يبدو أن نظام الأسد محظوظ بالمبعوثين الدوليين غير الحاسمين، وبجامعةٍ عربية غير حاسمة، وأيضًا بمعارضة متشرذمة مريضة بالخلافات والتناقضات حد العداء.
ومن أولى الأولويات ومن البدهيات، أن تتوحّد المعارضة السورية في الموقف السياسي كي تتمكّن من مواجهة الهجمة العدوانية الشرسة التي يشنها النظام السوري ورعاته.
والخلافات المشتعلة في أوساط المعارضة هي عبء آخر على الثورة السورية ربما أكثر من هجمة نظام الأسد، لأن المجتمع الدولي لا يثق في معارضة متشرذمة يدبّ الضعف في اوصالها، مثل المعارضة السورية، ولا تحظى باحترام المجتمع الدولي، لأن المعارضة المتشرذمة، هي مجموعة معارضات، مما يسمح للنظام بتأسيس معارضات تابعة له لتنسف الثورة من الداخل وقد فعل.، بينما يتحتم على الثوار السوريين أن يوحّدوا مواقفهم السياسية، ويتركوا خلافاتهم الأيديولوجية لما بعد سقوط النظام. فإذا ما استمرت الخلافات تدبّ في المعارضة فإن الثورة السورية في خطر. وهذه الخلافات المؤلمة التي تثور في صفوف المعارضة هي التي منحت نظام الأسد المزيد من الحياة والقوة، وليس فقط الدعم الإيراني الروسي المستمر للنظام.
ولو توحّدت المعارضة سياسيًا، لاستطاعت هزيمة نظام الأسد وطهران وموسكو، لأن وحدة المعارضة خلف الثورة السورية هي العامل الحاسم في تحديد مصير سوريا.
ولا يفهم المرء أي سبب لإثارة الخلافات في المعارضة، ما دام الهدف واحدًا. خاصة أن هذا الهدف لا يتحقق أبدًا في وجود معارضة متشرذمة.
وخلافات المعارضة السورية جعلت المجتمع الدولي يحجم عن تقديم الدعم المناسب للثورة، كما أن هذه الخلافات تضع الدول الداعمة للثورة في حرج، لأن كل فصيل يدّعي أنه هو الأخلص وهو زعيم الثورة.
ويبدو أنه يتعيّن على الثورة السورية، الآن، أن تخوض الحرب على عدة جبهات، فأعداء الثورة هم النظام ورعاته، وعدو ثالث لا يقل خطرًا عن العدوين الآخرين هو الخلافات في أوساط المعارضة، إذ إن خلافات المعارضة تؤذي الثورة وتوهنها وتعطي للنظام المزيد من الدعم المعنوي والمادي وتسمح له باللعب في مسرح المعارضة نفسها، وتعطيه الوقت الكافي لممارسة مراوغاته وتكتيكاته. وتسمح خلافات المعارضة باختراقات عديدة للثورة من منظمات إرهابية وعصابات إجرامية ومجموعات مغامرة، ومجموعات تابعة للنظام ومجموعات تابعة لرعاة النظام، مما يشوّه الثورة ويخلق شعورًا بالحذر منها في أوساط ا
لمجتمع الدولي.