تخويف الأقليات من زوال الفردوس المكذوب :
بقلم : أبو ياسر السوري
بداية ، أعد القارئ أنني سأكتب هذا المقال بكامل الصدق والشفافية ، ولا يهمني ما يقوله بعض الذين ما زالوا يؤمنون بسياسة ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) . وأبدأ بالسرد التاريخي لبعض الأحداث القريبة والبعيدة ، لأن ذلك سيساعدنا كثيرا على قراءة الأحداث المحلية والدولية .
فمنذ قيام الثورة السورية في 15 / 3 / 2011 م وضح تماماً أنها ثورة الأغلبية المهمشة ، يتبعها كل مهمش من أبناء الطوائف الأخرى ، وأنهم يثورون ضد الأقلية العلوية المستأثرة بكل مقاليد السلطة والمال في سوريا ، منذ أكثر من أربعين عاما وحتى الآن ... وعلم بشار الأسد وطائفته التي تلتف من حوله أن يوم الحساب بهذا الحراك قد بدأ ، وأن الأكثرية المهمشة من السوريين يطالبون اليوم بحقهم المغتصب منذ عشرات السنين ، كما علم وزمرته أن هؤلاء الثائرين يريدون انتزاع السلطة من أيديهم ، وإعادة الحق إلى نصابه ..
لذلك اجتمعت الطائفة العلوية ، وقررت قمع هذا الحراك بدون هوادة ، وتعاملت معه منذ اللحظة الأولى بكامل العنف والوحشية ، على أمل أن تنجح في زرع بذور الخوف مجدداً في قلوب السوريين ، وكان القرار الطائفي الحاسم بأن المعركة بين العلويين والطائفة السنية قد بدأت ، ويجب أن تنتهي بقمع السنة ولو أدى ذلك إلى إبادة الملايين منهم . وهذا ما عبر عنه بشار الأسد بقوله في مجلس الشعب ( وإن أرادوها معركة فنحن جاهزون ) . نعم إنهم جاهزون لمحاربة الشعب ، ولكنهم غير جاهزين للرد على انتهاكات إسرائيل . وإنهم مستعدون لإبادة نصف هذا الشعب ، ولا مانع لديهم من سحق الملايين ، إن كان به بقاؤهم في سدة الحكم ..
وحين قلت منذ لحظة (بأن المعركة بين العلويين والطائفة السنِّيّة قد بَدَأتْ ) ولم أذكر الطوائف الأخرى كطرف في الصراع ، فإنني أعني ما أقول . فليست المعركة من وجهة نظر النظام وطائفته سوى معركة ضد السُّنّة وحدهم ، أما بقية الطوائف فلا تعني لهم في الوقت الحاضر بشيء ، لأنهم يعلمون أنه إذا تم لهم القضاء على أبناء السنة ، فمن السهل بعدئذ قمع الآخرين ، لأن أبناء السنة هم الطائفة الأكبر ، والطرف الأخطر ، ولا خوف بعدهم من بقية الطوائف فهم أقل عددا منهم ، ولا يجرؤون على التصدي لهم .. وصحيح أن الأكراد يزيدون عنهم في العدد قليلا ، ولكنهم خارج السلطة ، والنظام حريص على عدم تمكينهم منها ، بل ويعمل على إضعافهم وتفريقهم باستمرار حتى لا يعكروا له صفوا بعد حين .
ومن هنا رأينا كيف تحاشى النظام ضرب الأكراد ، ولم يبطش بهم بنفس العنف الموازي لبطشه بأهل السنة . ومع ذلك لم يتهاون مع المناضل الكردي مشعل تمو حين علم أنه يقود فصيلا كرديا كبيرا مؤيدا للثورة ، فأرسل شبيحته إليه فاغتالوه في منزله ، ولم يشفع له أنه كردي .!!
وقد علمنا من أحد أهل البيضة في بانياس ، أن النظام داهمهم عشر مرات ، وكلما جاء لمداهمتهم تحتم عليه أن يمر إليهم من داخل قرية مسيحية اسمها ( المراح ) ولكنه حتى الآن لم يعتقل ولم يقتل أي مسيحي من تلك القرية ..!!
كما أن النظام يتحاشى حتى اليوم أن يهاجم السويداء أو يقصفها ، لأنها عاصمة الطائفة الدرزية ، بينما شدد قصفه على مدينتي بصرى الحرير والحراك لأن سكانهما من الطائفة السنية ، وهما قريبتان جدا من السويداء ..!!
كما يتجنب النظام قصف السلمية لأنها معقل الطائفة الإسماعيلية ، في الوقت الذي هدم فيه أكثر من ثلث مدينة حماة ..!!
