قبولنا اليوم بهذه الحلول السياسية هو أكبر خيانة وطنية :
بقلم : أبو ياسر السوري
منذ يوم أمس وحتى اليوم ، ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية، تتناول الحديث عن حلول سياسية للأزمة السورية . وقد برز أخيراً على السطح ثلاثة حلول ( طازجة ) أحدها : حل تركي . والثاني : إيراني . والثالث حل من اقتراح النظام السوري نفسه ( وسبحان مغير الأحوال ، فالنظام يتواضع ويتنازل من عليائه ، ويطالب المندسين بحل سياسي . حقا إن الليالي حبالى يلدن كل عجيبة .!؟ ) .
وقبل الخوض في ماهية هذه الحلول ومآلاتها ، أسارع إلى القول : إن هذه الحلول لا تصب إلا في مصلحة بشار الأسد .. ولسوف أتحدث عنها في مقالة لاحقة ، وأبرز عوارها ، وأفضح سوآتها واحدا واحدا ، إن شاء الله ...
وأقول بداية : وبغضِّ النظر عن هذه الحلول المطروحة ، وما فيها من ثغرات ، تفرّغها من مضمونها ، وتجعلها غير ذات جدوى ، وتعود بنا إلى المربع الأول (على حد تعبير البوق صاحب مقولة المربعات ) أقول : - بغض النظر عن هذه الحلول - أرى أن أصحابها ، قد اختاروا مسارا خاطئا ، تبعا لتصور خاطئ لديهم ، حاد بهم عن جادة الحق والعدل والصواب . فهؤلاء يتصورون : ( أنه لا يمكن لأي من الطرفين المتنازعين في سوريا أن ينتصر على الآخر ، ولن تُحسَمَ هذه الأزمة إلا بحل سياسي ) وهذا التصور يعني أن فرسانَ الحلِّ السلميِّ جميعا يغمضون أعينهم عما يجري في ساحات المعارك ، ولا يلتفتون إلى ما يحققه ( الجيش الحر والكتائب الجهادية ) من انتصارات متتالية ، وتقدم مستمر ..
لهذا أحبيت أن أذكر أصحاب الحلول السلمية المتسارعة ، بأن حلولهم لم تعد الآن سوى لعب في الوقت الضائع ، لأن كل المعطيات الميدانية تقول ما لا يشتهون ، وتصرح بما لا يحبون . ولو نظروا إلى ما يجري على الأرض ، لأحسنوا تقدير الموقف ، ولأيقنوا ( بأن المعارضة المسلحة منتصرة لا محالة ، وأن النظام مهزوم لا محالة ) . فأنصار ( المعارضة السياسية والعسكرية ) يتجهون صعودا نحو النصر يوما بعد يوم ، ويزدادون قوة ساعة بعد ساعة .. تخدمهم في ذلك الانشقاقات اليومية من العسكريين والسياسيين ، فلا يكاد يمر يوم إلا وينشق عدد من عساكر النظام وضباطه وطياريه ، أو ينشق عدد من الشخصيات السياسية والأمنية ويتحولون إلى صف الثورة .. ولا يكاد يمر يوم إلا ويسقط بعض مواقع النظام في أيدي الثوار، مما يجعلهم يغنمون الكثير من العتاد والذخائر والآليات الحربية كالدبابات والمدرعات والسيارات العسكرية وناقلات الجنود .. ولا يكاد يمر يوم إلا ويتهاوى بعض كتائب النظام في قبضة الجيش الحر والكتائب الجهادية. أضف إلى هذا أن أكثر المطارات قد عطلت أو تعسرت الحركة فيها ، أو صارت في قبضة الجيش الحر .
وفي المقابل ، نجد أن قوة النظام تتضاءل يوما بعد يوم ، فلا هو قادر على القيام بالاستحقاقات المالية ، لتأمين متطلبات البقاء في الحكم .. ولا هو قادر على قمع الحراك الثوري .. بل لم يعد قادرا إلا على قصف المدن والقرى بالطيران ، وخوض معركة جوية عبثية ، لن تمكنه من الاستقرار على كرسي السلطة ، ولا على البقاء في الحكم بعد كل هذا الإجرام ..
وحتى لا نطيل في غير طائل نقول : لقد أصبحت سوريا اليوم بكاملها محررة من الاستعمار الأسدي ، ولم يعد لهذا النظام المتهالك مكان على الأرض إلا جيوبا هنا وهناك ، وعما قريب سيحررها الثوار - بعونه تعالى - جيبا جيبا ...
