سوريا ما بعد الشعب السوري :
بقلم : أبو ياسر السوري
كثر ترداد عبارة ( سوريا ما بعد الأسد ) على ألسنة الناشطين والسياسيين والصحفيين وعلى قنوات البث التلفزيوني وكذلك على صفحات ومواقع الشبكة العنكبوتية .. والكل يردد عبارة ( سوريا ما بعد الأسد ) .
وشطح الخيال بالكاتب المعروف طارق الحميد ، فكتب يقول ( فكروا في إيران ما بعد الأسد ) . ولعل الذي دفعه إلى اختيار هذا العنوان اللافت ، هو ما رآه ورآه العالم معه من تمسك إيران بأهداب بساط الأسد ، فالملالي يقومون بإصدار الفتاوى في مثوبة قتل السني ، ووزير الدفاع الإيراني يعلن عن عدم السماح بإسقاط نظام الأسد ، ووزير خارجية إيران يقول من كان يظن أن الأسد سيرحل فهو واهم .. وليس هذا وحسب ، بل إن إيران تُقتِّرُ على شعبها وتُغدِقُ العطاء للأسد ، فتمده بالمليارات نقدا ، وتشحن له سفن الأسلحة والذخيرة ، وتؤمن له الوقود الضروري للدبابات والمصفحات والآليات التي تتحرك لإبادة الشعب السوري هنا وهناك ، وعلى مدار الساعة ، منذ أكثر من 18 شهرا وحتى الآن ، بل إنها عمدت لإقامة جسر جوي فوق أجواء العراق لإيصال كل ما يحتاجه الأسد من سلاح وعتاد ورجال ومال لقتل شعبه ... فلماذا تفعل إيران هذا كله ، لولا أن الأسد لديها أكبر من كل هذه التضحيات ؟
وليس هذا موضوعنا الآن ، وليس موضوعنا أيضا الحديث عن ( سوريا ما بعد الأسد ) فقد مر حين من الدهر ، ولم يكن بيتُ الأسد حكاما لسوريا ، وكانت سوريا قبلهم متعة الناظر ، ومسرة الخاطر ، ومثلا للتقدم والرقي ، حتى قال رئيس وزراء ماليزيا ( مهاتير محمد ) حين زارها في الخمسينيات : إن سوريا عروس الوطن العربي ، وأمنيتي أن تصل ماليزيا بعد 25 عاما إلى ما وصلت إليه سوريا من حضارة وتقدم ورقي .!؟
فلذلك نحن مطمئنون إلى أنه لن يكون لسوريا بعد رحيل الأسد إلا الخروج من عصر الظلمات ، الذي وضعت فيه إبان هذه الفترة الأسدية التعيسة ، وعودتها إلى سالف عهدها أيام كانت ترفل في نعيم الرخاء والسعادة والمدنية والرقي والتقدم والحرية والكرامة والعزة والسؤدد ...
ولكنْ لو سألتَ الشبيحة عن ( سوريا ما بعد الأسد .؟) أو سألتَ لصوص العلوية ، أو دهماء الرعاع المنحطين ، لاختلف جوابهم 180 درجة عما يدلي به الشرفاء الأحرار في رحيل هذا السرطان القاتل ... فقد قالت إحدى الساقطات : إنها لا تتصور وجود شيء اسمه سوريا بدون بشار الأسد . وقال البوطي : إن إعلان الحرب على حكم بشار الأسد ، بمثابة إعلان الحرب على الله ورسوله .. وما زالت شبيحة الأسد تردد ليل نهار ( الأسد أو نحرق البلد ) وما زال النصيريون منهم يقولون ( لا إله إلا بشار الأسد ) . وقد هتفوا لأبيه من قبل فقالوا :( يا الله حلَّكْ حلَّكْ حافظْ أسد محلَّكْ ) وكتب بعض المنافقين على مدخل بعض البلدات السورية ( الله في السماء ، وبشار في الأرض ) فقسَّمَ الكون ما بين الله والأسد شطرين ، فجعل الأرض من نصيب الأسد ، والسماء من نصيب الله .! ولعل القارئ الكريم سمع الـ ( لا شريف شحاطة ) وهو يقول : إذا طلعت الشمس من المغرب ، وغربت في المشرق ، أمكن أن يسقط نظام الأسد . فكأنه بهذا يتصور إمكان زوال النظام الإلهي في الكون ، ولا يتصور زوال نظام الأسد من سوريا .!؟
فلو نفق الأسدُ ،، كما ينفق أي حيوان آخر ، وهو أمر ممكن عقلا ، فماذا سيكون وَقْعُ هلاكه في نظر من يعبدونه من دون الله .؟ لا شك أنهم سيحزنون عليه كحزن هندوسي حين تموت بقرة يعبدها ويغتسل ببولها ويتضمخ بروثها .. أو يحزن لموته كحزن بوذي حين يموت ثعبان سام ، كان يرى الموت بسمه قربةً ترقى به إلى الفردوس الأعلى .. لا شك أن الحياة ستظلم في وجوه اللصوص لأنه لن يكون بعد آل الأسد لصوصية ، وسوف يكفهر وجه الكون في نظر القتلة المجرمين ، لأن الحياة ستخلو بعد بشار الأسد من الاغتيال وقتل الأطفال وإراقة الدماء وقتل الأبرياء واغتصاب النساء ، وتعذيب الرجال ونهب الأموال ، وحرق الدور وممارسة الفجور .. وشأن هؤلاء القوم في تعلقهم بالإجرام واستمتاعهم بممارسته على الدوام ، كشأن الخنافس التي لا تجد سعادتها إلا بتكوير روث البهائم ، ودفعه بأنوفها ، وكأنها بذلك تمارس لعبة جولف خاصة بها ، محببة لديها .!
