المقالة (3) الخطوة الثانية إلى التغيير
الانتقال القسري من الحكم الطائفي إلى الحكم الوطني :
بقلم : أبو ياسر السوري
وأقصد بالانتقال القسري إعلان الحرب على الطائفة العلوية المعادية للوحدة الوطنية ، ولا أقصد بذلك الدعوة إلى حرب طائفية تمزق الوطن ، وتفتح باب اقتتال لأمد طويل ، الرابحُ فيه خسران ، لأن أية حرب طائفية تقع ، لن تنتهي إلا بقضاء الأقوى على الأضعف قضاء كاملا .. و لن يتم ذلك إلا بتضحيات كبيرة من الطرف المنتصر ... الانتقال القسري من الحكم الطائفي إلى الحكم الوطني :
بقلم : أبو ياسر السوري
ولهذا فإننا لا ولن ندعو إلى حرب طائفية ، وإنما ندعو إلى محاربة ثلة فاسدة من هذه الطائفة ، الذين يحاولون تمزيق الوحدة الوطنية ، ويدعون إلى تقسيم سوريا ، وإقامة دويلة علوية لهم في الساحل السوري ، وهو الحلم القديم ، الذي كان وما زال يراود الفاسدين من هذه الطائفة المارقة ، التي لا تشعر بشرف الانتماء إلى وطنها سوريا ، وإنما هي دائمة التفكير في الانسلاخ عنه ، والوقوف مع كل عدو يهاجمه من الخارج ، أو يحيك له من الداخل . وذلك ديدنهم منذ القدم ، وقد ثبت تاريخيا أنهم آزروا الصليبيين على المسلمين ، كما آزروا التتار ضد المسلمين ، ثم كانوا يد فرنسا وعينها أثناء فترة الانتداب الفرنسي ، وقد بلغت بهم الوقاحة أنهم طالبوا فرنسا أن لا ترحل من سوريا ، وهنالك وثيقة تاريخية ، وقع عليها كبار الطائفة النصيرية:عزيز آغا الهواش ، ومحمد بك جديد ، وسليمان المرشد ، ومحمود آغا جديد، وسليمان أسد ، ومحمد سليمان الأحمد . ورفعوها إلى رئيس الحكومة الفرنسية ليون بلوم تحت رقم 3547 تاريخ 15 / 6 / 1936 في سجلات وزارة الخارجية الفرنسية ، وإليك نصها :
[ دولة ليون بلوم رئيس الحكومة الفرنسية : بمناسبة المفاوضات الجارية بين فرنسا وسوريا نتشرف نحن زعماء ووجهاء الطائفة العلوية في سوريا أن نلفت نظركم ونظر حزبكم إلى النقاط التالية :
1 –إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس ، هو شعب يختلف بمعتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم السني ، ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة مدن الداخل .
2 –إن الشعب العلوي يرفض أنيلحق بسوريا المسلمة ، لأن الدين الإسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي ، والشعب العلوي بالنسبة إلى الدين الإسلامي ، يعتبر كافرا ، لذا نلفت نظركم إلى ما ينتظر العلويين من مصير مخيف وفظيع في حالة إرغامهم على الالتحاق بسوريا عندما تتخلص من مراقبة الانتداب ، ويصبح بإمكانها أن تطبق القوانين والأنظمة المستمدة من دينها .
3 –إن منح سوريا استقلالها ، وإلغاء الانتداب ، يؤلفان مثلا طيبا للمبادئ الاشتراكية في سوريا ، إلا أن الاستقلال المطلق ، يعني سيطرة بعض العائلات المسلمةعلى الشعب العلوي في كيليكيا وإسكندرون وجبال النصيرية .
أما وجود برلمان وحكومة دستورية فلا يظهر الحرية الفردية ، إن هذا الحكم البرلماني عبارة عن مظاهر كاذبة ليس لها أية قيمة ، بل يخفي في الحقيقة نظاما يسوده التعصب الديني على الأقليات ، فهل يريد القادة الفرنسيين أن يسلطوا المسلمين على الشعب العلوي ليلقوه في أحضان البؤس ؟
4 –إن روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب ، نحو كل ما هو غير مسلم هي روح يغذيها الدين الإسلامي على الدوام ، فليس هناك أمل في أن تتبدل الوضعية ، لذلك فإن القليات في سوريا ، تصبح في حالة إلغاء الانتداب ، معرضة لخطر الموت والفناء ،بغض النظر عن كون هذا الإلغاء يقضي على حرية الفكر والمعتقد .
وها أننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق المسلمين ، يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم ، على توقيع وثيقة يتعهدون بها بعدم إرسال المواد الغذائية إلى إخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين ، وحالة اليهود في فلسطين هي أقوى الأدلة الواضحة الملموسة على عنف القضية الدينية التي عند العرب المسلمين لكل من لا ينتمي إلى الإسلام . فإن أولئك اليهود الطيبين الذين جاؤوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام ، ونشروا فوق أرض فلسطين الذهب والرفاه ، ولم يوقعوا الأذى بأحد ، ولم يأخذوا شيئا بالقوة ، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة ، ولم يترددوا في أن يذبحوا أطفالهم ونساءهم ، بالرغم من وجود إنكلترة في فلسطين ، وفرنسا في سوريا . لذلك فإن مصيرا اسود ينتظر اليهود زالأقليات الأخرى في حالة إلغاء الانتداب وتوحيد سوريا المسلمة وفلسطين المسلمة . هذا التوحيد هو الهدف الأعلى للعربي المسلم .
