسي ينقذ إيران من هزيمة كبيرة تؤثر على منجزاتها في العراق ولبنان.
المشكلة أن إيران تبعا لهذه اللعبة لم تقدم للمعارضة ما يمكن أن يشكل أرضية للنقاش، ويبدو أنها بتأكيدها على قدرة النظام على البقاء إنما تسعى إلى دفع بعض أطراف المعارضة إلى الحوار معها على أسس للحل، وربما أرادت أيضا من خلال ذلك إطالة أمد المعركة من أجل مزيد من التدمير كي لا يكون البلد قادرا على التأثير على حلفائها، وربما مهدت للدويلة العلوية رغم عبثية هذا الخيار.
ما يمكن أن نقوله في هذا السياق هو أن إيران تتخبط في حركتها السياسية بشكل واضح، والسبب الأهم هو خوفها من سقوط بشار، وما سيترتب عليه، ليس فقط على منجزاتها في العراق ولبنان، بل وهو الأهم، تأثيره على وضعها الداخلي في ظل تصاعد العقوبات واحتمال اندلاع انتفاضة داخلية.
قلنا من قبل إن إيران ستدرك ذات يوم ليس ببعيد أن دعمها لبشار الأسد في حربه ضد شعبه سيكون القرار الأسوأ في تاريخها منذ انتصار الثورة نهاية السبعينيات.
نقلاً عن صحيفة "الدستور الأردنية".
-----------------------------
منقووول