طمأن الجنرال ميشال عون محبيه بأنه لم يُصب بأذى إثر محاولة الاغتيال التي
تعرض لها يوم السبت الماضي، وهي محاولة تبدو طفولية لم تتعد إطلاق النار
بشكل سريع على موكبه لم تكن لتؤثر عليه، هو الذي يركب سيارات مصفحة لا
يخترقها الرصاص، فضلا عن صعوبة معرفة السيارة التي يستقلها.
وحده النظام السوري (وتبعا له حزب الله) هو من يمكنه تخطيط وتنفيذ
الاغتيالات المتقنة في الساحة اللبنانية، وسجله على هذا الصعيد «يرفع
الرأس»!!، من دون الحاجة إلى التذكير بمسلسله «المبدع» منذ السبعينيات، مع
إخفاق بسيط تمثل في فشل سلسلة الاغتيالات التي كان ينبغي أن يديرها ميشال
سماحة بالتعاون مع رجل حزب الله (جميل السيد) كما يبدو وآخرين سواه.
عندما كتبنا عن استفزازاته الأخيرة للسنّة اللبنانيين لم نستبعد أن ترد
عليه بعض المجموعات أو حتى الأفراد بمحاولات اعتداء، لاسيَّما بعد تجاوزه
الحدود في تصريحاته التي أطلقها قبل أكثر من أسبوعين وقال فيها إن «تغيير
النظام في سوريا قد يقضي علينا وعلى لبنان، لأن الأنظمة التي ستأتي،
تفكيرها يرجع إلى القرن الرابع عشر».
منذ عودته المظفرة إلى لبنان، قرر الجنرال أن ينقلب على الماضي «اللعين»،
ذلك الذي دفعه للاحتماء بالسفارة الفرنسية (عنوان الاستعمار) من أجل أن
ينجو من سيف النظام السوري الذي كان يلاحقه.
لم يفعل ذلك إلا لحسابات مصلحية بحتة، فقد بدا أن انتصار (محور سوريا-
إيران- حزب الله) قد تزامن مع خروج النظام السوري من لبنان، ويبدو أن هناك
من أقنعه حينها بأنه سيكون رئيس لبنان القادم، بوصفه ممثل المارونية
السياسية.
التطور الجديد في الساحة العربية لم يكن مدرجا في حسابات الجنرال عون، فضلا
عن حلفائه، وهو تطور قلب المشهد العربي والإقليمي رأسا على عقب، وأربك
الكثير من الحسابات.
فالنظام السوري الذي تحالف معه الجنرال بات يعيش أزمة مستفحلة في مواجهة
الثورة العارمة، الأمر الذي انسحب ارتباكا واضحا على المحور الإيراني
برمته، ويبدو أن الجنرال قد ربح جزئيا من هذا الارتباك مزيدا من خضوع حزب
الله لاشتراطاته، مع دعم غير مسبوق من إيران لكيلا يغير مساره.
في مقابل «الكرم» الإيراني -أكثره مالي بالطبع-، والذي يترجم «كرما سياسيا»
من حزب الله، لم يجد الجنرال بدا من رد الجميل، ووصل به الحال إلى حد
الدفاع عن إمكانية انخراط الحزب في الرد على عدوان إسرائيلي محتمل على
المنشآت النووية الإيرانية، فضلا عن الدفاع عن سلاح الحزب رغم ما يعنيه من
تهميش للجيش الذي كان قائده ذات يوم. الذي لا يقل أهمية هو دفاع الجنرال
المستميت عن نظام بشار الأسد، والتبشير بانتصاره المحتوم، إن لم يكن بحوار
سياسي كما ذهب في آخر مقابلاته مع «الأخبار» اللبنانية المقربة من حزب
الله، فمن خلال حسم عسكري.
فوق ذلك لا يتوقف الجنرال عن هجاء الربيع العربي الذي وصفه بأنه «جهنم
عربية»، وبالطبع بعد أن أدار له الحلفاء ظهورهم، هم الذين رحبوا به طويلا
قبل وصوله المحطة السورية، وما زالوا يرحبون بما يرونه أحد أهم تجلياته في
البحرين.