5 –إننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري ،وعلى الرغبة في تحقيق الاستقلال ، ولكن سوريا لا تزال في الوقت الحاضر بعيدة عن الهدف الشريف الذي تسعون إليه ، لأنها لا تزال خاضعة لروح الإقطاعية الدينية ،ولا يظن أن الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي يقبلون أن يمنح السوريون استقلالا يكون معناه عند تطبيقه استعباد الشعب العلوي وتعريض الأقليات لخطر الموت والفناء .
أما طلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سوريا فمن المستحيل أن تقبلوا به ، أو توافقوا عليه ، لأن مبادئكم النبيلة ، إذا كانت تؤيد فكرة الحرية ، فلا يمكنها أن تقبل أن يسعى شعب إلى خنق حرية شعب آخر ، لإرغامه على الانضمام عليه .
6 –قد ترون أن من الممكن تأمين حقوق العلويين والأقليات بنصوص المعاهدة ، أما نحن فنؤكد لكم أن ليس للمعاهدات أية قيمة إزاء العقلية الإسلامية في سوريا . وهكذا استطعنا أن نلمس نبلا في المعاهدة التي عقدتها إنكلترا مع العراق التي تمنع العراقيين من ذبح الآشوريين واليزيديين .
فالشعب العلوي الذي نمثله ، نحن المجتمعين والموقعين على هذه المذكرة يستصرخ الحكومة الفرنسية والحزب الاشتراكي الفرنسي ويسالهما ، ضمانا لحريته واستقلاله ضمن نطاق محيطه الصغير ، ويضع بين أيدي الزعماء الفرنسيين الاشتراكيين ، وهو واثق من أنه واجد لديهم سندا قويا أمينا لشعب مخلص صديق ، قدم لفرنسا خدمات عظيمة مهدد بالموت والفناء ] .
فهذه الوثيقة تثبت تطلعات هذه الطائفة إلى الانشقاق عن السوريين منذ القدم ، وتثبت أن آل جديد وآل الأسد وسليمان الأحمد والد الشاعر الملقب ( بدوي الجبل ) كانوا من أوائل الموقعين على هذه الوثيقة الخيانية ...
ثم استلم راية الخيانة أبناؤهم من بعدهم ، حافظ أسد وصلاح جديد ومحمد عمران ، فشكلوا ما سمي باللجنة العسكرية ، التي قامت بتقويض عرى الوحدة ما بين مصر وسوريا ، كما قاموا بالالتفاف على ثورة الثامن من آذار سنة 1963 التي قامت تحت شعار إعادة الوحدة ما بين مصر وسوريا ، ثم حولوا اتجاهها إلى دولة انفصالية علوية طائفية مستبدة ، كانت وبالا على سوريا ، ويمكن القول بأنه لم يمر على الشعب السوري أسوأ من هذه الحقبة التي حكم فيها حافظ الأسد وابنه بشار . وحسبك أن تعلم أن حافظ السد قتل من معارضيه قرابة 300 ألف سوري من حلب وإدلب وجسر الشغور ، وقتل في مجزرة حماة وحدها قرابة 100 ألف حين قصف حماة بالطيران ومدفعية الميدان ..
وها هو ابنه يهدم سوريا على رؤوس السوريين ، ويقصفهم بالطيران والمدفعية وراجمات الصواريخ ، ويقصفهم من البر والجو والبحر ، فيقتل الأطفال والنساء والرجال ، ويأمر بحرق المواطنين أحياء ، بل ويأمر بذبح الأطفال بالسكاكين ، ويأمر باغتصاب النساء .. فهل هنالك ما هو أسوأ من هذه الممارسات الوحشية ، التي لم يقم بمثلها حتى اليهود .؟؟
تلك هي تطلعات هذه الطائفة في الماضي ، وهذه هي تصرفاتها في الحاضر .. وإن الذي فعله بشار الأسد بسوريا من خراب ودمار ، وإن وقوف هذه الطائفة في صفه ، وإرسال أبنائها لمحاربة الشعب السوري ، قد فاق التصور وتجاوز في الخيانة الحسبان ، فما فعلوه بسوريا من قتل وإبادة وإجرام وخراب ودمار ، لن تقوم للسوريين بعده قائمة قبل عشرين عاما قادمة . فانظر كم خدم ابن هذه الطائفة إسرائيل ، وانظر كم قرت أعين اليهود بصنيعهم .!؟؟ فلا عجب أن يتشبثوا ببقائهم ، ويروا أن سقوطهم خسارة لهم بكل المعايير ..
ولهذا أدعوا كل السوريين إلى محاربة هذه الطائفة التي لم تكن بالأمس ولن تكون اليوم ولا غدا ، إلا عدوة لسوريا والسوريين ... ولسنا في هذه الدعوة طائفيين ، وإنما وطنيون ندعو إلى محاربة خونةً متآمرين على وحدة سوريا والسوريين منذ مئات السنين .
