خبر صحفي:
أئمة مساجد في الجزائر يطلقون حملة
"من لم يتزوج سورية مات عازبا".ا.ه
ومن قال أن السوريات معروضات للزواج؟!
ومن قال أن اللواتي يتسولن في الجزائر باسم السوريات سوريات؟!
كم رأينا من الغجر في سورية أيام الحرب العراقية الإيرانية من يتسول ويدعون أنهم عراقيون وعراقيات!!! فما صدقناهم لأننا نعلم كرامة العراقيين، وهؤلاء الأغبياء ما صدقوا أن رأوا متسولات يدعين أنهن سوريات حتى صدقوهن؟ ووجدوا لهن هذا الحل السخيف البارد!
من سافر إلى الدول العربية وعرف طبائع شعوبها فسيتوقف عند هذه المسألة،
فمن المقبول أن تحصل على مستوى فردي نتيجة تعامل بين أسرتين وتولد ألفة ومعرفة قد تكون قصيرة العمر ولكنها تكفي لمعرفة تؤهل لمشروع زواج من ناحية التوثق من حال الشاب ومقاربة طبائعه للطبائع التي تربت عليها الفتاة ليدوم الزواج ويستمر ولا يكون عبارة عن تجربة فاشلة تحول الفتاة البكر المرغوبة في بلدها إلى مطلقة وكأنها معيوبة -ولن أسترسل في هذا لأنه مفهوم- وهذا أمر يرجع تقديره إلى ولي المرأة ليختار لها الكفؤ وما فيه المصلحة لها وربما لأهلها من وراءها.
أقول: أن تحصل على مستوى فردي فهذا أمر لا خطر منه ولكن هذه الدعوات إلى زواجات بالجملة تصدقا على هاتي الفتيات (لانتشالهن من الشوارع -فكذبوا الكذبة وصدقوها-) وهن اللواتي قد كن عزيزات في بلادهن وربما كانت الواحدة منهن ترد العشرات من خيرة الشبان لتختار الأفضل أن تتحول إلى مشروع زواج عاجل لحل مشكلة ما! فهنا المشكلة؛ وعلى صعد عدة:
ولا ينبغي أن يفهم كلامي على أنه كلام عاطفي، بل هو علمي ومن واقع تجارب نعرفها ونعايشها ونعرف تفاصيلها؛
فمن ذلك اختلاف مفهوم الزواج في المجتمع السوري عن غيره، فليس سرا أن بلادنا من أقل الدول في نسب الطلاق فهي ما بين 8-10% بينما هي في بلاد المغرب العربي بنسبة 25% وكذلك الأردن وفي الخليج ما بين 26-48% وفي مصر تجاوزت الـ 40% وتسبقها في النسبة تونس لتحتل المرتبة الأولى عربيا! وفي الجزائر وصلت حالات الطلاق إلى الحد الذي جعلت أحدهم يكتب -عن الدولة التي صدرت منها هذه الدعوات الباردة- مقالا بعنوان: "في الجزائر: زواج في الصيف، طلاق في الشتاء".