وهذه سياسة مؤقتة ، فهو يريد تحييد هذه الطوائف ، ليتفرغ إلى عدوه الأكبر طائفة السنة الذين يشكلون 87 % من التعداد العام لسكان سوريا . ولو رجعنا قليلا إلى الوراء لرأينا أن هؤلاء لم يكونوا بمأمن من إيذاء هذا النظام المستبد . فهنالك اليوم عشرات المعارضين من الدروز والإسماعيليين الفارين من بطش النظام ، ولو تمكن منهم لقام بإعدامهم بدون رحمة ولا هوادة . وإن ماضي هذا النظام هو أكبر شاهد على إجرامه الذي لم تسلم منه طائفة ، ولم ينجُ من شره مواطن من أي مُكوّنٍ كان .
وهنا يجب العودة إلى تاريخ سوريا ، لنستعرض أحوال هذه الأقليات قبل حكم العلويين وبعده . لنعلم الفارق الكبير بين العز الذي نعموا به في ظل الحكم السني ، والإذلال الذي صاروا إليه في العهد الأسدي .
انفصلت سوريا عن تركيا سنة 1918م ، وأصبح الملك فيصل الأول ملكا على سوريا ، من 1918 – 1920 ، ثم وقعت معركة ميسلون ، ودخل الجنرال غورو إلى دمشق محتلا ، فقسم سوريا إلى أربع دويلات ، استمرت تحت الحكم الفرنسي حتى سنة 1936م ، حيث أحبط السوريون فكرة التقسيم ، وعادت سوريا كيانا واحدا ، فحكمتها الأغلبية السنية حكما ديمقراطيا مدنيا نيابيا دستوريا ، تداول السلطة فيه عدد من الرؤساء ، كان منهم أربعة أكراد ، وهم :
1- محمد على بيك العابد : حكم من (1932 - 1936 ).
2 :-حسني الزعيم : حكم من (1949 ـ 1949 ).
3 - فوزي السلو : حكم من (1951- 1953) .
4 - أديب الشيشكلي : حكم من (1953 ـ 1954).
وشكلت فيها وزارات استلم المسيحيون فيها أرفع المناصب ، فقد انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري مرتين ، مرة في عام 1936ومرة أخرى عام 1943 ، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ، ووزيراً للمعارف ، ووزيراً للداخلية في تشرين أول عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: (... وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم ، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي ، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة ). وقد أعاد فارس الخوري تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية .
وفي عام 1936 شكُّل وفد سوري رسمي ليتوجّه إلى باريس للتفاوض في سبيل معاهدة تمنح الاستقلال للبلاد . فضمّ الوفد ثمانية أعضاء منهم اثنان مسيحيّان: فارس الخوري وادمون حمصي ...
أما بالنسبة لأبناء الطوائف الأخرى ، كالعلوية والدروز والإسماعيلية ، فقد نالوا في ظل العهد السنِّيّ كامل حقوقهم ، فاختاروا دخول السلك العسكري ، فتسنموا فيه أعلى المراتب ، نعدُّ من الضباط العلويين : اللواء محمد عمران ، والمقدم صلاح جديد ، والمقدم الطيار حافظ الأسد .. ومن الدروز : رئيس الأركان اللواء عبد الكريم زهر الدين ، واللواء والوزير فهد الشاعر ، وقائد قوى كتيبة الصاعقة المقدم سليم حاطوم .. ومن الإسماعيلية : قائد الجبهة السورية العقيد أحمد المير ، واللواء عبد الكريم الجندي الذي تسلم عدة مناصب عسكرية وسياسية منها منصب وزير الزراعة والإصلاح الزراعي في عهد الوحدة ، وهو عهد سنيٌّ ...
ناهيك عن المناصب الأخرى ، فسلطان باشا الأطرش ، رشحه السورين ليكون قائد الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين ، وهذا بالنسبة للدروز مجد ما فوقه مجد . كما احتضنت سوريا صالح العلي ، وضمته إلى صف رجالات النضال السنيين من أمثال : إبراهيم هنانو ومحمد الأشمر وحسن الخراط ، الذين قادوا حركة النضال ضد المستعمر الفرنسي . ولو كان للطائفية مكان بين السوريين قبل العهد العلوي لما وصل هؤلاء إلى تلك المناصب ، ولا سُمِحَ لهم بالتقدم ليكونوا قادة تاريخيين .