والحقيقة ، أراني أطلت عليك أخي القارئ فيما أردت أن أقوله منذ بداية الحديث ، ولكن المقال مال بنا ذات اليمين وذات الشمال ، وصرفنا عن تساؤل العقلاء عن ( سوريا ما بعد الأسد ؟ ) فكلهم مقرٌّ بأن الأسد راحل لا محالة ، إلا الأسد نفسه فإنه يخالف في هذا سائر العقلاء .! وهو معذور في ذلك ، فليس في عقل المجنون إلا جنون العاقل . لذلك تجده يمضي في عمليات القتل والإبادة ، وهو غير مكترث بما يتردد في طول الأرض وعرضها عن رحيله إلى زاوية نائية من الأرض يظل فيها خائفا يترقب .. أو بقائه حتى تطاله أيدي الثوار ، ويلاقي مصيرا كمصير القذافي على أيدي الشرفاء الأحرار ... فهما احتمالان لا ثالث لهما في نظر أهل الأرض جميعا ، ولكن الأسد غير مقر لهم بذلك ، ولهذا ، فكل العالم يتساءل عن ( سوريا ما بعد الأسد .؟ ) إلا الأسد وحده ، فإنه يتساءل عن ( سوريا ما بعد الشعب السوري ؟) .
بقلم : أبو ياسر السوري
كثر ترداد عبارة ( سوريا ما بعد الأسد ) على ألسنة الناشطين والسياسيين والصحفيين وعلى قنوات البث التلفزيوني وكذلك على صفحات ومواقع الشبكة العنكبوتية .. والكل يردد عبارة ( سوريا ما بعد الأسد ) .
وشطح الخيال بالكاتب المعروف طارق الحميد ، فكتب يقول ( فكروا في إيران ما بعد الأسد ) . ولعل الذي دفعه إلى اختيار هذا العنوان اللافت ، هو ما رآه ورآه العالم معه من تمسك إيران بأهداب بساط الأسد ، فالملالي يقومون بإصدار الفتاوى في مثوبة قتل السني ، ووزير الدفاع الإيراني يعلن عن عدم السماح بإسقاط نظام الأسد ، ووزير خارجية إيران يقول من كان يظن أن الأسد سيرحل فهو واهم .. وليس هذا وحسب ، بل إن إيران تُقتِّرُ على شعبها وتُغدِقُ العطاء للأسد ، فتمده بالمليارات نقدا ، وتشحن له سفن الأسلحة والذخيرة ، وتؤمن له الوقود الضروري للدبابات والمصفحات والآليات التي تتحرك لإبادة الشعب السوري هنا وهناك ، وعلى مدار الساعة ، منذ أكثر من 18 شهرا وحتى الآن ، بل إنها عمدت لإقامة جسر جوي فوق أجواء العراق لإيصال كل ما يحتاجه الأسد من سلاح وعتاد ورجال ومال لقتل شعبه ... فلماذا تفعل إيران هذا كله ، لولا أن الأسد لديها أكبر من كل هذه التضحيات ؟
وليس هذا موضوعنا الآن ، وليس موضوعنا أيضا الحديث عن ( سوريا ما بعد الأسد ) فقد مر حين من الدهر ، ولم يكن بيتُ الأسد حكاما لسوريا ، وكانت سوريا قبلهم متعة الناظر ، ومسرة الخاطر ، ومثلا للتقدم والرقي ، حتى قال رئيس وزراء ماليزيا ( مهاتير محمد ) حين زارها في الخمسينيات : إن سوريا عروس الوطن العربي ، وأمنيتي أن تصل ماليزيا بعد 25 عاما إلى ما وصلت إليه سوريا من حضارة وتقدم ورقي .!؟
فلذلك نحن مطمئنون إلى أنه لن يكون لسوريا بعد رحيل الأسد إلا الخروج من عصر الظلمات ، الذي وضعت فيه إبان هذه الفترة الأسدية التعيسة ، وعودتها إلى سالف عهدها أيام كانت ترفل في نعيم الرخاء والسعادة والمدنية والرقي والتقدم والحرية والكرامة والعزة والسؤدد ...
