قال ضابط برتبة عقيد في قيادة شرطة ريف دمشق إن هناك أمرا بإطلاق النار على المتظاهرين " موقعا من قبل الرئيس بشار الأسد شخصيا" ، نافيا صحة ما قاله مسؤولون في أعلى هرم السلطة مرارا وتكرارا عن أن "الرئيس الأسد أعطى أوامره بعدم إطلاق النار على المتظاهرين". وقال الضابط العامل في شرطة النجدة لـ"الحقيقة": " إذا كان هناك فرضية بإمكانية أن يقوم الحرس الجمهوري بإطلاق النار على المتظاهرين دون الحاجة لأمر رئاسي ، باعتباره دولة داخل الدولة كما يقر الجميع ضمنا، فكيف نفسر إطلاق النار من قبل وحدات الأمن المركزي والأمن السياسي التابعة لوزارة الداخلية ، ووحدات المخابرات العامة التابعة لرئاسة الجمهورية ، ووحدات الجيش والمخابرات العسكرية والمخابرات الجوية التابعة كلها في النهاية لرئيس الجهورية باعتباره القائد العام للجيش والقوات المسلحة؟". وجوابا على هذا السؤال قال الضباط " منذ بداية الأحداث ، وبعد أن أصبحت قضية إطلاق النار على المتظاهرين المدنيين موضوعا رئيسا في وسائل الإعلام العربية والعالمية، جرت نقاشات حول هذا الأمر في أوساط ضباط الشرطة متوسطي الرتبة ، وعادة ما يكون هؤلاء القادة الميدانيين للوحدات التي تنتشر في الشوارع. وقد شهدت بنفسي العديد من النقاشات التي أبدى فيها ضباط الشرطة تحفظهم على إطلاق النار بهدف القتل ، وبعضهم أعلن جهارا عن رفضه القيام بذلك إما بسبب تربيته الأخلاقية أو بسبب تخوفه من الملاحقة مستقبلا ، خصوصا بعد تحويل الملف الليبي إلى محكمة الجنايات الدولية ، فيما اقترح البعض الآخر أن يكون إطلاق النار على الأقدام عند الضرورة القصوى. وقد ووجه هؤلاء جميعا من قبل قادة الشرطة بالتأكيد على أن هناك أمرا من رئيس الجهورية بالذات يقضي بقمع التمرد ( كما يطلق عليه في الجلسات الخاصة) مهما كلف الأمر . وأنا أستطيع أن أقسم بأن عشرات من ضباط الشرطة متوسطي الرتبة سمعوا هذا الكلام من قادتهم المباشرين مرارا وتكرارا ، سواء في قيادة شرطة ريف دمشق أو غيرها من المحافظات ، كما سمعته أنا شخصيا بأذني". وأضاف الضابط " لقد سمعت بأذني هذا الحديث ( أن إطلاق النار مغطى قانونيا من رئيس الجمهورية) من قائد شرطة ريف دمشق السابق اللواء عبد الكريم حاج صالح ، وقائد الشرطة الحالي العميد عبد الرزاق مطلق . وكان ذلك خلال اجتماعات رسمية لضباط الشرطة خصصت لبحث كيفية التعامل مع المظاهرات". وأكد الضابط أنه " مستعد للإدلاء بإفادة تحت القسم تؤكد ذلك حين تكون هناك هيئة قانونية محلية أو دولية تتولى أمر التحقيق في عمليات قتل المتظاهرين" ، طالبا الاحتفاظ باسمه وعنوانه البريدي ورقم هاتفه للاتصال به في حال وجود هيئة من هذا النوع. وفسر الحديث الرسمي المتكرر عن وجود أوامر مباشرة من الرئيس بعدم إطلاق النار على أنه " تضليل للرأي العام الهدف منه إظهار الرئيس على أنه بريء مما يجري من أجل المحافظة على برستيجه ( سمعته وهيبته) أمام الرأي العام ، وأن ما يجري هو من فعل أفراد غير منضبطين . وهذا ما يوفر له ( الرئيس) مجالا واسعا للمناورة . فهو يسمح باستمرار إطلاق النار على الناس وقتلهم في الوقت الذي يحتفظ هو بهيبة رجل الدولة المتمع بحس المسؤولية. وعند الجد ندفع نحن ( الضباط الميدانيين والعناصر) الثمن".