فلما آل الحكم للعلوية تغير الحال ، وقام العلويون بتسريح أكثر من عشرة آلاف ضابط سنّي في الفترة ما بين 1963- 1973 كما أعطيت التعليمات لقبول كل علوي يتقدم إلى الكلية الحربية ليتخرج ضابطا في كافة الاختصاصات ، أما الطيارون والمظليون واختصاص الصواريخ فقد تم اختيارهم على أساس طائفي علوي 97% وما لبثت سوريا أن تحولت إلى دولة استبدادية طائفية ، عطلت فيها السلطات ، وصارت مقاليد الأمور كلها في أيدي ضباط علويين ..
ولم يكتف العلويون بإقصاء أبناء السنة عن الجيش ، وإنما لاحقوا الدروز ، وأعدموهم بتهم ملفقة جاهزة ، فأعدموا العقيد رفيق حلاوة مكافأة له لأنه استطاع أن يصل بعساكره إلى بحيرة طبريا المحتلة في حرب 1973، فقبض عليه حافظ الأسد وأعدمه بتهمة الخيانة العظمى ، ثم لما كثرت الأقاويل حول إعدامه ظلما ، تراجع النظام وسماه شهيدا .. وقَتَلَ قبله المقدم سليم حاطوم ، والرائدَ بدر جمعة ، وطارد اللواء فهد الشاعر ثم قبض عليه وسجنه وعذبه عذابا لا يطاق ، حتى فقد عقله إلى أن فقد حياته وهو في حالة جنون . وفي العام الماضي أرسل بشار الأسد من ألقى القبض على الزعيم الدرزي شبلي العيسمي ابن 88 سنة في لبنان ، وما زال مختفيا حتى يومنا هذا .
أما بعد : فهذه هي الجنة المكذوبة ، التي يبشركم بها بشار الأسد يا أبناء الأقليات في سوريا ، اختطاف وإخفاء واعتقال وسجن وقتل واغتيال وقهر وإذلال .
أما في ظل حكم أبناء السنة فقد رأيتم كيف كنتم قادة في الجيش ورؤساء للجبهة السورية ، ونوابا في البرلمان ، ووزراء في الحكومة ، بل وكادت أن تكون رئاسة الوزارة وقفا على فارس بك الخوري .
فيا أبناء الأقليات ، هل ما يعدكم به بشار ، جنة أم نار ..؟؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الخميس أكتوبر 04, 2012 3:27 am عدل 1 مرات
بقلم : أبو ياسر السوري
بداية ، أعد القارئ أنني سأكتب هذا المقال بكامل الصدق والشفافية ، ولا يهمني ما يقوله بعض الذين ما زالوا يؤمنون بسياسة ( ودوا لو تدهن فيدهنون ) . وأبدأ بالسرد التاريخي لبعض الأحداث القريبة والبعيدة ، لأن ذلك سيساعدنا كثيرا على قراءة الأحداث المحلية والدولية .
فمنذ قيام الثورة السورية في 15 / 3 / 2011 م وضح تماماً أنها ثورة الأغلبية المهمشة ، يتبعها كل مهمش من أبناء الطوائف الأخرى ، وأنهم يثورون ضد الأقلية العلوية المستأثرة بكل مقاليد السلطة والمال في سوريا ، منذ أكثر من أربعين عاما وحتى الآن ... وعلم بشار الأسد وطائفته التي تلتف من حوله أن يوم الحساب بهذا الحراك قد بدأ ، وأن الأكثرية المهمشة من السوريين يطالبون اليوم بحقهم المغتصب منذ عشرات السنين ، كما علم وزمرته أن هؤلاء الثائرين يريدون انتزاع السلطة من أيديهم ، وإعادة الحق إلى نصابه ..
لذلك اجتمعت الطائفة العلوية ، وقررت قمع هذا الحراك بدون هوادة ، وتعاملت معه منذ اللحظة الأولى بكامل العنف والوحشية ، على أمل أن تنجح في زرع بذور الخوف مجدداً في قلوب السوريين ، وكان القرار الطائفي الحاسم بأن المعركة بين العلويين والطائفة السنية قد بدأت ، ويجب أن تنتهي بقمع السنة ولو أدى ذلك إلى إبادة الملايين منهم . وهذا ما عبر عنه بشار الأسد بقوله في مجلس الشعب ( وإن أرادوها معركة فنحن جاهزون ) . نعم إنهم جاهزون لمحاربة الشعب ، ولكنهم غير جاهزين للرد على انتهاكات إسرائيل . وإنهم مستعدون لإبادة نصف هذا الشعب ، ولا مانع لديهم من سحق الملايين ، إن كان به بقاؤهم في سدة الحكم ..
