هدنة الإبراهيمي مؤامرة لصالح النظام ؟
بقلم : أبو ياسر السوري
لقد أطلق ( اليابس ) الإبراهيمي الدعوة إلى هدنة بين الثوار والنظام الخائن ، يتوقف فيها إطلاق النار بين الجانبين ، في فترة أيام عيد الأضحى القادم .
وهللت لهذه الهدنة وسائل الإعلام والقنوات الفضائية ، والكل يشيد بها ، وبعبقرية مطلقها . وفجأة بات الكل يتحدث عن ضرورة إيقاف شلال الدم السوري المسفوك ، وصار الحديث يدور عن إمكان البناء على هذه الهدنة ، وإمكان اتخاذها نقطة انطلاق إلى وقف دائم للاقتتال في سوريا ، وإنهاء ما يسمونه بـ (الأزمة ) ، ولوح الإبراهيمي باستدعاء 3000 من أصحاب القبعات الزرقاء ، للإشراف على وقف دائم لإطلاق النار ، والتمهيد لحل سياسي يحقن الدماء ، ويحقق مصلحة كافة الأطراف . ولهذا كله فدعوة الإبراهيمي في رأي المتحدثين إلى الإعلام ، هي دعوة جديرة بالاهتمام ..!!
ومن حيث المبدأ : ليس هنالك من ينكر أن الصلح خير، ولا أحد يشك في ضرورة حقن دماء الناس ، لأن الحفاظ عليها مطلب ديني إنساني ، ولو كانت النوايا صالحة ، فمن الخير القبول بهذه الهدنة ، وعدم التسرع إلى رفضها .. ولكنها دعوة مبنية على دخن ، ولا يراد بها خير للسوريين . فقد جربنا هذا النظام ، وعرفنا ألاعيبه وأكاذيبه ، وأيقنا أنه لا يريد بسوريا ولا بأهلها خيرا ، وإنما همه البقاء في السلطة ولو كان ذلك على أشلاء كل السوريين ...
ومما يزيدنا ريبة ، ويدفعنا إلى الشك أكثر ، موقف روسيا وإيران من هدنة الإبراهيمي .. فقد رحبت روسيا وإيران بهدنة الإبراهيمي ، وأعلن النظام السوري عن موافقته المبدئية بالهدنة ... إذن كلهم عرف أن ما يدعو إليه الإبراهيمي هو مما يصب في مصلحة الأسد ومصلحة نظامه القاتل . وإلا فمن المؤكد بأن ضمائرهم الإنسانية لم تستيقظ فجأة ، فتوافق على إيقاف سفك الدماء ، التي استمرت في سفكها 19 شهرا من غير أن تتوقف ساعة من ليل أو نهار ...
إن النظام يا سادة ، قد أصبح في حال لا يحسد عليها ، وإن الذين راهنوا على انتصاره كانوا واهمين ، وقد أوقعهم وهمهم في وحل حرب لا قبل لهم بها ، إنها حرب شعب قرر أن يقاتل دون حريته وكرامته حتى النهاية ، فإما أن ينتصر وإما أن يموت ... وقد أيقن النظام ، وأيقنت روسيا ، وأيقنت إيران ، أن الأسد ساقط ، وأن نظامه الإجرامي راحل ، ولكن العنجهية الاستبدادية تمنع كلاً من روسيا وإيران من الاعتراف بالحقيقة المرة .. لذلك تصر على الاستمرار في مساندة القتلة ، حتى يعطيهم المجتمع الدولي منفذا للنجاة ، وأمانا من العقاب .
إن النظام قد بات الآن محاصراً في أغلب أماكن توضعاته في سوريا ، وكلما تحركت قطعة من وحداته ، تعرضت لكمائن الجيش الحر ، التي تقصم ظهرها ، وتقتل عناصرها ، وتغنم سلاحها ومعداتها .
كما أن الجيش الحر قد استطاع أن يحرر أغلب التراب السوري ، وقد كلفه هذا التحرير ثمنا لذلك ، أن النظام قد قام بخراب أغلب المدن والقرى السورية ودمارها فوق رؤوس المدنيين ، كما كلفه هذا التحرير أن يقرب عددا كبيرا من الشهداء .
والتوقف عن القتال في أيام عيد الأضحى ، سوف يخدم النظام ، ويتيح له فرصة ترتيب صفوفه ، وإيصال الذخيرة والإمدادات إلى كافة قطعه المحاصرة من قبل الجيش الحر ، دون أن يعترض سبيله أحد . وما إن تمر هذه الأيام الخمسة ، حتى يكون النظام قد استعاد كامل قواه وتجهيزاته ، واستعد للمعركة من جديد .. وعندها سيكون بإمكانه استرداد جميع ما خسره أمام الجيش الحر .
وليس لعاقل أن يقول : ونحن يمكن أن نستفيد من هذه الهدنة ، كما استفاد النظام .. فهذا الكلام غير دقيق ، لأن ما يمكن أن يفعله النظام في هذه الأيام الخمسة ، لا يسعنا أن نفعل نحن معشاره ، فهو لديه السيارات وناقلات الجند والمروحيات ، وكل ذلك يقرب عليه البعيد ، ويمكنه أن ينجز في يوم واحد ما لا ننجزه نحن في شهور ...
وخلاصة القول : إن هذا ( اليابس الإبراهيمي ) إما خرفٌ لا يعرف شيئا عن هذه العصابة ، أو أنه يعرف ولكنه مكلف بالعمل لصالحها ، وعندئذ يكون ضالعا في المؤامرة ، وهذا ما نرجحه . بدليل أنه يقترح أن يكون الـ 3000 جندي من أصحاب القبعات الزرقاء من إيران وروسيا وفنزويلا وكوريا الشمالية .. وجميع أعداء الشعب السوري .. فهل نتغابى ونقول : إن هذا الرجل حسن النية ، أم نتفاطن ونقول : إن الإبراهيمي هو نسخة من الدابي ، حذو النعل بالنعل .
فيا أيها الجيش الحر انتبه ، فإن هدنة الإبراهيمي ، لا يقصد بها إلا أن تخسروا كل مكاسبكم الحربية ، بالتوقف عن القتال ، خمسة أيام ، يسترد فيها النظام عافيته ، ويلملم شمله ، ويقوي صفوفه ، ليستأنف بعدها القتال ، ويستعيد منكم كل ما غنمتموه .. فلا تمنحوا عدوكم الفرصة لالتقاط أنفاسه ، ولا تمكنوا هذا الإبراهيمي الخائن من تنفيذ مهمته ، مهما أطلق على مسامعكم من تصريحات التحذير والتخويف ... فتلك وسيلة المنافقين في كل زمان ومكان قال تعالى (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ* إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* )