ارتقى اليوم شهيداً العميد وسام
الحسن بعد أن أذاق أعداء الوطن اللبناني مرارات كثيرة فضاقت صدورهم السوداء
به وقتلوه اغتيالاً وغدراً كعادة كل جبان .. قتلوه كما قتل جساس يوماً
كليباً بطعنة في الظهر على حين خسة لتتكرر مأساة هابيل .. قتلوه لأنه كان
شوكة في حلوقهم ولم يعلموا أن الشوكة ستستحيل باستشهاده كارثة ترتد عليهم
ليقع من حفر حفرة لعدوه في شر أعماله ..
وكعادة
كل محقق علينا أن نتتبع المستفيدين والمتأذين والقادرين والأعداء
التقليديين لنستشف وجه المجرم القذر ، ولهذا يجب أن نستذكر أيضاً العذابات
التي سببها الشهيد للشياطين وخفافيش الليل .. وهنا يتبادر إلى ذهن البليد
قبل النبيه عدة جهات ومنها :
-
إسرائيل : فقد استطاع الشهيد وسام على مدى سنوات كشف العديد من شبكات
الموساد الإسرائيلي والمتعاونين معها مما يربو على ثلاثين شبكة !!
-
إيران والنظام السوري وحزب الله : وهنا لا نستطيع فصل هذه الأطراف عن
بعضها أو تفصيل أدوارها فهي تعمل في لبنان ككتلة واحدة متكاملة ذات تسلسل
هرمي يبدأ من الولي الفقيه دائماً لينتهي عند أحد المنفذين الأخيرين ..
والجدير بالذكر أن الشهيد عرقل الكثير من مخططات إيران والنظام السوري وحزب
الله ففي عام 2005 اكتشف العديد من المنظمات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة
والمدربة في معسكرات النظام السوري والتي دفع بها النظام في ذلك العام
لخلخلة الأمن في لبنان بقصد توجيه رسالة للبنانيين أنه كان صمام الأمان
وحامي الحمى وراعي الأقليات تماماً كما فعل ويفعل في سوريا الآن عبر انتحال
عصاباته صفة الجيش الحر والقيام بالخطف والقتل والاغتصاب وكذلك القيام
بالتفجيرات كتفجير القزاز وغيره ..
ولا
ننسى قبل ذلك الدور المميز للعميد وسام في تحقيقات استشهاد رفيق الحريري
حيث اكتشف دور أوراق الجوكر الأربع ( قادة الأفرع الأمنيين ) في اغتيال
الشهيد الحريري .. ولا ننسى دوره في تزويد لجان التحقيق الدولية بأهم
الأدلة والمعلومات التي قادت إلى إدانة حزب الله ومن ورائه النظام السوري
في اغتيال الشهيد الحريري .
ثم
جاءت الضربة القاضية لحزب الله والنظام السوري حين ألقى الشهيد وسام القبض
على الإرهابي ميشيل سماحة متلبساً بجريمة تهريب متفجرات ( بالتعاون مع
العميد ميلاد كفوري ) من النظام السوري إلى الداخل اللبناني لاستعمالها في
تفجيرات بعضها يستهدف رؤوس 14 آذار والبعض الآخر لزرع الفتنة كالتخطيط
لاغتيال المطران بشارة الراعي واتهام جهات سنية بقتله فكان القبض على ميشيل
سماحة وكشف دور النظام السوري في عمليات الاغتيال في لبنان بمثابة نزرع
القناع الأخير عن رأس الشيطان لينكشف بعدها وجه ميدوزا القبيح الذي لا يمكن
ستره بعد اليوم خاصة بعد اعترافات سماحة بضلوع بشار الأسد وبثينة شعبان
وعلي مملوك في هذه العمليات بشكل مباشر ، وهنا تأتي الرسالة واضحة من
النظام السوري لتقول : إذا كنتم قد فرحتم بالقبض على سماحة فاعلموا أن لنا
آلاف العملاء غيره في لبنان .
وأخيراً
لا ننسى قضيتين هامتين تصبان في العقيدة الطائفية للثلاثي إيران والنظام
السوري وحزب الله وأولهما هو تفريغ لبنان من الكفاءات العسكرية والأمنية
والسياسية ليبقى حزب الله هو المتنفذ الوحيد وهو ما حصل في سوريا تماماً
عند مجيء حافظ للسلطة وقيامه بقتل أو اغتيال أو اعتقال كل الكفاءات
العسكرية والأمنية والسياسية والفكرية في سوريا لتبقى الساحة مفتوحة
لأتباعه من قليلي الخبرة والموهبة والكفاءة .
وثانيهما
الفيتو المفروض على الطائفة السنية في لبنان من امتلاك رأس أو زعيم فكان
اغتيال الشهيد رفيق الحريري وخروج ابنه الشيخ سعد الدين الحريري ليعيش في
الخارج خوفاً من الاغتيال وحين لمع نجم العميد وسام كان لا بد من اغتياله
قبل أن يصبح زعيماً للسنة أو كما يقال ( رجل السنة القوي ) في لبنان ..
وعلى
الرغم من أنني أجد اتهام النظام السوري وحليفه حزب الله الفرضية الأكثر
واقعية ومصداقية إلا أنني لا أجد غضاضة في افتراض اغتيال الشهيد العميد وسام الحسن من قبل الثلاثي آنف الذكر وإسرائيل معاً فقد كانوا وما زالوا جميعا
أمة إجرامية واحدة ذات عقيدة حاقدة
بقلم : طلال المعلم