لماذا لا يفهم العالم ما نريد .؟
بقلم : أبو ياسر السوري
أطالع أحيانا ما يُكتب حول شأننا السوري في الصحف ، من مقالات وتعليقات ، فيعتريني شعورٌ يدفعني إلى مخاشنة من يُسيء التعبير عنا ، فينصِّبُ نفسه حاكما وهو أجهلُ الناس بالأحكام . فاقسو عليه مضطرا لأن عقلية هذا النوع من البشر قريبة من عقلية بشار الأسد .. لا ينفع معها اللِّين .. فأدفع بتعليقي إلى النشر ، فيُحجَبُ ردِّي في أغلب الأحيان ، أو يُنشَرُ بعد أنْ يعمل فيه مِقَصُّ الرَّقيب ...
تصوروا يا سادة ، قرأت بالأمس لأحدهم كلاما سخيفا [ يدعو فيه إلى المصالحة بين الطرفين في سوريا ، لأنها أفضل الطرق لوقف نزيف الدم ، ويشترط لهذه المصالحة أن يتنازل كل من الطرفين عن مواقفه المتشددة ، وأن يجلس الثوار مع بشار للحوار ...] وهذا كلامٌ يدل على أن صاحبه لا يعرف شيئا عن طبيعة هذا النظام ، ولا يدري أنه عصابة من المافيا الدولية ، ولا يدري أنه يدعونا إلى المصالحة مع قتلة ومجرمين ولصوص ومنتهكي أعراض لا أخلاقيين ..
ولا يدري صاحب هذا القول أنه يطالب السوريين بما لا طاقة لهم به ، إنه يطالبهم بالتنازل عن بعض مطالبهم لصالح هذه العصابة ، ولكن مطالب السوريين غير قابلة للتبعيض ، لأنهم يطالبون بالحرية والكرامة والمساواة ... والنظام يرفض إلا استعبادهم وإذلالهم .. فعن ماذا يتنازل السوريون من هذه المطالب ، وبأي شيء يحتفظون .؟
ويقول آخر : [ عندما يرفض المريض تناول الدواء ، هل المسؤولية تقع على الطبيب ( سي الأخضر ) أم على المريض المنتحر .؟ ( الأطراف السورية المتقاتلة ) .؟ ، فات رمضانين على السوريين ، ولم يصوموه إيمانا واحتسابا ، ولا أمل في مَنْ لا يَرحمُ نفسه ، ولا يُريدُ أن يُرحَمَ .] . وصاحبنا هذا يعتبرنا مرضى يرفضون تناول دواء الطبيب . ويرى أنه لا أمل في شفائنا لأننا حمقى لا نرحم أنفسنا ، ولا نقبل أن يرحمنا الآخرون . وهذا كلام ليس له طعم ولا لون ولا رائحة ، فأي طبيب وأي مرضى . إذا أصر صاحبنا على أن الأخضر الإبراهيمي طبيب ، فهو لعمري طبيبٌ بيطري ، يريد أن يطبب الآدميين ، وقد فاته أن ما يصلح للبغال والحمير ، لا يصلح لبني البشر ... ثم إن صاحبنا هذا يسوي في كلامه بين الجلاد والضحية حين يقول ( الأطراف السورية المتقاتلة ) . خَفِ الله يا هذا ، أيُّ أطراف متقاتلة ..؟ ألم تعلم أن المسألة ليست بهذه الصورة أبدا ، فالمسالة يا فَقِيهَ الحِكْمةِ ، هي عبارة عن نظام يشنُّ حربا على شعبه الأعزل .. ويستخدم في محاربته كل آلته الحربية من مدفعية ميدان ودبابات وطائرات وصواريخ وكيماوي ( نعم كيمياوي فقد بدأت أعراضه تطهر على 400 طفل في حمص ) ... والسؤال هنا : عن أي أطراف متقاتلة تتحدث يا أبا العُرّيف .؟؟
لماذا لا يريد أحد أن يفهم ما يجري في سوريا على حقيقته .؟؟ وإذا كان أحدٌ غير فاهم لما يجري .. فلماذا يُنصِّبُ نفسه قاضيا في قضية لا يعلم عنها شيئا .؟؟
قضيتنا يا معشر الكتبة المتفاصحين ، هي : أننا ابتلينا بنظام مستبد فاسد ، حَكَمَنا بالقمع والقهر أكثر من أربعين سنة ، فقتل منا أكثر من نصف مليون سوري ، وبثَّ الرعب في قلوب الشعب ، إلى أن نشأ جيل لم يشاهد صور القمع التي وقعت على آبائه ، وإنما كان يقرأ أخبارها من نظراتهم الخائفة ، ووصاياهم المتكررة بلزوم الصمت وعدم الكلام ..
