حانت نهاية الأسد بين صمت المتورطين معه وعجز مؤيديه :
بقلم : أبو ياسر السوري
1 – منذ قامت ثورة الحرية والكرامة في سوريا ، والأسد وأبواقه يصورون الأمر على أنه مجرد أعمال شغب محدودة ، من حفنة من الجماعات التخريبية المندسة ، التي تعمل لتحقيق أجندات أمريكية إسرائيلية ، بغرض زلزلة النظام السوري الصامد الممانع .. ومنذ بدأت الثورة ، وحتى هذه اللحظة ، والإعلام السوري يردد هذه الأسطوانة المشروخة ، ويؤكد على أنها أزمة عابرة و ( خلصت) .
2 – ومنذ بدء الثورة السورية إلى الآن ، وإيرانُ وأذيالُها حزبُ الشيطان في لبنان ، وعصابةُ المالكي في العراق ، يتبنون هذه الأكاذيب ، ويرددونها مع قناة الدنيا وأخواتها في دمشق ، زاعمين أنها أزمة و ( خلصت ) . وتصر إيرانُ وأذيالها على أن الأسد باق ، وأن من يزعم خلاف ذلك فهو واهمٌ .
3 – وروسيا تراهن على تمكن الأسد من قمع الثورة ، وترى أن (الأسد) بالنسبة لها ، هو بمثابة حليفها ( قاديروف ) في الشيشان ، وتؤكد أنها ستقف إلى جانبه بكل ما أوتيت من قوة ، إلى أن يتم قمع الشعب الثوري ، واستقرار نظام حليفها الأسد إلى الأبد .. ونسيت روسيا أن الله هو مالك الملك وحده ، وأنه هو الذي ينزعه متى شاء .
4 – ومرت الأيام ، ومضى 21 شهراً من عمر الثورة ، وهي تزداد قوة واشتعالا يوما بعد يوم .. وكلما أمعن النظام في البطش والإجرام ، ازداد عنفوان الثورة ، وصلب عودها ، حتى استقامت شجرتها ، وتجذرت في الأرض عروقها ، وأصبحت في مأمنٍ من أن تقتلعها هوج الرياح ..
5 – ثم لم تلبث الثورة أن انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم ، وبدأت قوات النظام بالتراجع أمام إعصارها الكاسح ، فسقطت المنافذ الحدودية بأيدي الثوار ، الواحد منها تِلْوَ الآخر .. وفشلَ النظامُ أخيرا في استعادة أي منفذٍ منها .. ثم صارت حواجز النظام وفروعه الأمنية تتعرض للهجوم المتتالي من قبل الثوار ، إلى أن أزيلت هذه الحواجز إزالة شبه كاملة في أغلب مناطق سوريا ، كما تعرضت فروع أمنه إلى أعنف الضربات ، وتمكن الثوار من احتلال كثير منها واغتنام ما فيها من ذخيرة وسلاح وعتاد .. ثم توجه الثوار لمهاجمة المطارات ، فتمكنوا من إسقاط أهم المطارات ، وكان آخرها مطار دمشق الدولي ، الذي كان قد حوَّله النظامُ إلى مطارٍ شبه عسكري ، يستقبل من خلاله مدد الذخيرة والسلاح من روسيا وإيران ... أضف إلى هذا نجاحَ الثوار في إيقاع تفجيرات أطاحت بأكبر أعمدة النظام .. ولم يعد أي مقر للنظام بمأمن منهم .. كما صار بإمكان الثوار أن يحيدوا الطيران المروحي تحييدا شبه كامل .. بل صار بإمكانهم إسقاط الكثير من طيران الميغ الحربي، وتكبيد النظام عشرات الطائرات ...
6 – كان النظام غبيا ، حين تحرك في قمع الثورة عشوائيا ، لأن تعليمات الأسد لم ينظر فيها إلى خطة أمنية ولا عسكرية ، وإنما كان طلبه الأول والأخير ( اقمعوا الثورة بكافة الطرق ومختلف الوسائل ) . فهو بهذا لم يقدم لقادته ومساعديه خطة مدروسة ، ولم يضع لهم المقدمات التي تقودهم إلى النتائج ، وإنما دفعهم إلى العشوائية في القمع ، فانطلقوا يتسابقون إلى قتل الناس كالوحوش ، مما ساعد على انضمام الشعب كله إلى جانب الثوار .. خصوصا وأن التركيبة الطائفية لنظام الأسد ، جعلته لا يعتمد إلا على أبناء طائفته بالدرجة الأولى ، مما جيش مشاعر الآخرين ضده ...
7 – لقد انهزم الأسد حتى الآن من كل سوريا ، وحشر في زاوية ضيقة ، وتحديدا في الجهة الغربية الشمالية من دمشق ، حيث القصر الجمهوري ، ومطار المزة ، والأحياء التي يكثر فيها تواجد الفروع الأمنية من حوله .. ولو سقط مطار المزة ، وهو مرشح للسقوط قريبا بعون الله .. أقول : لو سقط مطار المزة ، فلن يكون للأسد مفرٌّ ، وسوف يقع في أيدي الثوار لا محالة ، ويقبض عليه من خلال إحدى الأنفاق هناك ، ويلاقي مصيره المحتوم على طريقة القذافي ، التي أصر هو على اختيارها وتبنيها من يوم اعتمد الحل الأمني ...
فالأسدُ وعصابته الآن يتربصون بنا شرا .. ونحن نتربص بهم أن يصيبهم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ... ( قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ ) .
8 – ومنذ أيام وها هي التصريحاتُ والتلميحات تتوالى معلنة بقرب سقوط الأسد ، وسقوطه هذه المرة بشكل مؤكد .. والكل بات يقول : إن الأسد يحزم الآن حقائب الرحيل ... لا أعني ما جرى على لسان أوباما ، ووزيرة الخارجية كلينتون ، ووزير الدفاع الأميركي ، وقائد قوات الناتو .. وإنما أقصد تصريحات أكبر مؤيدي بشار الأسد ، فمثلا بوتين يصرح منذ أسبوع في استنبول بأن روسيا لا تدافع عن الأسد ولا تحميه ، و ( بوغدانوف ) نائب وزير الخارجية الروسي ، يصرح منذ يوم أمس بأنه لا يستبعد انتصار المعارضة ، وسقوط الأسد ... وإيران صامتة ، لا تتكلم ... يا سبحان الله .!! لقد أسقط أخيرا في أيدي الروس ، وأصيبت ملالي إيران بدوار أفقدهم الوعي وأعجزهم عن الكلام .. وحسن نصر الشيطان قابع في الضاحية الجنوبية ، يستقبل توابيت قتلاه ، المتوافدة إليه من سوريا دون انقطاع .. والمالكي يدس رأسه في التراب ويقول : إنه لا يتدخل في الشأن السوري ، مع أنه غارق في الدم السوري إلى الأذقان .. والأسد يجلس على الخط الساخن ، مع روسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا .. يطلب منهم أن يسيروا إليه قارب النجاة ... وما أظنهم يستطيعون ذلك في هذه اللحظات ، فالضرب اليوم في العظم ، وخطر موت الأسد على الأبواب .. وقد تكون نهايته ، وهو متألمٌ لصمت شركائه وامتناعهم عن الكلام ، وعجز مؤيديه عن إنقاذه بعد سقوط النظام ...