لو تركنا الحسابات السياسية، فإن الجنرال لا يبدي ودا حيال الظاهرة
الإسلامية برمتها، أكانت شيعية أم سنية، والشريعة التي قال إنها تعود للقرن
الرابع عشر هي ذاتها التي يؤمن بها حزب الله وإخوان سوريا وإيران، مع فارق
التفسيرات، كما أن نظام الإخوان يبدو أكثر تقدمية بكثير من نظام الولي
الفقيه الذي يعلن حسن نصر الله التزامه به، من دون أن يؤثر ذلك على مسامع
الجنرال وحسه المرهف!!
الذي يظهر أن الجنرال الذي ينتمي للمنظومة الغربية بفكره وروحه قد أخذ يقدم
العداء للإسلام السني باعتباره دين الغالبية على الإسلام الشيعي، لكن
حساباته الداخلية تبقى الأهم من حيث إن تحالفه مع حزب الله يؤمِّن له متطلبات الزعامة المارونية، وربما اللبنانية بقدر ما.
دعك من نفاق حزب الله في التعامل مع الجنرال وضربه عرض الحائط بقيم
المقاومة العتيدة، كما في تغاضيه عن مساعد عون العميل المخضرم فايز كرم
الذي لم يُسجن سوى عامين ونصف، فيما خرج بعرس احتفالي لم يجد فيه الجنرال
عيبا رغم حديثه عن سلاح المقاومة، كما لم يجد فيه الحزب مشكلة تستحق جرح
مشاعر الحليف الكبير!!
وفيما يبني الجنرال حساباته، وأقلها جزء منها على انتصار النظام السوري،
فإن هزيمته لن تكون النهاية، لأن بوسعه بعد ذلك أن يغير تحالفاته ما دام
القطاع الأكبر من الطائفة المارونية معه.
إنها السياسة في أحقر تجلياتها كما يعكسها سلوك الجنرال الذي لا يجد بأسا
في الانحياز لمجرم يقتل شعبه، ومعها غطرسة القوة الناتجة عن تحالفه مع حزب
الله، تلك التي تمنحه حق إهانة غالبية المسلمين دون أن يرفَّ له جفن. ثم
يحدثونك عن الأقليات المضطهدة في هذه المنطقة!!
تعرض لها يوم السبت الماضي، وهي محاولة تبدو طفولية لم تتعد إطلاق النار
بشكل سريع على موكبه لم تكن لتؤثر عليه، هو الذي يركب سيارات مصفحة لا
يخترقها الرصاص، فضلا عن صعوبة معرفة السيارة التي يستقلها.
وحده النظام السوري (وتبعا له حزب الله) هو من يمكنه تخطيط وتنفيذ
الاغتيالات المتقنة في الساحة اللبنانية، وسجله على هذا الصعيد «يرفع
الرأس»!!، من دون الحاجة إلى التذكير بمسلسله «المبدع» منذ السبعينيات، مع
إخفاق بسيط تمثل في فشل سلسلة الاغتيالات التي كان ينبغي أن يديرها ميشال
سماحة بالتعاون مع رجل حزب الله (جميل السيد) كما يبدو وآخرين سواه.
عندما كتبنا عن استفزازاته الأخيرة للسنّة اللبنانيين لم نستبعد أن ترد
عليه بعض المجموعات أو حتى الأفراد بمحاولات اعتداء، لاسيَّما بعد تجاوزه
الحدود في تصريحاته التي أطلقها قبل أكثر من أسبوعين وقال فيها إن «تغيير
النظام في سوريا قد يقضي علينا وعلى لبنان، لأن الأنظمة التي ستأتي،
تفكيرها يرجع إلى القرن الرابع عشر».
منذ عودته المظفرة إلى لبنان، قرر الجنرال أن ينقلب على الماضي «اللعين»،
ذلك الذي دفعه للاحتماء بالسفارة الفرنسية (عنوان الاستعمار) من أجل أن
ينجو من سيف النظام السوري الذي كان يلاحقه.
لم يفعل ذلك إلا لحسابات مصلحية بحتة، فقد بدا أن انتصار (محور سوريا-
إيران- حزب الله) قد تزامن مع خروج النظام السوري من لبنان، ويبدو أن هناك
من أقنعه حينها بأنه سيكون رئيس لبنان القادم، بوصفه ممثل المارونية
السياسية.