كان النظام يتمادى في استبداده وفساده ، والجيل الجديد يُكْوَى بسياط ظلمه الصارخ ، ويتراكم الغيظ في داخله يوما بعد يوم .. حتى كانت مسألة اعتقال أطفال درعا ، وقتلهم والتمثيل بأجسادهم ، فكانت هذه الحادثة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، فثارت درعا وتعاقبت بعدها المدن على الثورة ، واحدة تلو الأخرى ، وكان الشعب يطالب بالإصلاح ، والإصلاح فقط .. ولكن النظام رد بالسلاح على المطالبين بالإصلاح .. وقسا في قمعهم قسوة لم يعرف لها التاريخ مثيلا فقتل ومثل في القتلى وداهم واعتقل وعذب واغتصب ، فتحول الشعب إلى المطالبة بإسقاط النظام . ولم يتحدث أحد عن إسقاط رأس النظام بعد ، حتى خطب رأس هذا النظام مرات ، فاستهان في خطبه بدماء المواطنين ، وأطلق الضحكات في مجلس التصفيق ، ووصف الشعب بالعمالة والخيانة الوطنية ، ووعد بالضرب بيد من حديد لكل من يمارس حقه في التظاهر والتعبير .. وعندها شرع الشعب يطالب بإسقاط الرئيس ، ويلعنه ويلعن أباه ..
الحل يا سادة واحدة من اثنتين ، إما الشعب في هذا الوطن ، وإما هذا النظام . ولا بديل عن ذلك البتة . لم يعد الحل اليمني مقبولا ، ولا محل له من الإعراب . فقد اتسع الخرق على الراقع .. ولن نقبل بالحل التونسي ، ولا الحل المصري .. لن نقبل بعد اليوم إلا باستمرار القتال ، بيننا وبين هذه العصابة ، حتى يقضي الله فينا وفيهم أمرا كان مفعولا ...
نريد إسقاط النظام ، ومحاكمة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء ، ونريد أن نحاكم كل من لوث شرف السوريين ، واغتصب النساء والرجال ، واستهان بالمقدسات ، وانتهك الحرمات ..
وإذا لم يفهم العالم ما نريد ، سوف نحقق نحن بأيدينا ما نريد ، ولن نقبل بأنصاف الحلول ، ولن نتنازل عن أي جزء من حقوقنا ، ولو كلفنا ذلك أن نحمل السلاح لعشرات السنين ، لأن التنازل هنا يعني التنازل عن حريتنا وكرامتنا ... وإذا لم يبق في العالم أصحاب ضمائر تحكم بالحق وتعين على رده إلى أصحابه ، فليستمر هذا الشعب في الصبر على قَدَرِهِ ، وَلَأَنْ يموتَ عزيزاً كريماً ، خيرٌ له من العيش في الذُّلّ والهوان ..
بقلم : أبو ياسر السوري
أطالع أحيانا ما يُكتب حول شأننا السوري في الصحف ، من مقالات وتعليقات ، فيعتريني شعورٌ يدفعني إلى مخاشنة من يُسيء التعبير عنا ، فينصِّبُ نفسه حاكما وهو أجهلُ الناس بالأحكام . فاقسو عليه مضطرا لأن عقلية هذا النوع من البشر قريبة من عقلية بشار الأسد .. لا ينفع معها اللِّين .. فأدفع بتعليقي إلى النشر ، فيُحجَبُ ردِّي في أغلب الأحيان ، أو يُنشَرُ بعد أنْ يعمل فيه مِقَصُّ الرَّقيب ...
تصوروا يا سادة ، قرأت بالأمس لأحدهم كلاما سخيفا [ يدعو فيه إلى المصالحة بين الطرفين في سوريا ، لأنها أفضل الطرق لوقف نزيف الدم ، ويشترط لهذه المصالحة أن يتنازل كل من الطرفين عن مواقفه المتشددة ، وأن يجلس الثوار مع بشار للحوار ...] وهذا كلامٌ يدل على أن صاحبه لا يعرف شيئا عن طبيعة هذا النظام ، ولا يدري أنه عصابة من المافيا الدولية ، ولا يدري أنه يدعونا إلى المصالحة مع قتلة ومجرمين ولصوص ومنتهكي أعراض لا أخلاقيين ..