ومن أهم أسباب ذلك عدا عن التمحيص الذي يجري من كلا الطرفين للآخر وكون الأمر يتم على مستوى من الاحترام الكبير المتبادل لكبار الأسرتين مما يجعله مكينا قويا قناعة كلا الطرفين بأنهما دخلا منزلا لن يخرجا منه بسبب غير ذي بال، فالمرأة السورية -ونتكلم عن المسلمات- متربية على قناعات موروثة بأنها كما يقال: "من بيتها لقبرها" -كما يحذرها أبوها يوم تغادر بيته وذلك من باب الجدية في أنها ستكون زوجة دائمة وأن أمر الزواج ليس نزهة- وهذه القناعات التي تتناقلها النساء جيلا بعد جيل علمتهن على الصبر على الزوج وعلى شظف الحياة معه وربما على بعض خلقه وهذا أمر يُرغِب بهن أكثر العرب ولكن المشكلة في الطرف الثاني، الرجل؛ فالرجل السوري يستوعب تحمل زوجه له ولما فيه من صفات رديئة ليس بسبب ضعف في المرأة أو عدم وجود ظهر لها وإنما من حسن تبعلها ومن تربيتها الجيدة وهو يدرك ذلك من خلال ما رأى من تعامل أمه مع أبيه وما يرى من تعامل أخواته مع أزواجهن، وهذا مالن يستوعبه غير السوري في الغالب؛ لأن التعامل بين أمه وأبيه ليس على تلك الوتيرة، ولن يفهم حسن خلقها غالبا إلا أنه ضعف وسكوت لواقع تعيشه أسرتها! وأنها تقابل إساءته بإحسانها كي لا ترمى في الطريق! وخاصة في زواجات في هكذا أحوال؛ فهل نشري لبناتنا التعاسة؟!
ومن نفس السياق فإن مفهوم الطلاق يختلف في بلادنا عن غيره؛ فلقد رأينا في بلاد كثيرة أن أهالي الفتيات يغالون في المهور سواء أكان نقدا كما في الخليج مثلا أم عينا (عقد الشقة، الفرش، وغيره) كما في مصر مثلا، ورأينا أن في هذه الدول لا مشكلة عند المرأة في مسألة الطلاق كما هو عند السوريات بل لا حرج البتة -ولا يعني هذا أن الفتيات يفرحن بالطلاق ولكن المعنى ألا مشكلة متجذرة كما هو عندنا- وهو مما يفسر ارتفاع نسب الطلاق فيها، بينما عرف السوريين أن تطليق البنت أشبه بإهانتها ولا نعرف أن أناسا -ولا حكم للنادر- يسرون بطلاق ابنتهم وقد تحصلت على ما اتفق عليه من المهر، ولو فعلوا لاستخف بهم المجتمع ونبذهم. والمقصود أن الشاب في غير سورية لا يجد حرجا في التطليق طالما قد أدى المهر –وهكذا مجتمعه- وهذا وإن لم يكن فيه حرج شرعي في الظاهر ولكنه من الغش الذي لا يجوز عندما يكون مبيتا بمعنى أن الفتاة ما قبلت به من أجل مهره وإنما على أساس أنها ستعيش معه حتى يفرقهما الموت! وهو يبيت أنه إن طلقها وقد أدى إليها مهرها فليس مخطأ في حقها! وهو يعلم أنها لو علمت وأهلها أنه يقيّمها بالمهر فما كانت لتقبل أبدا؛ لأنها كما سبق لم تتربى على ثقافة الطلاق بعد حين.
ومن ذلك أن أغلب المجتمع السوري المسلم فيه من المحافظة والاهتمام بالحجاب ما تكاد تفتقده في أكثر البلدان ومن الباطل أن نضع فتياتنا اللاتي لا يعرفن الاختلاط في مجتمعات لا ترى بذلك بأسا بل هو اعتيادي فيها!
ومن ذلك أيضا: أن من ثقافات بعض المجتمعات غير السورية أن تعمل المرأة وتشارك الرجل في الإنفاق -وبغض النظر عن حكم ذلك وسلبيته أو إيجابيته- فإن الثقافة السائدة عند أغلب أهل السنة في سورية أنفة الرجل من أن تشاركه زوجه في الصرف على المنزل ويعتبر من كمال رجولته أن يتولى الأمر كاملا بنفسه -ولا يتعارض ذلك مع مساعدة زوجه له في بعض الأعمال كما هو حال المزارعين وغيرهم- وهنا ستواجه المرأة مشكلة أن يطلب منها الزوج الالتحاق في أحد الأعمال لتساهم معه في الصرف على أنه من حقوقه ومن واجباتها كما هو حال مجتمعه وكما هي ثقافته وذلك مالم تعتده مما يسبب مشاكل مؤكدة بينهما في المستقبل.
