بعد التحية اخي ابو ياسر
ارجو ان تسمح لي بادراج المقالة التالية في هذا المكان
لتشابه المحتوى والغرض
كم من إساءة لله ورسوله في الشام ادّعت وزيرة الخارجية الأميركية أن إدارتها لا تستطيع فعل شيء، لمنع
الشريط المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن حرية التعبير مكفولة في
القانون الأمريكي. وتعلمون بالطبع أن الدانمارك من قبل قد ادعت الادعاء
نفسه، وكذلك هولندا وفرنسا وبريطانيا، ولا شك أنكم عرفتم القائمة قبل
إتمامها. المصيبة ليست في هؤلاء، فهم احتلوا العراق زوراً، ودمروا
أفغانستان، وتآمروا على فلسطين الحبيبة فسلبوها، وسلموها للصهاينة، فديدنهم
الكذب والتزوير بل والفجور الأخلاقي قبل السياسي. ولكن ما بالكم بأقوام من
جلدتنا ويتحدثون لغتنا ويدعون أنهم على ديننا، ويدافعون عن بهتان أمريكا
وفجورها، ويطبلون لحرية الرأي المكفولة بالقانون.
كيف لوسألنا اليوم
هؤلاء عن موقف كلنتون أو هولاند أو غيرهم، فيما لو شكك أحد بالهلوكوست، وما
"غارودي" عنا ببعيد. فيكفي أن تشكك بقصة المحرقة النازية لليهود، حتى تفصل
من عملك في أوروبا وترفع الدعاوى ضدك، وتغرم بمئات الألوف من الدولارات.
المسألة هنا ليست فحسب اعتداء على حرية التعبير، بل وعلى الحرية العلمية،
فقد شكك بعض الأساتذة في التاريخ بقضية المحرقة، فكان جزائهم الفصل
والتغريم. وما بال المدافعين عن حرية الرأي المكفولة في الغرب، إذ عرفوا أن
اسم "إسلام" منع صاحبه من المشاركة في مسابقة تلفزيونية، وأن بعض الحكومات
ترفض تسجيل ولدك في دائرة النفوس إذا كان يحمل اسم جهاد مثلاً. بل إن
فرنسا ذهبت أبعد من ذلك فقيدت حرية الفتاة المسلمة في أن تختار ما تشاء من
لباس، فحرمت الفتاة المسلمة من الحجاب في المدرسة وضيقت على المرأة المحجبة
في التوظيف. وهل يعلم المدافعون عن حرية التعبير في الغرب، أنه يمنع أن
تنشر مقالات في الصحف حتى الخاصة منها تمجد أسامة بن لادن، فلماذا؟ أ ليس
هذا من حرية التعبير، أم حرية التعبير في الغرب تعني أن تسب الإسلام، ثم
تتبرأ الحكومة من الفعلة.
إذا كانت أمريكا
صادقة في موقفها من حرية التعبير، فهل تفسر لنا، لماذا وقفت هي وأوروبا ضد
قانون في الأمم المتحدة يجرم ازدراء الأديان، بينما سنت قانوناً يجرم
التشكيك بالمحرقة.ليكن واضحاً، أننا نؤيد بكل شدة المظاهرات التي قامت في
أنحاء العالم الإسلامي منددة بالشريط المسيء لرسول الله صلى الله عليه
وسلم. ليس فقط نؤيدها بل ندعو لها ونحرض عليها، ونتمنى لو قامت الحكومات
العربية بطرد السفراء الأمريكيين كافة حتى تتعلم أمريكا كيف تصمت، وكان على
قادة المسلمين لطم أمريكا على وجهها وليس تقبيل يدها، لقد وصلنا اليوم إلى
مرحلة متلازمة ستوكهولم، من ضعف وذل أما م الغطرسة الأمريكية.
قلت: إنني أؤيد
المظاهرات ضد أمريكا ونصرة للحبيب المصطفى، ولكن لي عليها بعض مآخذ، إذ
أنني بالمطلق لست مع الذين قتلوا السفير الأمريكي في بنغازي، ولكنني كنت مع
طرده وطرد زملائه من البلاد العربية والإسلامية جميعهم " وإن خفتم عيلة
فسوف يغنيكم الله من فضله" هذا مع العلم، أن العيلة ستدور على أمريكا وليس
على الأمة الإسلامية المترامية الأطراف.
أما المأخذ الأهم،
فيتلخص في سؤالنا عن المظاهرات التي لم تندلع بالرغم من إهانة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وإهانة القرآن الكريم، وإهانة الذات الإلهية في سورية
والتي تحدث كل يوم. وهل يحتاج إخوتنا من المسلمين فنذكرهم بعبارة "لا إله
إلا بشار"، أم بعبارة" يسقط ربك ولا يسقط بشار الأسد". أم نذكرهم بصور
السجود لبشار وتأليهه وسب الذات الإلهية من قبل الشبيحة على المنابر، وقصف
المساجد وتدميرها. الذين غضبوا لرسول الله عليه الصلاة و السلام، وقد أسيء
إليه في أمريكا وراء البحار، أ فلا يغضبون للرسول نفسه وقد أسيء إليه في
ربوع الشام، حيث حكم الأمويين أ لم تثر مشاعر المسلمين صور تدمير المساجد
وقصف المآذن. أ لم تهزهم أنباء انتهاك الأعراض وقتل المسلمين على الهوية في
دمشق "مدينة من خير مدائن الأرض" وإنني أعتقد جازماً لو أن الشعوب العربية
والإسلامية تظاهرت في بلادها ضد طاغية الشام لسقط منذ زمن طويل وانتهى
أمره. سؤال أحب أن اسأله للشعوب المسلمة، ماذا أنتم فاعلون لو مس العدو
الكعبة؟ ألا تثورون نصرة لها، فاقرؤوا ما يقوله رسول الله " لئن تهدم
الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم". فكم من مسلم
قتل في سورية حتى اليوم على يد عصابات الأسد، وكم من حرمة انتهكت، أ فلا
تثورون لكل هذا؟
إنني أدعو المسلمين
للاستمرار في التظاهر للضغط على " حرية التعبير الكاذبة" في الغرب، ولكنني
أدعوهم في الوقت نفسه، للقيام بمظاهرات مليونية في بلادهم للضغط على
حكوماتهم لتقف في صف الشعب السوري الذبيح، ولتحرر بلادنا من حكومة فاجرة لا
تختلف كثيراً عن حكومة شارون أو ابن غوريون.
يؤسفني أن تقتصر
المظاهرات على ما هي عليه الآن، ضد أمريكا وحلفائها، وليعلم العرب أن
أولبرايت هي من نصب بشار الأسد رئيساً لسورية، وإن علينا أن نعادي أمريكا
ونعادي الأسد، فكلاهما يتهجمان على ديننا ورسولنا ومساجدنا وشعبنا. وللذكرى
فقط، فقد دمرت أمريكا مسجد أبي حنيفة النعمان في أول قصف لها على العراق،
وقام بشار الأسد بقصف مسجد الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه في حمص.
الكفر ملة واحدة.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام-فرنسا