ولا يدري صاحب هذا القول أنه يطالب السوريين بما لا طاقة لهم به ، إنه يطالبهم بالتنازل عن بعض مطالبهم لصالح هذه العصابة ، ولكن مطالب السوريين غير قابلة للتبعيض ، لأنهم يطالبون بالحرية والكرامة والمساواة ... والنظام يرفض إلا استعبادهم وإذلالهم .. فعن ماذا يتنازل السوريون من هذه المطالب ، وبأي شيء يحتفظون .؟
ويقول آخر : [ عندما يرفض المريض تناول الدواء ، هل المسؤولية تقع على الطبيب ( سي الأخضر ) أم على المريض المنتحر .؟ ( الأطراف السورية المتقاتلة ) .؟ ، فات رمضانين على السوريين ، ولم يصوموه إيمانا واحتسابا ، ولا أمل في مَنْ لا يَرحمُ نفسه ، ولا يُريدُ أن يُرحَمَ .] . وصاحبنا هذا يعتبرنا مرضى يرفضون تناول دواء الطبيب . ويرى أنه لا أمل في شفائنا لأننا حمقى لا نرحم أنفسنا ، ولا نقبل أن يرحمنا الآخرون . وهذا كلام ليس له طعم ولا لون ولا رائحة ، فأي طبيب وأي مرضى . إذا أصر صاحبنا على أن الأخضر الإبراهيمي طبيب ، فهو لعمري طبيبٌ بيطري ، يريد أن يطبب الآدميين ، وقد فاته أن ما يصلح للبغال والحمير ، لا يصلح لبني البشر ... ثم إن صاحبنا هذا يسوي في كلامه بين الجلاد والضحية حين يقول ( الأطراف السورية المتقاتلة ) . خَفِ الله يا هذا ، أيُّ أطراف متقاتلة ..؟ ألم تعلم أن المسألة ليست بهذه الصورة أبدا ، فالمسالة يا فَقِيهَ الحِكْمةِ ، هي عبارة عن نظام يشنُّ حربا على شعبه الأعزل .. ويستخدم في محاربته كل آلته الحربية من مدفعية ميدان ودبابات وطائرات وصواريخ وكيماوي ( نعم كيمياوي فقد بدأت أعراضه تطهر على 400 طفل في حمص ) ... والسؤال هنا : عن أي أطراف متقاتلة تتحدث يا أبا العُرّيف .؟؟
لماذا لا يريد أحد أن يفهم ما يجري في سوريا على حقيقته .؟؟ وإذا كان أحدٌ غير فاهم لما يجري .. فلماذا يُنصِّبُ نفسه قاضيا في قضية لا يعلم عنها شيئا .؟؟
قضيتنا يا معشر الكتبة المتفاصحين ، هي : أننا ابتلينا بنظام مستبد فاسد ، حَكَمَنا بالقمع والقهر أكثر من أربعين سنة ، فقتل منا أكثر من نصف مليون سوري ، وبثَّ الرعب في قلوب الشعب ، إلى أن نشأ جيل لم يشاهد صور القمع التي وقعت على آبائه ، وإنما كان يقرأ أخبارها من نظراتهم الخائفة ، ووصاياهم المتكررة بلزوم الصمت وعدم الكلام ..
كان النظام يتمادى في استبداده وفساده ، والجيل الجديد يُكْوَى بسياط ظلمه الصارخ ، ويتراكم الغيظ في داخله يوما بعد يوم .. حتى كانت مسألة اعتقال أطفال درعا ، وقتلهم والتمثيل بأجسادهم ، فكانت هذه الحادثة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، فثارت درعا وتعاقبت بعدها المدن على الثورة ، واحدة تلو الأخرى ، وكان الشعب يطالب بالإصلاح ، والإصلاح فقط .. ولكن النظام رد بالسلاح على المطالبين بالإصلاح .. وقسا في قمعهم قسوة لم يعرف لها التاريخ مثيلا فقتل ومثل في القتلى وداهم واعتقل وعذب واغتصب ، فتحول الشعب إلى المطالبة بإسقاط النظام . ولم يتحدث أحد عن إسقاط رأس النظام بعد ، حتى خطب رأس هذا النظام مرات ، فاستهان في خطبه بدماء المواطنين ، وأطلق الضحكات في مجلس التصفيق ، ووصف الشعب بالعمالة والخيانة الوطنية ، ووعد بالضرب بيد من حديد لكل من يمارس حقه في التظاهر والتعبير .. وعندها شرع الشعب يطالب بإسقاط الرئيس ، ويلعنه ويلعن أباه ..
الحل يا سادة واحدة من اثنتين ، إما الشعب في هذا الوطن ، وإما هذا النظام . ولا بديل عن ذلك البتة . لم يعد الحل اليمني مقبولا ، ولا محل له من الإعراب . فقد اتسع الخرق على الراقع .. ولن نقبل بالحل التونسي ، ولا الحل المصري .. لن نقبل بعد اليوم إلا باستمرار القتال ، بيننا وبين هذه العصابة ، حتى يقضي الله فينا وفيهم أمرا كان مفعولا ...
نريد إسقاط النظام ، ومحاكمة كل من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء ، ونريد أن نحاكم كل من لوث شرف السوريين ، واغتصب النساء والرجال ، واستهان بالمقدسات ، وانتهك الحرمات ..
وإذا لم يفهم العالم ما نريد ، سوف نحقق نحن بأيدينا ما نريد ، ولن نقبل بأنصاف الحلول ، ولن نتنازل عن أي جزء من حقوقنا ، ولو كلفنا ذلك أن نحمل السلاح لعشرات السنين ، لأن التنازل هنا يعني التنازل عن حريتنا وكرامتنا ... وإذا لم يبق في العالم أصحاب ضمائر تحكم بالحق وتعين على رده إلى أصحابه ، فليستمر هذا الشعب في الصبر على قَدَرِهِ ، وَلَأَنْ يموتَ عزيزاً كريماً ، خيرٌ له من العيش في الذُّلّ والهوان ..