وقد توصلت دراسة من مركز ستارش البريطاني للأبحاث العالمية إلى أن السوريات هم أكثر البنات دلالا واحتراما على مستوى العالم ..حيث تمت الدراسة بناءا على عدة أمور منها: أن الفتاة السورية تلبى طلباتها بدون عناء، وأن الفتاة السورية دائما يقوم أحد بخدمتها -والمقصود من أهلها-، إضافة إلى أنها ليست بحاجة إلى عمل فمصروفها متوفر لها من أولياء أمورها دون الحاجة للعمل، وأن اهتمامهم بها منذ الولادة وحتى وفاتها يدل على احترامها ووصف الباحث الفتيات السوريات بأنهن ""ملكات العالم" ويقول أن الملكة لا تقود السيارة بل الخدم من يقوم بذلك فالفتاة السورية مثل الملكات تماما.ا.ه
ولم نر في بلد المرأة تحترم كما في سورية؛ فلا تزاحم في الحافلات بل يقوم الرجل المسن ليجلس مكانه الفتاة اليافعة، ولهن في الأماكن المزدحمة نسقا خاصا بهن لا يزاحمهن فيه الرجال، ولو كانت المرأة تقود سيارة وتعطلت إحدى العجلات فلا عليها إلا أن تقف على جانب الطريق وأن تطلب من أحد المارين إصلاح العجلة فيقوم بتبديلها وإصلاحها ويجد ذلك واجب عليه تجاه أخت له، ووالله ما رأينا هذا في بلدان أخرى! فكيف ستعيش هذه الفتاة في مجتمع لا يقدر المرأة كما يقدرها السوري المسلم وقد اعتادت على ذلك الاحترام الخاص؟! والفتيات في سورية -كما أشارت الدراسة- يفضلهن أكثر الآباء على البنات في الرحمة والشفقة وتطييب الخاطر بالكلام اللطيف وتنفيذ الرغبات وتلبية الطلبات ولن تهنأ بالعيش أم لا ترى لبناتها من المعاملة كالذي كانت تجده من أبيها وإخوانها!
ومن ذلك مسألة اللهجات، وخاصة مع تباعد الأقطار كما بين السوريين وأهل المغرب العربي مثلا، فلا يغتر أحدنا بحديث بعض مثقفي تلك المناطق ومذيعيهم؛ فإنك لو جالستهم لم تكد تفهم من العشرة كلمات كلمة واحدة؛ فكيف ستتفاهم ابنتك مع من ستتزوج، والحياة فيها سكن وتجاذب حديث ودعابة وأخذ وعطاء، فوالله لن يتمكن من إضحاكها بنكتة ولن تتمكن من إسعاده بجملة، وسيعملون بالترجمة لسنوات! وربما تطلقا قبل أن يحققا الهدف!
وكم رأينا ممن تزوجوا أوربيات لم يهنأوا بسبب اختلاف اللغة، واللهجات قد تصل إلى هذا الحد أحيانا وليس ذلك متعلق بما بين الأقطار بل أحيانا في منطقتين لا يتجاوز البعد فيها عشرة كيلومترات!
فلا ينصح بالزواج في تلك الحالة فكيف والثقافة مختلفة وكلما أراد أحد الطرفين إفهام فكرة للآخر اضطر إلى مقدمة تأخذ منه عشر دقائق أو أكثر أو أقل!
وسل المغتربين من السوريين أنفسهم: كيف لا يستوعب أولادهم بعضا ليس بالقليل من كلام آباءهم مع أمهاتهم مما هو من الموروث الثقافي؛ إلا أن يقوموا بشرحه وإفهامه؟ فكيف إن كان بين غريبين؟! هذا باب للعذاب والشقاء؛
وهل يعني هذا أن نمنع الزواجات بين أبناء الثقافات المتعددة؟ لا يعني الكلام ذلك ولكن يبقى في حالات خاصة فلا يعمم، وخاصة أن البيئة السورية بيئة مغلقة كما لا يخفى والسوريون ربما لم يفهموا من اللهجات إلا اللهجة المصرية بالتحديد للغزو التلفزيوني في العقود السابقة وليس غيرها!
