بعد ظهور صور شهيد الطفولة حمزة الخطيب وما تعرض له من تعذيب وحشي، كان
المتوقع أن يخجل المدافعون عن النظام السوري وينسحبوا بهدوء، لكن تبين أن
جلهم من فصيلة الشبيحة الفاقدين لأي قيم أو خلق، وما استهداف الطفولة إلا
تعبير عن قبحهم وساديتهم.
ومقابل تلك الرجولة المفتعلة على الأطفال
العزل، شاهدنا سواء في مظاهرات دمشق المؤيدة لبشار أو تلك التي هاجمت
اجتماع المعارضة في أنطاليا، طقسا وثنيا لا يعرفه العالم الحديث، وهو
السجود على الأرض وتقبيل صورة الرئيس الذي يؤله من دون الله.
هؤلاء من
يقفون مع النظام يسجدون لبشر، وينتهكون حرمة البشر حتى لو كانوا أطفالا.
وما يمكن استنتاجه ببساطة، أن السلطة جردتهم من بشريتهم.
ومن يرصد سيرة
النظام السوري في حماة وتدمر وتل الزعتر من قبل، لا يستغرب هذه الوحشية؛
المستغرب هو الشجاعة الأسطورية التي يتحلى بها ثوار سورية. فكلفة الخروج
إلى الشارع في سورية لا تعادلها كلفة في العالم كله، فالرد يبدأ بالرصاص من
دون رش مياه، ولا هراوى ولا قنابل غاز.
تلك العبودية للنظام مفهومة من
فئة الشبيحة في سورية، غير المفهوم هو وجود تلك الفئة في خارج سورية. صحيح
أنها معزولة ولا حضور لها، لكنها تعكس قدرة النظام السوري على تحقيق
اختراقات، بفضل اللعب بالورقة الطائفية، واستخدام الذراع المالية للنظام من
خلال شراء صحافيين معروضين للبيع.
الطريف أن هؤلاء كانوا مباعين لأعداء سورية، وهم ضد سورية في دعمها للمقاومة ومع النظام في قمع الشعب.
ذلك
لا يمنع وجود أصحاب إعاقات فكرية لا يرون بأسا في قتل الأطفال وتشويههم،
وانتهاك الحريات على نطاق واسع، طالما أن النظام يرفع شعارات العروبة،
ويدعم المقاومة.
وفرق بين صاحب إعاقة عقلية غير مباع، وبين الأذكياء
الذين يعرفون ويحرّفون. يمكن لمعاق أن يقتنع بأن هوليوود أوقفت إنتاجها
السينمائي هذا العام وتفرغت لإنتاج أفلام تعتمد الخدع البصرية لتصوير رجال
الجيش يرقصون على الجثث، ورجال الأمن يصطادون البشر بالرصاص.
الأذكياء
يعرفون تماما أن الشعب السوري دُفع بفعل إجرام النظام إلى الثورة دفعا. وهم
متأكدون أن إسرائيل هي خط الدفاع الأول عن النظام في أميركا والمجتمع
الدولي، وهم مدركون أن سورية اليوم غير سورية الأمس، فرق بين الإجرام اليوم
بعد مجزرة درعا وما تلاها، ونظام غير ديمقراطي أمس امتد من تولي بشار
الحكم، بطريقة سلمية وغير ديمقراطية.
من يتواطأ مع الجريمة أو يسكت هو شريك، ولن يغفر له أبناء سورية الغد. قد يغفرون لمن يثبتون إصابتهم بإعاقات عقلية فقط.
-----
جريدة الغد