هذا هو الموقف الميداني يا سادة ، وقد اضطررتُ إلى عرضه والحديث عنه ، مع أنه ظاهر للعيان ، ومرئي لكل أهل الأرض عن طريق الشاشات والأقمار الصناعية .. ولكن فرسان الحلول السلمية ، المعنيين بالشأن السوري ، بدءا من الموفد الأممي الأخضر الإبراهيمي ، ومرورا برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ، وانتهاء بنائب الرئيس السوري فاروق الشرع .. كأنهم غافلون عن هذا كله ..
كما أحببت أن أضع صورة الموقف الميداني بين يدي : بان كيمون ، وأمين الجامعة العربية ، وروسيا ، وإيران ، وفنزويلا ورئيسها الأسدي شافيز - لا شفاه الله – وكل مخدوع بقوة بشار الأسد .. لأنهم فيما يبدو إما مغيبون عن الواقع ، فما زالوا يتحدثون عن مؤتمر جنيف ، ويريدون إرجاعنا إلى الوراء ، وكأنَّ عقارب الساعة متوقفة لديهم ، وكأنهم لم يسمعوا أن عدد الضحايا قد تجاوز الخمسين ألفا .. وأن التحدث عن مؤتمر جنيف ، يعني البحث عن مخرج ، يجنب الأسد وعصابته من الحساب ..
أو أن هؤلاء وأولئك يعرفون الواقع ، ولكنهم لا يريدون الإقرار به ، لأن بشار الأسد – فيما يبدو - ما زال يعز عليهم جميعاً ، وما زالوا هم لا يتمنون له الهزيمة ولا الموت على أيدي الثوار .
ومما تقدم من القول يا سادة ، علمنا أن الموقف محسوم عسكريا لصالح الثورة ، فلماذا إذن نقبل بحلول ، لن نكون فيها إلا خاسرين . ولا يعني قبولنا بها إلا تبرئة الأسد وعصابته وشبيحته من كل الجرائم التي ارتكبوها ويرتكبونها يوميّاً وساعيّاً ولحظيّاً ... ولكنْ كأني بأصحاب هذه الحلول يطالبوننا بخيانة شهدائنا ، ومسامحة من انتهك أعراضنا ، وأحرق أبناءنا وأطفالنا ، وأعدم شبابنا .. ويريدون منا أن نفض النزاع فيما بيننا وبين خصومنا على طريقة أبناء العمومة ، بتقبيل الشوارب ، وقول عفا الله عما مضى ... ولا والله لن نرضى بأي واحد من هذه الحلول ، التي لن يكون لنا منها إلا الدنية والذل والعار . لقد ناشدنا هذه العصابة أكثر من سبعة أشهر ، ورجوناهم أن لا يضطرونا لحمل السلاح ، وتوسط القاصي والداني لإقناعهم بالتخلي عن الحل الأمني ، والسماح للشعب بالتظاهر والتعبير السلمي عن مطالبه ، فما قبل النظام إلا بتوجيه الرصاص إلى صدور المتظاهرين المسالمين .. ثم سدر في غيه ، فأوغل في القتل والسحل والتصفية الجسدية تحت التعذيب .. ثم انتهك الأعراض ، ومثل في أجساد الموتى .. وهدم المساجد ، واعتدى على كل شيء .. على الإنسان والحيوان .. والشجر والحجر .. حتى على الذات الإلهية ، فكان يكره الناس على قول ( لا إله إلا بشار ) ... وأعلنوها صراحة ( الأسد أو نحرق البلد ) ..
لهذا سنقاتل حتى آخر رجل منا ، أو ننتصر .. سنقاتل حتى يحترم العالم قرارنا كشعب يريد أن يتحرر من العبودية لحفنة من الأشرار .. لقد علمنا عم اليقين أن المجتمع الدولي كله إرهابي ، لأنه حتى الآن لم ينزع الشرعية عن هذا الإرهابي الأكبر بشار الأسد ، وما زال يقبل سفراءه ودبلوماسييه ، وهم في حقيقة الأمر لا يمثلون سوى عصابة من المافيا ، وزمرة من القتلة الوالغين في دماء الأبرياء الشرفاء ..
سنقاتل هذا الطاغية الذي سن في الحكم سنة ستكون وبالا على كل الشعوب المطالبة بحرياتها ... ولسوف ننتصر عليه – بعون الله تعالى - سواء أوقف العالم معنا ، أو استمر في خذلاننا .. ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) ..