التطور الجديد في الساحة العربية لم يكن مدرجا في حسابات الجنرال عون، فضلا
عن حلفائه، وهو تطور قلب المشهد العربي والإقليمي رأسا على عقب، وأربك
الكثير من الحسابات.
فالنظام السوري الذي تحالف معه الجنرال بات يعيش أزمة مستفحلة في مواجهة
الثورة العارمة، الأمر الذي انسحب ارتباكا واضحا على المحور الإيراني
برمته، ويبدو أن الجنرال قد ربح جزئيا من هذا الارتباك مزيدا من خضوع حزب
الله لاشتراطاته، مع دعم غير مسبوق من إيران لكيلا يغير مساره.
في مقابل «الكرم» الإيراني -أكثره مالي بالطبع-، والذي يترجم «كرما سياسيا»
من حزب الله، لم يجد الجنرال بدا من رد الجميل، ووصل به الحال إلى حد
الدفاع عن إمكانية انخراط الحزب في الرد على عدوان إسرائيلي محتمل على
المنشآت النووية الإيرانية، فضلا عن الدفاع عن سلاح الحزب رغم ما يعنيه من
تهميش للجيش الذي كان قائده ذات يوم. الذي لا يقل أهمية هو دفاع الجنرال
المستميت عن نظام بشار الأسد، والتبشير بانتصاره المحتوم، إن لم يكن بحوار
سياسي كما ذهب في آخر مقابلاته مع «الأخبار» اللبنانية المقربة من حزب
الله، فمن خلال حسم عسكري.
فوق ذلك لا يتوقف الجنرال عن هجاء الربيع العربي الذي وصفه بأنه «جهنم
عربية»، وبالطبع بعد أن أدار له الحلفاء ظهورهم، هم الذين رحبوا به طويلا
قبل وصوله المحطة السورية، وما زالوا يرحبون بما يرونه أحد أهم تجلياته في
البحرين.
لو تركنا الحسابات السياسية، فإن الجنرال لا يبدي ودا حيال الظاهرة
الإسلامية برمتها، أكانت شيعية أم سنية، والشريعة التي قال إنها تعود للقرن
الرابع عشر هي ذاتها التي يؤمن بها حزب الله وإخوان سوريا وإيران، مع فارق
التفسيرات، كما أن نظام الإخوان يبدو أكثر تقدمية بكثير من نظام الولي
الفقيه الذي يعلن حسن نصر الله التزامه به، من دون أن يؤثر ذلك على مسامع
الجنرال وحسه المرهف!!
الذي يظهر أن الجنرال الذي ينتمي للمنظومة الغربية بفكره وروحه قد أخذ يقدم
العداء للإسلام السني باعتباره دين الغالبية على الإسلام الشيعي، لكن
حساباته الداخلية تبقى الأهم من حيث إن تحالفه مع حزب الله يؤمِّن له متطلبات الزعامة المارونية، وربما اللبنانية بقدر ما.
دعك من نفاق حزب الله في التعامل مع الجنرال وضربه عرض الحائط بقيم
المقاومة العتيدة، كما في تغاضيه عن مساعد عون العميل المخضرم فايز كرم
الذي لم يُسجن سوى عامين ونصف، فيما خرج بعرس احتفالي لم يجد فيه الجنرال
عيبا رغم حديثه عن سلاح المقاومة، كما لم يجد فيه الحزب مشكلة تستحق جرح
مشاعر الحليف الكبير!!
وفيما يبني الجنرال حساباته، وأقلها جزء منها على انتصار النظام السوري،
فإن هزيمته لن تكون النهاية، لأن بوسعه بعد ذلك أن يغير تحالفاته ما دام
القطاع الأكبر من الطائفة المارونية معه.
إنها السياسة في أحقر تجلياتها كما يعكسها سلوك الجنرال الذي لا يجد بأسا
في الانحياز لمجرم يقتل شعبه، ومعها غطرسة القوة الناتجة عن تحالفه مع حزب
الله، تلك التي تمنحه حق إهانة غالبية المسلمين دون أن يرفَّ له جفن. ثم
يحدثونك عن الأقليات المضطهدة في هذه المنطقة!!