ثم إن الزواجات عندما تحصل بهذه الطريقة فسنكون أشبه بمن هو في سوق، العرض فيه أكثر من الطلب!
ووالله لن نرى من المتقدمين للزواج كرام الناس وخاصتهم بل من هم دون ذلك ممن لهم مطمع في مهر رخيص أو من لا يجد من يزوجه من أهل بلده أو من هو فقير مدقع أو من يريد أن يجرب ويتزوج سورية لم يكن يحلم بها من قبل!
وكما سبق وقلنا فإن أراد طلاقها وانتهت تجربته التي قام بها فهو لا يرى أنه ارتكب جرما بحسب ثقافته!
وستعود ابنتنا السورية إلى سورية وهي تحمل شهادة مطلقة وسيكون خاطبها الجديد في الغالب أب لأطفال أو كبير في السن أو مصاب بمرض ما أو غير ذلك وليس في هؤلاء عيب نتهمهم به ولكن المقصود أنها ولأجل زيجة فاشلة لا داعي لها يتحول خيارها من شاب تختاره من بين عشرات يدقون بابها إلى أشخاص ربما لم ترغب بالزواج من أحدهم يوما -ولو اختارتهم بنفسها فلا بأس ولكن لا ندعوها أو نحملها على زواج يضيق عليها الأفق ويحرمها الاختيار-.
ومن نجحت في زواجها منهن فستبقى غريبة وهذا أمر ليس بالمستهجن، ولكن فرق بين غريبة اختارت ذلك بإرادتها، وبين غريبة لظرف ما؛ فأن يكون ثمن البقاء في بلد لأشهر محدودة البقاء طول العمر وهي لا ترغب بالعيش فيه، شيء فيه عذاب ليس بالهين،
ولئن تزوجت بعض السوريات إلى الخليج وعشن فيه -باختيارهن- فإن فيه من الرغد المادي ما يخفف عنهن شيئا من تعب الغربة ولكن أن تتزوج في بلد فقير وليس بهانئ وتضطر للعمل مع زوجها وتعيش ضمن ثقافة لا تفهمها ولا تستمتع بما فيها وتبقى طوال عمرها غريبة فهذا أمر مرفوض بل ينبغي لمن ذهب إلى هذه البلدان العودة اليوم قبل الغد، فلا ندع بلادنا لمن يريد احتلالها من الفرس، ومن يريد الهيمنة عليها وطردنا منها من الطائفيين، ولنهيء أنفسنا للعودة سريعا لا أن نُشعر أنفسنا بالاستقرار ونعمل على ذلك من خلال تزويج بناتنا في الغربة، ولئن أعجبنا شاب من أبناء تلك البلدان وأعجبناه وأردنا تزويجه فليخطب البنت وينتظر النصر ليأخذها من دار أهلها في بلدها معززة مكرمة لا من مخيم أو مضافة أو مدرسة!
وإن من الواجب على من يدعون الشباب للزواج من السوريات أن يستبدلوا دعواتهم بالحث على إغاثة الملهوف وإكرام من انقطعت بهم السبل لا المسارعة إلى التفكير بالزواج من بناتهم وأهلهم في بلادهم منقطعون عنهم يذبحون وليسوا في صدد مثل هذا الأمر!
وينبغي على الأسر أن تحفظ أبناءها وبناتها ولا ينسيها الهم الذي هي فيه أهم واجب عليها تجاههم وهو حفظهم ورعايتهم.
نحن لا نحرم حلالا بما قلنا ولكن ننظر إلى المصلحة المستقبلية فلا نقع في ورطات من أجل حلول جزئية ضررها أكثر من نفعها. وبالله التوفيق
بقلم :: منذر السيد محمود
أرفلون