وحين قلت منذ لحظة (بأن المعركة بين العلويين والطائفة السنِّيّة قد بَدَأتْ ) ولم أذكر الطوائف الأخرى كطرف في الصراع ، فإنني أعني ما أقول . فليست المعركة من وجهة نظر النظام وطائفته سوى معركة ضد السُّنّة وحدهم ، أما بقية الطوائف فلا تعني لهم في الوقت الحاضر بشيء ، لأنهم يعلمون أنه إذا تم لهم القضاء على أبناء السنة ، فمن السهل بعدئذ قمع الآخرين ، لأن أبناء السنة هم الطائفة الأكبر ، والطرف الأخطر ، ولا خوف بعدهم من بقية الطوائف فهم أقل عددا منهم ، ولا يجرؤون على التصدي لهم .. وصحيح أن الأكراد يزيدون عنهم في العدد قليلا ، ولكنهم خارج السلطة ، والنظام حريص على عدم تمكينهم منها ، بل ويعمل على إضعافهم وتفريقهم باستمرار حتى لا يعكروا له صفوا بعد حين .
ومن هنا رأينا كيف تحاشى النظام ضرب الأكراد ، ولم يبطش بهم بنفس العنف الموازي لبطشه بأهل السنة . ومع ذلك لم يتهاون مع المناضل الكردي مشعل تمو حين علم أنه يقود فصيلا كرديا كبيرا مؤيدا للثورة ، فأرسل شبيحته إليه فاغتالوه في منزله ، ولم يشفع له أنه كردي .!!
وقد علمنا من أحد أهل البيضة في بانياس ، أن النظام داهمهم عشر مرات ، وكلما جاء لمداهمتهم تحتم عليه أن يمر إليهم من داخل قرية مسيحية اسمها ( المراح ) ولكنه حتى الآن لم يعتقل ولم يقتل أي مسيحي من تلك القرية ..!!
كما أن النظام يتحاشى حتى اليوم أن يهاجم السويداء أو يقصفها ، لأنها عاصمة الطائفة الدرزية ، بينما شدد قصفه على مدينتي بصرى الحرير والحراك لأن سكانهما من الطائفة السنية ، وهما قريبتان جدا من السويداء ..!!
كما يتجنب النظام قصف السلمية لأنها معقل الطائفة الإسماعيلية ، في الوقت الذي هدم فيه أكثر من ثلث مدينة حماة ..!!
وهذه سياسة مؤقتة ، فهو يريد تحييد هذه الطوائف ، ليتفرغ إلى عدوه الأكبر طائفة السنة الذين يشكلون 87 % من التعداد العام لسكان سوريا . ولو رجعنا قليلا إلى الوراء لرأينا أن هؤلاء لم يكونوا بمأمن من إيذاء هذا النظام المستبد . فهنالك اليوم عشرات المعارضين من الدروز والإسماعيليين الفارين من بطش النظام ، ولو تمكن منهم لقام بإعدامهم بدون رحمة ولا هوادة . وإن ماضي هذا النظام هو أكبر شاهد على إجرامه الذي لم تسلم منه طائفة ، ولم ينجُ من شره مواطن من أي مُكوّنٍ كان .
وهنا يجب العودة إلى تاريخ سوريا ، لنستعرض أحوال هذه الأقليات قبل حكم العلويين وبعده . لنعلم الفارق الكبير بين العز الذي نعموا به في ظل الحكم السني ، والإذلال الذي صاروا إليه في العهد الأسدي .
انفصلت سوريا عن تركيا سنة 1918م ، وأصبح الملك فيصل الأول ملكا على سوريا ، من 1918 – 1920 ، ثم وقعت معركة ميسلون ، ودخل الجنرال غورو إلى دمشق محتلا ، فقسم سوريا إلى أربع دويلات ، استمرت تحت الحكم الفرنسي حتى سنة 1936م ، حيث أحبط السوريون فكرة التقسيم ، وعادت سوريا كيانا واحدا ، فحكمتها الأغلبية السنية حكما ديمقراطيا مدنيا نيابيا دستوريا ، تداول السلطة فيه عدد من الرؤساء ، كان منهم أربعة أكراد ، وهم :
1- محمد على بيك العابد : حكم من (1932 - 1936 ).
2 :-حسني الزعيم : حكم من (1949 ـ 1949 ).
3 - فوزي السلو : حكم من (1951- 1953) .
4 - أديب الشيشكلي : حكم من (1953 ـ 1954).
وشكلت فيها وزارات استلم المسيحيون فيها أرفع المناصب ، فقد انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري مرتين ، مرة في عام 1936ومرة أخرى عام 1943 ، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ، ووزيراً للمعارف ، ووزيراً للداخلية في تشرين أول عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: (... وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم ، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي ، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة ). وقد أعاد فارس الخوري تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية .
وفي عام 1936 شكُّل وفد سوري رسمي ليتوجّه إلى باريس للتفاوض في سبيل معاهدة تمنح الاستقلال للبلاد . فضمّ الوفد ثمانية أعضاء منهم اثنان مسيحيّان: فارس الخوري وادمون حمصي ...
أما بالنسبة لأبناء الطوائف الأخرى ، كالعلوية والدروز والإسماعيلية ، فقد نالوا في ظل العهد السنِّيّ كامل حقوقهم ، فاختاروا دخول السلك العسكري ، فتسنموا فيه أعلى المراتب ، نعدُّ من الضباط العلويين : اللواء محمد عمران ، والمقدم صلاح جديد ، والمقدم الطيار حافظ الأسد .. ومن الدروز : رئيس الأركان اللواء عبد الكريم زهر الدين ، واللواء والوزير فهد الشاعر ، وقائد قوى كتيبة الصاعقة المقدم سليم حاطوم .. ومن الإسماعيلية : قائد الجبهة السورية العقيد أحمد المير ، واللواء عبد الكريم الجندي الذي تسلم عدة مناصب عسكرية وسياسية منها منصب وزير الزراعة والإصلاح الزراعي في عهد الوحدة ، وهو عهد سنيٌّ ...
ناهيك عن المناصب الأخرى ، فسلطان باشا الأطرش ، رشحه السورين ليكون قائد الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين ، وهذا بالنسبة للدروز مجد ما فوقه مجد . كما احتضنت سوريا صالح العلي ، وضمته إلى صف رجالات النضال السنيين من أمثال : إبراهيم هنانو ومحمد الأشمر وحسن الخراط ، الذين قادوا حركة النضال ضد المستعمر الفرنسي . ولو كان للطائفية مكان بين السوريين قبل العهد العلوي لما وصل هؤلاء إلى تلك المناصب ، ولا سُمِحَ لهم بالتقدم ليكونوا قادة تاريخيين .
فلما آل الحكم للعلوية تغير الحال ، وقام العلويون بتسريح أكثر من عشرة آلاف ضابط سنّي في الفترة ما بين 1963- 1973 كما أعطيت التعليمات لقبول كل علوي يتقدم إلى الكلية الحربية ليتخرج ضابطا في كافة الاختصاصات ، أما الطيارون والمظليون واختصاص الصواريخ فقد تم اختيارهم على أساس طائفي علوي 97% وما لبثت سوريا أن تحولت إلى دولة استبدادية طائفية ، عطلت فيها السلطات ، وصارت مقاليد الأمور كلها في أيدي ضباط علويين ..
ولم يكتف العلويون بإقصاء أبناء السنة عن الجيش ، وإنما لاحقوا الدروز ، وأعدموهم بتهم ملفقة جاهزة ، فأعدموا العقيد رفيق حلاوة مكافأة له لأنه استطاع أن يصل بعساكره إلى بحيرة طبريا المحتلة في حرب 1973، فقبض عليه حافظ الأسد وأعدمه بتهمة الخيانة العظمى ، ثم لما كثرت الأقاويل حول إعدامه ظلما ، تراجع النظام وسماه شهيدا .. وقَتَلَ قبله المقدم سليم حاطوم ، والرائدَ بدر جمعة ، وطارد اللواء فهد الشاعر ثم قبض عليه وسجنه وعذبه عذابا لا يطاق ، حتى فقد عقله إلى أن فقد حياته وهو في حالة جنون . وفي العام الماضي أرسل بشار الأسد من ألقى القبض على الزعيم الدرزي شبلي العيسمي ابن 88 سنة في لبنان ، وما زال مختفيا حتى يومنا هذا .
أما بعد : فهذه هي الجنة المكذوبة ، التي يبشركم بها بشار الأسد يا أبناء الأقليات في سوريا ، اختطاف وإخفاء واعتقال وسجن وقتل واغتيال وقهر وإذلال .
أما في ظل حكم أبناء السنة فقد رأيتم كيف كنتم قادة في الجيش ورؤساء للجبهة السورية ، ونوابا في البرلمان ، ووزراء في الحكومة ، بل وكادت أن تكون رئاسة الوزارة وقفا على فارس بك الخوري .
فيا أبناء الأقليات ، هل ما يعدكم به بشار ، جنة أم نار ..؟؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار .
عدل سابقا من قبل أبو ياسر السوري في الخميس أكتوبر 04, 2012 3:27 am عدل 1 مرات