ولكنْ لو سألتَ الشبيحة عن ( سوريا ما بعد الأسد .؟) أو سألتَ لصوص العلوية ، أو دهماء الرعاع المنحطين ، لاختلف جوابهم 180 درجة عما يدلي به الشرفاء الأحرار في رحيل هذا السرطان القاتل ... فقد قالت إحدى الساقطات : إنها لا تتصور وجود شيء اسمه سوريا بدون بشار الأسد . وقال البوطي : إن إعلان الحرب على حكم بشار الأسد ، بمثابة إعلان الحرب على الله ورسوله .. وما زالت شبيحة الأسد تردد ليل نهار ( الأسد أو نحرق البلد ) وما زال النصيريون منهم يقولون ( لا إله إلا بشار الأسد ) . وقد هتفوا لأبيه من قبل فقالوا :( يا الله حلَّكْ حلَّكْ حافظْ أسد محلَّكْ ) وكتب بعض المنافقين على مدخل بعض البلدات السورية ( الله في السماء ، وبشار في الأرض ) فقسَّمَ الكون ما بين الله والأسد شطرين ، فجعل الأرض من نصيب الأسد ، والسماء من نصيب الله .! ولعل القارئ الكريم سمع الـ ( لا شريف شحاطة ) وهو يقول : إذا طلعت الشمس من المغرب ، وغربت في المشرق ، أمكن أن يسقط نظام الأسد . فكأنه بهذا يتصور إمكان زوال النظام الإلهي في الكون ، ولا يتصور زوال نظام الأسد من سوريا .!؟
فلو نفق الأسدُ ،، كما ينفق أي حيوان آخر ، وهو أمر ممكن عقلا ، فماذا سيكون وَقْعُ هلاكه في نظر من يعبدونه من دون الله .؟ لا شك أنهم سيحزنون عليه كحزن هندوسي حين تموت بقرة يعبدها ويغتسل ببولها ويتضمخ بروثها .. أو يحزن لموته كحزن بوذي حين يموت ثعبان سام ، كان يرى الموت بسمه قربةً ترقى به إلى الفردوس الأعلى .. لا شك أن الحياة ستظلم في وجوه اللصوص لأنه لن يكون بعد آل الأسد لصوصية ، وسوف يكفهر وجه الكون في نظر القتلة المجرمين ، لأن الحياة ستخلو بعد بشار الأسد من الاغتيال وقتل الأطفال وإراقة الدماء وقتل الأبرياء واغتصاب النساء ، وتعذيب الرجال ونهب الأموال ، وحرق الدور وممارسة الفجور .. وشأن هؤلاء القوم في تعلقهم بالإجرام واستمتاعهم بممارسته على الدوام ، كشأن الخنافس التي لا تجد سعادتها إلا بتكوير روث البهائم ، ودفعه بأنوفها ، وكأنها بذلك تمارس لعبة جولف خاصة بها ، محببة لديها .!
والحقيقة ، أراني أطلت عليك أخي القارئ فيما أردت أن أقوله منذ بداية الحديث ، ولكن المقال مال بنا ذات اليمين وذات الشمال ، وصرفنا عن تساؤل العقلاء عن ( سوريا ما بعد الأسد ؟ ) فكلهم مقرٌّ بأن الأسد راحل لا محالة ، إلا الأسد نفسه فإنه يخالف في هذا سائر العقلاء .! وهو معذور في ذلك ، فليس في عقل المجنون إلا جنون العاقل . لذلك تجده يمضي في عمليات القتل والإبادة ، وهو غير مكترث بما يتردد في طول الأرض وعرضها عن رحيله إلى زاوية نائية من الأرض يظل فيها خائفا يترقب .. أو بقائه حتى تطاله أيدي الثوار ، ويلاقي مصيرا كمصير القذافي على أيدي الشرفاء الأحرار ... فهما احتمالان لا ثالث لهما في نظر أهل الأرض جميعا ، ولكن الأسد غير مقر لهم بذلك ، ولهذا ، فكل العالم يتساءل عن ( سوريا ما بعد الأسد .؟ ) إلا الأسد وحده ، فإنه يتساءل عن ( سوريا ما بعد الشعب السوري ؟) .